الرجوع إلى الصفحة الرئيسية
المحتويات
      
العدد 12 ديسمبر(كانون الأول) 2001
مقالات خاصة

سنتان بعد عودة إلى الوطن الأم .. انطلاق ماكاو بخطوات ثابتة


الثقافة والآثار
العالم كله يرحب باللغة الصينية
الثقافة والآثار

قصة مخرج سينمائي صيني وعائلات أمريكية تتبني يتامي صينيين

نساء أسرة تانغ
تحليلات اقتصادية
ولاية يانبيان الذاتية الحكم اليوم
إعادة الصفاء إلى سماء مدينة داتونغ
السياحة في الصين
مطلع قوس قزح لدى قومية تو
الووشو:
حيلة من ألعاب الووشو
الصين والعالم العربي:
جناح الآثار الإسلامية بمتحف تشيوانتشو للمواصلات البحرية
ف
هذه حضارتنا:
الفن العماري (4) الحدائق الكلاسيكية
الطب:

مدخل لفهم الطب التقليدي الصيني(22)


من القراء واليهم

جناح الآثار الإسلامية بمتحف تشيوانتشو للمواصلات البحرية

ي-- أحد أهم نشاطات التبادل الثقافي الصيني العربي في عام 2001--ي

قبيل توديعنا لعام 2001 الحافل بالتطورات الإيجابية الجديدة للعلاقات الصينية العربية، وجدنا أن أحد أهم نشاطات التبادل الثقافي الثنائي الذي لابد أن نذكره قد تم بين بكين وتشيوانتشو . في 18 يوليو من هذا العام وضع حجر الأساس لجناح الآثار الإسلامية بمتحف تشيوانتشو للمواصلات البحرية.  ويضم هذا المتحف نماذج مختلفة لكافة أنواع السفن التي عرفتها الصين  بما في ذلك السفن التي كانت تستخدم في الملاحة النهرية والسفن الحربية والسفن التي كان يستخدمها المبعوثون الصينيون في رحلاتهم إلى خارج البلاد.

ولعل أهم ما يلفت النظر في متحف تشيوانتشو تلك النخبة المتميزة من روائع الآثار الإسلامية التي احتضنتها تشيوانتشو، مدينة الزيتون كما سماها الرحالة العربي ابن بطوطة.

لقد جاء العرب إلى تشيوانتشو في بداية انتشار الدعوة الإسلامية حاملين معهم تجارتهم وعقيدتهم . وكانت مدينة الزيتون حينذاك مركز اجتذاب لكافة التجار من أنحاء العالم ليس للفرص التجارية الوافرة بها فحسب، وإنما لجو الحرية الذي وفر بيئة تعايشت فيها مختلف العقائد  بانسجام ووئام. وقد سجل العرب صفحة ناصعة في مدينة الزيتون، كما في مدن صينية أخرى عديدة، بفضل تسامحهم وإخلاصهم، بل وقدرتهم العالية على التكيف مع المجتمع الصيني واندماجهم فيه وامتزاجهم مع الثقافة الصينية. وقد اختلط العرب مع الصينيين بالزواج والمصاهرة وتبوأ عدد منهم مناصب مرموقة في المدينة.

وقد شيد في مدينة الزيتون 6 أو 7 مساجد، أقدمها مسجد الأصحاب الذي شيد عام 1009،  وتضم المدينة عددا من مقابر المسلمين الذين وفدوا عليها.

تقع مدينة تشيوانتشو في مقاطعة فوجيان على ساحل بحر الصين الشرقي، حيث ترقد المدينة على المجرى الأسفل لنهر جينجيانغ، ومدينة تشيوانتشو مثلها مثل مدينة قوانغتشو ارتبطت أيضا بالتجارة الخارجية بشكل عام، كما ارتبط ازدهارها بالوجود العربي والإسلامي. 

يعود فضل بناء جناح الآثار الإسلامية بمتحف تشيواتشو رئيسيا إلى فريق العمل للتعاون مع الصين في مجال آثار ومآثر العرب الذي قرر تكوينه مجلس السفراء العرب لدى بكين، قال رئيس الفريق سفير دولة الكويت عبد المحسن ناصر الجيعان في مراسم وضع حجر أساس الجناح: يسعدني أن أختم مهمتي كرئيس لفريق آثار ومآثر العرب بأن أكون مشاركا وشاهدا على إرساء حجر الأساس لأول متحف ثقافي إسلامي في الصين يضم آثار العرب والمسلمين.

وأنا اليوم أشعر ببالغ السعادة والامتنان لشعب وحكومة الصين إزاء  تكريم وحفظ آثار هؤلاء الرواد الأوائل من العرب والمسلمين، فحفظ وعرض آثارهم ما هو إلا تخليد لهم ولمآثرهم.

..إن الاتصال والتواصل الحضاري والتجاري والثقافي العربي الصيني قد سبق الدعوة التي نسمعها اليوم للحوار بين الحضارات والثقافات العالمية بأكثر من 1400 سنة.

..ولقد فاق تجاوب وتعاون الأصدقاء من رسميين ومفكرين وعلماء ومؤرخين ودارسين صينيين كل توقعاتنا، وكانت لهم مبادراتهم وحماسهم، وما نشهده اليوم هو مجرد جزء من ذلك، فلهم منا جزيل الشكر والثناء والتقدير.

وقال سفير سلطنة عمان زاهر الحوسني في كلمته:  إنه ليوم سعيد أن يدشن هذا الحضور الطيب صرحا نعتز به جميعا في ترسيخ العلاقات العربية الإسلامية مع جمهورية الصين الشعبية اقتفاء لطريق الحرير التاريخي المعروف والذي لعبت بلادي فيه منذ القدم عنصر التواصل وربط الحضارتين العربية الإسلامية والصينية. كما أن بلادي عمان قامت عام 1981 بالإبحار برحلتها المشهورة "سفينة صحار" من مدينة مسقط العامرة إلى حاضرة الجنوب الصيني الزاهرة قوانغتشو، وها هي ذي معالم هذه الرحلة لا تزال عامرة حتى يومنا هذا ، وشواهدها ترتفع عالية على نهر اللؤلؤ بمجسمها الرائع. فنحن اليوم نحتفل بمناسبتين: 1- مناسبة المكرمة السامية المقدمة إلى مدينتكم ومتحفكم من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله وقدرها مئتا ألف دولار أمريكي، وتدشين الجناح الإسلامي. 2- الذكرى العشرين لزيارة سفينة صحار التاريخية لمدينة قوانغتشو..

الحقيقة لولا الدعم العماني والمبادرة الكريمة التي تمثلت في المكرمة السامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله لمتحفكم المبارك، لما كلل لقاؤنا هذا اليوم بالنجاح . وإن الحضور الكبير من أصحاب السعادة السفراء العرب والمسلمين لهو خير  دليل على الاهتمام الكبير بالآثار العربية والإسلامية في مدينتكم تشيوانتشو الجميلة..

وإني لعلى يقين من أن هذه الدلالات القوية التي أشرنا إليها راسخة في سجل التاريخ الحافل بيننا، وإن عمق هذا التاريخ والربط الحضاري بين بلدينا الصديقين وبلادكم والبلاد العربية مجتمعة هو في الحقيقة نموذج خلاّق في التعاون بين الشعوب والأمم.

وقال سفير المملكة المغربية ميمون مهدي في كلمته : إنه بحق ليوم مشهود له مكانته البارزة في تاريخ العلاقات الصينية العربية الإسلامية. فاجتماعنا في هذا اليوم المبارك وبهذه المناسبة السعيدة إنما يدل على امتداد تمازج الحضارات العربية الإسلامية والصينية التي تمتد جذورها عميقا في غياهب القرون الماضية.

وإذا توقفنا قليلا عند القرن الرابع عشر للميلاد، لابد ان يثير انتباهنا الفعل التاريخي الجليل الذي قام به الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة، حيث جاء من الإمبراطورية المغربية الشريفة في أقصى الغرب إلى إمبراطورية الوسط الصينية في أقصى الشرق.

نعم، ربما في مثل هذه الأيام منذ ستمائة وستين سنة كان ابن بطوطة يتجول في شوارع هذه المدينة، مدينة الزيتون التي مكث بها وبمناطق صينية أخرى من 1344 إلى 1346 ، ثم نقل أوصافها وأخبارها وعادات أهلها إلى عالم لم يكن يعرف إلا القليل عن الصين وحضارتها العريقة.

.. فمهما قلت فيه لن أوفيه حقه. ولربما هذا ما اقتنع به أيضا الأصدقاء الصينيون في تشيوانتشو مدينة ابن بطوطة فقرروا تكريمه وتخليد ذكراه بإعطاء اسمه لإحدى قاعات المتحف الذي نضع له اليوم حجر الأساس وبوضع نصب له في مدخل تلك القاعة.

والمملكة المغربية إذ تعتز بهذا القرار الحكيم وتقدره حق قدره لا يسعها إلا أن تعلن من جهتها بأنها ستسهم في هذا العمل الجليل بمنحة متواضعة، قدرها مائة ألف درهم (حوالي عشرة آلاف دولار أمريكي)، على شكل مساهمة نوعية تخصص لنقش وزخرفة قاعة ابن بطوطة، مع تجميع ما يتيسر من كتب حول هذه الشخصية الفذة.

وأعلن سفير مصر د.محمد نعمان جلال عن إسهام مصر فقال : إنها لسعادة غامرة  أن أشارك في هذا الحفل المهيب، ويسعدني أن اقدم باسم جمهورية مصر العربية صاحبة الحضارة العريقة التي تزيد على سبعة آلاف سنة، والتي كان ينتهي عندها طريق الحرير البحري بالإسكندرية، ويمر بها طريق الحرير البري عبر شبه جزيرة سيناء، فضلا عن علاقاتها الوثيقة مع الصين الشعبية باعتبارها أول دولة عربية وإفريقية وسبقت كل دول أمريكا اللاتينية في الاعتراف بالصين الشعبية، يسعدني باسم مصر هذه أن اقدم مساهماتها على النحو التالي: 1- مجموعة كتب تعبر عن الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية مهداة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف باعتبارهما راعيي الثقافة والحضارة الإسلامية. 2- مجموعة من السراميك المصري الممتاز ذي السمعة العالمية مهداة من رجل الأعمال المصري محمد أبو العينين، ونرجو موافاتنا باحتياجات المتحف من هذا السيراميك. 3- مجموعة من السجاد المصري مهداة من رجل الأعمال المصري محمد فريد خمسي، ونرجو موافاتنا بالأحجام المقترحة من الصين. 4- مجموعة من النجف الكريستال مهداة من رجل الأعمال المصري عصفور. 5- أحد علماء الآثار المتخصصين في المتاحف والتراث الإسلامي لتقديم الخبرة الفنية، ولمصر تاريخ عريق ولديها عدة متاحف تعبر عن حضارتها المختلفة عبر العصور، وهذه مساهمة من هيئة الآثار المصرية، ونرجو موافاتنا بالمدة التي تقترحها الصين لعمل الخبير. أما سفير المملكة العربية السعودية د. محمد بن عبد الرحمن البشر فقد قال في كلمته: لقد أشرق نور الإسلام من مكة المكرمة قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة هجرية، وحمل معه تعاليمه السمحة هداية للعالمين، ودخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن وجدوا في الإسلام ما يصلح لهم أمور دينهم ودنياهم، وتسابقت الأمم نحو ذلك الفتح الإيماني المبين، واطمأنت القلوب إليه بعد أن ارتوت بمعينه الصافي، وانطلق المسلمون في أنحاء المعمورة حاملين معهم إيمانهم حيثما حلوا. وكان من ضمن تلك البقع التي من الله عليها بالدين الحنيف برغم بعد المسافة ومحدودية وسائل النقل مدينة تشيوانتشو بجمهورية الصين الشعبية الصديقة، حيث كانت محطة للرحلات البحرية التي كانت كثيرة متلاحقة منذ عصر  الإسلام الأول ، وقد حمل المسلمون مع بضائعهم إيمانهم، فبقيت آثارهم ومآثرهم حتى يومنا هذا متمثلة في هذا العدد الكبير من المسلمين,، وفي الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، والمساجد والنقوش الإسلامية، وبعض العادات والقيم، وكذلك بعض الأدوية والعقاقير والأواني.

إن إقامة هذا المتحف من اجل أن يضم هذه الآثار الإسلامية يعطي دلالة واضحة على اهتمام الحكومة الصينية الصديقة بهذه الآثار، كما أنه يعكس اهتمام القائمين على هذا المتحف وحرصهم على إبراز الآثار والمآثر الإسلامية والحضارة الصينية العريقة.

إن المملكة العربية السعودية وهي التي تتشرف بخدمة الحرمين الشريفين والتي تتلمس حاجات المسلمين في كل مكان يسعدها أن تقدم لهذا المتحف دعما ماديا قدره ثلاثمائة ألف دولار وقطعة من كسوة الكعبة المشرفة ومجسما للحرمين الشريفين وكمية من المصاحف بمختلف اللغات. وقال رئيس بعثة جامعة الدول العربية د. محمد عبد الوهاب الساكت في كلمته: إني أنقل إليكم خالص تحيات وأطيب أمنيات الأمين العام لجامعة الدول العربية معالي السيد عمرو موسى الذي يولي اهتماما بالغا لكل ما من شأنه تعزيز العلاقات العربية الصينية.

إنه لمما يزيد من أهمية احتفالنا اليوم أنه يرسى تقاليد جديدة لتأكيد الصداقة العربية الإسلامية مع جمهورية الصين الشعبية حيث يجعل من التراث التاريخي العظيم بين الشعبين العربي والصيني جسرا يؤدي إلى تعزيز علاقات الحاضر لكي تقوم عليها علاقات المستقبل بشكل أقوى واكثر فعالية، حيث تؤدي كل من الحضارتين العربية والصينية دورهما المأمول في نشر القيم الإنسانية العظيمة المتمثلة في الإخاء والمساواة والعدالة والإبداع لكل ما يفيد خير الإنسانية في كل مكان . وبهذا الصدد فإنني أحيي جهودكم راجيا لكم التوفيق كله وأن يكون ما نقوم به اليوم هو بداية خطوات هامة نقوم بها معا في المستقبل إن شاء الله.

وحضر مراسم وضع حجر الأساس لهذا الجناح الإسلامي مسؤولو مقاطعة فوجيان ومدينة تشيوانتشو.

إن هذه المراسم لم تكن لمجرد وضع حجر الأساس ، بل كانت بداية ناجحة لمزيد من تعزيز التبادل والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية الإسلامية العظيمتين.

بعث عمدة بكين ليو تشي برسالة شكر ردا على برقية التهنئة التي أرسلها له د.محمد عبد الوهاب الساكت رئيس بعثة جامعة الدول العربية بكين. هذا نصها:

سعادة د.محمد عبد الوهاب الساكت

رئيس بعثة جامعة الدول العربية لدى بكين

أعرب عن شكري للتهنئة القلبية التي بعثتموها إلينا.

فبعد 600 يوم وليلة من العمل المضني والشاق والأحلام والآمال، فازت بكين أخيرا بتنظيم دورة الألعاب الأولمبية لعام 2008، وذلك في 13 يوليو 2001 وهو اليوم الذي فتح فصلا جديدا في كتاب التاريخ. لقد تحقق الحلم الذي ظل الشعب الصيني يحلم به طوال قرن من الزمان ألا وهو استضافة الأولمبياد. سيترك قرار اللجنة الأولمبية الدولية بمنح بكين تنظيم دورة 2008 ميراثا فريدا للصين وللرياضة العالمية، وفي الوقت نفسه سيدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين.

لقد حصل طلب بكين على دعم شعوب الدول العربية، وأود بالنيابة عن حكومة بلدية بكين ومواطني بكين البالغ عددهم 12 مليون شخص أن اقدم خالص شكري لهذه الشعوب. سنبذل خلال السنوات السبع القادمة جهودا خارقة لتطوير بكين من خلال زيادة انفتاحها على العالم الخارجي، ومن خلال تعزيز البنية الأساسية، وتحسين المستويات البيئية، لتصبح بكين مدينة حديثة. إننا لن ندخر جهدا في إنجاح دورة العاب 2008.

أتمنى لسيادتكم دوام الصحة والعافية، وحياة سعيدة وعملا ناجحا في بكين.

عمدة بكين:   ليو تشي

9 أغسطس 2001

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn           
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.