العدد 3 مارس(آذار) 2002

مدخل لفهم الطب التقليدي الصيني (24)ي

     د. عزت شحرور

4- الرطوبة  Shi

تكثر الرطوبة في أواخر فصل الصيف، عند بداية الاعتدال الخريفي. وهي الفترة التي تكثر فيها الإصابات بأمراض ذات علاقة بالرطوبة. (وهذا لا يعني عدم التعرض للإصابة بأمراض الرطوبة في فصول أخرى من السنة). وتقسيم الطب الصيني الرطوبة - كسبب مرضي- إلى قسمين خارجي وداخلي. يرتبط الأول بالبيئة والظروف المحيطة. أما الثاني فينتج عن خلل في الأداء الوظيفي للطحال وعدم تمكنه من القيام بواجبه في عملية الأيض وتحويل الماء.

وتتميز الرطوبة بعدة صفات منها:

أ‌- الرطوبة ثقيلة وعكرة في الطبيعة وهي كذلك عندما تصبح سببا مرضيا، وتظهر أعراض ثقلها على شكل إحساس بتثاقل الجسم وثقل الرأس، وتغير المزاج وخمول وآلام في المفاصل والأطراف. أما أعراض كونها عكرة فتظهر على شكل عكر في البول والبراز وزيادة في إفرازات العين (القذى) وإفرازات الأنف، والزيادة في الإفرازات المهبلية عند المرأة.

ب‌- الرطوبة ذات طابع غروي لزج وحركة بطيئة في الطبيعة. وهي كذلك عندما تصبح سببا مرضيا في الجسم، وتظهر أعراضها على شكل إمساك أو براز رغوي لزج، وصعوبة في التبول وصعوبة في حركة الأطراف، وخمول، كما أن علاجها أيضا يسير ببطء وصعوبة.

ج- من ميزات الرطوبة أيضا الانسياب نحو الأسفل ولهذا نجد أعراض أمراض الرطوبة عادة ما تظهر الجزء الأسفل من الجسم، كزيادة السائل المهبلي، أو احتباس البول وتعكره، والإسهال الخ.

د- الرطوبة عامل مرضي يتبع (الين) ويسعى إلى عرقلة حركة (تشي) والسيطرة على (اليانغ)، فهو يعيق عمل (تشي الطحال) الوظيفي في الدفع نحو الأعلى وعمل (تشي المعدة) الوظيفي في الضغط نحو الأسفل، مما يؤدي إلى إحساس بالامتلاء، وعدم ارتياح في الصدر، وفقدان الشهية للأكل، وغثيان وتقيؤ وإسهال واحتباس في البول وتورم في الأطراف السفلى الخ.

5- الجفاف Zao

يعتبر الجفاف من ظواهر فصل الخريف الذي تشح فيه المياه. ولهذا تكثر في هذا الموسم الأمراض التي يكون الجفاف سببها الرئيسي. وكغيره من الأسباب المرضية يقسم الجفاف إلى قسمين خارجي وداخلي. يتعلق الخارجي بالظروف المحيطة والبيئة، ويقسم بدوره إلى قسمين: جفاف دافئ يكثر في بداية فصل الخريف وما تبقى من دفء أواخر الصيف، وجفاف بارد يكثر في نهاية الخريف وما يستقبله من بداية برد الشتاء.

والجفاف الخارجي عادة ما يهاجم الجسم من خلال الأنف والفم ليخترق دفاعات (تشي الوقائي) ويصل إلى الرئة وتكون أعراضه خارجية وسطحية. أما القسم الداخلي فيتولد نتيجة تأثر الدم وسوائل الجسم وجزيئات المواد الأولية واستنزافها، ومن بعض الأمراض الحمية المزمنة أو من خلال حالات النزيف الدموي التي تستنزف أيضا جزءا كبيرا من سوائل الجسم.

وإن ما يميز طبيعة وصفات الجفاف كعامل مرضي:

ا- إن من طبيعته السيطرة على وتجفيف سوائل الجسم ومصادرها. وتظهر أعراضه على شكل جفاف في الفم والأنف والحنجرة، إمساك وشح في البول، جفاف في الجلد وفي مراحل تقدمه يمكن أن يؤديه إلى تشققات جلدية.

ب- من طبيعة الجفاف كعامل مرضي أن يستهدف في هجومه الرئة ذلك العضو المرهف والحساس الذي يعشق أن يبقى رطبا وينفر من الجفاف. وكون الرئة كما مر معنا في الحلقة (7) تتميز بارتباطها بالجلد والشعر، ونافذتها على الخارج الأنف الذي يسهل على الجفاف التسلل منه إلى الرئة وعادة ما يصحب ذلك ظهور أعراض مرضية كالشعور بجفاف في الأنف والحنجرة وسعال جاف وحاد مصحوب بقليل من البلغم المتيبس، وعسر وصعوبة في التنفس أو حتى ربو وآلام في الصدر.

6- النار Huo

والمقصود بالنار هنا يختلف عما يعرف بالدفء أو الحرارة على الرغم من أنها جميعا  ذات طبيعة واحدة، كما أنها تختلف بدرجة السخون.

وللنار معنيان: الأول يتعلق بـ(تشي الأولى) في الجسم ويسميها الطب الصيني النار الصغرى أو الناشئة shao huo.

والثاني يتعلق بالنار المرضية ويسميها الطب الصيني النار الكبرى أو القوية zhuang huo. وتقسم النار كعامل مرضي إلى قسمين خارجي يهاجم الجسم بشكل مباشر وداخلي يتولد من الزيادة المفرطة لـ(يانغ تشي) الخاص بالأحشاء، أو كما يقول الطبيب الصيني المشهور جو دان شي إن"زيادة تشي تولد النار." هذا بالإضافة إلى أن تأثيرات العوامل المرضية الأخرى كالريح والبرد والرطوبة والجفاف أو الاضطرابات النفسية يمكن أن تتحول جميعها إلى نار ضمن ظروف محددة.

وفيما يلي نورد أهم صفات وميزات النار كعامل مرضي:

أ‌- من طبيعة النار أنها لواحة وحارقة وحمراء، وهي كذلك عندما تكون عاملا مرضيا بحيث يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة، واحمرار في الوجه والعينين واللسان تغطيه طبقة صفراء، نفور الشخص المصاب من الحرارة وسعيه نحو الأماكن الباردة، حالات إمساك وقتامة في لون البول.

ب‌- من صفات النار الاندلاع نحو الأعلى. وهذا ما يفسر ظهور أعراضها الرئيسية في الجزء العلوي من الجسم كالرأس والوجه. وعلى سبيل المثال عندما تزداد نار القلب تظهر أعراضها باحمرار الوجه والشفتين واللسان باعتبار "اللسان هو نافذة القلب، والوجه مرآته"، كما مر معنا في الحلقة (6). وعندما تزداد نار الكبد تظهر أعراض كتورم وآلام واحمرار في العين باعتبار العين نافذة القلب ومرآته (راجع الحلقة 9).

ج- من طبيعة النار أنها تسعى للسيطرة على سوائل الجسم وتبخرها إلى خارج واستنزاف (الين). وبناء عليه تظهر في هذا الإطار أعراض مثل العطش والسعي الدائم نحو الماء، جفاف الفم والحنجرة، إمساك، قتامة وشح في البول، وشعور بالإعياء والإعراض عن التكلم.

د- النار تسرع حركة دوران الدم في الجسم باستنزافها (ين الكبد) وتؤدي إلى ظهور أعراض كارتفاع درجة الحرارة، رجفة وارتعاش، شخوص العين، تشنج الرقبة، وتشنج الأطراف.

كما أن النار عندما تهاجم الجسم وتودي إلى تسريع تدفق الدم، فقد ينتج عن ذلك بعض حالات النزيف كالنفث الدموي، والبراز الدموي والبول الدموي، وظهور بقع ولطخات دموية على الجلد أو في حالات تقدمه نزيف رحمي عند النساء.

ه) تؤدي النار إلى ظهور دمامل وتقرحات، فعندما تهاجم النار جهاز الدوران في الجسم، ربما تتجمع في مكان واحد مما يساعد على تعفن الدم وتخريب الأنسجة وظهور دمامل وتقيحات وتقرحات.

و) قد تهاجم النار القلب الذي يمثل بالأصل نار الجسم وتزيد ناره اشتعالا وبالتالي تؤثر على المشاعر باعتباره (القلب) مسيطر على المشاعر والأحاسيس (راجع الحلقة 6) لتظهر أعراض مثل الأرق والقلق وسرعة الانزعاج والغضب، وفي مراحل تقدمه الهذيان والجنون.

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.