العدد 7 يوليو(تموز) 2002

 

الأديان  (2) مقارنة مع

دخول المسيحية

مقارنة مع البوذية والإسلام، كان طريق دخول المسيحية للصين صعبا نوعا ما. في القرن السابع، دخل فرع من المسيحية، النسطورية، الصين. في مدينة شيآن نصب حجري أقامه مبشر النسطورية عام 781، سجل معاملة أسرة تانغ لهم. في أواسط القرن التاسع، أصدر الإمبراطور أمر "إبادة البوذية"، وتعرضت النسطورية للقمع أيضا فاختفت في مناطق الصين الداخلية. في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، دخلت المسيحية الصين مرة ثانية، كان معظم معتنقيها من المغول ذوي المكانة الاجتماعية العالية وأبناء بعض الأقليات القومية. بعد انتهاء أسرة يوان التي أقامها المغول صمتت المسيحية مرة أخرى في الصين.

دخلت المسيحية الصين للمرة الثالثة في القرن السادس عشر. كان المبشرون الغربيون يصادقون أفراد البلاط الإمبراطوري والمسؤولين الكبار ويساعدون الحكومة في إصلاح التقويم وصناعة الأسلحة لنشر العلوم الغربية في سبيل نشر المسيحية. في عام 1701 وصل عدد المسيحيين الصينيين 300 ألف. لكن، لأن هناك فرقا كبيرا بين العقيدة المسيحية وبين الثقافة والعادات والتقاليد الصينية، حاول بعض من المبشرين تخفيف التناقضات بين المسيحية والكونفوشيوسة متسامحين مع تقديم الاحترام للسماء وكونفوشيوس والأسلاف وغيرها من المراسم التقليدية والعادات الاجتماعية الصينية، مما أوجد الجدل بين الكنائس المسيحية والكنائس الكاثوليكية، يسمى هذا الجدل "الجدال حول المراسم الصينية" في التاريخ. في عام 1704، منع الفاتيكان المسيحيين الصينيين من تقديس كونفوشيوس. في نفس الوقت منع إمبراطور أسرة تشينغ التبشير بالمسيحية في الصين.

منذ القرن التاسع عشر، دخل المذهب الجديد للمسيحية الصين مع توسع الاستعمار الغربي. تحت تهديدات نيران الدول الغربية الاستعمارية، وقعت الحكومة الصينية مضطرة سلسلة من المعاهدات غير المتكافئة، فحظيت نشاطات تبشير المسيحية بحماية هذه المعاهدات المعادية للصين. في هذه الحال، اشتدت النزاعات بين المسيحية والثقافة الصينية، وبين المبشرين وأبناء الشعب الصيني، فحدثت نضالات ضد المسيحية في أرجاء الصين. لذلك غيرت المسيحية أسلوب التبشير ابتداء من بداية القرن العشرين، حيث أقاموا المستشفيات والمدارس وغيرها من الهيئات الخيرية لدفع نشر المسيحية.

دور الكونفوشيوسية الرئيسي

بالنسبة للصينيين الفلسفة هي الكونفوشيوسية ونظام الأخلاق هو الكونفوشيوسية. الصين تختلف عن أوروبا وبعض الدول الأخرى، لم يكن هناك أي دين يسيطر على العقل الجمعي للأمة. لأن الكونفوشيوسية احتلت مكانة حاكمة منذ ألفي عام، لم يكن هناك أي نظرية سياسية تستطيع أن تنازعها أو تتغلب عليها.

تتعامل الكونفوشيوسة مع كل قضايا المجتمع وحياة الإنسان من منطلق عقلاني. منذ فترة الأسر الجنوبية والشمالية أقيم جهاز مركزي لإدارة الشؤون الدينية في البلاط الإمبراطوري. اتخذ معظم الحكام موقف الجمع والاستفادة معا تجاه الأديان المختلفة، كما انهم اتخذوا موقف الحياد في النزاعات بين الأديان، بل كانوا وسطاء للنزاعات بين الأديان.

ازدهار البوذية جعل المعابد البوذية تمتلك أرضا وثروة، وجعل الرهبان يتركون العمل الإنتاجي، مما أثار سخط البلاط الإمبراطوري، في فترة أسرة تانغ وقبلها، وبسبب التهديد الاقتصادي والفكري، صودرت ممتلكات المعابد البوذية ثلاث مرات، وأمر البلاط الإمبراطوري أن يترك كل الرهبان الترهبن ليعيشوا حياة عادية، وغيرها من حوادث "إبادة البوذية". غير أن مدة كل حادثة منها كانت قصيرة. لم يشهد تاريخ الصين نزاعا دينيا كبيرا.

تهتم الكونفوشيوسية بالسياسة الحالية والحياة الأخلاقية، ولا تسعي للسعادة بشاطئ الخلاص أو التسامي عن الواقع، لذلك ليس بها كثير من الأفكار الدينية. في فترة أسرتي سوي وتانغ، كانت البوذية والطاوية في أوج ازدهارهما، لكنهما سيطرتا على خلاص روح الإنسان، بينما كانت الكونفوشيوسة تسيطر على المجالات الأخرى للحياة الاجتماعية. بعد أن أخذت الكونفوشيوسة الجديدة بعض الأفكار البوذية في فترتي أسرتي سونغ ومينغ، عادت سلطة الكونفوشيوسة  للحياة الاجتماعية كلها.

أثرت الطبيعة الدنيوية  للكونفوشيوسة في البوذية والطاوية. تؤكد البوذية خلاص روح الانسان، ولا تهتم بتحمل الواجبات المنزلية، الأمر الذي يتناقض مع تقاليد الصينيين الأساسية. في ظل النظام الإمبراطوري الإقطاعي، كان لابد من احترام الإمبراطور والبر بالوالدين، لذلك بدأت البوذية تقترب من الكونفوشيوسة موضحة أنها تؤكد الوفاء للإمبراطور وحماية السلطة الدنيوية، وتدعو إلى بر الرهبان بوالديهم، وتقول إن هناك تشابها بين المحرمات البوذية والمعايير الأخلاقية الكونفوشيوسية. هكذا دخل مفهوم "منقذ الدنيا" الصين، غير أنه لم يؤثر في روح الصينيين كثيرا، بل اندمج في إيمان الصينيين الأصلي.

شهد تاريخ الصين جدالا بين الكونفوشيوسية والبوذية والطاوية، كانت البوذية تعرف جيدا أن الكونفوشيوسية هي الأيديولوجية الرسمية، لذلك حاولت أن تحقق مكانة شرعية لها في الجدال بينها وبين الكونفوشيوسية. أما في الجدال بينها وبين الطاوية، فحاولت أن تجعل مكانتها قبل مكانة الطاوية، وأن يعترف المجتمع بأن عقيدتها أفضل من عقيدة الطاوية. أما الطاوية فكانت تتواصل في وفائها للبلاط الإمبراطوري، وتعتمد على الكونفوشيوسية، وتستفيد من النظرية والمراسم والأنظمة البوذية.

البنايات الدينية

الكهوف الصخرية هي المعابد البوذية على الجبال، نشأت في الهند. لها أسلوبان، الأول هو: أن يكون داخل الكهف حجرات صغيرة يتنسك فيها الرهبان. الثاني هو: أن يكون داخل الكهف برج بوذي، أمامه ساحة لتقديس بوذا أو التجمع. بعد أن دخل المعبد- الكهف الصين، تغير شكله حيث يوجد تماثيل بوذا والجداريات داخل الكهف فقط، ويبنى معبد أمام الكهف أو بجانبه ليقيم فيه الرهبان ويقومون بالنشاطات به. في الصين كهوف كثيرة، من أشهرها كهوف موقاو بدونهوانغ في مقاطعة قانسو، كهوف يونقانغ بداتونغ في مقاطعة شانشي، كهوف لونغمن بلويانغ في مقاطعة خنان. قدمت التماثيل والجداريات الملونة في الكهوف بالفترات المختلفة معلومات تصويرية حول الاقتصاد والأديان والفنون الجميلة والمعمار في تلك الفترات.

في بداية دخول البوذية الصين، كانت معظم المعابد البوذية تبني أبراجا في مراكزها لتقديس بوذا. ثم بسبب تأثير أسلوب المعمار الصيني وانتشار تماثيل بوذا، تحول توزيع المعبد الذي يتخذ البرج محورا له إلى المعبد الذي يتخذ القاعة محورا له ابتداء من فترة أسرتي سوي وتانغ. فانتقل البرج إلى جانب المعبد أو خلفه أو بناء موقع آخر للبرج، وأصبحت القاعة التي توضع تماثيل بوذا فيها موقعا رئيسيا لتقديس بوذا وتلاوة الكتب البوذية المقدسة. توزيع مباني المعبد مثل توزيع مباني القصر أو مقر الحكومة: يقع باب المعبد وقاعة بوذا وقاعات تلاوة الكتب البوذية المقدسة علي الخط المحوري الممتد من الجنوب إلى الشمال، تقع  المباني الثانوية مثل عمارة الجرس والطبل ومساكن الرهبان على جانبي الخط المحوري، تشكل كل هذه المباني فناء واحدا أو عدة أفنية يتصل بعضها بعضا بالممرات. طبعا بسبب اختلاف الطوائف والقوميات، تختلف أساليب بناء المعابد في التبت وفي يوننان.

عكست تغيرات أشكال الآلهة في البوذية تصيين البوذية. بتأثير الهند معظم الشخصيات في النقوش والجداريات الصينية على أشكال بوذا، غير أن ملامحهم وهيئاتهم وملابسهم بالأسلوب الصيني. ويبدو هذا التصيين أكثر في المناطق الداخلية. مثلا: إلهة البوذية بوديساتفا الرحمة قوان ين، قيل إنها تساعد كل إنسان معذب، لذلك يقدسها الصينيون كثيرا حتى تجاوزت شهرتها شهرة سكياموني عند عامة الشعب، كما تجاوز عدد قاعات تقديسها عدد قاعات تقديس سكياموني، مما يعكس أن الصينيين جعلوا البوذية دنيوية نوعا ما. ليس هذا فقط، بالنسبة للبوديساتفات لا يوجد فرق جنسي اصلا، لكن الصينيين أعطوهم الجنس. حول القرن السادس، ظهرت بوديساتفا قوان ين بصفة الأنثى في الدنيا فعمل الصينيون عددا كبيرا من تماثيل بوديساتفا قوان ين الجميلة والرحيمة.

شكل المعبد الطاوي مثل البنايات التقليدية الصينية. قيل إن الآلهة يعيشون في الجبال المشهورة والبحار البعيدة، لذلك بنيت معظم المعابد الطاوية في الجبال والأماكن ذات المناظر الجميلة تجسيدا لتقديسها للطبيعة والتسامي عن الدنيا.

قبل فترة أسرة مينغ، كانت البنايات الإسلامية تتميز بالأسلوب المعماري العربي. في فترة أسرتي مينغ وتشينغ، ازداد عدد البنايات الإسلامية كثيرا، وازداد تصيينها ايضا، حيث تشكلت البنايات الإسلامية الصينية التي تتخذ القاعات الخشبية بنايات رئيسية فيها في المناطق الداخلية، بينما لا تزال تحتفظ البنايات الإسلامية  بالأسلوب العربي في منطقة شينجيانغ بشمال غربي الصين.

بالمقارنة، تاريخ البنايات المسيحية قصير في الصين، تتميز بالأسلوب الغربي.

 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

المسلمون الصينيون

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.