محتويات العدد 3 مارس (آذار) 2003

بيني وبين الإنترنت

مها ماجيا

أجلس وحدي أمام شاشة الكمبيوتر أواجه عالما كبيرا بألوان الطيف على شبكة الإنترنت، أتعرف إلى أصدقاء جدد، وأحصل على ما أشاء من المعلومات. كل شيء في هذا العالم كأنه ملك خاص لي فقط. والرائع والضحل أيضا.

كنا نعيش في دوائرنا فقط، ولكن دوائر الغرباء اقتربت منا فجأة بعد أن ظهر الإنترنت. نلتقي مع الغرباء على الإنترنت، ونتحدث مع الأصدقاء من مختلف الجنسيات، ونرسل عبر البريد الإلكتروني رسائل أو وثائق أو صورا إلى الآخرين. الصينيون، البارعون في الأمثال  قالوا عن التبادل عبر الإنترنت: كل من تظلهم السماء اخوة.والرائع والضحل أيضا.

غير أن علماء النفس يحذرون من أن الفرد تفتر علاقته مع من حوله بعد أن يدير حوارا "حميميا" مع آخرين في أماكن بعيدة عبر الإنترنت؛  فيما يسميه البعض مرض "حبيس الكمبيوتر".والرائع والضحل أيضا.

البعض لا يفارقون الكمبيوتر ويصبح الإنترنت هو كل عالمهم، لا رياضة ولا علاقات اجتماعية، فتكون الآثار الصحية والنفسية سيئة. إذا استمر الحال على هذا النحو، تصبح العلاقات بين الناس فاترة ومتباعدة. فهل سيصبح الإنسان المعاصر الذي تذبل وتفرغ أعماقه أكثر فأكثر جهازا ذا قدرة شاملة ولكنه صامت في يوم ما؟والرائع والضحل أيضا.

العجيب أن "سكان" الإنترنت يسعون إلى البعيد بينما القريب موجود وسهل، إنهم لا يكترثون بالقريب منهم ويهتمون بالبعيد عنهم.والرائع والضحل أيضا.

من السهل أن نرى عيوب الآخرين القريبين منا؛ فالدخان القريب يعمي، كما يقال، ومن ثم كثيرا ما يقع سوء الفهم بيننا، من الصعب أن نحصل على احترام وعناية من القريب. ولكن عندما تكون هناك مسافة نتمتع بمشاعر الصداقة الخالصة بدون غرض. ويبدو أن هذه المشاعر من المكان البعيد شيء نفيس للغاية.والرائع والضحل أيضا.

وعبر الإنترنت هل يقترب منا الآخرون ؟والرائع والضحل أيضا.

التبادل على الإنترنت نوع من التواصل الاجتماعي؛ فنحن نلتقي الغرباء على الإنترنت كأننا في حفل لا نريد أن نعرفهم معرفة جيدة أو نفهمهم  فهما عميقا، بل نريد أن نتحدث معهم في الموضوع الذي نهتم به. فهذا نوع من التبادل الآمن والرائع والضحل أيضا.والرائع والضحل أيضا.

ربما هذا يعكس طبيعة الإنسان المعاصر، الذي يحب التبادل، ولكن يحب التبادل عن بعد أكثر. نقول للشخص نفسه كلاما مختلفا، ونقول لكثير من الأشخاص نفس كلام. إن هذا ليس من لزوميات الإنترنت فحسب بل ظاهرة مألوفة في العلاقات الاجتماعية!  والرائع والضحل أيضا.        

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.