محتويات العدد 3 مارس (آذار) 2004

فترة طويلة.   نداء إلى كل الهائمين.. ارجعوا! فترة طويلة.  

وو مينغ يي

سيعود عيد الربيع مرة أخرى وتخترق طبلة أذني أصوات المفرقعات القادمة من نافذة بيتي. أعداد السيارات التي تتسابق في الشوارع تتزايد وأعداد البشر أيضا، حاملين في أيديهم حقائب كبيرة وصغيرة. الكل يهرول إلى بيته قادما من كل حدب وصوب. لكن البعض لا يعود حتى في عيد الربيع‍! فترة طويلة.  

شقيقي الصغير لم يرجع إلى بيتنا في عيد الربيع العام الماضي، واليوم ونحن متحلقين حول مائدة جمع شمل الأسرة ليلة العيد لا نرى ظله. كم أتمنى أن أراه داخلا علينا بخطواته الواسعة وحاملا حقيبته وهو يصفر بفمه! لقد ترك بيتنا أكثر من سنتين ليجوب الأرض بحثا عن أحلامه. في البداية كان يتصل بنا هاتفيا مرة في كل شهر أو شهرين، لكن هذا الاتصال توقف بعد نصف سنة، وتوقف هاتفه المحمول بسبب عدم دفه فاتورة الاستخدام، ولهذا لا نعثر عليه وإن كان الأمر ملحا. والدتي لا تستطيب جلوسا أو نوما؛ قلقة على ابنها الصغير، وقد أسالت دموعا كثيرة وازدادت عجزها كثيرا. أخيرا اتصل بنا هاتفيا بعد ثمانية أشهر من ترك البيت. قال إنه يعمل في بكين، ويحتاج إلى بعض المال، ولأنه ليس له عمل مستقر لا يمكنه أن يترك لنا عنوانا أو وسيلة اتصال. المكالمة أزاحت صخرة ثقيلة كانت جاثمة على قلوب أفراد الأسرة. بعد ذلك ضاع ظله مرة أخرى كالطير الورقي الذي انقطع خيطه. فترة طويلة.  

تستنكر أمي عليه فعله، فلا هي تعرف ماذا يعمل وكيف يعيش ولا هو يعود إلى البيت. نقول لها: "هوني عليك، ولا داعي للتخيلات والأوهام التي تثير القلق. في المرة السابقة ظننت أنه أصيب بسوء، لكنه كان في حالة جيدة." انتظرت والدتي وانتظرت على أمل أن يعود في عيد منتصف الخريف، لكنه لم يعد؛ أن يعود في العيد الوطني أول أكتوبر، لكنه لم يعد، ثم عيد رأس السنة الميلادية الجديدة، وكان أملنا كبيرا في عيد الربيع. أخيرا اتصل بوالدتي  في ليلة العيد العام الماضي قائلا إنه مشغول مع شركائه في صفقة تجارية ولن يعود إلى البيت في هذا العيد. مرت الأيام، لم تعد والدتي تذكره  كثيرا وحاولنا تجنب عن هذا الموضوع، ولكن كل فرد ينتظر خفية من عيد إلى عيد آخر، ولم يأت أي خبر عنه أو منه. ازداد صمت أمي وراحت تعزف عن تجاذب أطراف الحديث مع  العجائز المسنات خشية أن يسألنها أين يعمل ابنك، ولماذا لم يعد إلى البيت منذ فترة طويلة. فترة طويلة.  

يا أيها الهائمون على وجوهكم مثل شقيقي أوجه نداء لكم: أيا كان دخلكم ونجاحكم أو فشلكم، رجاء أن تعودوا إلى بيوتكم في الأيام التي يجب عليكم أن تعودوا فيها. إن أهلكم لا يريدون أن يروا كم من الأموال كسبتم، وإنما يشتاقون إلى عودتكم سالمين. إن كل أم وأب يتمنى عودة أبناءهم، فلا تترددوا، لموا أغراضكم وارجعوا إليهم وارتموا في أحضانهم. لا تتأخروا! فترة طويلة.  

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.