محتويات العدد 5 مايو (آيار) 2004
م

أرني جيبك، أتزوجك!

 

المرء مخبوء في جيبه. هذه أحدث صيحة في عالم الشباب لا فرق في ذلك بين مثقفة أو نصف مثقفة، ولا فرق بين بشرة صفراء أو سمراء أو شقراء؛ فالكل ينظر إلى الجيب أولا. قبل سنوات كنت أشاهد مباراة تنس للألمانية شتيفي غراف، وكانت النجمة الساحرة متألقة لدرجة أن واحدا من عشاق فنونها التنسية لم يتمالك نفسه فصاح صارخا .. هل تتزوجينني؟ وكان أن ردت الألمانية الشقراء: كم من المال معك! لوضع عين      

الموجة تجتاح الصين، فالشباب يريد اختصار الطريق بالزواج من ثري أو ثرية. الآنسة لين فيفي، ابنة نانجينغ، البالغة من العمر 26 عاما تقول في ثقة: إنه لا مظهره، تقصد المرشح صديقا أو زوجا، ولا وظيفته تعنيني. المهم أن يكون غنيا، أو على الأقل طريقه إلى الثراء واضح ومحدد. لوضع عين      

البيانات المتوفرة لدى مكتب قولوه لتوفيق الرءوس الراغبة في شريك بمدينة نانجينغ تكشف عن توجه قوي بين الشباب، والفتيات خاصة، لاختيار شريك الحياة الثري. معظم طلبات الارتباط المقدمة من الفتيات تشترط في الشريك ألا يقل دخله الشهري عن ثلاثة آلاف يوان أي 360 دولارا أمريكيا، وهناك طلبات تشترط خمسة آلاف يوان أي 600 دولار ويصل المبلغ في  عدد منها إلى عشرة آلاف يوان أي 1200 دولار أمريكي. هذا كله في بلد متوسط دخل الفرد فيه، وفقا لأحدث الإحصاءات يزيد قليلا على الألف دولار، في السنة! لوضع عين      

الشروط في 90% من الطلبات تشمل أيضا توفر شقة مستقلة، وفي 30% وجود سيارة خاصة. لوضع عين      

على الجانب الآخر، الشباب الواقع تحت مطرقة المال يبدو أقل رغبة في الارتباط، فعددهم في وكالات الزواج أقل كثيرا من الفتيات، ففي عشرة الأيام الأولى من شهر فبراير هذا العام جاء إلى وكالة زواج 35 أنثى مقابل تسعة زبائن من الذكور. ويعتقد تشو فين البالغ من العمر تسعا وعشرين سنة ولديه شقة وسيارة أن العثور على صديقة  ليس مسألة ملحة له الآن، ويرى أن الوقت قد يحين بعد ثلاث أو خمس سنوات عندما يكون لديه مزيد من المال. لوضع عين      

غير أن الشباب من الرجال ليس بعيدا عن ركب الثراء والراحة في ضربة واحدة، فقد اشترط العزيز شياو وو، في المرأة التي يريدها زوجة أو صديقة أن يكون الرقم في حسابها البنكي ليس أقل من مائة مليون يوان، وبالدولار الأمريكي الحسبة تكون 12 مليونا! لوضع عين      

الشاب الذي مازال طالبا في الجامعة برر مطلبه بأنه لا يريد أن يكون مثل أولئك الخريجين الذين يكدون ويتعبون ويعملون حتى وقت متأخر من الليل في سبيل بدء حياتهم وتأسيس أنفسهم، "ولماذا كل وجع الدماغ هذا؟ أريد طريقا مختصرا لحياتي بالزواج من امرأة ثرية"، والكلام مازال للفتى النبيه. هوانغ، وهو شاب جامعي أيضا، وضع شرطا إضافيا واحدا إلى جانب الوضع الاقتصادي القوي، أن يكون عمرها، أي المرشحة صديقة أو زوجة، أقل من 35 سنة، وليس مهما خلفيتها التعليمية. رجل متواضع! لماذا يا أستاذ هوانغ؟ "لأنني سأوفر عشر سنوات بل عشرون عاما من عمري كانت ستضيع سعيا لتكوين أساس اقتصادي جيد".  لوضع عين      

المثير حقا أن شابا مازال في ربيعه الثاني والعشرين تلقى في يوم واحد عشر مكالمات من عشر نساء لم ير أي منهن من قبل، كلهن راغبات في مقابلته بعد أن سجل اسمه لدى وكالة زواج. في ذلك اليوم كان لي يانغ مازال يغط في نومه عندما رن هاتفه وكانت المتحدثة امرأة شابة، شرعت بدون مقدمات تسأله أسئلة شخصية جدا، عن طبيعته النفسية وعن راتبه. السيد لي لم يكن قد سجل اسمه رسميا لدى الوكالة وإنما أعرب عن رغبته فقط.  لوضع عين      

مديرة وكالة للزواج قالت إن ستة شباب جامعيين آخرين جاءوا إلى وكالتها بحثا عن الثريات في الشهور الأربعة الماضية، بالفعل تلقوا ردودا من أكثر من عشر سيدات ثريات راغبات. لوضع عين      

البعض من الذين لا يزالون يحلمون بالزمن الجميل يرون أن الزواج مسألة خصوصية جدا ولا ينبغي تعقيده بشروط مسبقة، ويؤكدون أن هذه الشروط المادية، في نظرهم طبعا، تجعل الارتباط غير عملي وغير صحي. لوضع عين      

ويقول تشانغ وى نينغ الذى خبر العلاقات الزوجية جيدا من خلال عمله لسنوات طويلة في وكالة لتوفيق الرؤوس إنه من الصعب أن ينشأ حب حقيقي بين شاب وامرأة ثرية تكبره بسنوات لأن تجاربهما في الحياة  جد متباينة. ويضيف الرجل الطيب أن "الزواج القائم على أساس الحب هو فقط الذي يستطيع أن يحقق السعادة الزوجية، أما الزواج المادي فإنه نوع من مبادلة الشباب بالفلوس". لوضع عين      

البعض من الأثرياء والثريات يريدون حبا بعد أن حققوا الثروة، فقد تعبوا وكدوا في جمع المال ويريدون الاستمتاع بالحياة ما بقي من العمر، والفاضلة تشانغ شياو يوى، وهي سيدة أعمال، نموذج لذلك. تقول "إننا نتطلع إلى حب حقيقي أكثر من الأشخاص العاديين لأننا لدينا الثروة". لوضع عين      

وعندما سئلت مديرة وكالة زواج " كيف يستطيع هؤلاء الشباب أن يجذبوا سيدات ثريات  بكلمة واحدة يقولونها هي الحب"  قالت إن اختيار هؤلاء الشباب في الزواج يعكس القيم الاجتماعية السائدة حاليا". وحسب تقرير لصحيفة تشينا ديلي الصينية الرسمية، تشير أحدث الإحصائيات إلى أن الصين تصبح مجتمعا ماديا بشكل متزايد، مع تزايد الضغوط لكسب الكثير وإنفاق الكثير أيضا، والعبء يقع غالبا على الرجل. لوضع عين      

المدهش حقا أن وكالات الزواج، وهي الشركات التي تقوم بدور الخاطبة تنتشر بشكل كبير في مدن الصين، على الرغم من الانفتاح الشديد في المجتمع الصيني. لقد كان دور الخاطبة قديما تيسير اللقاء بين الراغبين والراغبات في الزواج في ظل مجتمعات مغلقة لا تتيح فرصا كثيرة لالتقاء الجنسين، أما الآن وقد أصبح متاحا رؤية الجنسين لبعضهما البعض في كل مكان تقريبا فإن انتشار وكالات الزواج بحاجة إلى تحليل نفسي واجتماعي، خاصة أن بعضها يعمل بطريقة غير قانونية، ثم أن التعارف عبر وكالة لتوفيق الرءوس يحمل مخاطر كبيرة، واسألوا العزيزة تشن، السيدة البكينية التي تقترب من عامها الثلاثين  والتي قابلت السيد المحترم وانغ جون، البالغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما في وكالة زواج قبل عامين. يومها جاء السيد وانغ بوجه شخصية محترمة مرتديا ملابس تنم عن يسر حال وحياة مترفة. الاثنان شرعا يلتقيان، وشرع الرفيق وانغ أيضا يتعلل من حين لآخر بأنه يواجه مصاعب مالية، والعزيزة تشن تدفع، حتى وصل إجمالي ما اقترضه، وبمعنى أدق لهفه منها 420 ألف يوان صيني من الورق الأحمر، أي  خمسين ألف دولار أمريكي، أي متوسط الدخل السنوي لخمسين مواطنا صينيا من أوساط الناس، ومازالت دموع تشن تسيل حتى كتابة هذه الكلمات! لوضع عين      

الذين يختارون وكالات الزواج بحثا عن النصف الحلو، أو هكذا يعتقدون، نوعان، الأول شباب وفتيات يريدون اللحاق بالعربة الأخيرة من قطار الشراكة الحميمية، فهم عادة في نهاية العشرينات والثلاثينات أنساهم اللهاث وراء الوظيفة المرموقة والوضع الاجتماعي والمالي، وهذا لا يناسبني، وتلك ليست من مستواي، الزواج والثاني، مطلقون ومطلقات وأرامل يظنون أن وكالة الزواج تدخر لهم ولهن ما ضن به الزمان. لوضع عين      

على الجانب الآخر، يزداد عدد العزاب والعازبات  في الصين بمعدلات سريعة، أسرع من معدلات النمو الاقتصادي. في بكين مليون عازب وعازبة، وبها أيضا ألف وكالة زواج لا تخضع للمراقبة إلا من مقبل مصلحة الصناعة والتجارة، مثلها مثل أي محل بقالة. في شانغهاي يحاولون تجربة إقامة جمعية لوكالات الزواج في محاولة لوضع عين الرقابة عليها. لوضع عين      

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.