محتويات العدد 5 مايو (آيار) 2004
م

الساحرة والعجوز والدبلوماسي

قصة امرأة اسمها نا مو

تشانغ تشنغ

 

 

برغم التقدم العلمي الذي يفوق الخيال، وصعود الصينيين إلى الفضاء وما يقال بأن العالم أصبح قرية صغيرة ما زال أبناء موه سوه الذين يربضون على شاطئ بحيرة لوقو بمقاطعة يوننان مصرين على عادات وتقاليد مجتمعهم الأمومي القح، فهم يطبقون نظام "زواج المساير"؛ فلا يقيم رجل وامرأة معا تحت سقف واحد، وإنما يعيش كل منهما في بيت أمه طوال حياته، بينما يقضي الرجل الليل مع رفيقته، سمها زوجة أو عشيقة، ولكن إذا انقطع وصال الحب لا يمكنه أن يخطو عتبة بابها. ومن أعراف موه سوه أنه لا يمكن للرجل أن يجمع بين امرأتين، ولا يمكن للمرأة أن تجمع بين رجلين في وقت واحد. الحمراء الص   

"بلاد النساء" الحمراء الص   

أبناء موه سوه أحد بطون قومية ناشي، وهم من القبيلة الوحيدة في الصين التي تحتفظ بعادات وتقاليد المجتمع الأمومي، ولذا يسميهم البعض "بلاد النساء". يانغ أر تشه نا مو واحدة من بنات "بلاد النساء". اسمها يعني حورية الحجر الكريم في لغة أهل موه سوه. في طفولتها لم تلبس نا مو حذاء جديدا خاصا بها قبل سن السادسة. بدأت حياتها، مثل بنات جنسها في موطنها، راعية غنم، تجمع العشب الأخضر للحيوانات. عندما بلغت الثالثة عشرة من العمر جاء من عاصمة المحافظة فرقة للفنون الشعبية، أسعدها الحظ بأن تختارها الفرقة للاشتراك في عروضها، ثم اختيرت لفرقة المقاطعة، ثم وصلت عاصمة البلاد بكين. في العاصمة سمع الناس شدوها وعرفوا أنها قادمة من "بلاد النساء". عندما كانت تتجول في شوارع بكين قالت نا مو لنفسها: "لا بد أن أزور هذه المدينة مرة أخرى!". بعد أن عادت إلى موطنها لم تبال بالنظرات الملتهبة لشباب موه سوه الذين ينتظرون "زواج المساير"، فقد اختارت لنفسها طريق نشر الأغاني الجبلية لموه سوه في المدن الكبيرة. الحمراء الص   

في عام 1984، علمت بأن معهد الموسيقى بشانغهاي بصدد قبول طلاب جدد، فخرجت من "بلاد النساء" مرة أخرى إلى المدينة الساحلية الكبيرة. الحمراء الص   

في عام 1988 حصلت على شهادة التخصص في الموسيقى الشعبية من المعهد وتوجهت إلى العاصمة بكين، لتكون مغنية بفرقة القوميات المركزية للغناء والرقص. ثم خرجت من الصين كلها إلى العالم، في البداية بغرض الدراسة، ثم للعمل في تجارة الأزياء. ذهبت إلى الولايات المتحدة عام 1989 وعاشت هناك سبع سنوات.

المعجزات ما زالت ممكنة الحمراء الص   

نا مو ذات الصوت الطروب قالوا عنها "العندليب الصيني". عندما وصلت أمريكا كانت تعمل ليلا في مطعم صغير لتوفير نفقات دروس اللغة الإنجليزية والموسيقى نهارا. ذات يوم، وهي في عملها، دخل المطعم عجوز شاحب هزيل بملابس بالية. هم البعض يريد أن يطرده. نا مو، ذات القلب الطيب أخذته بيد حانية وأجلسته، ودفعت تكاليف المشروب الساخن له من أجرها المتواضع. لم يتوقف الأمر عند ذلك بل تواصلت مع العجوز، فكانت تدعوه لاجتماعات الطلاب المبعوثين الصينيين، وتغني له الأغنيات الشعبية الصينية. الرجل ابتسم أخيرا. الحمراء الص   

بعد أيام، تلقت نا مو رزمة من المفاتيح ورسالة من العجوز. في الظرف شيك بمبلغ ضخم. ذعرت نا مو وفتحت الرسالة وقرأت : "نا مو الجميلة الخيرية، أنا مهندس في إحدى الشركات، لم أتزوج من أجل تبني ثلاثة أيتام ربيتهم وعلمتهم ولكنهم تركوني الآن! إنك فتاة جميلة خيرية، مشاعرك الأسرية الدافئة منحتني إرادة الحياة من جديد. قبل تقاعدي كان دخلي كبيرا ولكن لا أهمية للمال، سأعيش في الريف، لذا أقدم مدخراتي وبيتي لك، وأتمنى أن تحققي أحلامك في المستقبل. حظا سعيدا أيتها الفتاة الصينية الساحرة!" الحمراء الص   

نا مو، التي لم تسمع شيئا عن الرجل بعد ذلك، وظفت المبلغ في إنتاج ألبوم للموسيقى الشعبية الصينية حقق رواجا في تلك الفترة. الحمراء الص   

حكاية ولا ألف ليلة الحمراء الص   

كان شتاء بكين عام 1996 باردا للغاية، وكانت نا مو تقيم في بيت صديقة إيطالية لها. ذات يوم وهي تتجول في شارع شيوشوي اصطدم بها شخص. رفعت رأسها لتلومه على فعلته ولكنها ما كادت تفعل حتى رأت عينين صافيتين مثل بحيرة لوقو، لم تنس تلك النظرة البريئة. قالت له بالإنجليزية  " You have a pair of sentimental eyes.(لديك عينان عاطفيتان)" الرجل، وهو دبلوماسي نرويجي في الصين يتخذ لنفسه اسما صينيا هو شي دان وو، اعتذر لها وأعطاها بطاقة تحمل اسمه وبياناته. الحمراء الص   

بعد أيام، كان عليها أن تعود إلى أمريكا في رحلة تجارية. قبل مغادرتها بيوم أرادت شراء بعض الأشياء لتحملها معها. شعرت بالقلق لأن أحدا لا يساعدها في شراء تلك الأشياء الكثيرة. بالصدفة وكانت بطاقة الدبلوماسي في جيبها، فاتصلت به، وقالت: "ني هاو (التحية الصينية)، أنا الفتاة التي أثنت على عينيك العاطفيتين، الآن أحتاج سائق لشراء بعض الأشياء هل يمكن أن تساعدني؟ هل يغضب ذلك زوجتك؟" أجاب شي دان وو بعد دقيقة من الصمت: "عفوا أنا غير متزوج، لن يغضب أحد. يسرني أن أقدم الخدمة لك." الحمراء الص   

في ليلة اليوم ذاته أقامت صديقتها الإيطالية حفلا دعتها هي والنرويجي إليها. نا مو الجميلة بدت أكثر جمالا في ملابس السهرة وأسر حسنها قلب الدبلوماسي النرويجي.. الحمراء الص   

أقنعها شي دان وو بتأجيل السفر إلى أمريكا أسبوعا، في هذا الأسبوع، كان يدعوها كل يوم لتناول الفطور معه ويريها صور فيديو التقطها في النرويج. الحمراء الص   

بعد سفرها إلى أمريكا، كان يتصلان ببعضهما كل يوم، وبعد شهور عادت نا مو إلى بكين لتبقى مع شي دان وو إلى الأبد. الحمراء الص   

حرم الدبلوماسي الحمراء الص   

بعد الزواج، كرست نا مو كل وقتها للكتابة والنشاطات العامة. لا تحب حياة الصخب، وإنما القراءة أو الكتابة منفردة في هدوء، لا تستهويها الكتابة على الكمبيوتر وإنما تكتب المقاطع الصينية الجميلة بخط يدها. الحمراء الص   

لم يفتر يوما شوقها إلى أهلها وعندما زارت بحيرة لوقو ذهبت إلى الحقل تحصد الزرع مع أمها. أنفقت مائتين وسبعين ألف يوان (34 ألف دولار أمريكي) لإعادة بناء بيتها القديم. قادت الجرار المملوءة بمواد البناء ووضعت تصميم البيت. سعدت أمها وأخوالها وأشقاؤها كثيرا بالبيت الجديد. الحمراء الص   

نا مو وزوجها مشغولان، لا يلتقيان معا كل سنة إلا أربعة شهور. في بكين كتبت نا مو خلال شهرين ((تستطيع أيضا))، الرواية التي تقول لكل إنسان "من سار على الدرب وصل." تقول: "كنت أكتب مغلقة بابي علي، لا أقابل أي شخص، وأرسل ما أكتبه كل يوم إلى زوجي خارج الصين بالفاكس." الحمراء الص   

أصدرت نا مو إلى الآن ثمانية كتب وفيلما تسجيليا عن بحيرة لوقو، الهادئة التي تشبه مرآة زرقاء...  الحمراء الص     

نامو اصطحبت ملك وملكة النرويج إلى بلدها يوننان، وبفضلها حصل معهد القوميات بيوننان على منح دراسية بمبلغ مائة وخمسين ألف يوان سنويا من النرويج. وأضحى النرويجيون يعرفون يوننان ونهر ليجيانغ. كتبت سيرتها الذاتية بعنوان ((الحمراء الصينية والأزرق النرويجي)) لتعبير عن شكرها لحكومة النرويج. الحمراء الص   

خرجت نا مو من الجبال واكتست رداء الثقافة العالمية. الحمراء الص   

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.