محتويات العدد 5 مايو (آيار) 2003  
رسالة سلام من الصين

بعد ساعات قليلة من قصف القوات الأمريكية-البريطانية مدينة بغداد كان موقف الصين؛ حكومة وشعبا واضحا جليا لا يحتمل اللبس أو التأويل: المطالبة بالوقف الفوري للعمليات العسكرية والعودة إلى خيار السلام في إطار الأمم المتحدة، وكما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أكثر من  مرة، إن قيام الولايات المتحدة وغيرها بشن حرب على العراق يمثل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. إن هذا الموقف المبدئي ثابت لا يتغير أيا كانت التطورات في ساحة القتال لأنه نابع من قناعة راسخة بأن السلام والتنمية هما تيار العصر، وأن اللجوء إلى القوة أو التهديد باستخدام القوة أسلوب مرفوض وبات خارج إطار العصر الذي نعيش فيه.باستخدام القوة

إن العمل العسكري الذي بدأته الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو التجربة الأولى لاستراتيجية "الضربة الاستباقية" يفرض تهديدا خطيرا وعميقا على الوضع الأمني في العالم، وإن نجاح الولايات المتحدة في هذه الخطوة يغريها بالقيام بعمليات عسكرية مماثلة في دول أخرى تتخذ مواقف تراها واشنطن معادية لها، الأكثر سوءا أن تلجأ دول أخرى إلى تقليد النموذج الأمريكي، ضاربة عرض الحائط بالأعراف الأساسية للعلاقات الدولية، وتكون النتيجة أن تعم الفوضى وعدم الاستقرار كافة أنحاء العالم.باستخدام القوة

 لقد خيمت مشاعر الغضب والحزن على المواطنين الصينيين مع اللحظات الأولى لاشتعال نيران حرب غير مشروعة أو مبررة، تلك المشاعر التي عبرت عن نفسها في البيانات المعارضة للحرب والداعية إلى السلام والتي أصدرتها العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، ولعل أبرزها كان البيان الذي أصدرته الجمعية الإسلامية الصينية، والذي أعرب فيه مسلمو الصين عن تضامنهم وتعاطفهم مع الشعب العراقي في محنته ورفضهم للحرب.باستخدام القوة

وقد أسرعت الحكومة الصينية بتقديم المعونات الإنسانية للمتضررين من الحرب. وقامت العديد من الهيئات بتنظيم حملات لجمع التبرعات تعبيرا عن الوقوف إلى جوار الشعب العراقي المناضل دفاعا عن ترابه. لقد سعى كل فرد إلى سبيل يصل من خلاله صوت السلام القادم من الصين؛ البعض اتصل بالسفارة العراقية في بكين وقالوا انقلوا إلى شعب العراق أن الصينيين معكم وأنكم لستم وحدكم، آخرون اتصلوا بأرقام عشوائية في بغداد ومدن العراق الأخرى، وتحدثوا مع أطفال وشيوخ ونساء وشباب العراق، مؤكدين لهم عدالة قضيتهم.باستخدام القوة

إن الشعب الصيني الذي عانى من ويلات الحروب كثيرا يعي قيمة السلام جيدا ويدرك الخراب والدمار الذي تخلفه نيران الحروب والجراح النفسية التي تتركها تحتاج سنوات طويلة لتندمل. إن مشهد الأطفال الأبرياء يرقدون في أسرتهم مذعورين لا يعرفون ما هذا الذي يحدث يشيع في النفوس ألما مبرحا، وكأننا ونحن في القرن الحادي والعشرين مازلنا، برغم الحضارة والتقدم، نلوذ إلى نفس الوسائل من شريعة الغاب، وكأن كل ما يكتبه المفكرون والأدباء ونسمعه في خطابات القادة والزعماء عن التعايش والتفاهم والوئام والحوار ليس إلا أضغاث أحلام نفيق منها على صوت قنبلة تنفجر وصرخة أم ثكلى.باستخدام القوة

إننا مازلنا، وسنظل، نؤمن بالسلام سبيلا وحيدا لحياة أفضل للبشر جميعا، أيا كان لون بشرتهم أو معتقداتهم. إننا من هذا المنبر ننقل إلى العالم كله رسالة سلام من الصين.      

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.