محتويات العدد 4 إبريل (نيسان) 2003 

 

العلامات التجارية الذهبية في كل أرجاء الصين هذه الأيام. في البدء ظهرت مطاعم ماكدونالدز في المدن الكبيرة وأماكن الجذب السياحي فقط، وفي النهاية احتلت مكان المطاعم المحلية الرخيصة ذات النكهة المميزة. في البدء كانت مجرد موضة انتهت لتصبح متعهد تقديم طعام عادي لناس عاديين. أصبحت المفضلة لدى الأطفال حتى باتت الأم تقول لحبة عينها "كن جيدا وإلا لن آخذك إلى ماكدونالدز!" الأكثر أن ماكدونالدز أصبح رمز التطور للمدينة الحديثة.. هل تسأل ما إذا كان هذا المكان "مودرن" أم لا؟ أنظر ما إذا كان هناك أي علامة على شكلm.اللثقافية في الصينثقافية في الصين

ليس من شك في أن الأطعمة السريعة غير صحية تماما وأنها تؤدي بالناس إلى التخمة. الأثاث، الأكواب، الأطباق، وكل الأدوات من البلاستيك. كل الديكورات إعلانات والطعام سابق الطهو وسابق التعبئة. كل شئ في المطعم بعيد عن الطبيعة، والجيل الجديد الذي يسيطر عليه ماكدونالدز لن يعرف مطلقا اللون الأخضر أو غابات الأمطار.لثقافية في الصين

ولكن لماذا الصينيون راغبون في التضحية بالطزاجة والمذاق والتنوع في الطعام الصيني المشهور عالميا من أجل طعام سريع ممل غير صحي؟ الحقيقة هي أننا ننفق كثيرا من المال والوقت في إعداد برامج "الطعام الصيني" في التلفزيون. نعم نحن مشغولون في امتداح تنوع ومذاق الطعام الصيني أمام الأجانب. نعم نحن فخورون للغاية بطعامنا التقليدي ولكننا في ذات الوقت نختار الوجبات السريعة في حياتنا اليومية.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

بعيدا عن حمى الولع بالوجبات السريعة في الصين دعنا نلقي نظرة على بعض من توجهات الموضة الأخرى. خذ ملابس الموضة مثلا. الجينز يرتدي باللبيسة، السوتيرات مزينة بالشتائم، والمعاطف ملونة بشعارات الشركات الدولية. نفس توجهات الموضة في نيويورك. الأمر وصل إلى شعر الرأس فالمزيد من الصينيين والصينيات يلونون شعرهم باللون الأصفر. إنني لا أظن أن البشرة الصفراء تتوافق مع الشعر الأصفر بل إنني أشك أن مثل هذا التوافق له ما يدعمه من نظرية علم الجمال. ولكن وعلى الرغم من الغباء الواضح فيها الناس ببساطه يفعلونها لأنها لون شعر الغربيين أو يذهبون إلى ما هو أبعد فيجعلون عيونهم زرقاء ليكونوا في جمال شقراوات هوليوود.الثقالثقافية في الصينفية في الصين

ومع شيوع اللغة الإنجليزية في أنحاء العالم كل فرد في الصين الآن يهرع إلى دراسة الإنجليزية بل إن أولئك الذين لا يعرفون شيئا عن الإنجليزية يستخدمون في حياتهم اليومية كلمات مثل cool للتعبير عن موافقتهم ويقولون Faint عندما يدهشون. ماذا يعني هذا باللغة الصينية؟ إننا لكي نبقى ونتواصل فإن لغتنا بحاجة لأن تكون واضحة راسخة. إن اللغة الصينية التي نقحت على مدى خمسة آلاف عام لم تعد نقية وصائبة كما كانت.لثقافية في الصين

قد يبدو كلامي فيه تطرفا ولكن من الناحية الأكاديمية أثبتت الدراسات اللغوية أن بعض جوانب الثقافة يمكن أن تندثر وإلى الأبد. هذه الدراسات تحدد أن 90% من لغات العالم سوف تختفي في القرن القادم. وهذا تحذير للغة الصينية، قد يكون متواضعا ولكنه قائم. فمن جانب، الآن عدد الذين يختارون اللغة الصينية تخصصا دراسيا رئيسيا يتضاءل. من جانب آخر، الحكومة من أجل نشر اللغة الإنجليزية تعين أطنانا من الأجانب للتدريس في المدارس والجامعات وبات إتقان اللغة الإنجليزية شرطا أساسيا لوظائف لا تحتاج في الواقع اللغة الإنجليزية.لثقافية في الصين

نفس النوع من هذا الولع يحدث في سوق الاستهلاك؛ الهواتف الخلوية والسيارات الخاصة. إن بلدنا متطور في مجال أنظمة الهواتف والطرق ولكن الناس تشتري بجنون الهواتف الخلوية والسيارات الخاصة متجاهلين التردد الإشعاعي وتلوث الهواء وبشكل عملي أكثر.. ما إذا كان لدينا موارد كافية من الوقود لتموين هذا العدد المتنامي من السيارات الخاصة.لثقافية في الصين

إننا نبذل أقصى جهدنا لنلاحق الموضة، لنكون عصريين أو بشكل أكثر تحديدا غربيين. إن بيغ ماك هو بيغ ماك (سندويتش ماكدونالدز الكبير) أينما ذهبت. إن الاختلاف بين الصين والعالم الغربي وبخاصة في المدن الكبيرة يخبو تحت أشعة  القرن الجديد والناس فخورة للغاية وراضية بالهيمنة التي تعتبرها الغالبية حداثة. على السطح نحن نكتسب الكثير بتحسين كافة أوجه حياتنا ولكن أيا كان الأمر يتعلق بطعامنا ولباسنا أو سلعنا أو تسريحة شعرنا أو لغتنا عندما تتحول الموضة إلى عادة نحن نخسر كثيرا حقا.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

  عولمة ثقافية أم تدمير ثقافي؟لثقافية في الصينالثقافية في الصين

تسيطر الثقافة الغربية (البعض يقول الأمريكية) على عمليات العولمة هذه الأيام واعتقد أنها تساعد أيضا في تعزيز هيمنة الغرب كما فعلت في فترة الاستعمار بالصين. إن أحد أهم تأثيرات العولمة الثقافية هو التحول التجاري للثقافة. الثقافة سواء كانت دينا أو أدبا أو فنا أو موسيقى أو ملابس أو طعاما أو حتى صورة الشاب باتت منتجا يباع في الأسواق، تماما مثلما الحال في العالم الغربي. قد يكون الشيء الأكثر حزنا وقسوة لحماة الثقافة في الصين هو أن أحدا لا يستطيع أن يعيش بدون المال.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

عندما يتحول كل شئ إلى سلعة يصبح كل فرد قطعة شطرنج في لعبة السوق المهولة. ولا يستطيع المرء، الفقير خاصة، أن يقرر لنفسه اختيار الجوانب التجارية أو الثقافية. كل فرد متأثر بالنظام الأكثر اقتصادا الذي تسيطر عليه فقط الشركات الدولية القوية الكبيرة والتي عادة ما تكون ضد الثقافات المحلية من أجل مصالحها الخاصة. وكلما كان البلد أشد فقرا كلما كان أكثر ضعفا في حماية الثقافة التقليدية المحلية. لسوء الحظ أننا نجد الثقافة المحلية الأكثر أصالة في الأماكن النائية والفقيرة فقط.لثقافية في الصينالثقافية في الصين

تفخر الصين دائما بقومياتها الست والخمسين التي ترتدي أزياء متنوعة ولكل منها طريقة حياة مختلفة مع تقنيات بدائية. الحقيقة هي أن معظم شباب الأقليات القومية يهرع إلى المدن الكبيرة سعيا وراء الوظيفة ويعيش حياة لا تختلف عن أسلوب الحياة الغربية. الفقراء الذين يبقون في أماكنهم يطورون الموارد المحلية لتكون سياحية وينتهي الأمر ببناء ثقافة جديدة تجارية تخفي الثقافة الأصلية القديمة. ومن ثم يضيع معظم الثقافة التقليدية المحلية ببساطة لأنها لا قيمة لها في الأسواق العالمية. وكنتيجة لهذا نتخلى عن ثقافتنا التقليدية لنجعل الأمة كلها متكيفة مع السوق الكونية. إن تعريفنا للقيم يشكله حتما النظام التجاري الغربي. الأكثر أنه عندما تصبح ثقافتنا سلعة هل سيظل الناس يعتبرونها "ثقافة"؟ وإن لم تكن هكذا فماذا إذن يبقى لنا؟اللثقافية في الصينثقافية في الصين

تعلم أم نسخ؟الثقافية في الصينلثقافية في الصين

إن هذا البلد عانى ألما شديدا خلال فترة الاستعمار وأفنى أسلافنا حياتهم في البحث عن سبيل فعال لإنقاذ وطننا الأم.. تعلُم العلم والتكنولوجيا من الغرب.. إننا نتعلم على مدى أجيال منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم. ورواد هذا البلد، وهم يتعلمون التكنولوجيا، نقلوا نظام التعليم الغربي والأسس السياسية ناهيك عن الآداب والفنون والموسيقى وغير ذلك، وكل هذا له أثر مزعج على الثقافة الصينية. لقد أوجدت التكنولوجيا إمكانية وجود ثقافة عالمية، فقد حطمت الأقمار الصناعية والإنترنت وأجهزة الفاكس والتلفاز الحدود الوطنية. الناس، وبتأثير من أفلام هوليوود رسموا أحلامهم السعيدة بأن يعيشوا بالضبط مثل الأسر الأمريكية من الطبقة الوسطى، في منزل من طابقين وسيارات خاصة، متجاهلين النتيجة المدمرة إذا امتلكت كل أسرة في بلد تعداده مليار وثلاثمائة مليون بيتا خاصا وسيارات خاصة. إنني أتساءل هل هناك أماكن وموارد كافية على الأرض للوفاء بهذا!الثقافية في الصينلثقافية في الصين

إن الصينيين والشباب بخاصة يميلون إلى اتخاذ الأفلام والموسيقى والوجبات السريعة والأوجه الأخرى للثقافة الأمريكية التي يوجهها السوق كأسلوب حياة حقيقية لهم. إننا نستهلك في كل يوم منتجات على الرغم من أنها تحمل علامة "صنع في الصين" إلا أنها تماما مثل المنتجات الأمريكية. إننا لسنوات طويلة نتعلم الكثير أو ننسخ الكثير من الغرب. أسلافنا القدامى والرواد ذوي المعرفة اكتشفوا جديدا على مدى عصور من أجل تقوية الأمة وأرادوا منا أن نتعلم. لسوء الحظ في السنوات الأخيرة معظم ما فعلناه مجرد نسخ.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

اليوم قد لا يستطيع أحد أن يفرق بين التعلم والنسخ فنحن نعتقد أننا نحدث بلادنا والحقيقة هي أننا ننفذ عملية التغريب والهيمنة. المدن الصغيرة تنسخ بجنون من المدن الكبيرة مثل بكين وشانغهاي. والمدن الكبيرة مشغولة بالنسخ من نموذج نيويورك. كل المدن على وجه المعمورة يجب أن تبنى على نمط نيويورك ولا ينبغي أن يكون هناك استثناءات من قبيل التنوع الثقافي أو التمايز المحلي.. إن هذا هو بالضبط التعريف النهائي لتنميتنا اليوم.لثقافية في الصينالثقافية في الصين

 طبقة صينية من النمط الهوليووديالثقافية في الصين

الصينيون يشعرون بالفخر والغبطة لانتشار أفلام الكونغ فو وهي جزء من الثقافة الصينية، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة في كافة أنحاء العالم. إن هناك من بذل جهدا فيها.. ليجعل الغرب كله يعترف بالصين وبثقافتها الفريدة. النقطة هي ماذا تعلم المشاهد الغربي من أفلام الكونغ فو الصينية؟الثقافية في الصينلثقافية في الصين

عندما حظي فيلم النمر الرابض والتنين المختفي بتقدير في أنحاء العالم فاز بشرف هوليوود لم يستطع معظم الصينيين إخفاء إحباطهم منه.. لا مضمون ولا فكرة، فارغ تماما فباستثناء مشاهد القتال والحيل والجمال والمؤثرات الصوتية، كل شيء فيه هو طبعة صينية من النمط الهوليوودي كافية لإقناع المشاهد الغربي الذي مل القتال بالمسدس والجميلات في أفلام جيمس بوند فاتجه إلى الكونغ فو الصيني الغامض وإلى الشعر الأسود المسترسل الشرقي.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

بعد النمر جاء "بطل" تشانغ يي مو. نفس مشاهد القتال والجميلات ذوات الشعر الأسود الفاحم والصور المبهجة والمزيد من مؤثرات هوليوود؛  فطالما أن الغرب يحبها لماذا لا ننتج المزيد؟ الفكرة الوحيدة التي يعبر عنها الفيلم وهي "توحيد أمتنا"  تستطيع بصعوبة أن تدركها. إن كل فرد تسيطر عليه أجهزة الإعلام شاهد الفيلم وكل فرد يعرف القليل عن تاريخ تلك الفترة التي يتحدث عنها الفيلم لم يحبه. ولكن لماذا ينفق الصينيون هذه الأموال الكثيرة في أفلام من هذا النوع؟ لأنها قد تحظي بقبول هوليوود.الثقافية في الصينلثقافية في الصين

الفنانون الصينيون الأذكياء، هم الآخرون مغرمون بتطوير البوب الصيني، الروك الصيني والراب الصيني والتي هي غربية كلية. بل إن اللحن التقليدي الأصيل ليانغتشو يعزفونه حاليا بالكمان الغربي ليكسب شهرة عالمية!الثقافية في الصينلثقافية في الصين

إن آلاتنا الموسيقية التقليدية وموسيقانا الفولكلورية تتوارى تدريجيا في غبار التاريخ ولا أحد يهتم، أو بعبارة أكثر دقة لا أحد يتذكر. والنتيجة أن المفهوم الاجتماعي للثقافة الصينية يتحول إلى الاعتماد على توجهات الغرب. إننا نريد من الغرب أن يفهم الصين وثقافتها ولهذا ننضم إلى عملية العولمة الثقافية ولكن في النهاية ما نقدمه للعالم هو طبعة منتقاة جيدا لتناسب تماما الذوق الغربي ولسوء الحظ بهذه الطبعة الصينية من التغريب لن يكون الغرب قادرا على الإطلاق أن يفهم الثقافة الصينية الحقيقية. ويوما ما في المستقبل سوف نضل في المتاهة بين الشرق والغرب، تلك المتاهة التي صنعناها بأنفسنا.الثقافية في الصين

أين ثقتنا الثقافية؟الثقلثقافية في الصينافية في الصينلثقافية في الصين

بدأ قدوم الغربيين إلى الصين في القرن التاسع عشر، وقد بذلوا جهودا لتقويض الثقافة الصينية التقليدية من خلال فرض التقنيات ونظم التعليم والعقيدة على الشعب الصيني الذي يعيش حياته بأسلوب جد مختلف. وعلى مدى عشرات السنين، كان الشعب الصيني فيها مستعمرا، رسخ  في اعتقاد هذا الشعب أن كل شيء في الصين سواء كان الثقافة أم النظام السياسي أم التكنولوجيا متواضع تماما مقارنة بالغرب. وعليه فإن الطريقة الوحيدة لإنقاذ وطننا هي التحديث والذي يعني في الممارسة التغريب.. إن نتبنى أي شيء وكل شيء من الغرب.الثقافية في الصينلثقافية في الثقافية في الصينلصين

إن هذا النمط من الغزو الثقافي له تأثيره على مشاعر الفرد في من هو وماذا يريد. وبينما العولمة الثقافية على الطريق يخبو التنوع الثقافي ويتوارى إيمان الناس بثقافتها المحلية، والنتيجة أن كل فرد يواجه الأزمة الثقافية في الصين الحديثة. إذا لم يكن ليس لدينا ثقة في ثقافتنا فمن يستطيع أن ينقذها لنا؟اللثقافية في الصينثقافية في الصين

لقد قطعنا طريقا طويلا من أجل تحديث بلدنا مخاطرين بتدمير أساسها.. الثقافة الصينية التقليدية. البعض يقول إننا بمزج الشرق بالغرب سنحصل على شيء أفضل، آخرون يقولون إن علينا أن نبذل أقصى جهودنا لتحديث أمتنا أولا وبعد ذلك سوف نستعيد ثقافتنا التقليدية في دولة قوية مستغربة، ولكن عندما يتحقق كل ما نجاهد من أجله وننظر خلفنا هل ستكون ثقافتنا ما زالت هناك تنتظرنا؟ أم أننا سنكون بالفعل فقدناها وإلى الأبد في متحف الغبار؟الثقافية في الصين

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.