محتويات العدد 7 يوليو (تموز) 2004
م

 

هل تتكلم الإنجليزية؟!

 

القدرة على تعلم لغات الآخرين ميزة لك على غيرك، فمن عرف لغة قوم أمن مكرهم. الأمر لا يتوقف على المكر فتعلم لغة قوم يعني أيضا أكل أكلهم ولبس لبسهم وفي النهاية ربما التثقف بثقافتهم. وتعلم لغات الآخرين يكون في أحيان كثيرة قرارا سياسيا، أو تداعيات له،، فقد قررت الحكومة الليبية عدم تدريس الإنجليزية احتجاجا على السياسة الأمريكية في الثمانينات، وفي الستينات والسبعينات كان كل طالب صيني تقريبا يتعلم الروسية، بحكم التوجه السياسي للدولة آنذاك، برغم أن عددا قليلا للغاية كان يستخدمها، أما بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي ثم تبني الصين سياسة الانفتاح في نهايته بدأت حمى تعلم الإنجليزية وازدادت ومازالت مستمرة، فحيثما ذهبت بوجهك غير الصيني سألك كثير من أبناء التنين، (دو يو سبيك إنغلش؟) هل تتكلم الإنجليزية؟! يو هوا، نائب

تعلم الإنجليزية أمسى موجة في الصين، فالمؤسسات التعليمية، من رياض الأطفال إلى الجامعة، تدرس الإنجليزية، والهيئات الحكومية تجري اختبارات لموظفيها في الإنجليزية، والإذاعة والتلفزيون تقدم برامج تستعصي على الحصر لتعليم الإنجليزية، للصغار وللكبار. وكتب تعليم الإنجليزية تفوق ما سواها من فروع المعرفة، الإنجليزية للمطاعم والفنادق، والإنجليزية لسائقي التاكسيات، والإنجليزية للخادمات في البيوت، والإنجليزية للشرطيين، وهلم جرا. ومن يستطيع تحدث الإنجليزية تخصه أجهزة الإعلام بإشارة خاصة، فعندما تولي السيد بو شي لاي منصب وزير التجارة قبل ثلاثة أشهر، جاء في سيرته الذاتية التي قرأتها في صحيفة "تشينا ديلي" أنه يتحدث الإنجليزية بشكل جيد،! الإنجليزية باتت رمزا للانفتاح والتقدم والعولمة. يو هوا، نائب

ذات يوم طلبت مني صديقة صينية أن أساعدها في العثور على مدرس لغة إنجليزية للعمل في مدرسة مهنية يتولى والدها منصب مديرها. سألتها عن المؤهلات المطلوبة. قالت لا شيء إلا أن يكون من دولة ناطقة بالإنجليزية، لا شهادة في التربية ولا التعليم. وحدثتني الصديقة عن الراتب والمزايا فوجدتها مغرية حقا. وفي المدرسة الإعدادية التابعة لجامعة رنمين المجاورة لبيتي تعمل سيدة عربية تتحدث الفرنسية معلمة للغة الإنجليزية، وفي مدرسة شييي الابتدائية التي تدرس بها ابنتي معلم الإنجليزية من بنغلادش. ولعلك تسأل، كيف؟ المهم أن يكون هناك درس للإنجليزية، ليس مهما المستوى وليست المؤهلات هي كل شيء، فالطالب يقال له عن أهمية الإنجليزية منذ أن يبدأ الدراسة الابتدائية ويستهلك ربع وقته في الإعدادية لدراسة الإنجليزية وثلثه في الثانوية وتقريبا نصفه في الجامعة، ولمن شاء مواصلة الدراسة في دول ناطقة بالإنجليزية يواجه امتحانات أخرى، TOFEL, CET, IELTS.الدولة كلها تتعلم الإنجليزية، على حد قول خبير التربية الصيني، البروفيسور شيه كه تشانغ، رئيس جامعة تاييوان الصينية للتكنولوجيا (مقاطعة شانشي) الذي يتساءل، هل هذا ضروري حقا؟. يو هوا، نائب

سيدة أمريكية تقيم في شانغهاي أعلنت في أجهزة الإعلام أن ثمة جزءا في لسان الفرد الصيني يحول دون نطقه الكلمات الإنجليزية بطلاقة، وقالت إن لديها طريقة لإزالة هذا الجزء، وحصدت آلاف الدولارات! يو هوا، نائب

 موارد كثيرة تنفق على تعليم الإنجليزية، والمبررات جاهزة.. السائحون الذين يتزايد عددهم، فالصين ستكون عام 2020 أكبر مقصد سياحي في العالم، وفقا لمنظمة السياحة العالمية، وأولمبياد 2008، والشركات الأجنبية والمشتركة، والسفر للدراسة في دول ناطقة بالإنجليزية. غير أن المؤشرات تقول إن المردود لا يتناسب مع الإنفاق. يو هوا، نائب

إن تعلم الإنجليزية لا بديل عنه في عالم اليوم، ولكن كيف نتعلمها، كم نتعلم منها، ومن يجب أن يتعلمها، كلها أسئلة يجب الإجابة عنها. في 27 ديسمبر العام الماضي تقدم أربعة ملايين لاختبارات اللغة الإنجليزية بالجامعات، فهل هناك حاجة فعلية لهذا العدد الهائل من البشر لاستخدام الإنجليزية مباشرة، في العمل وفي الحياة اليومية؟ ، هذه تساؤلات البروفيسور شيه كه تشانغ. يو هوا، نائب

لقد أصبحت الإنجليزية، إضافة إلى اللغة الصينية والرياضيات، الثلاث مواد الإجبارية لاجتياز امتحان القبول بالجامعات، وهذا يعني أن من لا يريد تعلم الإنجليزية، أو أن مواهبه لا تؤهله لإجادتها، يُحرم من فرصة الدراسة الجامعية، حتى وإن كان عبقريا لم يجد الزمان بمثله في المواد الأخرى. دروس قراءة وكتابة اللغة الصينية ألغيت من الكليات في حين تزداد دروس الإنجليزية، ويمضي الغالبية من طلاب الجامعات وقتهم وجهدهم في دراسة الإنجليزية على حساب العلوم الأخرى. هذا الوضع المميز لدراسة الإنجليزية أدى إلى عدم توازن في تخصيص الموارد التعليمية، المحدودة أصلا، والنتيجة أن عدد العمال المهرة والفنيين في سوق العمل الصينية يتناقص، فعدد المدارس والمعاهد الفنية ينكمش أمام التوحش في عدد المعاهد التي تقدم دورات في الإنجليزية. يو هوا، نائب

المزيد من الصغار الآن يختار لهم أولياء أمورهم مدارس لغات أجنبية بالمدن لضمان الحصول على درجات عالية في الإنجليزية تؤهلهم للدراسة في كليات القمة، فامتحان الإنجليزية إجباري في كل أنواع المدارس في الصين، فيما يرى عديد من الخبراء أن نظام امتحان الإنجليزية بات معوقا يحد من تنمية الكفاءات، فمهما بلغ علمك، تبقى فرصتك متواضعة إن لم تنطق الإنجليزية. يو هوا، نائب

المدافعون عن نشر الإنجليزية على أرض التنين لديهم المبررات، فالصين عضو بمنظمة التجارة العالمية، وتعاملات الصين مع الخارج تتزايد بشكل كبير، ثم والأهم أن بكين سوف تستضيف دورة الألعاب الأولمبية عام 2008، وهذا يعني الحاجة إلى جيش من المترجمين، ويعني الحاجة إلى أن يكون كل موظف مدني وشرطي وبقال وسائق تاكسي وعامل نظافة في فندق، بل والمواطن العادي في الشارع، يتحدث الإنجليزية ليساعد "الضيوف القادمين من بعيد"، وعليه  دشنت العاصمة حملة لأن يتحدث 10 ملايين من سكان المدينة، البالغ عددهم أربعة عشر مليونا، اللغة الإنجليزية بحلول عام 2008. وفي شانغهاي  100 مدرسة تعلم باللغتين الإنجليزية والصينية، وخُمس رياض الأطفال بها تدرس اللغة الإنجليزية. ولكن السيدة هونغ هوانغ، وهي ابنة مترجمة رفيعة المستوى درست الإنجليزية في الولايات المتحدة وعملت بالقرب من القادة الكبار في السبعينات، تسأل متعجبة: لماذا تشجع الصين سيدة عجوزا على دراسة الإنجليزية، بدلا من الاستفادة من إقامة الأولمبياد كفرصة لنشر الثقافة الصينية؟ يو هوا، نائب

البعض بدأ يتنبه لخطورة أن يبدأ الطفل الصيني تعليمه بحرف أجنبي، كما يحدث في عدد غير قليل من رياض الأطفال بالمدن الكبرى، ولهذا قررت لجنة التعليم في شانغهاي في شهر مارس هذا العام حظر تدريس الإنجليزية في رياض الأطفال وفصول ما قبل المدرسة، وقال خه يو هوا، نائب رئيس قسم التعليم الأولي في اللجنة إن اللغة الأم مازالت أساس التدريس في رياض الأطفال، وأوضح أن تكثيف تعليم الإنجليزية في سن مبكرة له أثر سلبي على مستقبل تعلمهم للغة. تصريحات المسئول التعليمي جاءت بعد أن أعلنت العديد من رياض الأطفال أنها توفر للطفل "بيئة غير صينية". ولكن موجة الإنجليزية كاسحة، ولن يوقفها قرار من هنا أو هناك، فالكل يسأل: هل تتكلم الإنجليزية؟ يو هوا، نائب

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.