محتويات العدد 4 إبريل (نيسان) 2003 
الإسلام دين يدعو إلى السلام

بقلم : محمود يوسف  لي هوا ينغ

أصاب حادث الحادي عشر من سبتمبر العالم كله بصدمة، وأوغر الحادث قلوب الأمريكيين، بالحقد والكراهية لمنفذي الحادث. وقد أجمع المجتمع الدولي على أن الإرهاب، أيا كان شكله أو مصدره، يمثل تهديدا  لسلام و أمن العالم وعليه يجب استنكاره بشدة  ومكافحته بكل قوة  .للصهاينة الذين يقمعونهم

الإسلام  يواجه  تحديات خطيرة

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، والتغيرات الدراماتيكية التي شهدتها أوروبا الشرقية راح عدد من المفكرين والكتاب الغربيين يهيئون الرأي العام  ضد الإسلام، ومن هؤلاء عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتنغتون، الذي خرج علينا بما أسماه نظرية " صدام الحضارات " و " التهديد الإسلامي " وغيرهما من الطروحات الجديدة التي أثارت ضجة كبيرة في العالم كله. وعلى الرغم من أن ما قام به منفذو حادث 11 سبتمبر يتناقض جملة وتفصيلا مع مبدأ التسامح الإسلامي إلا أنه صار حجة يتذرع  بها الحاقدون على الإسلام لمحاربته. فما إن وقع حادث 11 سبتمبر حتى اجتاح تيار معاد للإسلام  كثيرا من المدن الأمريكية والأوربية  بتضليل وسائل الإعلام  الأمريكية، لدرجة تمزيق ملابس بعض المسلمين  وضرب بعضهم الآخر ضربا مبرحا، والمثير للسخرية والغثيان أن رجلا هنديا من السيخ ضرب حتى الموت لا لشيء لأنه يشبه المسلمين في ملامحه. للصهاينة الذين يقمعونهم

وجهة  نظر الإسلام  في الحرب و السلام

الإسلام  مشتق من كلمة  السلام . فالمسلمون يحيون بعضهم بعضا بالسلام.  وعندما سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) من هو المسلم قال: المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.  وهذا يشير إلى أن السلام هو  هدف الإسلام الأساسي و مثله الأعلى، ولكن السماء  تبقى ملبدة بغيوم  الحرب  ما دام الاضطهاد والجور والظلم  يسود  العالم. ولا يخفى على كل من له دراية  بالإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم  لم يبدأ  دعوته علانية  إلا بعد ثلاث سنوات من البعث يدعو فيها سرا بسبب  معاناته من الاضطهاد. و عندما  اشتد الطغيان على المسلمين  أذن لهم النبي بالهجرة  إلى الحبشة. وفي سنتي 614  و615 م  هاجر  في المرة الأولى  12  رجلا  و 5 نساء  على الأرجح  وفي المرة الثانية  83  رجلا  و 19 امرأة  . وفي سنة 622 م  أمر النبي  أصحابه  بالهجرة إلى  المدينة، فتسللوا  إليها سرا، جماعة تلو أخرى . أما  النبي  فقد اتخذ الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة خروجه من مكة إلى المدينة بعد أن كان الكفار قد قرروا قتله، بضربه ضربة رجل واحد ليتفرق دمه بين القبائل. وقد وصل المصطفى صلوات الله عليه وسلامه المدينة المنورة التي كانت تسمى آنذاك "يثرب" في 24 سبتمبر من السنة ذاتها  بعد أن تجشم  مشقة  السفر الطويل و نجا من مطاردة العدو ومكائده. و ما إن استقر به المقام هناك  حتى عقد معاهدة بين المسلمين من جهة وبين  اليهود  والمشركين من جهة أخرى. ومهما  يكن من أمر  فقد  كان  الإسلام محفوفا بتهديدات  العدو  باستمرار . و من أجل  حماية الدعوة الإسلامية الفتية  دعا النبي عليه الصلاة والسلام  إلى الجهاد  اتباعا  للآية القرآنية الكريمة  "أذن للذين يقاتلون بأنهم  ظلموا وأن الله على نصرهم  لقدير" (سورة الحج: 39). و يدل ذلك على أن الإسلام  ظل يتبع سياسة صد  العدوان للدفاع  عن النفس  و هي تتلخص  في عبارة: " لا نعتدي على غيرنا ما لم يهاجموننا   نتصدى لهم إذا  هاجمونا ". معنى ذلك أنه علينا نحن المسلمين أن  نتعايش  مع غيرنا  في وفاق ولكن لن نسمح لأحد أن يعتدي علينا  بأي شكل من الأشكال  لأنه  لا تهان كرامة المسلمين في أية حال .للصهاينة الذين يقمعونهم

أما  عملية  صد العدوان للدفاع عن النفس السالف ذكرها  فهي عملية  عسكرية  للرد على العدو بالمثل  بشرط حصر  نطاق الحرب  في أصغر  إطار  ووقف  الهجوم  في الوقت المناسب، إذ قال الله سبحانه وتعالى  " وقاتلوا في سبيل الله  الذين يقاتلونكم  ولا تعتدوا  إن الله لا يحب المعتدين، الذين يقولون ربنا  أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها " ( سورة البقرة: 190 )  و ليس هذا فقط  بل يرى الإسلام أن هدف الحرب الرئيسي  هو تحقيق السلام حسب ما  ورد  في  الذكر الحكيم :" وإن جنحوا  للسلم  فاجنح لها  وتوكل على الله   إنه هو السميع العليم " (سورة الأنفال : 61 ).للصهاينة الذين يقمعونهم

 ويبين القرآن الكريم  بوضوح أن الجهاد  يهدف إلى حماية النفس  دون أن يرمي إلى نشر الإسلام بالقوة  لأن الإسلام  يلتزم بمبدأ حرية العقيدة المتمثل في الآيات القرآنية التالية :" لا إكراه  في الدين  قد تبين الرشد من الغي "( سورة البقرة :256) و" قل يا أيها الكافرون لا أعبد  ما تعبدون ولا أنتم  عابدون ما أعبد  ولا أنا عابد ما عبدتم  و لا أنتم عابدون ما أعبد  لكم دينكم ولي دين " (سورة الكافرون :1-6 ) و بمبدأ  الإقناع المتمثل في  الآية القرآنية :" ادع  إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة  وجادلهم بالتي هي أحسن" (سورة النحل :125). إضافة إلى ذلك يشجع الإسلام على الجهاد  من أجل تحرير  المسلمين المظلومين و المضطهدين  عملا بالآية القرآنية :" و ما لكم لا تقاتلون  في سبيل الله والمستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها" ( سورة النساء :75 ) . لذا نستنتج مما سبق أن الجهاد في الإسلام هو قضية عادلة تماما ولقد لخصت الآيات القرآنية في إيجاز رائع مفهوم الإسلام للحرب وحرية العقيدة وموقفه من المستضعفين مبدئيا. فلا يخفى على كل بصير أن هذه التعاليم الإسلامية تحمل معاني عميقة على بساطة تعبيرها و تتفق مع المبادئ الإلهية ويقبلها العقل فهي تجتاز امتحان الدهر تماما. وأن دل ذلك على شئ فإنما يدل على أن الإسلام دين سلام.للصهاينة الذين يقمعونهم

الإسلام على النقيض من الإرهاب

يعود الإرهاب إلى أغوار الأزمنة البعيدة بدليل  أن سنوفن  (XENOPHONالمؤرخ الإغريقي (430 – 349 ق .م ) سبق  له  أن صّور  سمات الإرهاب  الذي لم يجد  اهتماما عاما من  الناس لقلة تأثيراته  آنذاك. ومع أن القرآن الكريم  لم  يتناول هذا الموضوع إلا أننا  نستنتج  من مبدأ "القياس "، وهو أحد  مبادئ التشريع الإسلامي الأربعة، أن الإرهاب لا يتفق مع التعاليم الإسلامية التي تدعو إلى الاعتزاز  بالحياة و تعارض  قتل النفس إذ قال الله تعالى: "و لا تقتلوا  أنفسكم إن الله كان بكم  رحيما" ( سورة النساء : 29)  لأن قتل  النفس يعني الجبن واليأس من  رحمة الله تعالى وحتى ليقال  بأن الذين يقتلون أنفسهم لا يدخلون الجنة. أما قتل الأبرياء من غير حق فهو من الجرائم التي لا يسمح بها الإسلام أبدا  فقال الله تعالى:" من  قتل نفسا  بغير نفس أو فساد  في الأرض  فكأنما  قتل الناس جميعا ومن أحياها  فكأنما أحيا  الناس  جميعا"  (سورة المائدة : 32) فإذا قلنا إن  لقاء منفذي حادثة 11  سبتمبر حتفهم يعني انهم  جنوا  ما زرعت أيديهم من الحنظل فان صيرورة آلاف الأبرياء  ضحايا  للحادثة  لتدعو  إلى التألم. ولكن ما يثير الحزن أن العمليات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة  ضد أفغانستان  قد أنزلت  محنا فادحة بأبناء هذا البلد  الغارقين في بحر من الشدائد و المشقات الناجمة عن العدوان الخارجي. فهناك كثير من الحقول والمساكن تضررت ودمرت بين عشية وضحاها وجماعات جماعات من الأبرياء غدوا  ضحايا للعمليات العسكرية  إلى جانب أعداد كبيرة من العائلات  تشتت منذ  نشوب الحرب ضد الإرهاب.  وأشد ما يدعو إلى القلق هو أن عدد الأبرياء الأفغان الذين غدوا ضحايا لقصف الطائرات الأمريكية اكثر من ضحايا حادثة 11 سبتمبر أضعافا مضاعفة.للصهاينة الذين يقمعونهم

الظلم مصدر التطرف و الإرهاب

وقد يسأل سائل: هل الإسلام مصدر التطرف و الإرهاب ؟للصهاينة الذين يقمعونهم

جوابنا على ذلك هو " لا " بكل تأكيد. لأن الإسلام لا يدعو المسلمين إلا إلى انتهاج سياسة صد العدوان للدفاع عن النفس دون أن يسمح لهم أن يعتدوا في قتالهم ضد الغزاة. أما النشاطات المقاومة التي مارسها بعض المسلمين في غضون السنوات المنصرمة فهي ناجمة عن قضية فلسطين بصورة رئيسية. فلا نبالغ إذا قلنا إن عدد المسلمين المشتركين في النشاطات المقاومة  سيتضاءل إلى أبعد حد إذا توقفت إسرائيل عن طغيانها القاسي على أهل فلسطين. معنى ذلك انه ليس هناك تطرف و مقاومة بدون ظلم و اضطهاد.للصهاينة الذين يقمعونهم

لا يخفى على أحد أن أبناء فلسطين يعانون من وطأة العدوان اليهودي سياسيا و اقتصاديا منذ تأسيس دولة إسرائيل 14 مايو سنة 1948 م نتيجة لشنها حربا حامية الوطيس ضد بلاد العرب أربع مرات.وبدعم من الولايات المتحدة و غيرها من الدول الغربية لم تحتل إسرائيل فلسطين ومساحات كبيرة من الأراضي العربية  فحسب  بل طردت قرابة مليوني فلسطيني من  ديارهم  حتى اصبحوا  لاجئين بدون مأوى. فتمخض ذلك عن قضية فلسطين المعروفة. وعلى الرغم من أن أبناء الشعب الفلسطيني قد خاضوا غمار نضالا تهم ضد إسرائيل على مدى اكثر من نصف قرن من اجل استرجاع أراضيهم الإقليمية واستعادة حقوقهم الشرعية إلا أنهم لم يروا بارقة أمل في النصر حتى يومنا هذا بسبب انحياز الولايات المتحدة إلى إسرائيل. فلا غرو أن مصير الشعب الفلسطيني البائس يحظى بتعاطف شعوب العالم بما فيها الشعب الصيني. خذ مثلا: عندما كانت الأمم المتحدة مستعدة لعقد مؤتمر حول قضية فلسطين في مقرها العام  سنة1988  رفضت الولايات المتحدة منح الرئيس ياسر عرفات تأشيرة  للدخول إليها  بـ "حجة" إن  منظمة  التحرير الفلسطينية  هي منظمة إرهابية. ومن أجل مقاومة موقف الولايات المتحدة السخيف لم تجد الأمم المتحدة بدا من نقل مقر المؤتمر إلى جنيف بإجماع الأغلبية الساحقة من دول أعضائها. أما مؤتمر مكافحة العنصرية الثالث للأمم المتحدة الذي انعقد في مدينة دربان بجنوب أفريقيا في سبتمبر سنة 2001 م فقد كان مؤتمرا دوليا يهم حقوق الإنسان في مطلع القرن الجديد وشارك فيه اكثر من 190 بلدا مما عكس أمنية المجتمع الدولي الملحة في استئصال شأفة الحقد التاريخي الدفين عبر الحوار والتعاون. ولكن الولايات المتحدة هددت، قبل افتتاح المؤتمر، بأنها سوف تعارضه دون أن تستمع إلى الهتافات الدولية ولا تبالي بما يجب عليها تحمله من المسؤولية الدولية. وعلى الرغم من أنها قد أرسلت  وفدا على مستوى منخفض  إلى المؤتمر على مضض   بعد إلحاح  الأمم المتحدة  والجهات الأخرى  وإقناعها  إلا أن مندوبها بادر إلى الحيلولة دون مناقشة موضوعات تجارة الرقيق والتعويضات الاستثمارية والربط بين  الصهيونية اليهودية والعنصرية. و لم يتوقف عند هذا الحد بل انسحب من المؤتمر في منتصف الطريق. وعلى هذا النحو تمادت الولايات المتحدة  في غيها إلى تشويش المؤتمر مما  فضح  الأكاذيب التي نسجتها وهي تدعي بأنها راعية  حقوق الإنسان في العالم  و أظهر غرور الحكومة الأمريكية و انعزالها. وان دل  هذان المثلان  على  شئ  فإنما  يدلان على أن الأغلبية الساحقة من دول العالم  تقف  موقف  الشعب الفلسطيني .ولكن كلما طرح  في مجلس الأمن  قرار  لوضع حد  للاعتداءات الإسرائيلية  أو تغيير مسارها  استخدمت  الولايات المتحدة  حق النقض (الفيتو ) ضد  ذلك.  لقد حدث هذا عشرات المرات. وفي معظم الحالات كان الفيتو صادرا عن أمريكا وحدها، في حين انه  في الحالات الأخرى  كانت  مع الولايات المتحدة دولة واحدة أو دولتان على الأكثر. معنى ذلك  أن الولايات المتحدة  كانت  وما تزال تقف في وجه  الجميع لتساند وحدها  إسرائيل و تستخدم  حق الفيتو  ضد  كل مشروع غير صالح لإسرائيل. لقد  صدق  المثل إذ قال: " مع الاضطهاد  مقاومة". و عليه فان أبناء  الشعب الفلسطيني الذين هم في وضع سيئ  للغاية  لا ينبغي توجيه نقد لهم لمعارضتهم للصهاينة الذين يقمعونهم  بصورة قاسية ومقاومتهم السياسة الأمريكية المتحيزة إلى إسرائيل بينما الولايات المتحدة توجه أصابع الاتهام إلى الفلسطينيين بدلا من توجيهها إلى الإسرائيليين برغم أن قسوتهم في قتل الفلسطينيين الأبرياء  بلا رادع  أشد من العمليات  الاستشهادية الفلسطينية .للصهاينة الذين يقمعونهم

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.