محتويات العدد 8 أغسطس (آب)  2003   

هل أن تحقق خريطة الطريق سلاما حقيقيا؟

 

وانغ جينغ ليه، باحث بمعهد آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية

في نهاية إبريل أعلنت الولايات المتحدة خطة خريطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط، التي حظيت بزخم إعلامي كبير، وبدأت الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تنتظر حصاد "سلام الشرق الأوسط". الواقع أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يفتقر إلى مشروعات الحل، المهم هو كيفية تنفيذها. خلال هذا الصراع المستمر منذ أكثر من نصف قرن طرحت الأطراف المعنية، خاصة الأمم المتحدة، أكثر من مائة مشروع بناء وقرار ذي صلة، من أهمها قرارا مجلس الأمن 242 و338. كما قدمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق والاتحاد الأوروبي عديدا من المشروعات، لكنها لم توضع موضع التنفيذ الجدي بسبب الموقف الفلسطيني والعربي الغير مساوم (اتجه هذا الموقف إلى المصالحة تدريجيا بعد الثمانينيات) وموقف إسرائيل المتصلب والتحيز الأمريكي لإسرائيل ورفض إسرائيل الاعتراف بحركة التحرر الوطني الفلسطينية وغيرها من الأسباب. ونحن نفترض أنه إذا أمكن تنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة، فإن مشكلة فلسطين كانت قد حلت قبل عشرات السنين. لذلك المحك ليس الافتقار إلى مشروعات للحل وإنما التنفيذ.مختلف أحياء

التنازلات صعبة في هذه المرحلة مختلف أحياء

تطالب خريطة الطريق الطرف الفلسطيني بوقف أعمال العنف وقمع"الإرهاب"، في تجاوز متعمد لأسباب أعمال العنف. الواقع أيضا هو أنه إذا  لم تنهي إسرائيل احتلالها لفلسطين، من المستحيل أن تنتهي أعمال المقاومة بما فيها أعمال العنف.مختلف أحياء

أولا، أوراق قليلة لدى الفلسطينيين مختلف أحياء

 لا ريب أن نضال الشعب الفلسطيني في سبيل الاستقلال بما فيه المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي العسكري عادل وشرعي. وفي ظل الافتقار إلى وسائل وأساليب النضال الفعالة لجأ الفلسطينيون إلى أسلوب الموت (العمليات الاستشهادية) تعبيرا عن إرادتهم الصلبة. في هذه المرة وبعد إعلان الطرف الفلسطيني قبول مشروع خريطة الطريق، يواجه رئيس الوزراء الجديد محمود عباس (أبو مازن) تحديات كبيرة؛ فكيف يمكنه السيطرة على نشاطات مختلف الفصائل الفلسطينية خاصة حماس والجهاد ومنع وقوع أعمال عنف، وفي نفس الوقت تجنب الانزلاق إلى صراع واضطراب داخلي بسبب قمع المنظمات المتطرفة. في مارس عام 2002، أجاز مؤتمر القمة العربية في بيروت مشروع السلام الذي طرحه ولي العهد السعودي الأمير عبد الله. المشروع الذي  يعني أن دولة فلسطين ستقدم تنازلا كبيرا من حيث الأراضي  لقي إعجابا عالميا، وأكده مشروع خريطة الطريق. وليس أمام فلسطين طريق للتراجع بعد أن قدمت هذا التنازل الكبير، أي ليس لها أوراق كثيرة لتلعب بها.مختلف أحياء

ثانيا، إسرائيل لن تغير موقفها المتصلب حاليا. رغم أن مجلس الوزراء الإسرائيلي أعلن قبوله لخريطة الطريق، فإن إسرائيل غير راغبة في التخلي عن/ أو التخلي كلية عن الأراضي التي احتلتها بالعنف استنادا إلى موقع قوتها الحالي، لذلك قدمت 15 تعديلا على الخريطة، ولا تزال هناك نسبة كبيرة من الإسرائيليين يعارضون خريطة الطريق، ويعارضون الانسحاب من الأراضي المحتلة، لدرجة أن القوى اليمينية تظاهرت واتهمت شارون بأنه خائن لإسرائيل‍.مختلف أحياء

لقد كان اليهود، تاريخيا ضحية لسياسة العنف والقوة، ففي أوروبا عانوا من تيار معاداة اليهود، وقتل النازي أكثر من مليون يهودي في فترة الحرب العالمية الثانية، مما سجل صفحة دموية وحزينة في تاريخ تطور الأمة اليهودية. المؤسف أن هذه الصفحة لم تجعلهم يفكرون بعمق. بل بالعكس يرى كثير من اليهود مسألة الأمن والمصالح الخاصة من طرف آخر، حيث يدعمون الحكومة الإسرائيلية لتحتل الأراضي الفلسطينية بالقوة ويدعون إلى قمع أعمال المقاومة الفلسطينية بالقوة.مختلف أحياء

رغم ظهور حركة سلمية في إسرائيل في سبعينيات القرن العشرين تدعو إلى السلام بين العرب واليهود، قوتها لا تزال محدودة بعد نحو ثلاثين عاما، وليس لهذه الحركة قدرة في صناعة القرار الإسرائيلي.مختلف أحياء

والولايات المتحدة لا تستطيع تقييد إسرائيل مختلف أحياء

الولايات المتحدة، كونها أقوى في العالم، ليست فقط من الدول  الهامة التي وضعت  خطة خريطة الطريق، بل هي القوة الوحيدة التي تستطيع أن تؤثر على إسرائيل. هل يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل حقيقيا لتدفع إسرائيل لأن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة في موعد محدد، وهو العنصر المحوري في خطة خريطة الطريق. يمكننا أن نقول إن حكومة بوش يصعب عليها أن تضغط على إسرائيل حقيقيا. مختلف أحياء

هناك كثير من التشابه بين إسرائيل والولايات المتحدة من حيث النظام السياسي والأيديولوجي والقيم، لذلك هناك علاقة  تحالف مميزة بينهما منذ أكثر من نصف قرن. بعد فترة الحرب الباردة، أصبحت إسرائيل قاعدة للدفاع عن الديمقراطية الغربية وضرب القوى المعارضة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لذلك تقف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل دائما في الصراع العربي الإسرائيلي.مختلف أحياء

يعيش في الولايات المتحدة نحو 6 ملايين يهودي، فهي أكبر بلد به تجمع لليهود بعد إسرائيل. اليهود، لم يندمجوا فقط في تيار المجتمع الأمريكي الرئيسي، ويحققوا إنجازات بارزة، بل أصبحوا زعماء كثير من الوحدات والقطاعات الهامة. لذلك تشكلت مجموعة موالية لإسرائيل (لوبي) داخل الجهاز السياسي. الولايات المتحدة هي البلد الأكثر ثروة يهودية بعد إسرائيل. وتسيطر المجموعة المالية اليهودية على كثير من الوحدات المحورية للاقتصاد الأمريكي ووسائل الإعلام، وتؤثر في صناعة القرار الأمريكي. ومع اقتراب بدء الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة يحرص الرئيس جورج بوش على الحصول على تأييد القوي اليهودية، فكيف يمكن للحكومة الأمريكية أن تضغط على إسرائيل ؟مختلف أحياء

حل المشاكل على خطوات مختلف أحياء

رغم وقوع المواجهات بين فلسطين وإسرائيل بين حين وآخر، اصبح الحل السلمي الاتجاه العام للقضية. وحيث أن المفاوضات المستقبلبة ستتناول القضايا الهامة الصعبة ذات العلاقة بمصالح الطرفين الحقيقية، فإن هذا لا يعني أن السلم سيتحقق وفقا لخريطة الطريق تماما. في عملية الحل النهائي سيمر الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بتقلبات كثيرة بل نكسات وتراجعات. وحل مشكلة إقامة دولة فلسطين وعودة اللاجئين والقدس وغيرها من المشاكل الهامة بحاجة إلى عدة خطوات.مختلف أحياء

أولا، إقامة دولة فلسطين.     في الواقع أعلنت إقامة دولة فلسطين عام 1988، واعترف بها أكثر مائة بلد في العالم، وأقام معظمها علاقات دبلوماسية معها. ولم تعترف بها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. لكن دولة فلسطين ليست بلدا مستقلا ذا سيادة كاملة بسبب عدم حل مشكلة الحدود والعاصمة الخ. وتعني إقامة الدولة في هذه المرة إنهاء شكل الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة. وما يؤنس الناس أنه بعد خمسة عشر عاما أدركت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن دولة فلسطين  لا غنى عنها في حل الصراع. الأمر تأخر 15 عاما، لكنه خطوة هامة متقدمة نحو السلام. تعتبر هذه الخطوة قاعدة للحل السلمي، كما أنها "المشكلة السهلة نسبيا" من بين المشاكل المعقدة والصعبة الكثيرة. في عملية إقامة دولة فلسطين، ستحل مشكلة الممر (أو الربط)، التي من المحتمل أن تشمل "تبادل بعض الأراضي في بعض المناطق أو تعديلها، وفي نفس الوقت مشكلة توزيع موارد المياه وتطويرها واستخدامها.مختلف أحياء

ثانيا، مشكلة اللاجئين الفلسطينيين      عدد اللاجئين الفلسطينيين نحو أربعة ملايين، منتشرين رئيسيا في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية والدول الأخرى. مشكلة اللاجئين لا تؤثر فقط على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بل تؤثر في أمن الدولة. من منظور التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حل مشكلة تنظيم اللاجئين (يشمل المساكن والإنشاءات الأساسية المعيشية والصحية وتدبير الأعمال والمدارس الخ) بصورة معقولة والتعويض عن الأراضي والممتلكات لا يؤثر فقط في المجتمع والإنتاج الاقتصادي المحلي تأثيرا كبيرا، بل يحتاج إلى مبالغ ضخمة، ربما أكثر من 100 مليار دولار أمريكي. لأن عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين من مواليد أرض إسرائيل الحالية، لذلك تهتم إسرائيل بمسألة "أمن الدولة" أكثر حيث ترى أن عودة أكثر من مليون لاجئ فلسطيني إلى مسقط رأسهم، لا يشكل فقط خطرا يفجر اضطرابات اجتماعية، بل من المحتمل أن يغير الهيكل السكاني لإسرائيل، ثم يهدد أمن الدولة اليهودية.مختلف أحياء

ثالثا، مشكلة وضع القدس       القدس مكان مقدس للأديان الثلاثة في العالم، لذلك لا يمكن للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وحدهما أن يقررا وضعها في المستقبل. لقد قدمت الجهات المعنية بعض المشروعات لحل هذه المشكلة، مثلا، ينص قرار الأمم المتحدة رقم 181 في عام 1947 على وضع القدس تحت الإدارة الدولية المشتركة. بينما يتمسك كل من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بأن  تكون القدس عاصمة له، وقد  طرحا بعض المشروعات أو الأفكار لتقديم تنازلات. حيث قدمت إسرائيل "فصل السيادة عن الحكم"، أي السماح بأن يتمتع سكان القدس من مختلف القوميات والأديان بدرجة عالية من الحكم الذاتي في مناطق إقامتهم مع عدم التخلي عن السيادة؛ أو "التنمية أولا وتجنيب الخلافات"، أي الحفاظ على وضع القدس الحالي، ووضع مشكلة انتماء القدس جانبا لجعل التنمية الاجتماعية وبناء المدينة في المقدمة. بينما قدمت فلسطين "مشاركة البلدين في القدس"، أي إقامة مركز سياسي ومنطقة إدارية في مختلف أحياء القدس؛ أو أسلوب الفاتيكان وهي الفكرة التي طرحها ياسر عرفات عام 1996. * رغم هذه المشروعات والأفكار، بسبب مكانة القدس المتميزة، فهي ليست فقط رمزا روحيا للأمة اليهودية، بل هي مكان مقدس لكل مسلمي العالم، فلا شك أن حل مشكلة وضعها النهائي يحتاج إلى فترة أطول.مختلف أحياء

* الرئيس ياسر عرفات تحدث عن أسلوب الفاتيكان في رسالة وجهها إلى كاتب المقال عام 1997. 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.