سوريا
الحبيبة.. وطني الثاني
سليمان
يوسف نيه وون جيان
شعرت
بالأسف لإصدار السلطات السورية، بضغوط خارجية، قرار بمنع
الطلاب الأجانب من الانضمام للمعاهد الدينية. " لأن
واشنطن تتهم الخريجين الأجانب في المعاهد الدينية بالترويج
للإرهاب و أنهم يتسللون عبر الحدود إلى العراق، ويقومون
بشن هجمات مدمرة على قوات التحالف التي تتزعمها الولايات
المتحدة في العراق . " أنا أشك في هذه الاتهامات،
لأني درست فيها ست سنوات واستفدت منها علوما وفيرة
وفوائد لا تحصى ولا تعد، وتركت في نفسي أثرا لا
يمحى، وأعتبر سوريا مسقط رأسي الثاني! بضغوط
خارجية،
 |
 |
الصياح
الصينيون في آثار تدمر |
مسرح
بصرى |
دمشق
للوهلة الأولى بضغوط
خارجية،
عندما
وصلت من بكين إلى دمشق عاصمة سوريا على الخطوط الباكستانية
في الثاني 1991ديسمبر كان انطباعي عنها بين بين، لأنها
ليست كالمدن الحديثة والمتطورة من حيث المتاجر الكبيرة
الكثيرة والبنايات ذات الطراز الحديث ومرافق الاتصالات
السهلة ... ولكن هذه الانطباعات تغيرت تدريجيا بعد أن
درست فيها فترة. بضغوط خارجية،
شعب
ودود بضغوط
خارجية،
الشعب
السوري كريم ودود مع الأجانب، سواء كان أستاذا أو
زميلاً أو من عامة الناس، فهم تركوا في أعماق نفسي انطباعا
طيّبا . فلا يمكنني أن أنسى أستاذي الكريم فضيلة الشيخ
رجب ديب، إنه من الشيوخ و العلماء المشهورين في دمشق ،
تلاميذه من مختلف الجنسيات ومجال دعوته واسع، من لبنان
إلى فرنسا، وهو إمام مسجد ومعلم وداعية ومتصوف في الوقت
نفسه، ومجدد في دعوته كل يوم، فدرسه لتفسير القرآن الكريم
في دمشق مشهور، خاصة في جامع أبو النور وجامع الزهراء.
كان يشجعنا على دراسة العلوم الإسلامية دائما، ويلقي علينا
الدرس بالحكمة والموعظة الحسنة لنعود إلى أوطاننا
سالمين غانمين حاملين الأفكار الصحيحة للإسلام في سبيل
خدمة الشعب. كان يقول لنا في أثناء الدرس :" الثواب
على قدر المشقة أنتم مهاجرون لطلب العلوم الإسلامية،
وإن الملائكة لتضع أجنحة لطالب العلم رضًا بما يصنع ...".
بضغوط خارجية،
"جنّة
" طلاب العلم بضغوط
خارجية،
اتفق
الطلاب الصينيون الذين كانوا يدرسون في سوريا على فكرة
واحدة، هي أن تذهب إما إلى مصر أو إلى سوريا لطلب
العلم، لأنّ كليهما من البلاد ذات التاريخ الطويل و الحضارة
العريقة وبهما علماء كثيرون. وتجذب سوريا كثيرا
من الطلاب الوافدين، أظن أن هناك أسبابا عديدة منها :
1) معظم المعاهد الدينية تقدم للطلاب الأجانب المسلمين
الأكل والسكن مجانا وتأخذ منهم رسومًا دراسية رمزية. و
مع أنّ معاهد لعليم اللغة العربية للأجانب يأخذ
رسومًا دراسية، و لكنها معتدلة وليست غالية. 2) الجوّ
العلمي فيها كثيف. يمكنك أن تتعلم العلوم الوفيرة في المساجد
كل أسبوع وفي أيام محددة بالإضافة إلى دراستك النظامية
في الجامعة، لأن مشاهير العلماء يلقون فيها الدروس تطوعًا
بلا مقابل مثل المفتي العام للجمهورية العربية السورية
سماحة الشيخ أحمد كفتارو ود. محمد سعيد رمضان البوطي
والأستاذ المحترم محمد الراتب النابلسي ود .مصطفى ديب
البغى الخ . 3) تستطيع أن تتعلم اللغة العربية الفصحى
لأن وزارة التعليم والتربية بسوريا تطلب من جميع الأساتذة
أن يلقوا الدروس بالعربية الفصحى في أثناء الدرس ولا يجوز
استخدام العامية، فلا يصعب عليك أن تتقن هذه اللغة وترفع
مستواك فيها. 4) تعارف الأصدقاء من مختلف الجنسيات واتساع
دائرة المعلومات. كنت أدرس في كلية الدعوة الإسلامية بدمشق،
كان فيها طلاب وطالبات من 34 جنسية جاءوا من أربع قارات
الأربعة، منهم طلاب من الصين وماليزيا وفرنسا وروسيا والسودان
وتونس الخ، فبإمكانك التعرف عليهم والحصول على كثير من
المعلومات التي لا تجدها في الكتب. بضغوط
خارجية،
مواقع
جميلة للزيارة بضغوط
خارجية،
"احتلت
سورية من القديم مركزا هاما بسبب موقعها الفريد،
فهي ملتقى قارات ثلاث، وعبر أراضيها كانت يمر طريق الحرير
القادم من الصين، وهذا ما جعلها ملتقى الأفكار والمعتقدات
والتمازج الثقافي، فما من حضارة عرفتها البشرية على مر
العصور إلاّ و في سوريا آثار منها ...إنّ خصب الأرض السورية
بآثار الحضارات الإنسانية التي قامت على أرضها هو الذي
يجعل الكثيرين يصفون سورية بأنها ( أكبر بلد صغير في العالم
)." سيطرت عليها إمبراطورية الروم و بيزنطة واستعمرتها
فرنسا. وكانت المركز السياسي والاقتصادي والثقافي
للدولة الأموية. دمشق مدينة أثرية تحميها الحكومة السورية
بجهود كبيرة، فلا تسمح بإنشاء البنايات الحديثة في منطقة
دمشق القديمة, ومسرح بصري الروماني الذي يعود تاريخه للقرن
الثاني الميلادي في جنوب سوريا، مدرجه يسع آلاف المتفرجين،
ومن خلاله تدرك قدرة وذكاء الشعب السوري القديم
من حيث تصميمه الرائع, مدينة تدمر تقع في القلب من الصحراء
السورية، فهي تتمتع بشهرة واسعة وأطلق عليها "
عروس الصحراء ". وهي صاحبة الحضارة القديمة التي
تدل عليها هذه الآثار الرائعة التي تروي الكثير عن تاريخ
مجيد بدأ من القرن الثاني قبل الميلاد و ازدهر في عهد
ملكتها الجميلة زنوبيا, والجامع الأموي الفسيح يعتبر من
أكبر أربعة مساجد في العالم (مسجد الحرم المكي والمسجد
النبوي بالسعودية والمسجد الأقصى بفلسطين)، تعجبك روعة
تنسيقه و جماله, و قلعة صلاح الدين بمدينة حلب منظرها
عظيم ومثير، تعود بك إلى المعركة العنيفة التي خاضها البطل
القومي صلاح الدين الأيوبي مع الصليبيين فيها....
بضغوط خارجية،
بيت
الصينيين بضغوط
خارجية،
يكاد
كل شخص صيني لا يشعر بالغربة عندما يصل إلى سوريا، لأن
في الأسواق والشوارع بضائع صينية كثيرة مثل المصابيح والساعات
والمنبهات والمراوح الكهربائية والسيارات. كما أن نجمي
السينما لي شياو لونغ "بروسلي" وتشن لونغ "جاكي
شان" معروفان لدى الجميع، وهما الاسم البديل للشعب
الصيني. بالإضافة إلى ذلك تعتبر سوريا "واحة الصحراء"
عند العرب حيث جوها معتدل و فاكهتها متنوعة ومتميزة و
مياهها عذبة (يشرب جميع مقيمي دمشق مياه عين الفيجا) .
فيعيش الطلاب الصينيون في راحة واطمئنان في هذه الظروف
الطيبة. كما أن هناك العديد من الزيجات سواء بين الصينيين
والصينيات أو مع سوريين وسوريات، فقبل أن أغادر سوريا،
أن عشرة طلاب صينيين، أنا منهم، تزوجوا طالبات كما تزوج
ثلاثة طلاب من مقاطعة يوننان فتيات وريات. والجدير بالذكر
أنّ زميلي وقاص وان شيان تونغ أقام حفل زفافه بإشراف
الجمعية الأنصار الخيرية (أكبر الجمعيات الخيرية في سوريا)
وحضرها المفتي العام للجمهورية العربية السورية سماحة
الشيخ أحمد كفتارو وكثير من الشخصيات الكبيرة في دمشق،
وألقى سماحة الشيخ كلمة في الحفلة للتهنئة. بضغوط
خارجية،
زملائي
في سوريا بضغوط
خارجية،
زملائي
الذين كانوا يدرسون في سوريا ينتمون إلى عدة مقاطعات بالصين،
منها شانشي ويوننان وقانسو وتشينغهاي وشينجيانغ
الخ، ومنهم من عاد إلى الصين بعد التخرج، ومنهم من يعمل
أو يقيم في سورية، ومنهم من سافر إلى بلدان أخرى ...أصبح
كثير من الزملاء شخصيات بارزة. وقد شاء الله أن أتيحت
لنا فرصة طيبة للالتقاء بمقر جريدة "أخبار
المسلمين" بمدينة لانتشو في اليوم الأول من أغسطس
عام 2003م ، عندما قام زميلي، إمام جمعية "الأخوة"
بهونغ كونغ، نور الدين يانغ شينغ وو برحلة مع زوجته
زميلتي تشنغ تسان شيا و26 ضيفًا من هونغ كونغ إلى مدينة
لانتشو، فالتقيت بعد ست سنوات. كنت سعيدة أيضا أن يكون
معنا زميلي د. كربم ما مين شيان، الأستاذ المساعد
بجامعة لانتشو وزميلي د. يوسف ما فو ده، الباحث المساعد
في جامعة القومية بشمال غربي الصين وأحد محرري جريدة "أخبار
المسلمين" وزميلتي ما لان، الأستاذة المحاضرة في
جامعة القومية بشمال غربي الصين. بضغوط
خارجية،
إنني
أحب سورية وأعشق شعبها لأنني استفدت منها كثيرا وتعرفت
على الشعب الذي يقطع مسافة بعيدة بينه و بين الصين، أتمنى
أن تحقق السلام قريبا بعون الله تعالى، وأرجو من حكومة
سوريا أن تتابع مسيرتها القويمة ولا تتأثر بضغوط خارجية،
وأتمنى أخيرا أن تبقى الصداقة بين الصين و سوريا خالدة
إلى الأبد! بضغوط خارجية،