محتويات العدد 8 أغسطس (آب) 2004
م

جيل الثمانينات يتكلم

لي وانغ يا

ولدنا في ثمانينات القرن الماضي. نعترف بأننا أسعد جيل في تاريخ الصين ونحمل لقب "الجيل العابر للقرنين".  حظينا منذ الولادة برعاية وعناية كل أفراد الأسرة، فنحن الذين قيل عنهم "لؤلؤة في اليد". كنا أول جيل أطفال في الصين يشرب الحليب وشاهدنا الكارتون المحلي والأجنبي، سمعنا موسيقى وأغاني الروك والأغاني الحديثة. نكسب الملايين من كتبنا التي تعكس حياتنا وأفكارنا وكل شيء حولنا. نسير مختالين كالطاووس من شارع لشارع، بشعرنا الأصفر والأحمر وبألوان أخرى. الفتاة منا تقصر شعرها مثل الولد والشاب يضفر شعره ويعقده. نثقب في الأذن والأنف أكثر من ثقب، ونزينها بالإكسسوارات. نرسم الوشم على كل مكان في جسدنا. تذوقنا منذ الصغر الثقافات الأجنبية الجيدة التي تشربناها من عدد وافر من أفلام الكارتون الأجنبية. ولكن سؤالا يتردد صداه دائما في نفوسنا:هل نحن الذين نغير العصر أم أن هذا العصر هو الذي يغيرنا؟ الحياة التي

  إن أهم سمات هذا الجيل هو أنه: الحياة التي

1. يدعو إلي الحرية والبهجة والمساواة؛ الحياة التي

2. يهتم بالمشاعر الرقيقة والذوق الرفيع في تمييز الجمال؛ الحياة التي

3. الجرأة في التصرف واتخاذ الذات مركزا؛ الحياة التي

4. لا يهتم كثيرا بالسياسة والتاريخ؛ الحياة التي

5. سريع الانفعال؛ الحياة التي

6. يكره الشكليات؛ الحياة التي

7. يعاني ضغوطا نفسية هائلة. الحياة التي

جيلنا هذا محظوظ بالمقارنة مع الأجيال السابقة. إذا أعطينا تشبيها أو وصفا للأجيال المختلفة يكون جيل الخمسينات هو "فترة الحماسة"  حيث امتزجت أحلامه بحماسة الثورة المتصاعدة، وجيل الستينات هو "الأيام الصافية المشمسة" فقد اصطبغت أحلامه بنزعة عنف الثورة الثقافية وتشوهاتها وجيل السبعينات هو جيل " القلق وضيق الصدر"، فقد امتزجت حياته بالقلق والضياع. أما جيل الثمانينات فمن الصعب أن نجد له وصفا. هذا الجيل لا يمكن وضعه في قالب واحد، فحياته متنوعة؛ عاش في عصر الانفتاح، بينما عاشت الأجيال السابقة في عصر الانغلاق والانكفاء على الذات. نشأ متميزا؛ فكرا ولغة وفهما، فنحن الجيل الذي يقول دائما "أنا"، لإبراز الشخصية والطبيعة المتفردة. في السابق كان هناك قدوة واحدة للجميع يتعلمون منها، وهو ما يجسد الأحادية والفردية، الآن كل فرد قدوة لغيره وهو ما يعبر عن التعددية. جيلنا لا تثيره ولا تهزه ألقاب "الأستاذ" أو"الخبير" أو"المتخصص" فنحن لا نبجل الاحترام المحض، ونحب تبادل الرأي والفكر مع الآخرين. نحن لا نعترف بالعبقرية الفطرية للخبراء بقدر ما نشيد بالجهود التي تبذل. جيلنا عملي براغماتي لا يعرف الأوهام التي لا أساس لها. نعرف مزايانا وعيوبنا ونعى أننا في حاجة إلي إيجاد أفضل السبل التي تربط مواهبنا باحتياجات المجتمع.  الحياة التي

ولكننا أيضا جيل غير محظوظ؛ فقد ولدنا في الثمانينات ضمن الدفعة الأولى لسياسة الطفل الواحد بعد انتهاج الصين سياسة تنظيم الأسرة. الأجيال السابقة تغبطنا لأننا نتمتع بحب كثير من والدينا كأطفال وحيدين في الأسرة حتى ولو سمي هذا الحب تدليلا. الوالدان يكرسان حياتهما لتربيتنا ونستمتع بهذه الرعاية وحدنا، لكنهم لا يعرفون أننا نشعر بالوحشة، ليس لنا أخ ولا أخت. عندما يحل الليل، نمدد أجسامنا على الفراش وحدنا، لا أحد يتكلم ويتسامر معنا، وعندما تحل بنا الهموم، لا نستطيع أن نبث الشكاوى إلا عندما نتقابل مع الأصدقاء؛ فنحن لا نبوح لوالدينا بما هو مستقر في أعماق قلوبنا. نبحث عن العمل دون رفيق، ونشعر بأن الفجوة بين الأجيال شاسعة، فالآباء لا تعجبهم تصرفاتنا ونحن لا نوافق على ما ينصحون به. نفوسنا وحيدة خاوية برغم جرعات الحب الزائدة من الأهل والأقربين. بيئتنا تجعل الانعزال والفردية السمة العامة لجيلنا، ولكنها تجعله أيضا مستقلا صلبا. نقول آراءنا في كل شئ وأي شئ بحرية. نعيش في زمن ارتفع فيه مستوى معيشة الفرد كثيرا، فقد نشأنا مع انتشار التلفزيونات ومع الكوكاكولا والكريسبس والكرتون والأقراص المدمجة والكمبيوتر والأزياء الحديثة. أبناء الثمانينات هم رواد الموضة والقوة الشرائية الرئيسية، نستخدم أشهر العلامات التجارية في العالم؛ سوني، أديداس ونايكي. نشترى ما لم يخطر ببال ما سبقنا من أجيال، إم بي3، إم دي، كاميرات رقمية. صديقتي تحلم بأن تحمل حقيبة برادا PRADA ، وهو حلم يعكس النزعة المادية لهذا الجيل الذي يسعى لتدمير العادات والتقاليد. نعشق نجوم السينما والتلفزيون والإم تي في ومجلات الموضة... وشبكات الإنرتنت. وإذا كانت العلوم تغير المصير فإن الإنترنت غير حياتنا كلها، فكرنا ولبسنا وقيمنا وطريقة كلامنا، جعلنا نكبر بسرعة. عبر الإنترنت نبرز شخصيتنا وطبيعتنا وننسج خيالاتنا ونحقق أحلامنا. في قاموسنا اختفت عبارة "التدرب على الكتابة" وبات "الخطأ اللفظي" كلاما قديما، ومضحكا؛ فالرموز والألفاظ الغلط والعبارات الموجزة هي لغة الإنترنت. بضغطة على الفأرة تجوب عالم المعلومات وتعيش في دنيا الألعاب الإلكترونية. نشتري عبر الإنترنت، ونبحث عن العمل بالإنترنت ونذاكر دروسنا ونجري بحوثنا ونكتب رسائلنا ونتعرف على الأصدقاء وندردش ونلعب عبر الإنترنت..    الحياة التي

جيلنا يتحمل ضغوطا فكرية هائلة، فالتقاليد والأفكار تتناوب على عقولنا ولا نملك أن نقول "لا" أمام بعض الجديد، مثلما كان يفعل جيل السبعينات، ولا يمكن أن نقبلها بسعادة مثل أبناء التسعينات. العشرون عاما المنقضية كانت حقبة تغيرات هائلة غير مسبوقة في هذا البلد ونحن الجيل الذي أقبل على الجديد، ولكن القديم ظلت له جذور في أعماقنا، فأصبحنا الجيل الحائر. تابو الحديث عن الجنس انتهى الآن بينما كانت وجوهنا تصفر وتحمر عندما يأتي له ذكر. لم تكن أخبار الإقامة المشتركة بدون زواج صدمة لنا ولكن كثيرين منا كان يرفضها. كنا نقف متفرجين. الحياة التي

جيلنا يعتبر العمل طريق الحياة مع أننا نواجه "شوكة التوظيف". التنمية الاجتماعية في حاجة إلى كثير من المتخصصين ذوي المستوى الرفيع وصدم اقتصاد السوق مواليد الثمانينات. لدينا رغبة شديدة في العمل والمال. عدد متزايد من الشباب يعملون في المطاعم والمقاهي والسوبرماكت... صديقي شياو يو، ترك المدرسة في المرحلة الإعدادية والآن، يغني، نهارا، في أحد أنفاق المدينة، وليلا في الملاهي ويعيش عيشة راضية قانعا بأن العمل أكثر حرية من الدراسة. صديق آخر يقول:"جيلنا يعى المنافسة المحتدمة في كل العالم ونؤكد على الشخصية والمزايا في أوقات كثيرة. ذهب ضياء الأجيال السابقة، التطور الاجتماعي يتطلب من جيلنا ابتكار الجديد. أحب التحدي، لكن المدرسة لا تستطيع أن توفي فضولي، لذلك، كدت أترك المدرسة. عندما أعمل أشعر بأن الحياة حلوة". نحن جيل يحب المال، ونريد أن نكسب بقدراتنا وبطرق مشروعة. مسؤوليتنا كجيل الطفل الواحد تفوق  مسؤولية الذين ولدوا في السبعينات، حيث يعول كل زوجين منا أربعة مسنين وطفلا، فكيف نكفيهم بدون قدرة اقتصادية؟ الحياة التي

باختصار نحن الجيل الذي نعم بكثير من الرعاية والفرص، وتذوق ملذات الحياة التي لم يعرفها جيل سبقه، نشأنا مغمورين بأشعة الشمس برغم الضجيج والاضطراب والقلق. الحياة التي

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.