محتويات العدد 9 سبتمبر (أيلول)  2003   
الأرقام لا تكذب ولا تسعى للتجمل

بعد أن تعرضت الصين لمحنة وباء الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) ظن البعض أن الاقتصاد الصيني سيواجه عثرات وكبوات قد لا ينهض منها في وقت قريب، غير أن أرقام أداء الاقتصاد الصيني في الشهور الثمانية الفائتة من هذا العام تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سيواصل نموه بمعدلات عالية، قد تصل ثمانية بالمائة أو تزيد هذا العام. تجربة سارستجربة سارس

الاقتصاد الصيني الذي  دخل دورة جديدة للنمو السريع منذ العام الماضي، تشير  الدراسات الاقتصادية إلى أن حلقات هذه الدورة سوف تتواصل حتى العام الحادي عشر من الألفية الثالثة، نتيجة للتطور في الهيكل الصناعي الصيني الناجم عن التقدم التقني ونتيجة لزيادة القدرة الاستهلاكية للمواطن والتي هي بدورها ناتجة عن ارتفاع مستوى المعيشة في الصين، وما يكتنف ذلك من نمو سريع للقطاعات ذات الصلة. والأهم هو أن هذه الزيادة في معدل النمو الاقتصادي تقودها زيادة الاستثمارات وبخاصة الخارجية، على عكس التنبوءات بأن تدفقات الاستثمارات إلى الصين ستقل بعد تجربة سارس، بدعوى ضرورة أن تنوع الشركات الكبرى الأقاليم الجغرافية لاستثماراتها.تجربة سارس

إن هناك عوامل كثيرة تجعل الاقتصاد الصيني، لا نقول محصنا، وإنما على قدر كبير من تفادي المخاطر، فالسوق الصينية  التي قوامها مليار وثلاثمائة مليون مستهلك، تضمن للمنتج الصيني بديل تسويق محلي إذا كسدت السوق الدولية، كما أن  التحسن المستمر في مستويات معيشة المواطنين الصينيين  والذي يعبر عن نفسه في زيادة استهلاك السيارات والمساكن الجديدة ثم وتعديل وظيفة الحكومة، وإلى حد كبير حصر هذه الوظيفة في المراقبة والإشراف دون تدخل في سير العمل الاقتصادي، وتحسن أداء الشركات الصينية، كلها عوامل تسهم في رفع قدرة الاقتصاد الصيني على مواجهة الأزمات، والتي كان آخرها محنة سارس.تجربة سارس

ولكن إذا كان انتشار سارس لم يلحق ضررا  بالتنمية الاقتصادية في الصين أو يقوضها، فإن الوباء القاتل سبب بعض الصعوبات للباحثين عن فرصة عمل، سواء لأول مرة أو من العمالة التي سرحتها المؤسسات المملوكة للدولة، وهذا يزيد من مشكلة البطالة في  الصين. والحكومة من جانبها تعي جيدا الأبعاد الاجتماعية والأمنية والسياسية لمشكلة البطالة، وهذا ما أكد عليه نائب رئيس مجلس الدولة هوانغ جيوي في جولة له بعدد من المقاطعات في نهاية يوليو هذا العام.  وتعمل الحكومة على حث الإدارات المحلية على مواصلة تنفيذ السياسات التفضيلية تجاه العمالة المسرحة، مثل تقديم القروض الميسرة وتخفيض الضرائب على ما يقيمونه من مشروعات صغيرة، وهناك نماذج عديدة للنجاح في هذا المجال.تجربة سارس

لقد ظلت بكين، وستبقى، مقصدا للباحثين عن فرصة نجاح والساعين إلى مزيد من التفوق. ولم يكن غريبا أن يتدفق إلى العاصمة الصينية كبار المستثمرين الأجانب حتى في فترة اشتداد انتشار سارس في الصين، ومقالتنا "بكين في عيون كبار العالم" بهذا العدد وثيقة جودة لأداء الاقتصاد الصيني ولمناخ الاستثمار في الصين، هذا المناخ الذي جعل الصين أكبر مستقبل للاستثمارات في العالم في العام الماضي، برقم تجاوز الخمسين مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تستمر الصين متربعة على قمة مستقبلي الاستثمارات الخارجية في العالم. تجربة سارس

إن هذا النجاح لم يأت من فراغ وإنما نتيجة لجهود سنوات طويلة من إقامة بنية أساسية قوية ومرافق خدمية على مستوى عال من الجودة وتيسير إجراءات الاستثمار، وتوفر الموارد البشرية الرخيصة والمؤهلة  والأهم هو مناخ الثقة الذي يشعر به التاجر الأجنبي؛ الثقة في سياسات الحكومة والثقة في الاستقرار الاجتماعي والسياسي. إن الأرقام لغة لا تعرف الكذب ولا التجمل، والصين اختارت أن تتحدث هذه اللغة. تجربة سارس

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.