محتويات العدد 7 يوليو (تموز) 2003  

السارس .. الوجه الآخر !وتنشيط وتسريعالوجه

ياسمين تشانغ

شهد العام الثالث للألفية الثالثة، وهو مازال في بدايته حربين --- الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق والحرب "اللانمطية" التي أشعلها  الالتهاب الرئوي الوبائي "سارس" ضد شعوب العالم. الحرب الأولى وضعت أوزارها، مبدئيا، أما الحرب الثانية فما تزال مستمرة بضراوة بالغة تستعصي على المقاومة في كافة أركان المعمورة. وتنشيط وتسريع

لقد غير السارس كافة أوجه حياتنا؛ في عملنا، في دراستنا بل وفي علاقاتنا مع الآخرين بسبب هذا الفيروس المتناهي الصغر الذي لا نراه بالعين المجردة، لم يعد الطلاب والتلاميذ قادرين على مواصلة دراستهم في جامعاتهم ومدارسهم، ولم يعد العاملون والموظفون يستقلون الأوتوبيسات أو التاكسيات قاصدين إلى العمل أو عائدين منه بلا أي قلق أو خوف. لم يعد الأصدقاء يجتمعون حول مائدة طعام يتحادثون ويمزحون فالأماكن العامة المزدحمة غير جيدة التهوية مواطن خطيرة لتفشى الوباء. لقد خلق السارس في الصين، وبخاصة في عاصمتها بكين مظهرا غريبا: كل هذه الأماكن التي كانت مزدحمة في الماضي أصبحت الآن خفيفة بل خالية من الناس على غير عادتها. وليس أمام "الأشقاء" الذين أصابهم المرض اللعين إلا أن يعيشوا منعزلين عن أهلهم وأصدقائهم وزملائهم من أجل منع نشر الوباء وأن يعانوا من عذاب المرض وآلامه، و من لم يصب بالمرض  بات السارس وكل ما له علاقة به عبئا ثقيلا يضغط على قلوبهم وأعصابهم.وتنشيط وتسريع

لقد أنبت السارس فزعا في قلوبنا؛ وساهمت أجهزة الإعلامي العصرية في تعميق هذا الفزع وزيادة قلقنا وهلعنا. إننا نعيش في عصر المعلومات بل "المعلومات المتفجرة"، فكل يوم تتدفق المعلومات كالفيضان نحونا من  مختلف القنوات التقليدية أو غير التقليدية ليصبح من المستحيل تفادي أخبار السارس، والأكثر صعوبة أن نحافظ على صحة أبداننا وسلامة أفكارنا.وتنشيط وتسريع

لقد تذكرت مشهدا في أحد روايات الأديب الصيني العظيم لو شيون لناس يعيشون في بيت مظلم لا سبيل للخروج منه، وكان السؤال: هل  يفتحون النافذة للتعرف على وضعهم الخطير أو أنه من الأفضل أن يدعوها مغلقة؟  في رأيي الإجابة تحتمل وجهين: من جانب الحكومة عليها أن تحترم حق الشعب في معرفة حقيقة الوضع  وتحاول فتح النافذة ليرى الناس الخطر، أما بالنسبة للشعب، فمن الأفضل أن يغلق النافذة من جديد لعزل نفسه عن إدراك الوضع الخطير وتجنب الخوف، فكما يقول المثل الصيني: "من لا يرى لا يقلق".  إن القلق أو الهلع أو الخوف أو توتر الأعصاب لا يساعدنا في مكافحة السارس بل قد يأتينا بالأمراض النفسية بدلا من المرض الرئوي! إن الوباء نفسه ليس مرعبا حقيقيا، الأكثر رعباً هو أن نفقد ثقتنا بالتغلب عليه وأن تضيع  شجاعتنا على مواجهته وأن ننسى الاستمتاع بالحياة. وتنشيط وتسريع

لكل عملة وجهان، السارس أيضا له وجهان؛ الإيجابي والسلبي. إن السارس فعلا ألحق بنا خسائر كبيرة، مادية وروحية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، دفعنا إلى تغيير وتحسين أسلوب معيشتنا وطريقة عملنا وعاداتنا الصحية لكي نتفق مع تغيرات الظروف حولنا. خلال هذه الفترة "اللانمطية"، أدركنا الحاجة الملحّة لتطوير "التجارة الإلكترونية" أي القيام بالأعمال التجارية عبر الوسائل الإلكترونية على رأسها الإنترنت، ووعينا بكل وضوح المعنى الهام لمفهوم "SOHO" (small office home office فأسلوب العمل الحديث هذا يسمح  للإنسان أن يعمل في بيته، مما يجعل البيت مكتبا، فيوفر الوقت والجهد الذي يمضيه في الذهاب إلى والعودة من العمل، بعيدا عن  زحام المواصلات وتلوث الجوالخ، والأهم أن " SOHO" يساعد في تقليل معدل تفشى الأوبئة مثل السارس. وخلال هذه الفترة اللانمطية، أشعر أيضا أننا نحتاج إلى تطوير الأساليب الحديثة الأخرى وتعزيز استخدامها على نطاق أوسع، على سبيل المثال "المحاضرة على الإنترنت"  و"البنك الإلكتروني" و"الخدمات الإلكترونية" و"المستشفى على الإنترنت" الخ.  ربما بعد السارس نجد أنفسنا انتقلنا إلى مرحلة أكثر تقدما، حيث يقدم السارس للإنترنت وتكنولوجيا المعلومات إمكانيات جديدة لتوسيع استخدامها في الحياة، الأمر الذي يتيح للإنترنت وتكنولوجيا المعلومات فرصة جديدة لتلعب دورها الخاص والمهم في عالمنا، ولذلك، قد يكون "السارس" قوة دافعة لتعجيل خطوات تقدمنا وتنشيط وتسريع معلوماتية عالمنا.وتنشيط وتسريع

على كل حال، تتطور علوم الطب وتتطور مشاكل البشر وقد علمنا التاريخ أن التغيرات كانت دائما دافعا للتقدم. المهم ألا ننسى أن الحياة ما تزال جميلة وسعيدة، فلنستمتع بها! وتنشيط وتسريع

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.