محتويات العدد 8 أغسطس (آب)  2003   

يا نصيب يا تشانغ

 

في قصته "بطاقة اليانصيب" يروي الأديب الروسي أنطون تشيكوف كيف يمكن أن تغير الثروة، أو حتى إرهاصات الثروة،  الشخص إذا حلت عليه فجأة؛ تغير مشاعره وفكره وسلوكه. فرق كبير بين من يحقق الثروة بالجهد والعرق وبين من يصبح من أصحاب الملايين في طرفة عين. ولا شك أن تشيكوف في "بطاقة اليانصيب" عبر بجلاء عن مصير كثير من الزوجات إذا وقعت هذه الثروة في يد الزوج، الذي يلعب المال برأسه وعواطفه فيقرر التجديد. أي أنها سادس

في بطاقة اليانصيب" السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره  أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته.العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك  يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجدية التي ولجها. أي أنها سادس

فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت البطاقة.  يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة "رجلي على رجلك" المعروفة بين الزوجات. أي أنها سادس

الكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛ عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟ أي أنها سادس

الرجل الباكستاني الذي فاز بيانصيب سوق دبي الحرة أجاب عمليا عن السؤال، فقبل أن يدخل النصف مليون دولار التي فاز بها حسابه في البنك كان قد اختار الحسناء التي تناسب الوضع الجديد، ولا أظن أنه قرأ قصة تشيكوف وأراد تقليد صديقه في رابطة "أثرياء الغفلة" السيد ديمتريش الذي لم يغير زوجته، ليس لأنه راجع نفسه وعاد إلى جادة الصواب وإنما لأنه وبينما كان في نقاش حاد مع ماشا كاد يتطور إلى تشابك بالأيدي بعد أن تجاوز التراشق بالألفاظ، دقق إيفان في الرقم المنشور ليجد أنه يختلف قليلا عن رقم البطاقة التي بين يديه، ولتفلت ماشا من مصيرها المظلم. أي أنها سادس

غير أنه ليس من الضروري أن كل من يفوز باليانصيب يقدم على الفور على تغيير شريكة العمر، ففي الصين عندما ابتسمت الدنيا فجأة  للعزيز تشانغ، الذي آثر أن تنشر أجهزة الإعلام لقبه فقط، ربما خوفا من الحسد أو طمع الأقارب المقيمين في أماكن بعيدة، وفاز بخمسة ملايين يوان صيني أي نحو 600 ألف دولار أمريكي، لم يفكر في تغيير زوجته، وإنما تعليم الأولاد تعليما جيدا ورعاية والديه المسنين، وبالطبع فتح مشروع ينقله من صفته الحالية كفلاح إلى رجل أعمال. أي أنها سادس

اليانصيب الذي بدأ في إيطاليا عام 1530 عرفته الصين الجديدة لأول مرة عام 1987 وتتولى وزارة الشئون المدنية الإشراف عليه وحاليا يجري السحب مرتين في الأسبوع بالكمبيوتر على يانصيب الرعاية الاجتماعية أو يانصيب الرياضة، وقد انضم نحو ألف وخمسمائة صيني إلى قائمة المليونيرات بفضل اليانصيب الذي يخصص الدخل منه للأعمال الخيرية العامة. غير أن اليانصيب في الصين مازال محدود الشهرة مقارنة مع البلاد العريقة في هذا المضمار فإذا كان 60% من سكان المدن الكبيرة في الصين اشتروا بطاقات يانصيب فالأرقام تقول إن 10% فقط من الصينيين، اشتروها مقارنة مع 85% من الأمريكيين و64% من الفرنسيين و70% من اليابانيين، ومن المتوقع، مع زيادة التنمية الاقتصادية والثقافية في الصين أن تبلغ مبيعات اليانصيب في جمهورية الصين الشعبية خلال عشر سنوات حوالي 10 مليارات دولار أمريكي، حيث تحقق مبيعات بطاقات اليانصيب نموا بنسبة 50%، وفي العام الماضي بلغت مبيعاتها حوالي ملياري دولار أمريكي وهو مبلغ ضخم يمكن أن يساهم كثيرا في أعمال رعاية المسنين والمعاقين والأيتام وغير ذلك من الأعمال الخيرية.اليانصيب له جمعية عالمية تقول أرقامها إنه موجود في 150 دولة في العالم وأن صناعة اليانصيب تنمو بمعدل 18% سنويا أي أنها سادس أكبر صناعة في العالم. إنه حقا كلام يثير الجيوب فلماذا لا تشتري ورقة يانصيب، فربما، ربما يصيبك ما أصاب تشانغ. أي أنها سادس

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.