قمة تشينغداو لمنظمة شانغهاي للتعاون 2018 < الرئيسية

منظمة شانغهاي للتعاون.. التحديات والفرص

: مشاركة
2018-06-06 14:53:00 الصين اليوم:Source حسن وانغ ماو هو:Author

تعقد القمة الثامنة عشرة لمنظمة شانغهاي للتعاون يومي التاسع والعاشر من يونيو 2018، بمدينة تشنيغداو الساحلية في مقاطعة شاندونغ بشرقي الصين. القمة التي سيرأسها الرئيس الصيني شى جين بينج، سيحضرها أيضا زعماء الدول الأعضاء للمنظمة والدول المراقبة، بالإضافة إلى رؤساء المنظمات الدولية المعنية.

لا شك أن منظمة شانغهاي للتعاون قد حققت في مسيرتها العديد من الاختراقات في قضايا جوهرية مشتركة لأعضائها، وفي مقدمتها قضية مكافحة الإرهاب والتطرف والنزعات الانفصالية، فضلا عن ترسيم الحدود بين الدول الأعضاء وتطوير مجالات تعاون اقتصادية وتجارية، استفادة من المبادرات وأطر التعاون الإقليمية الأخرى. لقد أصبحت المنظمة، منذ تأسيسها، مؤسسة إقليمية شاملة ذات تأثير واسع. إن انضمام الهند وباكستان للمنظمة، يوسع بالتأكيد تعددية الأطراف لمنظمة شنغهاي للتعاون إلى جنوبي آسيا، وبالتالي توسيع حدودها الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، ويجعلها أكبر مؤسسة متعددة الأطراف في العالم من حيث عدد السكان والمناطق الجغرافية. تمثل الدول الأعضاء الثمانية بالمنظمة حاليا أكثر من 60% من مساحة أوراسيا ونحو نصف عدد سكان العالم وأكثر من 20%من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

بيد أن المنظمة تواجه أيضا جملة من التحديات الناجمة عن أسباب مختلفة. من نافلة القول أن هناك تباينات بين الدول الأعضاء في المنظمة، ليس فقط في القدرات الاقتصادية ومستوى التنمية وإنما أيضا في المواقف الإقليمية والدولية والأنظمة الاجتماعية والسياسية. وليس خافيا أن تبني بعض الدول الأعضاء موقفا سلبيا تجاه التعاون المتعدد الأطراف أدى إلى تحجيم نسبي للتعاون الاقتصادي في إطار المنظمة. إن انضمام الهند وباكستان لمنظمة شانغهاي للتعاون، وبرغم القوة التي تكتسبها المنظمة بعضوية قوتين إقليميتين، فإن ذلك أيضا يفرض تحديا على العمل المشترك للمنظمة، ويتطلب من الهند وباكستان التكيف مع آليات عمل وقواعد سلوك منظمة شانغهاي للتعاون، وامتلاك قدر كبير من الحكمة في التعامل مع القضايا الخلافية بين الدول الأعضاء، سواء فيما يتعلق بالحدود أو القضايا التجارية والمواقف من القضايا العالمية والإقليمية. كما تواجه المنظمة تحديات بسبب الوضع الجيوسياسي المعقد والبيئة الأمنية الدولية. على الصعيد الدولي، تشهد العلاقات الصينية- الأمريكية والعلاقات الروسية- الأمريكية تغيرات ومنافسات عميقة، بالإضافة إلى النزعة الأحادية وعقلية الحرب الباردة والشعبوية التي تزداد اشتعالا في الدول الغربية. إن تغير المعطيات الأمنية والاقتصادية العالمية يمثل تحديا آخر للمنظمة، إذا كانت تريد أن تلعب دورا أوسع نطاقا على الساحة الدولية، وأن تتصدى لمحاولات الهيمنة التي تقودها بعض الدول الغربية.

لقد ظلت مكافحة الإرهاب هدفا جوهريا وعملا رئيسيا لمنظمة شانغهاي للتعاون على مدار سنوات. ولا نبالغ إذا قلنا إن منظمة شانغهاي للتعاون من أولى المؤسسات المتعددة الأطراف التي أخذت على عاتقها مكافحة الإرهاب، من خلال عدد من الآليات والاتفاقات التي أقرتها الدول الأعضاء، ومنها اتفاقية منظمة شانغهاي لمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية والتطرف، واتفاقية منظمة شانغهاي للتعاون بشأن مكافحة الإرهاب، واتفاقية منظمة شانغهاي للتعاون بشأن مكافحة التطرف. ولكن التمدد الجغرافي والأيديولجي للإرهاب والأنماط الجديدة للأعمال الإرهابية، تفرض تحديات أكبر على منظمة شانغهاي للتعاون. ينبغي للمنظمة أن تواصل وضع خططها الأمنية السنوية، وتنفيذ التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة لتعزيز الثقة المتبادلة، وتكثيف التعاون في مجال مشاطرة المعلومات الأمنية والتنسيق في خطط مكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله. ينبغي أيضا تعميق التعاون القضائي في إطار المنظمة لمكافحة الجرائم وحل النزاعات بشكل أكثر فعالية. في رسالة تهنئة إلى المؤتمر الثالث عشر لرؤساء المحاكم العليا للدول الأعضاء في المنظمة، والذي عقد في الخامس والعشرين من مايو 2018، أعرب الرئيس شى جين بينج،. عن أمله في تعاون جميع الأطراف لمكافحة الجرائم وحل النزاعات بشكل أكثر فعالية، وخلق بيئة قانونية سليمة لدفع بناء الحزام والطريق وتعزيز التنمية الإقليمية.

من جانب آخر، هناك فرص سانحة عديدة يمكن أن تستثمرها منظمة شانغهاي للتعاون، إذ يمكن الاستفادة من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لتطوير المرافق في الدول الأعضاء بما ييسر أوجه التعاون الأخرى. وقد بدأ السير في هذا الاتجاه فعلا، فقد وقعت الهند في أغسطس 2017، اتفاق قرض مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لتقديم قرض بقيمة 329 مليون دولار أمريكي لتحسين الطرق الريفية فى ولاية غوجارات الغربية. كما أن هناك مبادرة الحزام التي جاء اقتراحها من جانب الرئيس شى جين بينغ في عام 2013، في خطاب ألقاه في العاصمة الكازاخية أستانا. هذه المبادرة تمثل فرصة طيبة أخرى لمنظمة شانغهاي للتعاون. ففي إطارها تم تنفيذ عدد من المشروعات في الدول الأعضاء بالمنظمة، ومنها الممر الاقتصادى بين الصين وباكستان والذي وفر ستين ألف وظيفة للباكستانيين منذ 2015، وسيوفر أيضا أكثر من ثمانمائة الف وظيفة جديدة في قطاعات مختلفة حتى 2030. وهناك 21 مشروع طاقة سيتم تنفيذها في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، من شأنها أن تضاعف الطاقة الحالية لإنتاج الكهرباء في باكستان، بعد استكمالها.

التطورات التي تجري على الساحة الآسيوية وعلى الساحة الدولية، تمنح منظمة شانغهاي فرصة نادرة لتلعب دورها المستحق، خاصة مع الدور القيادي للصين في المنطمة، وهو دور هام لاعتبارات عديدة ومنها أن الناتج المحلي الإجمالي للصين يفوق إجمالي الناتج المحلي لجميع الدول الأعضاء الأخرى، مما يتيح فرصا هائلة للدول الأعضاء للاستفادة من ذلك على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.

إن منظمة شانغهاى للتعاون أصبحت مؤسسة متعددة الأطراف هامة لتعزيز الأمن الإقليمي، ولكنها ليست تكتلا عسكريا أو تحالفا موجها نحو دولة بعينها، وتلك ميزة أخرى لها. إن التطور المستدام لمنظمة شانغهاي للتعاون فرصة للدول الأعضاء وليس تحديا، كما أنه نعمة للمجتمع الدولي وليس تهديدا. فبرغم اختلاف الأنظمة السياسية، حققت الدول الأعضاء بالمنظمة تعاونا متبادل المنفعة عبر التفاوض الجاد والتنسيق الفعال. لقد وضعت المنظمة نموذجا للدول الأخرى لتجاوز الاختلاف في الأنظمة الاجتماعية والأيديولوجيات وأنماط التنمية والحضارة، لتحقيق تعاون سياسي واقتصادي مكثف يعود بالنفع على كافة الأطراف.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4