محتويات العدد 8 أغسطس (آب) 2004
م

الاقتصاد الصيني والصعود الحذر

لاي جيان تشيانغ وتشوانغ بنغ تشونغ

في الوقت الذي يحتل فيه الاقتصاد الصيني مقدمة المؤشرات والأرقام العالمية تضغط الحكومة الصينية على فرملة الاقتصاد حتى تجعله يسير متزنا معتدلا. في أوروبا

إلى أين يتجه الاقتصاد الصيني بعد عام 2004، وما هي الاختبارات الجديدة التي سيواجهها؟ في أوروبا

في المؤتمر الاقتصادي الوطني الذي عقد في الربع الأول من العام الجاري أكد الرئيس الصيني هو جين تاو على أنه"علينا ونحن نرى إنجازاتنا علينا أن نرى أيضا الصعوبات والمشاكل التي تواجهنا بوعي؛ وعلينا ونحن نرى الظروف المؤاتية، أن نقدر العوامل غير الإيجابية التي قد تظهر والتي يحتمل أن يظهر، لنولي اهتماما بالغا لها ونتخذ إجراءات فعالة لحلها." في أوروبا

هذه الكلمات تعبير صادق عن النمو القوي الذي يحققه الاقتصاد الصيني في عام 2004 ولكنها تكشف أيضا عن المشاكل الكامنة التي قد تظهر وتتطلب من أن نواجهها بحذر. 2004 عام محوري للخطة الخمسية العاشرة، وفيه دخل الاقتصاد الصيني فترة التعديل والتوازن، ومن المتوقع أن يدخل فترة النمو المعتدل من عام 2006 إلي عام2007، ثم ينتقل إلى الفترة الأكثر ازدهارا عام 2008. وإلى عام 2008 الاستهلاك هو الذي سيقود دورات التجارة الصينية وليس الاستثمار. في أوروبا

في الوقت الذي يحتل فيه الاقتصاد الصيني مقدمة المؤشرات والأرقام العالمية تضغط الحكومة الصينية على فرملة الاقتصاد حتى تجعله يسير متزنا معتدلا. في أوروبا

إلى أين يتجه الاقتصاد الصيني بعد عام 2004، وما هي الاختبارات الجديدة التي سيواجهها؟ في أوروبا

لماذا الحذر

بفضل الإصلاح الاقتصادي الذي استمر 25 سنة حققت الصين، وهي إحدى الدول الكبيرة اقتصاديا، نهوضا مذهلا، ففي السنوات الخمس الماضية ارتفع معدل دخل الفرد في المناطق الحضرية بمعدل 3ر9% سنويا، وبمعدلات اقل كثيرا في المناطق الريفية، هذا برغم أن رفع أسعار المنتجات الزراعية وتحسين حقوق الفلاحين في الحقول الزراعية في الفترة الأخيرة غيرا هذا التوجه قليلا. هذا الوضع انتبهت إليه الحكومة وأعلنت أكثر من مرة عن أن زيادة دخل العمال والفلاحين هو مركز ثقل أعمالها في عام 2004. في أوروبا

لماذا يحتاج اقتصاد الصين "الحذر"؟ إلى جانب مشكلة توسيع الفجوة في الدخول، هناك ظاهرة "الاقتصاد المحموم".  شركة مرغان ستانلي ترى أن الاقتصاد الصيني ليس محموما للغاية، حتى الآن على الأقل. لكن وتحذر مورغان ستانلي من أنه إن لم تهتم الجهات المعنية بهذا الوضع فقد تظهر السخونة المفرطة. في أوروبا

في كلمة له قال محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) تشو شياو تشوان إن توجه التضخم المالي في الربع الأول لعام 2004 لا يزال واضحا، ويجب الحذر منه. لأن سوق الرأسمال لم تكمتل بعد، درجة اعتماد المؤسسات المملوكة للدولة الصينية على تمويل البنوك عالية، حيث دخلت القروض الزائدة عن الحد  إلى المؤسسات المملوكة للدولة، فأصبح خطر ظهور أزمة القروض المتعثرة من جديد متزايدا. إلى جانب ذلك أصبحت فقاعات العقارات الناتجة عن الاستثمار العشوائي بمختلف المدن الكبيرة واضحة، ولا يزال مزيد من الأموال تتدفق إلى مشروعات العقارات العالية الانتهازية، الأمر الذي يعتبر أحد المنتجات الجانبية لقروض البنوك المفرطة. في أوروبا

ومن أجل تهيئة ظروف نمو صحية أكثر لتحقيق استراتيجية زيادة الناتج القومي المحلي أربعة أضعاف قبل عام 2020، على الصين أن تعي المشاكل والصعوبات الموجودة، وتقدر تقديرا كاملا العوامل غير الإيجابية التي قد تظهر لتتخذ الإجراءات لحلها إيجابيا، لكن الاقتصاد الصيني لا يزال بحاجة إلى النمو بمعدلات عالية. في أوروبا

سرعة النمو لا تزال عالية 

 تحتاج الصين إلى النمو الاقتصادي بمعدلات عالية ليس فقط لأن هذا هو السبيل الوحيد للتغلب على مشكلة البطالة ومشاكل الفلاحين والأرياف، بل لأنه ضروري للإسراع بخطى إكمال نظام اقتصاد السوق الاشتراكي. لذلك تقلل الصين سرعة نمو اقتصادها عام 2004،  لكن هذا التقليل هو معتدل، يعني ذلك أن الاقتصاد الصيني لا يزال ينمو بمعدلات عالية جدا. في أوروبا

رغم أن حالة انكماش الاستثمار في العالم لم تحل أساسيا، يتزايد الطلب المحلي والاستهلاك داخل الصين، وهذا الطلب هو إحدى القوى المحركة لنمو الاقتصاد الصيني، بينما يدفع التمويل الحكومي والاستثمار الأجنبي والتجارة هذا النمو. الاقتصاديون يقولون إنه مع تباطؤ الاستثمار ترتفع مصروفات المستهلكين. في العام الماضي، بلغ عدد مبيعات السيارات بالصين مليونين، بزيادة 80% عن عام 2002، مما جعل الصين رابع أكبر سوق للسيارات في العالم، وهو ما يعتبر مثالا نموذجيا يجسد القوة الكامنة للاستهلاك. ستدعم هذا القوة الكبيرة للاستهلاك نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات عالية. إلى نهاية يناير هذا العام، بلغ إجمالي ودائع السكان في البنوك 11630 مليار يوان (الدولار الواحد=27ر8 يوانا)، بزيادة 6ر18% عن نفس الفترة من العام الماضي. زيادة معدل دخل الفرد مع السهولة في الحصول على قروض الاستهلاك يحفزان نمو الاستهلاك المحلي بصورة أكثر في عام 2004. في أوروبا

إلى جانب ذلك 2004 هو افضل عام للاقتصاد العالمي منذ وصول تيار تكنولوجيا المعلومات إلى قمته عام 2000. في الوضع الجديد المتمثل في ارتباط الاقتصاد العالمي ارتباط الشفتين بالأسنان، ارتفعت سرعة نمو الاقتصاد الأمريكي والأوروبي بالإضافة إلى تحسن نمو الاقتصاد الياباني، الأمر الذي يساعد الصادرات الصينية في مواصلة زيادتها بنسبة 10% على الأقل. إلى جانب ذلك انتعاش الاقتصاد العالمي يدعم أسعار البضائع، الأمر الذي يعتبر قوة محركة جبارة لزيادة أرباح الشركات الصينية.. إلى جانب بيئة الاقتصاد العام، شهدت المؤسسات الصينية ببر الصين الرئيسي تحسنا ملحوظا عبر إعادة تنظيمها، تستخدم الأصول الثابتة والمنتجات في المستودعات بصورة أكثر فعالية، وانخفض عدد العاملين بالمؤسسات المملوكة للدولة كثيرا، وارتفع نصيب المنتجات المصدرة من بين إجمالي كمية المنتجات الصناعية. في أوروبا

الحكومة تولي اهتماما بالغا للمشاكل والعوامل غير الإيجابية حاليا، ولكن الإبطاء في خطى التنمية بات الأسلوب الرئيسي للتنمية في المستقبل. رغم أنه من المتوقع أن تتجاوز سرعة نمو الاقتصاد الصيني 8% عام 2004، حددت الصين أن يكون المستهدف  نحو 7%. الأمر مفيد لإرشاد الحكومات المحلية على مختلف المستويات في أن تحول انتباهها إلى نوعية النمو الاقتصادي، وتفادي رفع النسبة المستهدفة والتسابق العشوائي. في أوروبا

تخفيض سرعة نمو الاقتصاد من عام 2005 إلى عام 2007 مرحلة تعديل تدريجيا؛ بعد إنجاز مجموعة كبيرة من إنشاءات المصانع الجديدة في الصين، سوف يصعب على بعض القطاعات مثل صناعة السيارات أن تحافظ على مستوى الربح الكبير الحالي. الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأسعار، وستتعثر المؤسسات في تحقيق الربح. مع مرور الوقت، هذا الأمر سيخفض سرعة الاستثمار، وهو ما من شأنه أن يوجه الاقتصاد من التوسع الكمي إلى النمو النوعي بخطوات ثابتة، ومن المحتمل أن يكبح زيادة الاستهلاك. في أوروبا

دورة اقتصادية أكثر اعتدالا

عندما نقارن بين الدورة الجديدة لنمو الاقتصاد التي تشكلت بسبب دخول الاقتصاد الصيني مرحلة التعديل وبين الدورات السابقة للنمو الاقتصاد الصيني، ليس من الصعب أن نتوقع أن هذه الدورة الجديدة تتميز بالخصائص التالية: في أوروبا

أولا، الدورة الجديدة لم تعد بأسلوب "الصعود الكبير والهبوط الكبير". حيث أن وضع النمو الحالي معتدل، بدأ صعود الدورة الجديدة عام 2000 بفضل زيادة الاستثمار في علوم وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والسيارات والصناعات الأخرى، الأمر الذي دفع الاستثمار في قطاع البناء والمواد الخام. بينما كان الاستثمار مركزا على العقارات والإلكترونيات والمنسوجات وغيرها من صناعات الطرف المنخفض. في أوروبا

ثانيا، السخونة المفرطة للاقتصاد ليست ظاهرة عامة. في دورات الاقتصاد السابقة، كانت السخونة المفرطة للاقتصاد دائما إحدى ظواهر الطلب المحلي. بدفع الطلب المحلي، ازداد الاستثمار والاستهلاك بسرعة كبيرة. وفي الدورة الجديدة، يبدي التصدير قوة كبيرة للزيادة. ظاهرة السخونة المفرطة للاقتصاد قاصرة على الاستثمار، بينما نسبة زيادة البيع بالمفرق مستقرة. في أوروبا

ثالثا، الاستثمار ليس في السوق المحلي بل في السوق العالمي. في ازدهار قطاعات الصناعة، تلعب المؤسسات العابرة للدول دورا مهما للغاية؛ فهي لاتجعل الصين قاعدة إنتاج للعالم، بل تجعل الصين مركزا عالميا للمقاولات الخارجية. ولعبت المؤسسات الأهليةالمحلية دورا  تحفيزيا، ومنذ عام 1999، حصلت المؤسسات الشعبية المحلية على صلاحية تصدير منتجاتها مباشرة، فتخلصت من قيود التصدير بواسطة مؤسسات التصدير الحكومية. لذلك تزداد الصادرات الصينية يوما بعد يوم، وأحد أسباب ذلك يعود إلى التحسين الكبير للإنشاءات الأساسية الصينية في السنوات الخمس الماضية. في أوروبا

رابعا، انخفاض ضغط التضخم المالي. ترى مرغان ستانلي أنه في الدورات السابقة، كانت أسعار الأطعمة تدفع ارتفاع دليل أسعار المستهلكين. إلى اليوم وباستثناء بعض المنتجات الزراعية والموارد الطبيعية والطاقة والأيدي العاملة الماهرة، معظم صناعات "عنق الزجاجة" تحولت إلى صناعات ذات قدرة إنتاجية  مفرطة، لذلك التضخم المالي قاصر على المنتجات الزراعية وحدها. في أوروبا

خامسا، تهدف مختلف السياسات تحقيق التعديل والتوازن وليس الانكماش بحجم كبير. ويمكن أن نتوقع أن تتخذ الحكومة الصينية إجراءات إيجابية لإثارة زيادة الاستهلاك. من أجل تخفيض نمو الاستثمار، قررت حكومة الصين تهدئة القطاعات ذات الاستثمار المفرط بواسطة السيطرة على قروض البنوك وبيع الأراضي، والأنظمة ذات العلاقة بالبيئة. إلى جانب ذلك تعلن حكومة الصين عن معلومات لقطاعات محددة في موعد محدد لإرشاد تدفق الاستثمار الخاص إلى القطاعات المناسبة. في أوروبا

أثر الاقتصاد الصيني في العالم

مع حذر الصين من النمو "المفرط" لاقتصادها وتعديلها الذاتي، ترى مرغان ستانلي أن الصين قد أصبحت القوة المحركة الرئيسية لدفع الاقتصاد العالمي الذي لا يزال راكدا نوعا ما حاليا. ومن هنا فإن تخفيض الصين لسرعة نمو اقتصادها ينذر بمواجهة الاقتصاد العالمي تعثرا عام 2004. ومن المحتمل أن يكون تباطؤ واردات الصين أول علامة قاسية لتباطؤ الطلب المحلي الصينية الذي سيحدث قريبا. تشير إحصاءات التجارة لشهر نوفمبر 2003 أن زيادة الاستيراد انخفضت إلى 4ر28%  عن العام السابق، هذه الزيادة لا تزال قوية، لكنها انخفضت عن نسبة الـ 40% في الأشهر العشرة الأولى من عام 2003. في أوروبا

تخفيض الصين لسرعة نمو اقتصادها سيؤثر في العالم تأثيرا كبيرا. فالكتل الاقتصادية الآسيوية الأخرى مهددة بمواجهة صدمات بسبب هذا التخفيض، لأن الزيادة السريعة في الواردات الصينية أصبحت إحدى القوة المحركة الأصلية لدفع الطلب الخارجي للدول والمناطق الأخرى في آسيا. في الأشهر التسعة الأولى من العام السابق، احتلت الصادرات اليابانية إلى بر الصين الرئيسي 66% من زيادة صادرت اليابان؛ و40% لكوريا الجنوبية؛ و97% لمقاطعة تايوان؛ و20-30% لدول رابطة جنوب شرقي آسيا. ولم تكن آسيا وحدها التي استفادت من زيادة الطلب في الصين، ففي الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي، احتلت الصادرات الألمانية إلى بر الصين الرئيسي 56% من زيادة صادرات ألمانيا؛ و21% للولايات المتحدة الأمريكية. تخفيض الصين لسرعة نمو اقتصادها عام 2004، يؤثر في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وآسيا كلها.  في أوروبا

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.