محتويات العدد4 إبريل (نيسان) 2004
م

اليسار واليمين بين السياسة والفن!

       في أحد أيام ديسمبر العام الماضي  رفع الستار عن عرض فني جماعي كبير بعنوان "الجناح الأيسر" وذلك  في قاعة عرض الضفة اليسرى بمنطقة تشونغقوانتسون في شمال غربي بكين. العرض أقيم على سقفين علويين من الخرسانة المسلحة لبنايتين لم يتم بيعهما ولا تشطيبهما. يقول جين جيان، الذي أطلق  المشروع وتولى رعايته، وهو أيضا صاحب الشركة المنفذة لهذا التجمع العقاري، إنه في وقت يهرول العالم نحو اليمين  نتجه نحن إلى اليسار! هذا الكلام جعله هو ومشروعه العقاري معروفين لدى قطاع العقارات الصاعد وسط منافسات ضارية في العاصمة الصينية، فهذا القطاع في بكين هو أكبر سوق عقارية بين المدن الصينية الكبرى. الظاهرة الجديدة هي أن العديد من شركات العقارات ترغب في دعم  مشروعات طليعية فنية، مثل العروض الفنية، الفيديو والأعمال التركيبية والرقص الحديث، والهدف هو الإثارة الإعلامية، وهو ما يعني إعلانات غير مباشرة عن منتجاتها. لقد قال رجل الأعمال العقارية بان شي يي إنك عندما تبني وتبيع فإنك في الحقيقة تروج ثقافة وذوقا عاليا. وحاليا، بالنسبة  للجيل الجديد الناجح المتعلم جيدا يرى الفن المعاصر الجديد أخلاقيات متقدمة. ما، أظهر أيضا  

     لقد حظي هذا الحدث بتغطية كبيرة من أجهزة الإعلام الجماهيرية، فمشروع عقاري يتداخل مع الفن المعاصر لابد أن يحظى بشهرة واسعة. هذا هو منطق العاملين في التنمية العقارية الراغبين في رعاية نشاطات فنية. بعض العقاريين لا يرعون فقط نشاطات فنية بل يديرون أماكن عرض مثل مركز فنون الشرق، مركز فنون أشعة إكس، وقاعة عرض اليوم. هذه الأماكن تلعب دورا هاما في توفير بيئة فنية اجتماعية  أفضل. من خلال إقامة المعارض بشكل متواصل يجتذب الفن المعاصر اهتماما متزايدا من الإعلام ومن الجمهور. وعليه فإنه بالنسبة للجانبين، الفنانين والعقاريين، الفائدة متبادلة. وقد كان عرض الجناح الأيسر هو آخر بروفة من نوعها في هذه العملية. ، الثلاثون فنانا الذين شاركوا في العرض أصبحوا بعد ذلك حاضرين بنشاط على المسرح الدولي والوطني، ومنهم تساو في، فانغ لي جون، قو دهشين، سيوي جيان قوه، تشيوانغ هوي، دو تشن جون، هوانغ يونغ بينغ وشن شاو مين. ما، أظهر أيضا  

       وفقا لكلام جين جيان، الفنانون قادمون من المدن الصينية الكبيرة، مثل بكين وشانغهاي وقوانغتشو والفنان العالمي المعروف هوان يونغ بينغ قادم من باريس. في عام 2003 حول العديد من الفنانين الصينيين تركيزهم من اقتباس الأشكال الفنية إلى التعبير عن رؤاهم واهتماماتهم بشأن القضايا الاجتماعية مثل التلوث البيئي والعمالة المهاجرة والفجوة بين الأثرياء والفقراء. كما أنهم يتبنون  اتجاهات واقعية بشأن المحتوى الاجتماعي بدلا من التشاؤم، وتوجهات داخلية أكثر من التوجهات الدولية. وأدرك العديد من الفنانين أنه من المهم أولا أن يجدوا لأنفسهم مكانا في وطنهم وإعطاء فنهم قوة  بدمجه في الفردية والمحلية قبل التطلع إلى الآفاق الدولية. على الرغم من أن الفن الصيني المعاصر أصبح مشهورا على الساحة الفنية في العالم منذ عشر سنوات تقريبا مازال غير متاح للعامة، والمؤسسة الفنية الرسمية عازفة عن قبوله كجزء من التيار الفني الرئيسي. ومن ذلك أن بينالي بكين الأول لم يشهد أي عمل من الفيديو أو التركيبي أو الصور الفوتوغرافية أو النحت أو العرض. ما، أظهر أيضا  

       لقد عبر الفنون عن هواجسهم الاجتماعية بشأن المواطن العادي بتعرضهم للتغيرات الاقتصادية الهائلة والتأثيرات الثقافية الكبيرة للعولمة. تساو في، فنانة شابة واعدة تجتذب أعمال الفيديو لها مزيدا من الجمهور. كان آخر عمل فيديو لها، هي هوب، يصور  ناسا مختلفين فرديين يرقصون في الشارع. يؤدون نفس الحركة على موسيقى متكررة. الشخصيات الراقصة تشمل طلابا، عمال بناء، باعة متجولين وغيرهم. يبدو رقصهم لا هدف له ولكن تسيطر عليه قوة غير ناطقة، ربما الضغط من أجل البقاء.  العمل رؤية لرد الفعل النفسي لناس الطبقة الدنيا على حياة المدينة. لقد جاءوا إلى المدينة من أجل حياة أفضل ودخل أعلى ولكنهم يعانون معاملة ظالمة.  العمل الفني "السونا الصينية" للفنان شو تان، من قوانغتشو، يجمع بين التركيب والعرض. أعاد الفنان إنتاج غرفة سونا دعا إليها المتفرجين  لعمل عرض سونا.  ولكن الذين  يأخذون حمام السونا في الغرفة الشفافة يراهم من هم خارج الغرفة. أصبح بيت السونا غرفة خضراء وأصبح حمام السونا عارضا للحياة.  الزوار تحولوا كلهم عيونا شرهة عندما كُشف أمامهم اللحم النصف عاري.  هذا العمل يثير توترا بين نسق اجتماعي  وحسي معين، بين أن ترى وأن تُرى، بين العام والخاص، بين الفن والحياة. الفنان شي يونغ، ابن شانغهاي، شاهد عيان على التغيرات الهائلة التي تشهدها أكبر مدينة في الصين،والرغبة التي تشعل الاندفاع نحو الموضة الجديدة والسيارات والبيوت الفاخرة، باختصار، الحياة المنعمة. الرغبة تغير الحياة اليومية للناس، تغير المدن بل تغير السياسة والاقتصاد! ما، أظهر أيضا  

        عمله التركيبي الجديد "وجهة نظر" حجرة خشبية صغيرة داخلها عدد كبير من السكاكين المصنوعة من البلاستيك الغليظ الشفاف، ومضخة هواء إلكترونية  تعمل بشكل متقطع فتجعل السكاكين  تنتصب أفقيا وتنكمش بانتظام. عندما تنكمش تشبه الواقي الذكري وعندما تنتصب تشبه العضو الذكري. هذا الجهاز الجنسي المثير له مغزى فكاهي لحياة المدن المشحونة بالرغبة. في حفل الافتتاح  كان العديد من العروض لافتة.  استأجر سونغ  دونغ عشر لاعبي ولاعبات أكروبات لتقديم عروض والسير في أروقة المعرض، مرتدين ملابس  تشبه ناطحات السحاب. سون يوان وبنغ يو استأجرا العيد من الملاكمين المحترفين للقتال، فحولوا مكان العرض إلى قاعة رياضية. "عرض كورس" وهو عمل يجمع بين قطعتي عرض/تركيب لتشانغ هوي وشي تشينغ،مشروع تنافسي آخر. كان أكثر ما أثار الانتباه في هذا المهرجان هو إلغاء  العمل التركيبي لهوانغ يونغ بينغ. مساهمته في العرض حملت عنوان " الجناح الأيمن"، وهو الجزء الثالث من مشروعه المسمى "الخفاش". عملا الخفاش السابقان لهوانغ  هما مجسم مقلد كبير لقطعة من طائرة التجسس الأمريكية إي بي-3؛  تذكيرا بحادث التصادم الذي وقع في الأول من إبريل عام 2001 في بحر الصين الجنوبي بين الطائرة الأمريكية ومقاتلة صينية. الطائرة الأمريكية، بعد مفاوضات طويلة، سُمح بعودتها مفككة ومعبأة في حاويات، إلى الولايات المتحدة، وكانت تلك إهانة واضحة للقوة العظمى. أبدع هوانغ يونغ بينغ "مشروع الخفاش1" وهو مجسم مقلد  للجزأين الخلفي والأوسط للطائرة لعرضهما في معرض نحت صيني فرنسي أقيم في شنتشن في ديسمبر عام 2001.  ولكن بسبب الخوف من تقويض العلاقات بين كل من الصين وفرنسا والولايات المتحدة تم إبعاد العمل قبل الافتتاح. المشروع رقم 2 كان مجسم مقلد  للجزأين الأوسط والأمامي  والجناح الأيسر لطائرة التجسس ولكن نتيجة ضغوط من القنصلية الأمريكية ووزارة الثقافة الصينية لم يمكن عرض العمل في ترينيالي (معرض كل ثلاث سنوات) قوانغشو في نوفمبر عام 2002. مشروع الخفاش3 لهوانغ وهو "الجناح الأيمن" الجزء الأخير من طائرة التجسس كان من المقرر رفع الستار عنه في 30 ديسمبر عام 2003 في فناء مجمع الضفة اليسرى وفقا لبرنامج الحفل. ولكن هوانغ أُبلغ بضرورة استبعاد العمل لأسباب تتعلق بالسلامة. هوانغ أعلن على الإنترنت أن "شعار عندما يتجه العالم إلى اليمين  نحن نتجه إلى اليسار مجرد دعاية، الحقيقة هي أنه عندما يتجه العالم إلى اليمين  نحن نتبع". الجناح الأيمن جعل معرض الجناح الأيسر أكثر درامية بكشفه عن العلاقة الدقيقة بين الفن والعمل التجاري والسياسة. والحدث، إلى حد ما، أظهر أيضا الموقع الحقيقي للفن المعاصر في المجتمع. إن مجتمع الفن المعاصر في الصين، كونه جزءا من الثقافة الصينية الجديدة، أمامه طريق طويل ليغرس جذوره في الإطار الاجتماعي.   ما، أظهر أيضا  

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.