
شذرات
من تاريخ علاقات الصين مع العالم الإسلامي
بقلم
محمود يوسف( لي هوا ين)
على مدى ألف وثلاثمائة
عام، تغيرت خلالها الظروف وتقلبت الأوضاع، تواصلت صداقة
الصين مع العالم الإسلامي غير أن علاقات الصين الجديدة،
التي تأسست عام 1949، مع دول العالم الإسلامي اجتازت امتحانا
قاسيا كان نتيجة حملة الافتراء المعادية للصين التي
قادتها الولايات المتحدة بعد يأسها من الحيلولة دون تقدم
الشعب الصيني، حيث رددت دعاية حزب الكومينتانغ القديمة
القائلة "إن الشيوعيين الصينيين مجموعة من البشر
يقتلون ويحرقون ويغتصبون النساء وينهبون الأموال وينبذون
التاريخ والثقافة ويتنكرون لوطنهم ويعقون الوالدين ولا
يحترمون المعلم والمسن ويضربون عن الحق صفحا والممتلكات
والنساء عندهم مشاع ويلوذون إلى أسلوب البحر البشري، وبايجاز،
هم وحوش شيطانية تقترف الجرائم ولا تستحق الصفح"(من
مقالة" انبذوا الأوهام واستعدوا للنضال" بقلم
ماو تسي تونغ). وعلى الرغم من أن هذه الافتراءات لم يكن
لها أساس من الصحة إلا أن معظم دول العالم الإسلامي لم
تقم علاقات دبلوماسية مع الصين لفترة طويلة بتضليل من
تلك التهم الملفقة. لم يكن ذلك عائقا لخروج الصين إلى
العالم الإسلامي فحسب بل وضع عراقيل لاتصالات المسلمين
الصينيين الودية مع اخوتهم خارج البلاد.السياسية
غير طبيعية
لقد
بذل المسلمون الصينيون الأوائل من الجهد الكثير للاهتداء
إلى طريق الحج وممارسة النشاطات الودية مع الخارج، ولذلك
فان استذكار مسيرتهم إلى خارج البلاد بعد مرور نصف
قرن على تأسيس الجمعية الإسلامية الصينية أمر جد ضروري
لمواصلة وتطوير تقاليدهم الحميدة في حب الوطن والدين.السياسية
غير طبيعية
في
سنة 1952 نظمت اللجنة التحضيرية للجمعية الإسلامية الصينية
أول بعثة للحج بعد ولادة الصين الجديدة برئاسة الشيخ الكبير
نور محمد/ دا بو شنغ المعروف داخل الصين وخارجها، وضمت
البعثة 16 فردا منهم الشيخ محمد تواضع/ بانغ شي تشيان
والأستاذ سليمان/ تشانغ بينغ دوه، وهما من أعلام علماء
الإسلام الصينيين. هؤلاء العلماء الثلاثة، الذين حظوا
بحفاوة بالغة خارج الصين في الأربعينات من القرن الماضي،
عندما وصلوا مع زملائهم في بعثة الحج الصينية إلى راوالبيدي
عاصمة باكستان رفضت القنصلية السعودية هناك منحهم تأشيرات
الدخول إلى المملكة بتضليل من الرأي العام الغربي، ولم
تفلح مفاوضاتهم المتأنية مع الجانب السعودي في الوصول
إلى شيء في ظل الظروف الدولية المعقدة آنذاك. غير أن ظهور
بعثة صينية للحج كان في حد ذاته تفنيدا للدعاية الإمبريالية
المعادية للصين.السياسية غير طبيعية
المسؤولون
في الجمعية الإسلامية الصينية، التي تأسست رسميا عام 1953،
جعلوا التواصل مع العالم الإسلامي على قمة أولوياتهم.السياسية
غير طبيعية
المؤتمر
الأفروآسيوي الذي عقد في باندونغ في إبريل 1955م كان أول
مؤتمر دولي في التاريخ لا تحضره الدول الاستعمارية. وقد
شاركت الصين في هذا المؤتمر بوفد رأسه شو ان لاي، رئيس
مجلس الدولة (الوزراء) حيث ألقى كلمة هامة لعبت دورا حاسما
في تعزيز العلاقات بين الدول الأفروآسيوية ورفع مكانة
الصين الدولية. وكان من أعضاء الوفد الصيني الشيخ دا بو
شنغ، نائب رئيس الجمعية الإسلامية الصينية، بصفته مستشارا
لشو ان لاي ليكون ذلك ردا بالغا على الدعاية المغرضة
بأن "الشيوعيين يقتلون المسلمين للقضاء على الإسلام"..
الخ. وكان ذلك إجراء على جانب عظيم من الأهمية الاستراتيجية..
كان الشيخ دا بو شنغ في العقد الثامن من عمره إلا أنه
كان مثار إعجاب الحاضرين، وخاصة المسلمين، ببنيته القوية
وهمته العالية وسلوكه المهذب وطلعته المهيبة. كان ظهور
الشيخ دا بو شنغ في هذه المناسبة، في حد ذاته، تفنيدا
قويا للرأي العام المعادي للصين، الأمر الذي أدى إلى تقصير
المسافة بين الوفد الصيني ووفود الدول الأخرى بطبيعة الحال
كما هيأ الجو للقاء بين شو ان لاي وقادة الدول.
وعندما التقى شو ان لاي مع الأمير فيصل بن عبد العزيز،
رئيس الوزراء وولي العهد السعودي آنذاك، على هامش المؤتمر
أحاطه علما بما حدث مع بعثة الحج الصينية في باكستان وطلب
منه السماح للمسلمين الصينيين بالسفر إلى مكة المكرمة
لأداء فريضة الحج فوافق الأمير قائلا: سوف تمنح المملكة
الحجاج الصينيين تأشيرات للدخول إليها كما تمنح غيرهم
إياها إن شاء الله. وعلى هذا النحو فتحت أبواب مكة المكرمة
للمسلمين الصينيين من جديد. كما أن اللقاء بين شو ان لاي
والرئيس جمال عبد الناصر لم يلعب دورا هاما في تطوير العلاقات
بين الصين ومصر فحسب بل هيأ الظروف الصالحة لاستعادة العلاقات
الودية التقليدية بين المسلمين الصينيين والمصريين؛ فمصر
كانت الموئل للشيخ دا بو شنغ خلال سعيه داعيا إلى
تأييد المقاومة ضد اليابان سنة 1938، وقد حضر دا بو شنغ
اللقاء وأعرب للرئيس عبد الناصر عن أمل المسلمين
الصينيين في تطوير العلاقات بينهم وبين اخوتهم المصريين.السياسية
غير طبيعية
لم
يمض على اختتام المؤتمر الأفروآسيوي وقت طويل حتى أرسلت
الحكومة المصرية وفدا برئاسة الشيخ أحمد حسن الباقوري،
وزير الأوقاف، إلى الصين، لم يقتصر نشاطه على المحادثات
مع الجهات الرسمية الصينية بل قابل برهان شهيدي ودا بو
شنغ ومحمد مكين وتشانغ جيه وغيرهم من مشاهير الشخصيات
الإسلامية المرموقة، كما زار معهد قومية هوي المسلمة وجامع
نيوجيه وجامع دونغسي ببكين والجامع الجنوبي بمدينة أورومتشي،
واختتم الوفد الزيارة بتوقيع الاتفاقية الثقافية بين الصين
ومصر، وهي اتفاقية كان لها أهمية بالغة في تطوير علاقات
الصين مع مصر بل وكل العالم الإسلامي.السياسية
غير طبيعية
وفي
أغسطس من السنة ذاتها قامت بعثة الحج الصينية الأولى المكونة
من 20 فردا برئاسة الشيخ دا بو شنغ بحج بيت الله كما زارت
مصر وباكستان. وبعد تسعة أشهر من ذلك وتحديدا في 30 مايو
1956 أقامت الصين ومصر علاقاتهما الدبلوماسية مما
ترك تأثيرا كبيرا في دفع إقامة العلاقات الدبلوماسية بين
الصين ودول العالم الإسلامي وأفريقيا.السياسية
غير طبيعية
في
أغسطس 1956 توجهت بعثة الحج الصينية الثانية المكونة من
37 فردا برئاسة برهان الشهيدي رئيس الجمعية الإسلامية
الصينية إلى مكة المكرمة حيث أدوا فريضة الحج واستقبلهم
الملك سعود بن عبد العزيز ثلاث مرات. وإثر ذلك جال هؤلاء
الحجاج الصينيون في العديد من الأمصار العربية الإسلامية
واستقبلهم جمال عبد الناصر وشكري القوتلي، رئيس سورية،
والملك الحسين بن طلال، عاهل الأردن، وكميل شمعون، رئيس
لبنان، وخليل قلال، رئيس الوزراء الليبي بالنيابة، والملك
ظاهر شاه، ملك أفغانستان، وغير هم من كبار المسؤولين من
تونس وإيران واليمن. لقد كان للمسلمين الصينيين في السنوات
الأولى من تأسيس الصين الجديدة دور كبير في كسر الطوق
الإمبريالي المفروض على الصين ودفع انخراط الصين في المجتمع
الدولي بإقبالهم على الاتصال مع الخارج بهذا الشكل الكبير.السياسية
غير طبيعية
لقد
أساءت الحملة التي سميت "النضال ضد القوى اليمينية"
التي لم تترك مجالا أو قطاعا، إلى عدد كثير من الأبرياء
وأدت بكثير من النشاطات والأعمال إلى زاوية النسيان والإهمال،
ولم يكن العمل الديني استثناء من ذلك، ويكفي أن نشير هنا
إلى أن عدد الحجاج الصينيين كل سنة في الأعوام من 1958
إلى 1964 انخفض من بضعة عشر فردا سنويا إلى أربعة أو خمسة
أفراد في نهاية الأمر.السياسية
غير طبيعية
بعد
هذه الحملة، وبينما كانت الأوضاع بالصين في سبيلها إلى
انفراج نسبي إذا بالتوتر والفوضى يسود البلاد مرة أخرى
مع وقوع مصيبة سياسية كبرى كان من بين نتائجها توقف رحلات
الحج للمسلمين الصينيين مرة أخرى؛ ففي العام 1966
اجتاحت "الثورة الثقافية الكبرى" الصين ليصبح
دستور البلاد حبرا على ورق، ولحق بالمسلمين ضُر فادح لم
يسمع بمثله من قبل؛ أحرق ومزق كثير من الكتب الإسلامية
ومنها أمهات الكتب، وأغلقت المساجد والجوامع في كل أنحاء
البلاد أو استعملت لأغراض أخرى، أو دمرت وتحولت إلى أنقاض،
وتعرض عدد كبير من علماء الإسلام للاضطهاد، ومنهم من سجنوا
بدون تهمة. في ظل هذه الأجواء كان السؤال المطروح بين
المسلمين في الصين هو : هل سيبقى الإسلام في الصين ؟.
لقد عم الخراب والتخريب سائر المجالات وبالتالي
فإن صورة الصين الدولية تشوهت، ونشير هنا إلى أن خلافات
دبلوماسية نشبت بين الصين وثلاثين بلدا من بين أربعين
بلدا أقامت علاقات دبلوماسية أو تجارية مع الصين في ذلك
الوقت، ولعل هذا ما دفع بالراحل شو ان لاي وغيره
من الكوادر في الحقل الدبلوماسي للوقوف في وجه هذه الأخطاء
المتطرفة التي أحدثت كارثة للبلاد وبجهودهم تم تصحيح الانحرافات
في الحقل الدبلوماسي بسرعة.السياسية
غير طبيعية
في
سنة 1978م أكدت الحكومة الصينية على سياسة الحرية الدينية
من جديد، فاغتنمت الجمعية الإسلامية الصينية هذه الفرصة
ونظمت بعثة الحج الصينية الحادية عشرة التي رأسها المغفور
له الشيخ/ صالح آن شي وي بعد 14 سنة من توقف بعثات الحج
الصينية، هذا على الرغم من أن أغلبية المساجد في البلاد
كانت مازالت مغلقة. ومع أن أعضاء بعثة الحج هذه أدوا فريضة
الحج في مكة المكرمة إلا أن انتماءاتهم الإسلامية كانت
محل ارتياب وواجهوا متاعب في مكة المكرمة، ومرجع ذلك هو
التأثيرات السيئة الناجمة عن "الثورة الثقافية"
التي حاولت القضاء على الإسلام.السياسية
غير طبيعية
مع
التطبيق التدريجي للسياسة الدينية للحزب الشيوعي الصيني
عقد المؤتمر الإسلامي الصيني الرابع ببكين في إبريل 1980،
ففتحت المساجد في أنحاء البلاد على التوالي، وفي الوقت
ذاته شرعت الجمعية الإسلامية الصينية في طباعة المصاحف
في إشارة إلى استعادة المسلمين الصينيين لحقوقهم في حرية
العقيدة، وانتشرت هذه الأخبار فبدأت شكوك
شعوب العالم في حرية العقيدة بالصين تزول تدريجيا. وفي
كنف ذلك نظمت الجمعية الإسلامية الصينية بعثة الحج الصينية
الثانية عشرة سنة 1980م، وحظيت أنا أن أكون من بين أعضاء
هذه البعثة بحمد الله. ومع أن رحلتي إلى مكة المكرمة لأداء
فريضة الحج قد مضى عليها 23سنة إلا أنها مازالت ماثلة
في ذهني كما لو أنها كانت البارحة. لما وصلت بعثة الحج
وعلى رأسها السيد شن شيا شي، نائب رئيس الجمعية الإسلامية
الصينية إلى كراتشي في أوائل أكتوبر قوبلنا بضيافة بالغة
من قبل الاخوة الباكستانيين كما دعينا إلى حضور مأدبة
أقامها القنصل العام السعودي في المدينة تكريما لنا. وقد
تحدث الضيوف والمضيفون عن كل شيء في جو خال من الرسميات
مما أوجد شعورا بالألفة في النفوس. وقد شكر السيد شن شيان
شي رئيس البعثة القنصل العام لمنحه أعضاء البعثة تأشيرات
للدخول إلى المملكة وحسن ضيافته ورد القنصل بأن "تقديم
التسهيلات إلى مسلمي الصين هو واجب لا مندوحة عنه بالنسبة
لنا. وسوف أمنح الحجاج الصينيين التأشيرات ولو كان عددهم
مليونا". وعندما علم القنصل أن الصين الكثيرة
السكان بها أكثر من 50 قومية قال بتأثر شديد: "ما
شاء الله! أنتم تستطيعون تنظيم هذا العدد من القوميات
في دولة كبرى موحدة في حين أن أمتنا العربية الواحدة مقسمة
إلى أكثر من 20 قطرا كل قطر منها يعمل ما يراه صالحا
له.. علينا أن نتعلم منكم!" وعندما هممنا بالخروج
قال بمودة "بعد وصولكم إلى أرض الرحمن سوف تجدون
أنفسكم على ترابكم!".السياسية
غير طبيعية
لقد
أمضينا 19 يوما في الأراضي المقدسة حيث وجدنا كل مكان
ذهبنا إليه طيبا وعزيزا. وخلال وجودنا في مكة المكرمة
زرنا مقر رابطة العالم الإسلامي مرارا حيث قوبلنا كل مرة
بالود من سماحة الشيخ الحركان سكرتير عام الرابطة ومساعده
سماحة الشيخ صفوت. ولما علم الشيخان منا أننا حجزنا في
فندق قال الشيخ صفوت: "هذا لا يجوز، فنحن بمجرد علمنا
بخبر قدومكم رتبنا لكم إقامتكم ومن الأفضل أن تنتقلوا
إلى دار الضيافة للرابطة.." ومع أن كلام الشيخ صفوت
كان فيه عتاب إلا أنه كان مفعما بمشاعر المودة والمحبة،
ولا تفوتني الإشارة إلى أنني قد صاحبت السيد شن شيا شي
رئيس الوفد ونائبه في مقابلة الملك خالد بن عبد العزيز
وحضور حفل العشاء الذي أقيم في قصر البطحاء. وقد جلسنا
على مقربة من الملك. وتقدم السيد شن شيا شي يهنئ الملك
بالعيد نيابة عن مسلمي الصين ورد جلالته مبتسما "أهلا
وسهلا"، وقد كتبنا رسالة إلى الملك خالد قبل مغادرتنا
مكة المكرمة تعبيرا عن شكرنا لحسن ضيافته. ولم يمض عل
ذلك سوى وقت قصير حتى تسلمت الجمعية الإسلامية الصينية
ردا موقعا من جلالته، وجدير بالذكر أن بعض أفراد البعثة،
بعد أدائهم فريضة الحج، وجهت لهم الدعوة لزيارة الصومال
والكويت، اللتين كانت لهما علاقات دبلوماسية مع الصين
ولدولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر اللتين لم
تكن لهما علاقات دبلوماسية معها آنذاك. وعلى هذا النحو
قدموا مساهمات لدفع مسيرة الصين نحو العالم الإسلامي بصورة
أفضل.السياسية غير طبيعية
كان
عدد الحجاج الصينيين في التاريخ قليلا بسبب بعد المسافة
بين الصين وبيت الله الحرام من جهة وبسبب محدودية قدراتهم
الاقتصادية من جهة أخرى. وبالرغم من أن الجمعية الإسلامية
الصينية نظمت 12 بعثة للحج في الفترة بين سنة 1955 وسنة
1980 إلا أن عدد المسلمين الصينيين الذين حالفهم الحظ
في الانضمام إلى هذه البعثات خلال هذه الخمس والعشرين
سنة لم يتجاوز 200 فرد على أقصى تقدير علما بأن هذا العدد
من الحجاج لا يتناسب مع إجمالي عدد المسلمين الصينيين
بطبيعة الحال. ومع أن هناك أسبابا عدة أدت إلى ذلك إلا
أن علة العلل في ذلك تعود إلى نقطتين: إحداهما هي أن عدد
المسلمين الصينيين القادرين اقتصاديا على أداء فريضة الحج
كان قليلا للغاية، والأخرى هي أن بلادهم لم تكن تطبق سياسة
الانفتاح على الخارج آنذاك. ولكن مع تحسن معيشة المسلمين
الصينيين يوما بعد يوم قررت الحكومة الصينية السماح بحج
بيت الله لكل من استطاع إليه سبيلا اعتبارا من سنة 1980.
وقد وصل عدد الحجاج الصينيين في سنة 1984 أكثر من 800
فرد، وبعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة
العربية السعودية سنة 1990 أخذ عدد الحجاج الصينيين يتزايد
حتى جاوز الآلاف سنويا، وتجاوز عددهم في الحجة الأخيرة
عشرة آلاف فرد ليكون عدد الحجاج الصينيين في السنوات العشرين
الأخيرة مائة ألف فرد على الأرجح. أما عدد البعثات والعلماء
الذين بعثتهم الجمعية الإسلامية الصينية إلى خارج البلاد
خلال هذه الفترة للزيارة وللتبادل العلمي والثقافي فليس
بالقليل أيضا. وحسب أرقام الجهات المعنية استقبلت مساجد
بكين حوالي مائة ألف مسلم من 80 بلدا ومنطقة منذ سنة 1979م.
ومع أن معظم هؤلاء المسلمين الوافدين هم من عامة الناس
إلا أن من بينهم شخصيات بارزة في المجالات السياسية والعسكرية
والتجارية والدينية والعلمية والرياضية والثقافية والصحافية
والتعليمية..الخ. هذه الاتصالات المتبادلة بين المسلمين
المحليين والوافدين على نطاق واسع تركت تأثيرات هامة في
دفع تطور علاقات الصين مع الخارج.السياسية
غير طبيعية
لقد
أحدثت سياسة الإصلاح والانفتاح تغيرات كبيرة في مختلف
المجالات بالصين وليس العمل الإسلامي الصيني استثناء
من ذلك؛ فبعد أن كان كثير من المسلمين يخشون قبل الإصلاح
والانفتاح أن يتحول الإسلام في الصين إلى مجرد أطلال شهد
العمل الإسلامي تغيرات كبرى عبر قطع أدبار البلبلة وإعادة
الأوضاع إلى مجراها الطبيعي على مدى أكثر من 20 سنة. يوجد
في الصين حاليا 35 ألف مسجد و45 ألفا من الأئمة
ورجال الدين الآخرين و24 ألف طالب يتابعون دراساتهم في
المدارس المسجدية والمعاهد الإسلامية المتناثرة في كل
أنحاء البلاد، وكل ذلك يضمن للجموع الغفيرة من المسلمين
الصينيين ممارسة عباداتهم ويجهز الخلف لمتابعة قضية الإسلام،
التي غير الإصلاح والانفتاح مسارها مما يؤكد أن مصير المسلمين
الصينيين مرتبط بمصير الدولة، فكل الأبواب تغلق في وجوههم
إذا كانت حياة الدولة السياسية غير طبيعية. وقد علق أحد
الأئمة على ذلك بقوله: "وجدت الوقت الراهن أفضل عهد
للإسلام في الصين منذ أسرة تانغ(618-907م).السياسية
غير طبيعية