محتويات العدد 6 يونيو (حزيران) 2004
م
اضطرابات في العراق

تشيان جين وتسه هاو

قوات التحالف تطلق النار على المتظاهرين

·   إذا كانت الولايات المتحدة قد استطاعت تحقيق النصر في حرب العراق وإسقاط صدام حسين، فإنها لا تستطيع أن تنفرد بكل شؤون العراق.لذلك لا يمكن ل

شاب عراقي يحمل صورة الزعيم الشيعي مقتضى الصدر
جيش المهدي

في شهر إبريل الماضي بدأ أبناء الشرق الأوسط يشكون من حرارة الجو، بينما عاش العراق ما يمكن أن نسميه"إبريل الأسود البارد"، فقد اندلع قتال عنيف بين القوات الأمريكية والمسلمين من السنة والشيعة، وقتل المئات في أيام قليلة.. شهد العراق اضطرابا مفاجئا كريشة في مهب الريح. لذلك لا يمكن لتطور

الاضطرابات الأخيرة في العراق أثبت أن سياسة الاحتلال الأمريكية تواجه مقاومة عامة من العراقيين. بعد إسقاط نظام صدام حسين، لم ير الشعب العراقي سلما ولا استقرارا، بل بدأ يشهد اضطرابات ومخاطر ومصادمات وفقرا، فزادت المشاعر المعادية للاحتلال الأمريكي. وأثارت السياسة الأمريكية الرامية إلى دعم الشيعة وإضعاف السنة تناقضات اجتماعية جديدة. كان السنة الذين يمثلون 20% من سكان العراق يسيطرون على السلطة في فترة صدام حسين، وتمتعوا بمصالح كثيرة سياسيا واقتصاديا. بعد حرب العراق طرحت سلطة الاحتلال الأمريكي خطة توزيع السلطة وفقا لنسبة السكان، مما جعل السنة يواجهون "التهميش" في السلطة القادمة، فيفقدون تمثيليتهم، ويعيشون تحت حكم الشيعة. وفي نفس الوقت تعزز الولايات المتحدة استمالتها للشيعة الذين يمثلون 60% من سكان العراق. هذا أثار غضب السنة فسلكوا طريق الانتفاضة المسلحة ووجهوا ضرباتهم للجيش الأمريكي، فأصبحوا القوة الرئيسية للمقاومة بالعراق، وبلغت هذه المقاومة ذروتها يوم 31 مارس حيث قتل أربعة أمريكيين وتم التمثيل بجثثهم في الفلوجة. وفي وقت توعدت فيه القوات الأمريكية بالانتقام لحادثة الفلوجة، واجهت ندا جديدا، حيث وقع صراع مسلح مع الشيعة الذين اعتبرهم الأمريكيون حلفاء لهم.. نظمت جماعة الصدر مظاهرات احتجاجا على إغلاق صحيفتها، فحدثت مصادمات مع القوات الأمريكية. لذلك لا يمكن لتطور

الاضطرابات بالعراق تؤكد أن الولايات المتحدة أفلست في مشكلة العراق وقد أوصدت في وجهها كل الأبواب، ووقعت في ورطة، الأمر الذي كشف عن محدودية قوة الولايات المتحدة، التي بررت حربها على العراق بذريعة استئصال منابع الإرهاب، لكن العراق تحول إلى معسكر  للأعمال الإرهابية والهجوم على الولايات المتحدة. أرادت جعل العراق نموذجا للاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط، لكن العراق تحول إلى مصدر عدم استقرار في هذا الإقليم. أرادت تعميم الديمقراطية في العراق، لكنها تثير صراعات عنيفة بين الطوائف العراقية. لذلك لا يمكن لتطور

إن الولايات المتحدة إذا زادت من  قوتها العسكرية ستواجه مقاومة أوسع نطاقا، وسيكون الوضع أكثر صعوبة. وإذا تجاهلت الأمر ستنشب حرب أهلية عراقية. قررت الولايات المتحدة تسليم السلطة للعراقيين في  نهاية يونيو هذا العام على أمل تلبية رغبات  مختلف الأطراف والمذاهب من خلال توزيع السلطة وفقا لنسب تعداد السكان، ولكنها لا تريد أن يتزعم الشيعة هذه السلطة ويعارضونها مثل إيران. لذلك المشكلة الشائكة للولايات المتحدة هي من تسانده للصعود إلى السلطة في سبيل تحقيق المصالح الأمريكية. الولايات المتحدة  متفوقة عسكريا وعلميا وتكنولوجيا، وقد استطاعت الانتصار في حرب العراق وإسقاط صدام حسين، لكنها لا تستطيع أن تنفرد بكل الشؤون العراقية، وتقف مكتوفة الأيدي أمام بناء السلطة العراقية. إنها في ذلك أشبه بفيل جبار ضخم يمكنه أن يقتلع الشجر ويهدم الجدران، لكنه لا يستطيع إدخال الخيط في ثقب إبرة. لذلك لا يمكن لتطور

الاضطرابات بالعراق تكشف أيضا عن الصراع العنيف بين مختلف الطوائف العراقية بما يهدد بنشوب حرب أهلية. بعد سقوط نظام صدام حسين، ورغم الاحتلال الأمريكي المسلح، لم يستقر الوضع. السنة والشيعة والأكراد يتنافسون لتبوأ  مكان في السلطة. بسبب كثرة الأحزاب والأطياف السياسية والقبائل والأديان بالعراق، واختلاف مصالحها مختلفة، بينها تناقضات وتصادمات دائما. إلى جانب قلق السنة على تهميشهم في السلطة القادمة، هناك صراع داخلي بين الشيعة أيضا. داخل الشيعة مذاهب متنوعة، منها القوية مثل "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" و"حزب الدعوة" ومجموعة مقتضى الصدر. كل منهم يريد أن يتولى وضع الدستور للسيطرة على أجهزة السلطة الرئيسية مثل الجيش والشرطة والقضاء. ومن المعروف أن آية الله السيستاني، البالغ من العمر 73 عاما الزعيم الروحي للشيعة بالعراق يختلف عن مقتضى الصدر البالغ من العمر 30 عاما، وهو زعيم الشيعة السياسي بالنجف. موقف الأول معتدل يدعم وجود القوات الأمريكية، ويدعو إلى التعاون مع الولايات المتحدة ويعارض إقامة سلطة دينية مثل إيران. بينما يعارض مقتضى الصدر الاحتلال الأمريكي ويدعو إلى إقامة جمهورية إسلامية على أمل إضعاف قوة السيستاني، وقد قال مقتضى الصدر أيضا إن "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" و"حزب الدعوة" هجرا العراق منذ سنوات طويلة فليس لهما تمثيل في العراق، وإنما عادا إلى العراق بعد الحرب لاختطاف ثمار النصر فقط. لذلك لا يمكن لتطور

جملة القول أن ظهور فراغ في السلطة عندما تتفكك آلية السلطة القديمة ولا تقام سلطة جديدة أمر مؤكد. في هذا الوضع تقدم كل قوة وكل بندقية مطالبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي في الغالب متناقضة فتحدث تصادمات قد تتطور إلى حرب أهلية. لبنان أحد الأمثلة على ذلك؛ فبسبب تطبيق السياسة الديمقراطية وتنظيم السلطة وفقا لنسب تعداد السكان، نتج عدم توازن في توزيع السلطة بين الأديان والقوميات، فنشبت الحرب الأهلية التي استمرت خمسة عشر عاما. وضع العراق الحالي يشبه وضع لبنان في تلك الفترة. يمكننا أن نتصور أنه إذا لم تستطع القوات الأمريكية السيطرة على الوضع، أو إذا فشلت في بناء النظام السياسي العراقي، سيصبح العراق لبنان آخر. لذلك لا يمكن لتطور

وفقا للتطورات الأخيرة، ستبذل الولايات كل جهدها للسيطرة على الوضع العراقي لضمان تسليم السلطة في نهاية يونيو، وذلك من اجل مصالح بوش في حملته الانتخابية. آخر استطلاعات الرأي الأمريكية تشير إلى أن توتر الوضع العراقي في الفترة الأخيرة لم يؤثر كثيرا على تأييد الأمريكيين لهذه الحرب، لكنه أثر في نسبة تأييدهم لبوش كثيرا، فقد انخفضت نسبة مؤيدي بوش من 59%  عند القبض على صدام حسين إلى 32% حاليا. إذا لم تغير القوات الأمريكية صورة "إبريل الأسود" قد يقع "نوفمبر الأسود" لبوش في الانتخابات الأمريكية. ثانيا، العراق ذو أهمية استراتيجية للولايات المتحدة،، وهو ما يعني أنها لن تخرج من العراق بسهولة. باحث  بالمركز الأمريكي للاستراتيجية والدراسات الدولية قال إن منطقة الخليج بها 60% من احتياطي النفط المؤكد في العالم وإذا واجه النفوذ الأمريكي فيها تحديات، واجهت المكانة الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تحديات. إذا تركت الولايات المتحدة العراق في هذا الوقت فإنها تقدم نصرا لمعارضيها في كل العالم. لذلك لا يمكن لتطور

السيطرة الأمريكية على العراق ستستمر      أيا كانت المقاومة العراقية، لن تترك الولايات المتحدة العراق يقرر مصيره بنفسه. ستبقى المقاومة العراقية، لكن يصعب عليها أن تشكل مقاومة منظمة موحدة ونواة قيادة موحدة. لقد ظهرت بوادر تضافر لجهود السنة والشيعة، لكن يصعب تشكيل نواة قيادة حقيقية لهما بسبب اختلاف مصالحهما إلى جانب عدم انضمام الأكراد إلى صفوف المقاومين للقوات الأمريكية المحتلة بسبب مصالحهم الخاصة. مع تعزيز القوات الأمريكية قوتها في المعارك، ستضعف المقاومة. لذلك لا يمكن لتطور وضع العراق العام أن يتخلص من السيطرة الأمريكية في فترة قصيرة. لذلك لا يمكن لتطور

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.