محتويات العدد 9 سبتمبر (أيلول) 2004
م

كل هذا الحب.. للصين

أعلم أن للصين محبين كُثر في كل مكان ولكن أن يصل حب الصين إلى قطاعات لم أكن أحسب أنها تهتم بهذا البلد وبهذا القدر، هذا ما لم أتوقعه. كنت أظن أن جُل الاهتمام بالصين في مصر يكون بين شباب يلعب رياضات صينية، وعلى رأسها الكونغ فو، وبين دارسي اللغة الصينية والتجار ورجال الأعمال الذين ترتبط مصالحهم بالتجارة والتعامل مع الصين والصينيين إضافة إلى قلة من الباحثين في المجالات الاقتصادية والسياسية من المعنيين بهذه القوة الصاعدة. تصبح الصين قوة

إن الأيام التي أمضيتها في مصر صيف هذا العام كانت فرصة أخرى لرؤية الصين في عيون الآخرين وقراءة للصين في كتب وصفحات أخرى، صفحات فيها المدح والإشادة وأخرى فيها الشكوى والرجاء. لقد فاجأني هاتفي بمن قال إنه يعرفني منذ ما يزيد على عشرةأعوام، عبر "الصين اليوم"، وإنه يريد أن يقابلني. قلت لمحمد عبدالسلام ابن مدينة كفر الشيخ المصرية: غدا سأكون في مدينة رأس البر الساحلية التي لها في نفسي ذكريات خاصة، والأسبوع القادم سأكون في القاهرة. في اليوم التالي فاجأني هاتفي مرة أخرى، وكان الوقت مساء، بأن محمد عبد السلام في الطريق إلى رأس البر.  أمام فندق الإمام بالمدينة الساحلية الجميلة جلست مع محمد عبدالسلام الذي جاء ومعهه صديقه محمد السنوسي، المفتون بالصين هو الآخر، وبدأ الرجل يحكي قصة عشقه للصين ويروي معها نهمي لمعرفة كيف تصل الصين إلى أعماق القلوب وأقاصي البلاد. قال محمد إن اهتمامه بدأ بالصين يوم التقى صينيين اثنين في القطار المتجه إلى صعيد مصر وتحدث معهما، فشعر بارتياح لحديثهما، وهو ارتياح تأرق قليلا عندما علم أنهما مهندسان يعملان في إسرائيل. وقال محمد إن زوجته أحبت الصين من حبه لهذا البلد البعيد وإن ابنه، الشاب الجامعي، يلعب الكونغ فو الصيني. وقد أدهشني الرجل وهو يتحدث عن المدن الصينية بتفاصيل أحسب أن من الصينيين من لا يعرفها ويقول أرقاما ومعلومات يجهلها كثير من مدعي المعرفة الذين يكتبون عن الصين. حكى محمد قصة شنتشن، تلك القرية التي كانت مأوى للمهربين من هونغ كونغ ويعيش أهلها على الصيد والتي أصبحت قلعة تكنولوجية، وحدثني عن مناطق تجمع المسلمين، وعن غرب الصين وشرقها! ومن حين إلى حين يباغتني محمد بمعلومة نشرتها "الصين اليوم" قبل فترة طويلة وعندما أشرع في الحديث عن شيئ، يقول: نعم، وقد كتبتم عنه في "الصين اليوم" في العدد كذا، ويمازح قائلا "دو يو سبيك إنغلش؟، منوها لواحد من مقالات "على مقهى في الشارع الصيني". حديث طيب يفوح منه عبق الحب للصين والإعجاب بها استمر إلى ما بعد منتصف الليل، ولولا النعاس الذي كان يغالبني لسمعت منك الكثير يامحمد. تصبح الصين قوة

يوم آخر، طرق باب "الصين اليوم" في القاهرة شاب صغير لم يتجاوز العشرين. قال إنه يأتي كل شهر مرة ليحصل على "الصين اليوم" بنفسه، خشية ألا تصله إذا هو انتظرها بالبريد. دهشت لهذا الحرص على مجلة تهتم رئيسيا بموضوعات وقضايا تخص بلدا أجنبيا. جلس الشاب وسألني كثيرا وقال كثيرا عن الصين وعن افتتانه به. شاب آخر وجدته في مكتب "الصين اليوم" بالقاهرة، وقال عنه زميلنا وانغ ماو هو إنه من الريف؛ يأتي من قريته ليحصل على "الصين اليوم" بيده. إنها نماذج تكررت كثيرا على مدى الأيام التي أمضيتها في مصر تؤكد أن الاتجاه شرقا قادم لا محالة وأن الوعي بالصين وحضارتها ونهضتها يتجدد، وهو وعي يختلف عن الرؤية للقوى العالمية الأخرى، كونه منطلقا من حب وتقدير للشعب الصيني وإعجاب بمسيرة التنمية الصينية والصعود السلمي الهادئ للصين. تصبح الصين قوة

والحضور الصيني في مصر بات يأخذ أشكالا مغايرة للصورة النمطية التي سادت السنوات القليلة الماضية، فلم تعد السلع الصينية وحدها تحمل اسم الصين في مصر، بل إن الفن المصري شرع يتلون صينيا، فقد كان فاكهة أفلام السينما صيف هذا العام في القاهرة هو فيلم "فول الصين العظيم" الذي لعب بطولته الممثل الكوميدي الشاب محمد هنيدي. الفيلم يحكي قصة الشاب المصري محي في رحلة للبحث عن النجاح في أرض الله، وتدور أحداث الفيلم في الصين، كما أن المخرج شريف عرفة حرص على تصويره في الصين والاستعانة بممثلين صينيين، ومنهم الممثلة التي قالوا إن اسمها كمالا وإنها من أشهر ممثلات الصين وإن اسمها هو كمالا التي لعبت دور مترجمة محي "هنيدي" في الفيلم ووقع الشاب المصري في غرامها لتحدث سلسلة من مفارقات الكوميدية. والحق أنني لا أعرف ممثلة صينية بهذا الاسم وأن اسم كمالا أقرب أن يوكون هنديا من أنه صيني! تصبح الصين قوة

لقد شاهد المصريون الفيلم وسرحوا بخيالهم إلى هذه الأرض البعيدة التي لم تعد بعيدة، وفي قاعات السينما كنت أتسمع إلى همسات وكلمات المتفرجين الذين يجمعون على أن الصينيين قادمون لا محالة، وأن القرن الجديد هو قرن الصين. واللافت أن هناك حبا جما لهذه القوة الصاعدة، ولا أبالغ إذا أقول إن رغبة المصريين بل والعرب جميعا في أن تصبح الصين قوة عظمى تفوق رغبة الصينيين أنفسهم، وهذه حالة سيكولوجية تحتاج إلى تحليل نفسي وسياسي واجتماعي. تصبح الصين قوة

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.