العدد 5 مايو (آيار) 2002
الاجتهاد سفينة في محيط العلم
      أول مسلمة صينية تحصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية

يانغ دونغ ون

أستاذتي يانغ جيه شنغ، عضو هيئة التدريس بالمعهد الصيني للعلوم الإسلامية، التي تتحلى بأدب جم وأخلاق سامية تؤثر في من يعرفها بحبها  الطاغي للعلم وطموحها الذي يغذيه صبر لا ينفد هو زادها في رحلة طلب العلم.بافي التعليمبافي التعليم

 بعد أربع سنوات من البحث والدراسة حصلت يانغ جيه شنغ  على درجة الدكتوراه في تخصص اللغة العربية. لقد كان وضعا غير منطقي أن المسلمين الصينيين الذين وضعوا اللبنات الأولى لتدريس اللغة العربية في الصين ليس من بينهم حامل شهادة الدكتوراه، حتى جاءت يانغ لتضع وساما وتضيف شرفا لكل مسلمي ومسلمات الصين بحصولها على هذه الدرجة العلمية.بافي التعليمبافي التعليم

وحديثنا عن الدكتورة يانغ الابنة لابد وأن يجرنا إلى الحديث عن يانغ الأب. فقد سافر والدها يانغ يو يي في ثلاثينيات القرن الماضي إلى مصر لدراسة اللغة العربية وبعد عودته عكف على تعليم اللغة العربية. وقد عرف عنه إخلاصه في عمله تماما مثل إخلاصه في حياته اليومية.بافي التعليمبافي التعليم

في صيف عام 1993 شاركت في الدورة التدريبية للغة العربية  بكلية اللغات الشرقية في جامعة بكين، وكم تأثرت بجدية الأستاذ يانغ رحمه الله ودقته في التدريس. كان مسنا في المرحلة الأخيرة لمرض السكر، لكنه كان يتنقل بين بيته والجامعة بجسمه الضعيف بمساعدة أهله راكبا سيارة أجرة كل يوم لإلقاء محاضرات على المدرسين المسلمين الذين قدموا من أنحاء الصين للمشاركة في الدورة ، ولم يتخلف يوما واحدا. ثم تأثرت مرة أخرى من وفائه لدينه عندما زرته بمستشفي بوآي في صيف عام 1998 حيث أدى فريضة الصيام في ذلك العام إلى أفضل وجه برغم معاناة المرض. هذا الوالد الحكيم الصارم في التدريس والمؤمن بدينه ربى ورعى ابنة رائعة علما وأخلاقا، هي يانغ جيه شنغ التي ترعرعت في أسرة فاضلة أراد لها والدها أن تتمثل أخلاق المسلمين في كل شيء فكانت عند حسن الظن بها.بافي التعليمبافي التعليم

يعظم الإسلام العلم، ويدعو أتباعه إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد. لقد عاشت يانغ محنة "الثورة الثقافية" التي استمرت عشر سنوات، لكنها لم تترك الدراسة. وعندما أعيد نظام امتحان القبول بالجامعات عام 1977 التحقت بمعهد بكين للغات الأجنبية. لكن عمرها في ذلك الوقت كان قد تجاوز السن المحددة لدراسة كطالبة نظامية، فلم تلتحق  بالجامعة. لكنها لم تيئس بل واصلت الدراسة بنفسها. بعد ذلك بإحدى عشرة سنة نجحت في امتحان الدراسات العليا في كلية اللغة العربية بنفس الجامعة وكان عمرها 35 سنة. تخرجت بعد ثلاث سنوات، وبدأت تدريس اللغة العربية في المعهد الصيني للعلوم الإسلامية، ومن حسن حظي أنني كنت واحدا من أحد تلاميذها في ذلك الوقت.بافي التعليمبافي التعليم 

في صيف عام 1996 التحقت الأستاذة يانغ التي تؤمن بأن العلم هو بحر لا شاطئ له بتخصص اللغة العربية وآدابها بجامعة الدراسات الأجنبية لدراسة الدكتوراه وعمرها 43 سنة. كانت سنوات شاقة، فمرض والدها قد اشتد كما أنها زوجة مسئولة عن بيت؛ أم الزوج فيه هي الأخرى مريضة، فوجدت يانغ نفسها  مشتتة بين واجب الدراسة وواجبها الأخلاقي الإسلامي الذي يلزمها ببر الوالدين  وأهل زوجها. ومما زاد من أثقالها أن بيت والدها يقع في ضاحية بكين الشمالية ويقع بيتها في جنوب المدينة بينما تقع الجامعة في ضاحية المدينة الغربية، وهي لا تملك إلا دراجتها تتنقل بها بين هذه الأماكن  الثلاثة منفقة ساعات طوال بين الطرقات.بافي التعليمبافي التعليم

في تلك السنوات الأربع لم تتكاسل ولم تتراخ، لم تتحمل ضغط الدراسة وتعب الحياة الكبير فقط، بل جاءتها صدمة نفسية كبيرة برحيل والدها وحماتها. لكنها واجهت الواقع بصبر وإرادة قوية، وقد قال أستاذها الذي أشرف على رسالتها البروفيسور يوي تشانغ رونغ: " إنها واجهت صعوبة بالغة في دراستها للدكتوراه!"بافي التعليمبافي التعليم

لكل مجتهد نصيب والزارع لابد أن يحصد زرعه، وكان السابع والعشرون من مارس العام الفائت هو يوم الحصاد للأستاذة يانغ. في ذلك اليوم لم يكن ثمة مقعد خاليا بالقاعة الكبيرة في كلية العلاقات الدولية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين. وعندما نهضت الأستاذة يانغ ابنة الخمسين ربيعا  من معقدها لتتسلم شهادة الدكتوراه من رئيسة الجامعة كانت الأنظار المتجهة إليها أشعة من التقدير والإعجاب وانفجرت القاعة في تصفيق حار!بافي التعليمبافي التعليم

سعادة النجاح  اقترنت بسعادة أخرى هي إجلال ذكرى والدها،الذي كانت الدراسة حول حياته. وقد جاء في ختام بحثها: بافي التعليمبافي التعليم

"حياة والدي نموذج لحياة مسلم صيني عادي. أفكاره وأحاديثه وأعماله جعلتني أرى أشعة الأخلاق الإسلامية. في الأيام والليالي التي رافقتها فيها يعلم الناس بدقة وجهد برغم جسمه المريض، كنت أقول لنفسي دائما أليس ما أدرسه وأبحث فيه حاليا فعله هذا المسن طول حياته؟ مع أنني أعي أن علمي قليل ومستواي متواضع، واصلت إلى اليوم، وكان ما اعتمدت عليه هو روح أبي."بافي التعليمبافي التعليم

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.