محتويات العدد 12 ديسمبر (كانون الأول)  2003   

ياسر عرفات .. رجل الساعة في كل ساعة

  وانغ جينغ ليه، باحث بمعهد آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية

ياسر عرفات يعقد اجتماعا للجنة المركزية لفتح  يوم 7 سبتمبر 2003 مطلبه

أثار قرار الحكومة الإسرائيلية في الحادي عشر من سبتمبر بالتخلص من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ضجة دولية، فالقرار الذي اتخذته إسرائيل بأن عرفات"عائق" لعملية السلام في الشرق الأوسط عارضه المجتمع الدولي كله تقريبا، بل لم تقره الولايات المتحدة ، حليف إسرائيل، على أساس أنها ترى عرفات لا يزال شريكا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. القرار أثار سخط الشعب الفلسطيني الذي خرج بمختلف فئاته إلى الشوارع في مظاهرات تأييد لعرفات شكلت درعا بشريا في رام الله. مطلبه المشروع

تعليق عرفات..محاولة قديمة مطلبه المشروع

سيارات دمرها الجيش الإسرائيلي مطلبه المشروع              

ياسر عرفات هو رائد نضال الشعب الفلسطيني في سبيل الاستقلال والتحرر واستعادة الحقوق الوطنية، وقد انتقل عرفات في قيادته لهذا الكفاح منذ عشرات السنين من النضال المسلح في مراحله الأولى إلى نضال يجمع بين الكفاح المسلح والكفاح السياسي. وعرفات أحد الزعماء الذين يدعون إلى الكفاح السياسي فهو الذي قال في الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 "لقد أتيت إلى هنا بغصن زيتون وبندقية الجندي الذي يناضل من أجل الحرية. وأتمنى ألا تجعلوا غصن الزيتون يقسط من يدي."، وكان ذلك يشير إلى حقيقة تحول سياسة نضال التحرير الفلسطينية. خطاب عرفات ألقى مزيدا من الضوء على حقيقة مشكلة فلسطين وحشد مزيدا من الدعم الدولي لها. لكن إسرائيل من أجل تحقيق هدف ضم فلسطين، رفضت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية لمدة طويلة (اعترفت بها رسميا عام 1993)، واتهمتها بأنها منظمة إرهابية، واتهمت ياسر عرفات بأنه زعيم إرهابي. ورفضت الولايات المتحدة إجراء اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية لمدة طويلة من أجل مصالحها الخاصة. حيث رفضت منح عرفات تأشيرة دخول الولايات المتحدة لمنع حضوره مناقشات الجمعية العامة الثالثة والأربعين للأمم المتحدة حول مشكلة فلسطين عام 1998. وقد أثار ذلك غضب واستنكار مختلف دول العالم وقررت الأمم المتحدة نقل مقر انعقاد الجمعية العامة من نيويورك إلى جنيف مؤقتا لتسمع الأمم المتحدة صوت فلسطين، في أول سابقة لوقوع خلاف سياسي بين المنظمة الدولية ودولة المقر منذ تأسيس الأمم المتحدة ، وكان ذلك دليلا على تأييد المجتمع الدولي لنضال الشعب الفلسطيني العادل.  مطلبه المشروع

الفلسطينيون بعد إطلاق سراحهم من سجون إسرائيل مطلبه المشروع

بعد أن تولى أرئيل شارون السلطة ومن أجل الحصول على مزيد من المصالح الواقعية وضرب قضية التحرير الفلسطينية، حاول تعليق عرفات، حيث حاصرت قواته وهاجمت مقرات السلطة الوطنية الفلسطينية  ومقر عرفات مرات، وهدد شارون بقتله، بينما مارست الولايات المتحدة ضغوطا على جهاز السلطة الفلسطينية من أجل "الإصلاح السياسي"، بهدف تهميش عرفات وإضعاف القوة الفلسطينية وتأثيرها. مطلبه المشروع

 لكن نضال الشعب الفلسطيني في سبيل الاستقلال والتحرر الوطني الذي استمر عشرات السنين يؤكد أن عرفات هو رمز حركة التحرير الفلسطينية، وليس من الممكن إنكار النضال العادل للشعب الفلسطيني، ولا تحقيق محاولة تعليق عرفات. في الواقع قرار طرد عرفات لم يلق معارضة دولية فحسب بل معارضة إسرائيلية أيضا. حيث استنكر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز  القرار واصفا إياه بأنه "خطأ مخيف". وفي 21 سبتمبر قام أكثر من 10 آلاف إسرائيلي محب للسلام بمسيرات مطالبين حكومتهم أن تلغي قرار طرد عرفات، وتسحب قواتها من الأراضي المحتلة فورا. مطلبه المشروع

مزيد من التعقيد مطلبه المشروع

القرار الإسرائيلي بطرد عرفات جعل المواجهات بين فلسطين وإسرائيل تشتد مرة أخرى، وهو يعكس الأسباب الأصلية للمواجهة لمدة طويلة وتعقد الصراع الفلسطيني والإسرائيلي.مطلبه المشروع

إسرائيل التي تمتلك قوة عسكرية ضخمة وتحظى بالدعم الأمريكي، تحتل أراضي الشعب الفلسطيني بصورة غير مشروعة منذ فترة طويلة، وتنكر على الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، ومن أجل استعادة الأراضي المحتلة والحقوق القومية المغتصبة يخوض الشعب الفلسطيني نضالا عادلا منذ أكثر من نصف قرن، كل ذلك هو طبيعة التناقض والصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمرين منذ مدة طويلة. ولقد جعلت كافة الحكومات الإسرائيلية بعد إقامة الدولة العبرية منع إقامة دولة فلسطين لب سياستها، ومنها حكومة رابين التي وقعت اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية. أما شارون فيلجأ إلى سياسة تسخير القوة العسكرية لمنع إقامة دولة فلسطين. حتى بعد أن أعلن جورج بوش تأييده لإقامة دولة فلسطين، لا تزال السياسة الإسرائيلية تسعى لتأخير إقامة دولة فلسطين بل إضعاف قوتها لتحقيق مزيد من المصالح الواقعية.مطلبه المشروع

على الرغم من النضال العادل لأكثر من نصف قرن، من المؤسف أن الفلسطينيين مازالوا، في ظل "التناقض بين الحقيقة والقوة"، عاجزين عن مواجهة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية القوية. ويلجأ، أحيانا، بعض الفلسطينيين اليائسين إلى أساليب نضال غير صحيحة أو غير مناسبة، منها اللجوء إلى أساليب عنف ينتج عنها إصابة مدنيين في إطار مواجهتهم السلطة الإسرائيلية، الأمر الذي أضعف القوة الفلسطينية موضوعيا. وإسرائيل لا  تقمع فقط حركة المقاومة الفلسطينية بقسوة، بل  تجند أجهزة الإعلام القوية لإشاعة مفهوم "شياطين حركة المقاومة الفلسطينية" بل حاولت بعد أحداث 11 سبتمبر "أفغنة" قضية فلسطين (أي ضم حركة المقاومة الفلسطينية إلى المنظمات الإرهابية، ثم ضربها والفضاء عليها على غرار الأسلوب الأمريكي مع طالبان). لكن عدالة وشرعية نضال الشعب الفلسطيني في سبيل الحقوق الوطنية لا يمكن إنكارهما. لم تتحقق مؤامرة إسرائيل، والنتيجة السلبية لذلك هي إطالة القضية الفلسطينية وجعلها أكثر تعقيدا.مطلبه المشروع

برغم قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية والتي يزيد عددها على المائة (منها قرارات ملزمة لمجلس الأمن) ودعمها الشعب الفلسطيني ليقيم دولته واستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، تتخذ الولايات المتحدة موقفا منحازا إلى إسرائيل دائما من أجل مصالحها الخاصة، مما جعل إسرائيل، وهي واعية أنها مدعومة، لا تخشى شيئا. وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أحد الأسباب الهامة لعدم حل مشكلة فلسطين. قبل ثلاث سنوات طرح كوفي أنان فكرة إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى المناطق الفلسطينية وطرحت فرنسا نفس الفكرة في يونيو هذا العام. وبرغم ترحيب الجانب الفلسطيني بالفكرة، باعتبار أن مزيدا من التدخل الدولي يحفز الحل العادل لمشكلة فلسطين، عارضت إسرائيل والولايات المتحدة هذه الفكرة تماما. نوايا إسرائيل واضحة، فهي بإبعاد المجتمع الدولي يمكنها أن تفعل ما تشاء معتمدة على قوتها العسكرية. في سبتمبر من هذا العام، لم يستطع مجلس الأمن استصدار قرار يطالب إسرائيل بعدم إلحاق  ضرر بياسر عرفات بسبب الفيتو الأمريكي  لكن  الجمعية العامة الثامنة والخمسين أجازت قرار حماية ياسر عرفات بأغلبية ساحقة. وهذا يدل على تعقد  العلاقات الدولية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.مطلبه المشروع

مخرج القضية مطلبه المشروع

بعد صراع أكثر من نصف قرن، وبعد مشاهدة رياح شريرة وأمطار دموية مرة بعد أخرى، يفكر الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي في المخرج الأخير لحل الصراع. وهنا بعض النقاط لابد من توضيحها:

-- إقامة دولة فلسطين هي المخرج الوحيد لتحقيق السلم في الشرق الأوسط. لقد اثبت الصراع الذي استمر لأكثر من نصف قرن أنه لا يمكن للفلسطينيين أن يطردوا الإسرائيليين إلى البحر ولا يمكن للإسرائيليين أن يقضوا على الفلسطينيين. المخرج الوحيد إذن أن يقيم كل شعب منهما دولة تعيش في سلام مع الأخرى. وبرغم كل شيء لا يمكن إنكار شرعية نضال الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال، سيواصل الشعب الفلسطيني هذا النضال لتغيير وضعه كأمة مضطهَدة. وهو الأمر الذي يعتبر المخرج الوحيد لإزالة عناصر عدم الاستقرار في  فلسطين.مطلبه المشروع

-- على إسرائيل أن تنهي الاحتلال العسكري في أسرع وقت ممكن. رغم أن إسرائيل  تمتلك القوة العسكرية، لا يمكنها أن تحتل الأراضي الفلسطينية إلى الأبد بصورة غير مشروعة، حتى شارون يعي ذلك. إسرائيل هي الجانب الرئيسي للتناقض الفلسطيني الإسرائيلي، بل التناقض العربي الإسرائيلي، وحل هذا التناقض يعتمد على إسرائيل بدرجة كبيرة. ولا يمكن للاحتلال الإسرائيلي غير المشروع إلا أن يؤدي إلى مزيد من المقاومة والصراعات الأشد عنفا. والشرط المسبق للحل النهائي لقضية فلسطين وتحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل هو أن تغير إسرائيل موقفها وتنهي احتلالها العسكري مبكرا وفقا لقرارات الأمم المتحدة.مطلبه المشروع

-- على الجانب الفلسطينية أن يتبنى أساليب النضال الأكثر إفادة. على الشعب الفلسطيني أن يواصل نضاله العادل. المشكلة هي أي أسلوب يفيده أكثر. العمليات الانتحارية ليست إلا وسيلة لجأ إليها الشعب الفلسطيني، الغاضب اليائس والأضعف والذي  لا حول له ولا قوة، لكنها تضر بالمدنيين الأبرياء، فيجب عدم تشجيعها. واليوم، وحيث أن التنمية والسلام هما التيار الرئيسي للعصر يجب التمسك بالنضال السياسي.مطلبه المشروع

-- على المجتمع الدولي أن يتدخل في قضية فلسطين أكثر لدفع تحقيق السلام في الشرق الأوسط مبكرا. صحيح أن المجتمع الدولي  يعترف بنضال الشعب الفلسطيني العادل ويدعمه لكن الواقع القاسي هو أن  الشعب الفلسطيني يعيش منذ أكثر من نصف قرن في كابوس من صنع جيش الاحتلال الإسرائيلي. إن  نضال الشعب الفلسطيني العادل لم يحقق الانتصار، وأحد أسباب ذلك أنه يفتقر إلى القوة الكافية. وبعبارة أخرى، الشعب الفلسطيني "مجموعة قوة ضعيفة" في المجتمع الدولي. ومع عدم وجود إمكانية لتغيير توازن القوي يصبح تدخل المجتمع الدولي في قضية فلسطين أحد الشروط الهامة لحل هذه المشكلة. لذلك على المجتمع الدولي أن يبذل مزيدا من الجهود لمساعدة الشعب الفلسطيني في تحقيق مطلبه المشروع بإقامة دولته حتى يعم السلام الشرق الأوسط. مطلبه المشروع

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.