محتويات العدد 6 يونيو (حزيران) 2004
م

آخر رجال الحلوى

يوان يه، مراسل الصين اليوم

يغلون الماء مع السكر حتى يصبح ثخينا، يأخذون قطعة منه ويضعونها فيه أنبوبا له ذيل طويل مفتوح ينفخونها منه، فتصير على الشكل الذي يريدونه. في دقيقة واحدة الحلوى الخام تتحول حيوانا. وانغ ستواصل

هذه هي حرفة أو فن صناعة الحلوى المنفوخة، والتي يسمى أساتذتها رجال الحلوى. وانغ ستواصل

قليلون في هذا العالم اللاهث المتحرك المادي يدركون سرعة انقراض التقاليد الشعبية والمشغولات الفنية التي ينتجها العامة. بالنسبة لهؤلاء الذين مازالوا يتذكرون حرفة نفخ الحلوى وممارسيها، والتي كانت يوما مشهدا شائعا في أزقة وحواري مدن الصين كافة، لم تعد شيئا أكثر من نوستالوجيا، أو الحنين إلى الماضي. وانغ ستواصل

تخيل، آنذاك، المحليون بكل فضولهم المبهج في يوم ربيعي مشمس من شهر مارس يصطفون يراقبون وانغ تونغ قوه، خبير الحلوى المنفوخة وهو يبدع حيواناته الشبه شفافة من الحلوى. وانغ ستواصل

كان وانغ يقف خلف صندوق قوائمه من الخيزران، كل منها لحيوان مرفق بمقطورة دراجته. يأتي شخص ويسأل، بكم؟. يجيب وانغ باسما، ثلاثة يوانات للواحدة. فتاة اشترت اثنين من أعماله، قردا لها وحصانا لصديقها. وانغ ستواصل

فن الحلوى المنفوخة وانغ ستواصل

يعتقد أن فن الحلوى المنفوخة يرجع إلى فترة أسرة سونغ (960-1279)، غير أن وانغ يعتقد أنها قد تكون ظهرت قبل ثلاثة قرون من ذلك خلال أسرة تانغ (618-907)، ويقول ممازحا "هذا أحد أسباب تسميتها تانغ رن". مقطع الكتابة تانغ، الذي يشير إلى اسم الأسرة الإمبراطورية، باللغة الصينية ينطق بنفس طريقة نطق اسم الحلوى، ومقطع رن يعني إنسان، وعليه فإنه يشير إلى الحرفي. الكلمتان اسم للحرفة واختصار لأساتذتها. وانغ ستواصل

موطن الحلوى المنفوخة، كما يقول وانغ مفاخرا، مدينته في داتشو بمقاطعة شاندونغ. وانغ ستواصل

لقد عرفت وانغ تونغ قوه في اليوم الذي رأيته فيه ينفخ حيوانات الحلوى في مدخل حارة. عندما اتصلت به لأطلب إجراء مقابلة معه قال لي إنه قد وجد عملا في مطعم كبير كطباخ للحلوى المنفوخة. كنت مندهشا ومتأثرا أنه عمل بمطعم جمال الجنوب في واحد من أرقى بنايات المكاتب والذي يضم مركز كيري. وقد أوضح لاحقا أن شقيقه الأكبر، وانغ تونغ شين، نافخ حلوى أيضا، يعمل بمطعم جمال الجنوب في مركز التجارة العالمي في بكين منذ عامين، وانه أوصى شقيقه الأصغر بهذا المكان. وانغ ستواصل

وانغ تونغ قوه ووانغ تونغ شين، ولدا بأسرة  من نافخي الحلوى  وتعلما من أبيهما هذه الحرفة، والذي تعلمها هو أيضا من أبيه. كان جدهما صانع وبائع حلوى يحمل سلتين معلقتين على طرفي عصا متجولا في المدن  والقرى في كافة أنحاء الصين. وانغ ستواصل

الأشقاء وانغ، وهم أربعة، ووالدهم غادروا قريتهم، وانغجياتسون في داتشو إلى تيانجين، التي كانت مركز الحرف اليدوية في نهاية سبعينيات القرن الماضي. بعد مرافقتهم لوالدهم لشهور قليلة شرعوا يمارسون تجارة الحلوى المنفوخة بأنفسهم. وانغ ستواصل

لم يكن وانغ تونغ قوه دائما متحمسا لتعلم هذه الحرفة. يعترف بالقول "كنت أظن أن أي فرد يعمل في نفخ الحلوى ينظر إليه الناس نظرة متدنية، وان هذا يقلل من شأنه. كنت في البداية غير حاذق وهذا لم يساعد في حفزي". شقيقه الأكبر وانغ تونغ شين، على الجانب الآخر، بدا أنه قبل بنفخ الحلوى مهنة له، وعلى كل حال نما حبهما لها وأصبحت مصدر رزقهما. وانغ ستواصل

بعد عشر سنوات في تيانجين، قرر وانغ تونغ قوه ووانغ تونغ قوه  القدوم إلى عاصمة البلاد، حيث السوق كبيرة ومستوى المعيشة افضل وثمة آفاق أرحب للحرف اليدوية. الشقيقان الآخران بقيا في تيانجين وعملا في تجارة قطع غيار السيارات. تونغ شين يقول "الصناعات الحرفية لا تحقق ثروة، فبيعها يوفر احتياجات الحياة الضرورية. شقيقانا الصغير والكبير أكثر ثراء  بكثير مني ومن تونغ قوه، ولكن أنا أيضا سعيد في عملي. ليس هناك كلمة تصف فرحتي التي أشعر بها عندما أجد سبيلا لعمل حيوان جديد من الحلوى". وانغ ستواصل

تونغ قوه يوافق قائلا "بعيدا عن متعة الحرفة نفسها، أنا أيضا أحب التجوال كثيرا"، وقد سافر الرجل في أرجاء الصين حاملا معه أدوات نفخ الحلوى التي تجعله يعيش في المكان الذي يريده.  يقول ممازحا راضيا "سافرت في نصف الصين تقريبا مجانا". وانغ ستواصل

ولكن بالنسبة للشقيقين اللذين يعيشان في بكين، زوجتاهما وأولادهما يعيشون في مسقط رأسهما، تونغ قوه لديه ولد وتونغ شن لديه ولد وبنت. ويعود الشقيقان إلى مسقط رأسهما في مواسم الزراعة وعندما يسأمان الحياة في بكين. أحيانا تأتي زوجتاهما وأولادهما إلى بكين. وقد أدى التحسن في الطرق والمواصلات إلى تيسير تنقلاتهم عما كان لوالدهم وجدهم. وانغ ستواصل

الشقيقان يعيشان في غرفة مساحتها تسعة أمتار مربعة أشبه بكهف في ضواحي بكين، يشاركهما فيها اثنان من صانعي الحلوى المنفوخة. يتناولان طعامهما في البسطات التي على الطرق غير مبالين بالقيمة الغذائية لطعامهما، وحريصان للغاية على المال الذي يدخرانه لعائلاتها. يقول تونغ شنغ "يمكن أن أوفر في العام 10 آلاف يوان، وهذا مبلغ كبير لأي أسرة ريفية". الرجل لا يدخن ولا يشرب، ويلزم نفسه بإنفاق ما لا يزيد على 300 يوان شهريا. وانغ ستواصل

العيب الرئيسي في هذه الحرفة أن الحيوانات المصنوعة من الحلوى المنفوخة لا تصمد وقتا طويلا، وقد فكر الشقيقان في حل لهذه المشكلة وفي النهاية توصلا إلى تغليف منتجاتهما بغشاء بلاستيكي شفاف يمكن أن يحفظها. ويفكر تونغ قوه في التعاون مع مصنع للزجاج لعمل أعمال من الحلوى/الزجاج المنفوخ. يقول عن ذلك متأثرا "إذا أمكننا أن نفعل ذلك، سنبدع فنا جديدا". وانغ ستواصل

الشقيقان وانغ، اللذان قد يكونا الجيل الأخير من صانعي الحلوى المنفوخة غير متأكدين من مستقبل هذه الحرفة. تونغ شنغ يقول "الحلوى المنفوخة لا تحقق مالا كثيرا بشكل عام وقليل من الناس حاليا يرغب في العمل بها". ويضيف تونغ قوه "التعلم أيضا يحتاج وقتا، وهذا ما يجعل الناس يبعدون عنها. إننا نود أن تنتقل الحرفة إلى أجيال العائلة، ولكن إذا لا نستطيع ماذا سيحدث؟" بدا حزينا للحظة حتى قال له شقيقه "أسرة وانغ ستواصل عمل الحلوى المنفوخة، أعلم ذلك". وانغ ستواصل

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.