محتويات العدد 8 أغسطس (آب)  2003

قابلت القذافي ! ال

تشن بينغ

عندما قام وي جيان شينغ- عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وأمين سكرتارية اللجنة المركزية للحزب بزيارة الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية خلال الفترة من 20 إلى 24 ديسمبر عام 2001، كنت ضمن الوفد  الصيني الذي التقى الزعيم الليبي معمر القذافي.معمر القذافي

لم تكن هذه أول زيارة لي إلى ليبيا، ولكنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها وجها لوجه الزعيم الليبي الذي يجمع بين الشهرة العالمية والتصرفات الأسطورية. مر عامان تقريبا على هذه الزيارة ولكنها مازالت ماثلة في ذهني بكل تفاصيلها.معمر القذافي

ترحيب أضخم مما توقعنا معمر القذافي

كان وي جيا شينغ هو المسئول الصيني الأرفع مستوى الذي زار الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى منذ أن أقام البلدان العلاقات الدبلوماسية عام 1978، لذلك أولى الجانب الليبي للزيارة اهتماما فائقا، ولقي الوفد الصيني استقبالا ضخما وحارا.معمر القذافي

في تمام الساعة الثامنة والثلاثين دقيقة مساء بالتوقيت المحلي، من يوم 21 ديسمبر عام 2001، هبطت طائرة الوفد الخاصة، من طراز بوينغ- 767 بمطار سرت الدولي. كانت السماء قد أرخت سدولها. بعد أن هبط وي جيان شينغ سلم الطائرة أقبل عليه أمين عام المؤتمر الشعبي الليبي مصافحا ومعبرا عن الترحيب الحار وتقدمت طفلة نحو المسئول الصيني الكبير بباقة من الزهور أعطتها له. سار وي بصحبة الأمين العام على بساط من السجاد الأحمر إلى منصة الاستعراض في مركز الساحة المضاءة أمام قاعة الانتظار، حيث يصطف أفراد طاقم فرقة الموسيقى العسكرية في طابور مربع أمام المنصة  بينما يقف عشرات من المسئولين الليبيين بجلابيبهم البيضاء التقليدية. عزفت فرقة الموسيقى العسكرية النشيد الوطني لكلا البلدين، ثم استعرض وي مع الأمين العام حرس الشرف. والحقيقة، أن الضخامة والفخامة التي شهدناها في مراسم الترحيب فاقت ما كنا نتوقع.معمر القذافي

في عاصمة ليبيا معمر القذافي

وفقا لبرنامج الزيارة كان من المفروض أن يلتقي وي جيان شينغ كل من أمين عام المؤتمر الشعبي العام، وأمين اللجنة الشعبية العامة في الساعة العاشرة، ثم في الساعة الحادية عشر صباح اليوم الثاني والعشرين، قبل التوجه إلى  العاصمة طرابلس بعد الانتهاء من زيارة سرت بعد ظهر اليوم الثالث والعشرين.معمر القذافي

 عندما كنا نستعد للذهاب إلى لقاء أمين اللجنة الشعبية بعد الانتهاء من لقاء أمين المؤتمر الشعبي العام، وصلنا خبر عن إلغاء اللقاء معه لأنه كان موجودا في طرابلس، لذلك تقرر نقل مكان اللقاء معه إلى طرابلس.معمر القذافي

في ظهر هذا اليوم، تلقى الوفد إخطارا: أن معمر القذافي سيستقبل الوفد في طرابلس، وعلينا أن نصل إلي العاصمة الليبية التي تبعد 500 كيلومتر عن سرت خلال ساعتين من الآن. بسبب الاستعدادات الروتينية قبل إقلاع طائرة الوفد، تأجل وقت الإقلاع إلى الساعة الثامنة مساء، وفي تمام الساعة التاسعة هبطت طائرتنا في مطار طرابلس الدولي، حيث انتظرنا في أحد الفنادق وصول إخطار لقائنا مع القذافي.  في الساعة الحادية عشرة وثلاثين دقيقا مساء وصل إخطار أن أمين اللجنة الشعبية العامة، وليس القذافي، سيستقبل  وي جيان شينغ ووفده في الساعة التاسعة والثلاثين دقيقة صباح اليوم التالي.معمر القذافي

قبل اللقاء معمر القذافي

عندما كنا نستعد للذهاب إلى مقر اللجنة الشعبية العامة فوجئنا بإخطار عن تأجيل موعد اللقاء مع أمين مؤتمر الشعب العام، لأن علينا أن نذهب فورا إلى لقاء معمر القذافي! وفقا لترتيب الجانب الليبي، توجه الموكب الذي تقوده سيارة الشرطة إلى مكان اللقاء.. وصلنا إلى أمام بوابة معسكر محاط بأسوار عالية، حيث لم يسمح الحرس المسلح بالدخول إلا للسيارات التي يستقلها أعضاء. فتحت البوابة وبعد عشرات الأمتار دخلت السيارات عبر قلعة الحرس بوابة البناية الثانية، حيث تقف دبابة ضخمة، وحولها ينتشر جنود الحراسة، ثم اخترقت قافلة السيارات بوابة بناية الحصن الثالث، حيث وقف رتل السيارات أمام مبني من طابقين. كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة والخمسين دقيقة.معمر القذافي

استقبلنا مسؤول المراسم من الجانب الليبي أمام باب المبني، وهو رجل ذو بنية قوية، وقامة عالية؛ شعر فضي ويرتدى بذلة غربية سمراء. بقيادته دخلنا قاعة استقبال مساحتها نحو أربعين مترا مربعا، حيث جلس وي جيان شينغ وأعضاء الوفد الرئيسيين على أرائك الجانب الأيسر بينما جلس الآخرون على أرائك الجانب الأيمن. بطلب من موظف الاستقبال خرج الصحفيون وأعضاء الوفد غير الرئيسيين من القاعة ليبق فيها وي جيان شينغ مع بضعة عشر عضوا من الوفد. ثم وبطلب من موظف الاستقبال أيضا تركنا جميعا حقائبنا في القاعة، ثم صعدنا سيارات كانت تقف أمام المبني، لتنطلق بنا نحو البناية الرابعة.معمر القذافي

بعد أن دخلت بنا السيارات بوابة البناية الرابعة، حيث رأينا فناء فسيحا مغطى بالخضرة  وتنتشر فيه خيام رمادية، بينما بعض الرجال منهمكون في كنس المكان.. وبقيادة موظف  المراسم اتجهنا عبر درب ضيق مرصوف بالخرسانة إلى خيمة أمام بابها موقد يحرق به حطب..معمر القذافي

عندما دخلنا الخيمة ألقيت نظري إلى ما حولي: أربعة أعمدة خشبية خضراء ترتفع ثلاثة أمتار تقريبا في مركز الخيمة، سجاد مزهر أخضر مفروش مباشرة على الأرض؛ في وسط الخيمة منضدة صغيرة خضراء مستطيلة الشكل، وعليها أقلام مع أوراق، وبجانب المنضدة مسند ظهر أخضر اللون، وبجانبي المنضدة تصطف كراسي وثيرة خضراء أيضا.. الكهرباء غير متصلة بالخيمة ومن ثم فإن الرؤية تعتمد على أشعة الضوء القادمة من خارجها..معمر القذافي

لقاء مع القذافي معمر القذافي

بينما كنت سابحا في خيالاتي أتى رجل ليبي أسود البشرة إلى الخيمة حيث كنس الأرض بحركة خفيفة.. هنا همس لي زميلي :".. انظر، إلى خارج الخيمة، ثمة رجل قادم باتجاهنا، هل هو القذافي؟!". سرعان ما رفعت رأسي لأنظر نحو الخارج، نعم، رأيت رجلا يمشي على الدرب إلى خيمتنا مرتديا جلبابا أسود وطاقية عربية الشكل، ودققت النظر فتأكدت أن الرجل هو الزعيم الليبي معمر القذافي، كما أشاهده دائما على شاشة التلفزيون! لكن لماذا لا يوجد حرس بجانبه؟ هذا ما أدهشني. خيل إلىَ أننا الصينيين يطمئن لهم الزعيم الليبي! معمر القذافي

جاء موظف المراسم وقال: " حضرة رئيس الوفد تفضل إلى باب الخيمة"، نهض رئيس الوفد  وي جيان شينغ وجاء إلى الباب بينما انتظم الآخرون في صف واحد، كان مكاني يبعد 5 أو 6 أمتار عن الباب، هنا كانت الساعة العاشرة وخمس عشرة دقيقة، وبذلك كان وقت انتظارنا في هذا المعسكر المحكم الحراسة 25 دقيقة.معمر القذافي

ودخل القذافي الخيمة، صافح وي جيان شينغ، بينما الصحفيون والمصورون الصينيون والليبيون، يلتقطون الصور لدرجة أن أضواء الفلاشات أضاءت الخيمة كلها..ثم صافح القذافي كل  أعضاء الوفد. عندما صافحني الزعيم الليبي، حييته باللغة العربية. كان أمامي رجل عالي القامة له عينان مشرقتان وأنف مستقيم، وعلى وجهه المربع ابتسامة عريضة. دعا الزعيم وي جيان شينغ إلى الجلوس بينما جلس هو متربعا ليتوكأ على مسند الظهر. عندما بدأت المحادثات بين الزعيم الليبي ورئيس الوفد الصيني خرج الصحفيون بطلب من موظف المراسم. ثم جرت المحادثات الرسمية التي استغرقت أكثر من ساعة، بين الطرفين في جو ودي وصريح. تبادلا خلالها الآراء عن العلاقات بين الطرفين، والمشاكل الدولية والإقليمية التي تهم الطرفين.معمر القذافي

كنت خلال المحادثات أدون ما يقال، وكنت على مسافة خمسة أو ستة أمتار من القذافي، الذي لاحظت أنه ينصت باهتمام جاد إلى وي جيان شينغ، مسمرا عينيه على رئيس الوفد الصيني لدرجة أنه لا يتحرك من مكانه، وأحيانا يسجل بعض الكلمات في نوتة أمامه. يتكلم القذافي بطيئا هامسا، وحينما كان يشرح لنا فكرته الاستراتيجية حول الوضع العالمي أشار بعصاه إلى خريطة العالم المعلقة على الجدار حيث القارات ملونة بالأحمر، والأصفر ، الأخضر، والأرجواني، وفقا لفكرته حول تقسيم العالم في المستقبل..معمر القذافي

بعد الانتهاء من المحادثات، خرج وي بصحبة القذافي إلى ساحة الخيمة، وباقتراح من القذافي التقطت صور تذكارية لهما، حيث تصافح الاثنان بشدة.. ثم التقطت مرة ثانية صور تذكارية لجميع الحاضرين. معمر القذافي

بعد الوداع، انصرف القذافي ماشيا نحو الخيمة، وعندما وصل باب الخيمة أدار جسمه باتجاهنا، ورفع يديه متشابكتين فوق رأسه تعبيرا عن تحياته لجميع أعضاء الوفد الصيني، أما وي جيان شينغ وزملاؤه فقد لوحوا أيديهم تحية للزعيم الليبي معمر القذافي! وتمني الصينيون أن يحقق الشعب الليبي بقيادة معمر القذافي إنجازات أروع في القرن الجديد، وأن تشهد العلاقات الصينية الليبية تطورا أسرع! معمر القذافي

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

كلنا شرق
Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.