محتويات العدد 6 يونيو (حزيران) 2003  

المسلمون الصينيون حجوا البيت قبل ألف سنة

سليم ليو يوان بي

بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس الجمعية الإسلامية الصينية التقيت الشيخ هلال الدين تشينغ كوان يوان، رئيس الجمعية الذي استعرض تاريخ أفواج الحجيج من مسلمي الصين وألقي الأضواء على الأحوال الراهنة لقوافل الحج الصينية.الحجيج من مسلمي

في البداية أكد الشيخ هلال الدين تشينغ على أنه من بين المهام الرئيسية الملقاة على عاتق الجمعية الإسلامية الصينية أن تنظم كل عام أفواج الحجاج الصينيين للتوجه إلى مكة المكرمة. وقد حجزت الجمعية في العام الماضي ثماني طائرات صينية لنقل ثلاثة آلاف حاج إلى الأراضي المقدسة وأعادتهم إلى بلاد الصين، هذا إضافة إلى العدد الكبير من مسلمي الصين الذين اختاروا أن يؤدوا الفريضة بشكل فردي.الحجيج من مسلمي

الشيخ هلال الدين تحدث عن أحوال حجاج الصين في القرون الماضية فقال إن الصين من أولى البلاد التي دخلها الإسلام، فقد بدأ المسلمون الصينيون حج البيت العتيق منذ أكثر من ألف سنة وتشير المدونات التاريخية ذات العلاقة بالحج إلى أن تاريخ قوافل الحج الصينية يعود إلى عهد أسرة مينغ الملكية الصينية الممتدة من عام 1368 إلى عام 1644. ومنذ عهد أسرة تشينغ الملكية الصينية الممتدة من عام 1644 إلى عام 1911 ازداد عدد الحجاج الصينيين وكان من بينهم عدد ليس قليلا من العلماء اغتنموا فرصة الحج لزيارة الأمصار الإسلامية وممارسة النشاطات العلمية، وهؤلاء يعتبرون رواد التبادلات بين الصين والبلدان العربية. ونظرا لأن الطرق إلى بيت الله كانت محفوفة بالمخاطر والأهوال فقد كان الحج صعبا بالنسبة لمسلمي الصين. وراح عدد من الحجاج الصينيين ضحايا للكوارث الطبيعية والبشرية فيما وراء البحار. أما الذين حققوا آمالهم في الحج فغالبا ما كانوا يتجشمون مشقات السفر الطويل. وهناك من شدوا رحالهم إلى مكة المكرمة وعانوا من وطأة متاعب شديدة وواصلوا السير عشر آلاف الكيلومترات ووصلوا إلى وجهتهم في السنة التالية واستغرقت رحلاتهم سنة وأكثر.الحجيج من مسلمي

لما تأسست الصين الجديدة عام 1949 حوصرت موانيها البحرية في فترة من الفترات بالإضافة إلى أنه لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية مما حال دون ذهاب الحجاج الصينيين إلى مكة المكرمة. وفي عام 1952 عادت بعثة الحج الصينية المكونة من 16 فردا من منتصف الطريق بسبب عدم حصول أعضائها على تأشيرة الحج في باكستان وعندما كان الراحل شو ان لاي رئيس مجلس الدولة الصيني الأسبق يحضر مؤتمر باندونغ سنة 1955 قابل المرحوم الأمير فيصل بن عبد العزيز، رئيس مجلس الوزراء السعودي آنذاك، الذي كان حاضرا المؤتمر ذاته وبحث معه موضوع حج المسلمين الصينيين راجيا من المملكة أن تمنحهم تأشيرات الحج، الأمر الذي فتح أبواب مكة المكرمة للمسلمين الصينيين من جديد. وفي نفس العام أرسلت الجمعية الإسلامية الصينية بعثة الحج الصينية برئاسة نائب رئيس الجمعية، نور محمد دا بو شين، بعد أن حصل أعضاؤها على تأشيرة الحج من سفارة المملكة لدي باكستان كما استقبل الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود بعثة الحج. وفي العام التالي أي عام 1956 سافرت بعثة الحج برئاسة رئيس الجمعية، الشيخ برهان الشهيدي، إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج وقوبلت بترحيب واستقبلها الملك سعود بن عبد العزيز أيضا، وقد حضر رئيس بعثة الحج ورئيس الجمعية الشيخ برهان الشهيدي مراسم غسل الكعبة. وهذا يدل على أن المملكة، ملكا وحكومة وشعبا، تولي اهتماما بالغا للمسلمين الصينيين ويعتبر ذلك حدثا هاما في تاريخ العلاقات الصينية السعودية ومعلما بارزا للصداقة بين البلدين والمسلمين فيهما. ومنذ ذاك ترسل الجمعية كل عام بعثة حج إلى مكة المكرمة ولكن أثناء فترة الثورة الثقافية في الصين التي امتدت من عام 1966 إلى 1976 توقفت بعثات الحج الصينية. وفي أواخر السبعينات استؤنف سفر الحجاج فسافر عشرات الحجاج كل عام إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج. وازداد عددهم إلى ما يفوق ألف شخص كل سنة في الثمانينيات. وتجاوز عددهم ألفي شخص كل سنة في التسعينيات. أما في القرن الجديد فبلغ عددهم ثلاثة آلاف كل سنة على وجه التقريب بزيادة أكثر من مائة ضعف مقارنة مع ما قبل خمسين عاما.الحجيج من مسلمي

وقد شرح الشيخ هلال الدين أسباب زيادة عدد الحجاج الصينيين قائلا إن الحكومة الصينية تطبق سياسة حرية الاعتقاد الديني وتدعم إرسال الجمعية الإسلامية الصينية للحجاج وتطلب من الجمعية أن تنظم أفواج الحجاج الصينيين على خير وجه. هذا هو أهم سبب لزيادة عدد الحجاج والسبب الأخر هو أن الاقتصاد الصيني يتطور تطورا سريعا منذ انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج في نهاية السبعينيات. وبفضل ذلك ارتفع مستوى دخل المسلمين الصينيين فأصبحوا قادرين على توفير نفقات السفر والإقامة أثناء الحج وهكذا يزداد عدد الراغبين والقادرين على أداء فريضة الحج عاما بعد عام. الحجيج من مسلمي

وجدير الذكر أنه كان مع ازدياد عدد الحجاج ولأن المسلمين الصينيين لا يفهمون اللغة العربية والإنجليزية  تظهر بعض المشكلات في أثناء أداء مناسك الحج والمواصلات، ومن أجل حل هذه المشكلات أرسلت الجمعية الإسلامية الصينية بعثة العمل للحجاج الصينيين لأول مرة في عام 1986 لمساعدتهم في الحصول على تأشيرة الحج من سفارة المملكة لدي باكستان وأداء مناسك الحج، وبرغم هذا لم تحل نهاية المشكلة التي يواجهها الحجاج الصينيون لعدم وجود خط طيران مباشر بين الصين والسعودية إضافة إلى أنه لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين الصين والمملكة، الأمر الذي جعل الجمعية الإسلامية الصينية تفكر في حل هذه المشكلات فبدأت في عام 1989 تحجز طائرات صينية لنقل الحجاج الصينيين من بكين إلى جدة مباشرة وتتحسن أعمال الجمعية في تنظيم الحج إلى مكة المكرمة على نحو تدريجي.الحجيج من مسلمي

الشيخ هلال الدين تشينغ نفسه أدى فريضة الحج مرتين والعمرة مرتين أيضا؛ فقد أدى فريضة الحج لأول مرة في عام 1962 حيث حظي بحفاوة بالغة وضيافة كريمة من قبل وزارة الحج السعودية ورابطة العالم الإسلامي واستقبله الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود.الحجيج من مسلمي

وقد أشاد الشيخ هلال الدين تشينغ بالمساعدات والتسهيلات التي تقدمها الحكومة السعودية ووزارة الحج السعودية ورابطة العالم الإسلامي وسفارة المملكة لدي الصين للجمعية في أعمال الحج وعبر عن شكره الخالص لهذه الدوائر وأشار بصورة خاصة إلى أن رابطة العالم الإسلامي توجه كل سنة دعوة إلى حوالي عشرين مسلما صينيا لأداء فريضة الحج. وفي عام 2001 توجهت مجموعة خاصة من 100 حاج صيني من العلماء والمثقفين والمسؤولين ضيوفا على خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز. وعبر الشيخ هلال الدين عن أمله في أن يواصل خادم الحرمين الشريفين ورابطة العالم الإسلامي دعوة المسلمين الصينيين لأداء مناسك الحج لأن ذلك يشعر المدعوين بالشرف والفخر.الحجيج من مسلمي

وعندما تحدث الشيخ هلال الدين عن خبرة الجمعية في تنظيم الحج يقول إنه من أجل تنظيم الحج وتقديم التسهيلات للحجاج الصينيين على أحسن وجه يجب على الجمعية الإسلامية الصينية أن تعمل ما يلي:الحجيج من مسلمي

1- تعزيز التنظيم والتخطيط للحج. منذ بضع عشرة سنة ترسل الجمعية كل عام  بعثة العمل إلى المملكة قبل موعد الحج لترتيب السكن والمواصلات والخيام وغيرها من المستلزمات للحجاج الصينيين إضافة إلى مساعدتهم في الحصول على تأشيرة الحج من سفارة السعودية في بكين.الحجيج من مسلمي

2- إقامة دورة تدريب تثقيفية للحجاج قبل مغادرتهم الصين. منذ سنوات عديدة تقيم الجمعية الإسلامية الصينية دورة تثقيفية للحجاج الصينيين وتشتمل الدورة على تعليمهم مناسك الحج وترتيبها، وما هو الفريضة وما هو السنة في المناسك، وتزويدهم بمعلومات السفر إضافة إلى إعلام الحجاج الصينيين ببعض قوانين المملكة العربية السعودية.الحجيج من مسلمي

3- حجز الطائرات الخاصة لنقل الحجاج الصينيين. يمكن تخفيف التعب وتوفير الوقت وتقليل النفقات للحجاج الصينيين عن طريق حجز الطائرات الخاصة، كما يمكن نقل الحجاج الصينيين إلى المملكة وإعادتهم إلى الصين في مواعيد محددة.الحجيج من مسلمي

4- اختيار مرشدين مجربين لأفواج الحجاج. من العادة أن يقسم الحجاج  إلى فرق عديدة حسب العدد، ومن أجل الإدارة ينبغي يتم اختيار بعض الحجاج ذوي الخبرة  ليكنوا مرشدين لفرق الحجاج، وهم يساعدون بعثة العمل على تنظيم الحج والإدارة.الحجيج من مسلمي

وأضاف الشيخ هلال الدين قائلا إن الجمعية الإسلامية الصينية ستعزز التعاون مع الهيئات الإسلامية المعنية أكثر، وقد وجهت دعوة للسيد عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، لزيارة الصين هذا العام من أجل تعزيز الصداقة بين الجمعية والرابطة وزيادة التفاهم بين مسلمي الصين ومسلمي العالم الإسلامي.الحجيج من مسلمي

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.