محتويات العدد 8 أغسطس (آب) 2004
م

ويعبدونها ويعبدون الشجر أيضا! ويعبدونها

يانغ لانغ تاو

في مايو عام 1998، قام المصور الصحفي لي تيان شه، برعاية وزارة الغابات الصينية، برحلة بالسيارة، بدأها من مدينة تشنغدو، قطع خلالها أراضي الصين، يصور ويسجل ويستكشف الأشجار الصينية المشهورة. ويعبدونها

في هذه المسيرة الخضراء التي امتدت خمسة وأربعين يوما اجتاز الرجل نهر اليانغتسى سبع مرات، وعبر النهر الأصفر ثلاث مرات، وزار اثنتي عشرة مقاطعة، قاطعا خمسة وعشرين ألف كيلومتر. استطلع لي تيان شه في هذه الرحلة ستا وأربعين شجرة قديمة بأنواع مختلفة، منها السرو بضريح الإمبراطور هوانغ دي والصفيراء بمعبد منشيوس. ويعبدونها

المصور الكبير العاشق للعدسة يقول: "هذه الأشجار القديمة تحكي تاريخ الأمة الصينية، أراها من عدستي جذوعها وجذورها التي نحتتها الرياح والصقيع فأستشعر حيوية حضارة الصين العظيمة."

عبادة إله الشجر عادة صينية قديمة. وتقول المخطوطات الأثرية إن التنين هو تجسيد لإله الشجر. الشكل الأصلي للتنين شجرة ضخمة دائمة الخضرة، مثل الصنوبر، ولا غرو أن عبادة الصينيين للتنين هي اتعكاس لعبادتهم إله الشجر. ويعبدونها

كان الإنسان في المجتمع البدائي يعيش معتمدا على قطف الثمار وجمع الجذور الدرنية والأوراق الغضة. ومازال قطف الثمار جزء هام من حياة الفلاح في العصر الحديث، لذلك تنشأ مشاعر خاصة مع بعض الأشجار الضخمة المعمرة نتيجة طول المعاشرة، لأنها تنتج ثمار أكثر من الشجر الصغير والنبات العشبي. الأشجار الضخمة تكون أيضا بيت كثير من الطيور وتقدم للإنسان الخشب الذي يستخدم عادة في البناء. العمر المديد للشجر الضخم يدفع البعض إلى الاعتقاد أن له روحا مستترة. في سانشينغدوى الصينية شجرة مقدسة طولها 95ر3 أمتار. ويعبدونها

تنتشر عبادة إله الشجر في الصين، وباختلاف الزمان والمكان تختلف الأشجار وتتباين عبادتها. في مقاطعة قويتشو يعبد أبناء قومية مياو شجر القيقب، ويعتبرونه جدهم الأول. وفي مقاطعة قوانغشي يؤمن أبناء قومية تشوانغ بأن شجر الأثأب عميق الجذور ذا الأوراق الخضراء رمز للعزوة وكثرة النسل. وفي طقوس تقديم القرابين للتنين كل عام، يختار أبناء قومية يي بمقاطعة يوننان شجرتي كستناء رمزا للتنين الذكر والتنين الأنثى، ويعتقد أبناء قومية يي أن المرأة العاقر تحمل بعد أن تصلي لهاتين الشجرتين. في مقاطعة تشجيانغ، كل طفل له أب وأم من الشجر، وفي المناسبات والأعياد يصلي الطفل وأبواه للشجرتين ويجددا تربتهما ويسمدانهما ويحميانهما من القطع. ويعبدونها

ويوضح لي تيان شه أن كثيرا من المعابد والبنايات القديمة في الصين بها الكثير من الأشجار القديمة، ذلك أن الديانات الصينية تعتقد أن للنبات حياة وروحا مثل الإنسان تماما. وتدعو الطاوية إلى زراعة النبات، ولذلك تصبح الأشجار التي غرسها المشاهير بأياديهم في المعابد الطاوية مقدسات للطاويين. وفي معظم المعابد توجد عادة مساحة مخصصة لغرس الزرع، فيأكل من ثمرها الرهبان وتكتب على أوراقها الأسفار المقدسة. ويعبدونها

وفي الصين يقدسون الأشجار العالية الضخمة ويعبدونها ويخصونها بالاحترام والحماية، فإذا ما اضطروا إلى قطعها تقدموا إليها بالقرابين ملتمسين عفوها. وإلى الآن يغني أبناء قومية داي بمقاطعة يوننان للأشجار عندما يزرعونها. يقولون: "نغبطك أيها الشجر المقدس. ننأى بك عن الجبال العالية، ولا نزرعك في الأودية العميقة بل بجانب قرانا وحقولنا وشوارعنا فنمد جذورك في الأرض وتنمو نضرا يانعا". ويعبدونها

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.