محتويات العدد 12 ديسمبر (كانون الأول)  2003   
الصف الأول..الصف الأخير
مو تشيانغ

عندما كانا في المدرسة الثانوية، كانت هي تجلس في الصف الأول ويجلس هو في الصف الأخير بنفس الفصل، فلم تلتق نظراتهما قط. وقفت مندهشة

كانت وديعة ممتازة في الدراسة، و كان شقيا يزعج المعلمين بتصرفاته التي لا تُعقل. ذات يوم، عندما وبخه المعلم ابتسمت خفية في مقعدها. وقفت مندهشة

لا تتذكر منذ متى شرعت صورته  تطل في أحلامها، وفي عينيها أيضا، بينما لا يزال هو يعيش حياته كما يشاء. جلست في الصف الأول صامتة، متخيلة عالمه الذي لا يمكنها أن تصله.. عالم بعيد عن المدرسين، الحب مستقر فيه. وقفت مندهشة

الأقدار فيها من الغرابة الكثير. والأقدار هي التي جعلت المعلم يعيد ترتيب الجلوس في الفصل، فكانت هي وهو على خط متواز. كان من نصيبها أن تجلس هي، ذات القوام الممشوق إلى جانبه هو، ذي الجثة الضخمة، على نفس الطاولة، لتجد نفسها حائرة، ماذا تفعل أمام هذه السعادة التي اجتاحتها فجأة. وقفت مندهشة

 لم تكن تتوقع يوما أن تكون منه بهذا القرب. كان كأنه حلم، تراه فيه يبتسم، يغمز بعينيه، يقطب حاجبيه. أثناء الدرس، يلعب معها لعبة الأصابع تحت الطاولة، عندما احتضنت كفه الكبيرة بأصابعها الرقيقة، رأت شامة بيده، ذكرتها بشامة مطبوعة على قلب فتاة في قصة غرامية. وقفت مندهشة

ولكن عمر السعادة قصير دائما. بينما كانت سابحة في سعادتها صدر قرار المعلم بتعديل آخر للمقاعد ليحمل هو حقيبة كتبه إلى الصف الأخير، وتجلس هي في مقعدها لا تنبث ببنت شفة ولا تقوى على الالتفات إلى الوراء. دفنت وجهها بين الكتب وسالت الدموع على خديها. وقفت مندهشة

بعد تخرجهما التحقت بجامعة في الشمال بعيدة عن مدينتها. كل شئ في الجامعة مبهر، ومرت الأيام، وقلبها ما زال ساكنا هادئا لم تهزه عاصفة. المجهول دفعها إلى شاشة الكمبيوتر لتتحدث عبر الإنترنت، إلى أهلها وأصدقائها وصديقاتها، وصادفت، عبر الشبكة، شابا اسمه "قوه" من الجنوب، تحدثت هي إليه وتحدث هو إليها كأنهما صديقان قديمان. لكنها تتفادى الحديث عن الحب، فكان "قوه" يتردد في حديثه أحيانا، إلى أن قال لها يوما إن الأبعد في العالم ليس السماء ولا الأرض، ليست الحياة ولا الموت، الأبعد هو أنك أمامي، ولا تعرفين أنني أحبك..قرأت الكلمات المتلألئة على الشاشة، ولمعت الدموع مثل حبات اللؤلؤ في عينيها. بكت من أجل المرارة التي في قلب "قوه" وفي قلبها، لأنها تذكرت ذلك الازدهار والذبول.. وقفت مندهشة

بعد أن مسحت دموع قلبها، اتخذت قرارها.. وقفت مندهشة

في اليوم المحدد للقاء، وصلت هي أولا، جلست في ركن المقهى تنتظره ناظرة من النافذة، ترى ثلج الشتاء متساقطا، والدفء يملأ قلبها.أحست بأن هذه اللحظة انتظرتها سنوات. وقفت مندهشة

ظهر ظله هو، مقطب الحاجبين غامز العينين؛ على شفتيه ابتسامة عريضة، وقفت مندهشة.. كيف استطاع هو أن يجتاز من الصف الأخير أبعد مسافة في العالم ليصل إليها؟ وقفت مندهشة

السعادة كانت قريبة لكننا لم نمتلك الشجاعة فلم ننلها. وقفت مندهشة

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.