محتويات العدد 2 فبراير (شباط) 2003
يوسف تشن جين هوي .. عاشق الخط العربي

حسن هو ماو هو

ظهر الخط العربي حتى قبل أن يلمع نجم الإسلام، وهو من أروع فنون الخط في العالم. بعد مضي حوالي 15 قرنا على انتشار هذا الفن وتطوره  بات  لؤلؤة لامعة في تاريخ الحضارات العالمية.

الصين من أوائل البلدان التي أشرقت عليها شمس الإسلام وقد دخلها الخط العربي قبل أكثر من ألف سنة كوسيلة لنشر الدين الحنيف، وهناك كثير من المساجد الصينية المزخرفة بالنقوش العربية، ومن ذلك الكتابات العربية المنقوشة على الألواح الصخرية في حرم مسجد تشينغجينغ بمدينة تشيوانتشو في مقاطعة فوجيان الذي بدأ بناؤه في السنة التاسعة بعد الألفية الأولى للميلاد، وهي كتابات بالخط الثلاثي الغليظ القوي والخط الكوفي العريق. ويصف كتاب "تاريخ تينغ" الذي كتبه يوه كه في سنة 1192م  الكتابات العربية في مسجد هوايشنغ بمدينة قوانغتشو قائلا: في المسجد نصب صخري يبلغ ارتفاعه عشرات الأمتار وتلاحظ عليه كتابات غريبة وهي تشبه خط "تشوان تشو" (نوع من الخط الصيني القديم).. وكذلك أشار نصب "كتاب تجديد مسجد تشينغجينغ" الذي كتبه وو جيان في سنة 1349م  إلى أن الخط العربي يكتب أفقيا وينقسم إلى ثلاثة أساليب كتابية: تشوان وتساو وكاي (خطوط صينية). هذا دليل على أن  الخط العربي انتشر واستخدم في الصين منذ حوالي ألف سنة، وجدير بالذكر أن الخط العربي الذي ينتمي إلى حضارة وافدة ما إن انتقل إلى التربة الخصبة للحضارة الصينية العريقة حتى تأثر بخط لغة هان ( الصينية) مما شكل فن خط خليطا من روائع فنون الخط، ألا وهو فن الخط العربي ذي الخصائص الصينية، وهو أسلوب خاص له شعبية واسعة بين مسلمي الصين، فهو جزء من الحضارة الصينية كما أنه زهرة في بستان الحضارة الإسلامية ولكن فن الخط العربي هذا لم يحتل مكانته المستحقة في مجال الخط الصيني ولم يترك تأثيرات بين المسلمين خارج الصين. وما يدعو للأسف هو أن هذا الفن ليست له معايير قياسية ولذا لم يستطع أن يتقدم إلى الأمام بعد تطوره إلى حد ما، وقد بدا في حالة ركود في أواسط القرن العشرين الميلادي. أما في فترة "الثورة الثقافية" فلم يكن ممكنا أن يفلت هذا الفن الوارد من الخارج من اللوم في وقت تعرضت فيه لآلئ الحضارة الصينية للنقد باعتبارها من حثالة التاريخ.

في هذه الفترة فُتن تشن جين هوي  بفن الخط العربي الذي كان صار مهجورا في النسيان على وجه العموم وليس هذا فقط، بلا اختار أن يتدرب عليه بدافع من حبه للحضارة الإسلامية.

ولد يوسف تشن جين هوي في أسرة مسلمة من قومية هوي بمدينة داندونغ في مقاطعة لياونينغ عام 1938، وتخرج في معهد العلوم الإسلامية الصيني عام 1960، وعمل محررا في مجلة "المسلم الصيني" ونائبا لرئيس قسم البحوث بالجمعية الإسلامية الصينية، ويشغل حاليا منصب مدير مكتبة معهد العلوم الإسلامية الصيني، وقد تآخى مع الخط العربي متأثرا بالظروف الثقافية الإسلامية المحيطة به منذ كان طالبا في معهد العلوم الإسلامية الصيني.

أحب يوسف تشن جين هوي  الفن منذ طفولته وكان يفضل مادة التربية الفنية على المواد الدراسية الأخرى منذ مرحلة الدراسة الابتدائية ولكنه لم يعرف الخط العربي إلا بعد أن أصبح طالبا في معهد قومية هوي ببكين وعمره 15 سنة، وقد أعجبته كثيرا اللغة العربية وبخاصة الخط العربي، وتطورت هوايته الفنية إلى شغف بالخط العربي، وخلال سنوات دراسته في معهد قومية هوي ببكين ومعهد العلوم الإسلامية الصيني استثمر كل وقت فراغه للتمرن على الخط. يقول تشن جين هوي "إن الخط العربي جزء من حياتي، وأشعر بفرحة ومتعة في التمرن على الخط العربي وإذا أمسكت الريشة أنسي الوقت."

في وقت فراغه يجمع معلومات فن الخط العربي من الكتب والصحف ويستفيد من فن الخط العربي ذي الخصائص الصينية في معلومات المساجد والكتب الإسلامية كما ينتهز فرصة زياراته لبعض الدول العربية ومشاركته في معارض المخطوطات العربية ليتعلم من الخطاطين العرب ويقيم صداقات في مجال فن الخط العربي.

 بفضل جهوده في التدرب الشاق ازداد تشن جين هوي نضوجا في الخط العربي يوما بعد يوم حتى أصبح خطاطا بارزا تعبق رائحة أحباره الذكية في الصين وخارجها، وقد فاز بجائزة الخط العربي من الدرجة الأولى في مسابقة الخط العربي الدولية في باكستان عام 1999 ويعد هذا حدثا كبيرا في تاريخ الخط العربي الصيني.

وقد لخص تشن جين هوي تجاربه قائلا: انه يلزم المثابرة على الدراسة بتواضع  وتجنب الغرور والطيش ويجب الالتزام الدقيق بالمواصفات بكل أنواع الخط وتمهيد طريق المستقبل متابعة للأعمال الماضية ودمج فن الخط العربي في الحضارة الصينية التقليدية للمساهمة في تطوير فن الخط العربي ذي السمات الصينية.

 الأستاذ محمود لي هوا ينغ، العالم المسلم، يقدر تشن جين هوي قائلا: حقق تشن جين هوي الشرف لوطنه الأم بمهارته الفنية من جهة وحقق نجاحا في المجالات التالية:

أصبح متخصصا في الخط العربي في وقت ظهر فيه فراغ بين الجيلين؛ القديم والجديد ولذلك فان جهوده في هذا المجال جعلته همزة وصل بين الجيلين، الأمر الذي أدى إلى ظهور دفعة من الخطاطين الناشئين الممتازين.

يستفيد يوسف تشن من مزايا سائر الخطاطين ولا يكتفي باستيعاب مزايا الخط العربي التقليدي ذي الخصائص الصينية بل يستوعب الفنون الأصيلة للخط العربي الأصيل أيضا.

مع أن الخط العربي التقليدي الصيني الطراز يعود في تاريخه إلى زمن بعيد كان تأثيره قاصرا على المجتمع الإسلامي الصيني فقط. تشن جين هوي وزملاؤه وسعوا دائرة تأثير هذا الفن الفريد إلى حد بعيد داخل الصين بل جعلوه يلفت النظر خارج الصين عبر مشاركتهم في مسابقات ومعارض المخطوطات العربية.

 للخط العربي الصيني الطراز مزاياه الخاصة ولكن ليس هناك مبرر لإخفاء عيوبه؛ وقد نشر تشن جين هوي مقالات عديدة في الصحف والمجلات للتعريف بمزايا فن الخط العربي والبحث في قوانينه، ولم يتوقف عند هذا الحد بل ألف "المنهاج التعليمي للخط العربي" للارتقاء بتطبيقات الخط العربي نظريا.

وبمناسبة الذكري الخمسين لتأسيس الجمعية الإسلامية الصينية (1953-2003م) أصدر تشن جين هوي كتاب "مخطوطات تشن جين هوي العربية المختارة" تعبيرا عن تهنئة للجمعية التي يعمل بها ومتمنيا لها المزيد من التوفيق والسداد.

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.