محتويات العدد 12 ديسمبر (كانون الأول)  2003   

وداعا أيها العام

سوف تذكر كتب التاريخ العام الثالث للألفية الثالثة مقرونا بدموع ودماء كثيرة، فقد بدأ وشعوب العالم كاتمة أنفاسها، مترقبة انطلاق المدافع في العراق، راجية ألا يقع ما بات وشيك الوقوع. واشتعلت النيران وتطاير الدخان ومعه أشلاء البشر؛ ومازالت أنهار الدماء جارية. وما كاد العالم يرفع رأسه من أهوال الصدمة والرعب حتى فاجأه غول آخر بث الهلع في القلوب، فقد كان انتشار وباء الالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) في العديد من مناطق العالم، ومنها الصين اعتبارا من مارس، شبحا مجهولا أفزع البشر في كل مكان وكان من نصيب الصين القسط الأعظم من هذه الكارثة وعاشت البلاد أياما قاسية، ولكن الإرادة؛ إرادة الحياة والتقدم، كانت أقوى. وضربت الصين مثلا رائعا في إدارة المحن، ولا نقول الأزمات، فما حدث كان أكبر من أي أزمة، وبحلول شهر أغسطس كان الحياة في بكين قد عادت إلى سيرتها الأولى.

2003، بالنسبة للصين كان عاما مختلفا، ليس فقط بسبب محنة سارس وإنما للأحداث الجسام التي شهدتها أرض التنين خلاله؛ فقد بدأته الصين بقيادة جديدة على رأسها هو جين تاو، أمين عام الحزب الشيوعي ورئيس الدولة، ومنذ الأيام الأولى أعلنت القيادة الجديدة، وشرعت تطبق، ما اعتبرته قمة أولوياتها، وهو الالتحام مع الجماهير. وواصلت الصين تحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية، ومن المتوقع أن يتجاوز نمو إجمالي الناتج الوطني للصين هذا العام 7%. وتتعزز قوة العملة الصينية لدرجة أن اقتصادات كبيرة، مثل الولايات المتحدة تطالب الصين برفع قيمة عملتها، الرنمينبي.

الصين أيضا على الساحة الدولية تكتسب مزيدا من المكانة المرموقة، وقد لعبت بكين دورا لا بديل عنه في ترتيب انعقاد المحادثات السداسية بشأن الأزمة النووية الكورية-الأمريكية، مع توقعات بأن تنعقد هذه المحادثات مرة ثانية هذا الشهر وفي العاصمة الصينية أيضا. وأرسلت الصين مبعوثها للسلام في الشرق الأوسط وانغ شي جيه إلى المنطقة في مسعى صيني جاد للتوفيق بين الأطراف المتنازعة، مع تمسك الصين بموقفها الثابت من قضايا الشرق الأوسط، وهو موقف ليس الحكومة الصينية فقط وإنما رؤية المحللين الصينيين كما يتضح في  مقالة "عرفات رجل الساعة" بهذا العدد. واستضافت الصين عشرات من الفعاليات الدولية، ومنها الجمعية العامة الخامسة عشرة لمنظمة السياحة العالمية، كما تستضيف هذا الشهر منتدى التعاون الصيني الأفريقي.

 غير أن الإنجاز الذي حققته الصين في منتصف أكتوبر هذا العام يبز ما سواه من الإنجازات، فقد أرسلت الصين، لأول مرة، سفينة فضاء مأهولة، جابت المدار ثم عادت سالمة إلى ارض منطقة منغوليا الداخلية الصينية وعلى متنها أول رائد فضاء من  جمهورية الصين الشعبية، المقدم طيار يانغ لي وي، الذي يستحق بجدارة لقب رجل العام في الصين، فقصة هذا الشاب الصيني مع الفضاء نموذج للرجال الذين يصنعون التاريخ، ومقالتنا في هذا العدد "محقق أحلام الفضاء" رحلة ممتعة في عالم يانغ لي وي الخاص والمهني.

إن الصين وهي تلتفت إلى الوراء تقلب في تقويم العام المنصرم ترى فيه صفحات لأيام قاتمة، ولكنها أيضا تقرأ فيه صفحات مضيئة، هي جل أيامه، وتواصل الصين مسيرتها المظفرة على درب التقدم والسؤدد؛ مسيرة لا يعوقها عائق.

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.