أخبار < الرئيسية

كيف استفاد العالم من انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية؟

: مشاركة
2018-07-13 16:53:00 الصين اليوم:Source حسن وانغ ماو هو:Author

تعترف الصين بأنها تجني ثمار انضمامها لمنظمة التجارة العالمية قبل 17 عاما، ولكن السؤال المشروع هو: وماذا استفاد العالم من ذلك؟ الحقائق والأرقام تشهد بأن ما جناه العالم من تلك الخطوة، لا يقل عن مكاسب الصين. الأهم هو أنه ما كان يمكن لهذه المنظمة أن تكون منظمة عالمية للتجارة بدون الصين، وفقا لتعبير المدير الأسبق للمنظمة مايكل مور. بل إن مكاسب الصين هي في الحقيقة رصيد لإنجازات المجتمع الدولي، فعندما يتخلص ملايين الصينيين من الفقر، وعندما يتحسن مستوى معيشة ما يقرب من مليار وأربعمائة مليون نسمة في الصين، وعندما تندمج مصالح الصين التجارية مع العالم، وعندما توفر المنتجات الصينية لغير القادرين في العالم فرصا لحياة أفضل، كل ذلك يساهم في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها البشرية.

لقد دشنت الصين مرحلة جديدة من انفتاحها بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وأصبحت منذ عام 2002، أي بعد عام واحد من انضمامها للمنظمة، محركا أساسيا لتعافي ونمو الاقتصاد العالمي. الصين تساهم بنحو 30% من النمو الاقتصادي العالمي. إن مقارنة بسيطة بين ما كانت تستورده الصين من بقية دول العالم قبل وبعد انضمامها للمنظمة تبين حجم استفادة العالم من انخراط الصين في التجارة الدولية. في عام 2001، كان حجم واردات الصين 6ر243 مليار دولار أمريكي، وصل في عام 2017 إلى تريليون و84 مليار دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي بلغ 5ر13%، والصين حاليا ثاني أكبر دولة مستوردة في العالم. في تلك الفترة، زادت واردات الصين من الخدمات من 3ر39 مليار دولار أمريكي إلى 6ر467 مليار دولار أمريكي، بمعدل نمو بلغ 7ر16%، أي 7ر2 ضعف متوسط الزيادة العالمية. الصين حاليا شريك تجاري رئيسي لأكثر من مائة وعشرين دولة ومنطقة في العالم. في عام 2001 كان حجم استثمارات الصين المباشرة الخارجية حوالي 47 مليار دولار أمريكي، وصل إلى أكثر من 136 مليار دولار أمريكي في 2017، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 9ر6%.

الحقائق تقول إن معدل زيادة واردات الصين في الفترة الأخيرة أقل من معدل زيادة صادراتها، ففي عام 2017، زادت واردات الصين بنسبة 7ر81% بينما زادت صادراتها بنسبة 8ر10% فقط. وفي عام 2017، انخفض الفائض التجاري للصين بنسبة 2ر14% مقارنة مع عام 2016.

من المهم أيضا هنا أن هيكل التجارة بين الصين والدول النامية يتغير، ففي الفترة من يناير إلى نوفمبر 2017، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا حوالي 155 مليار دولار أمريكي، بمعدل زيادة بلغ 8ر14% مقارنة مع العام السابق، وبلغت قيمة صادرات الصين إلى أفريقيا حوالي 86 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 3ر2%، في حين بلغت قيمة الصادرات الأفريقية إلى الصين حوالي 67 مليار دولار بزيادة بلغت نسبتها 4ر35%. وعلى مستوى الدول، فإن صادرات مصر، كمثال، إلى الصين خلال شهري يناير وفبراير 2018 ارتفعت بنسبة 99% تقريبا، لم يتجاوز معدل زيادة الصادرات الصينية إلى مصر 26% تقريبا مقارنة مع نفس الفترة من عام 2017. في العام الماضي، احتلت مصر المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الدول المصدرة للحمضيات إلى الصين، بعد جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية. في موسم 2016/ 2017 زادت صادرات مصر من البرتقال إلى الصين بنسبة 204%، وفي ظل النزاع التجاري الصيني- الأمريكي الحالي، من المتوقع أن تزيد صادرات مصر من الحمضيات إلى الصين بنسبة كبيرة.

وحسب تقرير لشبكة "بلومبرج" الإخبارية، فإن قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يستفيد من النزاع التجاري الصيني- الأمريكي. وقالت الشبكة إنه في حال مضت الصين قدما في اقتراحها لفرض رسوم بنسبة 25% على البولي إيثيلين والبروبان السائل اللذين كانا من بين 106 سلع أمريكية مستهدفة، قد يتجه المشترون الصينيون إلى بدائل أقل تكلفة، الأمر الذي يجعل الشرق الأوسط الغني بالطاقة، والذي يحتوي على الكثير من الإمدادات البتروكيماوية، مناسبا تماما لتلبية متطلبات السوق الصينية.

من جانب آخر، فإن المنتجات الصينية ذات الأسعار المناسبة، أفادت الملايين من البسطاء في أنحاء العالم، فانخراط الصين في الاقتصاد العالمي أدى إلى انخفاض في الأسعار العالمية، سواء بالنسبة للمستهلكين الذين يستخدمون المنتج النهائي أو للمنتجين الذين يحصلون على أرخص المدخلات الممكنة. لقد أتاحت المنتجات الصينية لكثيرين، حتى في الدول الغربية، فرصة الحصول على سلع أكثر بتكلفة أقل. كما أن حاجة المصنعين الصينيين إلى إنتاج سلع بأسعار معقولة  جعل الحكومة الصينية تخفض التعريفات الجمركية على مدخلات الإنتاج، وهذا بدوره أتاح فرصا عديدة للمصدرين من الخارج. لقد كانت الخطوة الأولى في نهضة التصنيع والتصدير الصينية هي خفض التعريفات الجمركية على الواردات.

الوجود الصيني في الاقتصاد والتجارة العالميين ربما يقلق بعض الدول، ولكن يتعين على تلك الدول أن تنتبه إلى حقيقة أن الصين تدخل مرحلة من مراحل تطورها الاقتصادي مع إمكانات هائلة لنمو الاستهلاك واستيراد السلع والخدمات، حيث تقدر قيمتها بأكثر من عشرة تريليونات دولار أمريكي في السنوات الخمس المقبلة. بعبارة أخرى، سوف تنفتح الصين أكثر على العالم. ومن المظاهر الواضحة لهذا الاتجاه هو إقامة معرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي في شهر نوفمبر 2018. بالنظر إلى هذا المنظور، يجب ألا تركز النزاعات التجارية الحالية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على الأرقام الحالية للميزان التجاري فحسب، وإنما أيضا أن تنظر إلى المستقبل الواعد.

إن الصين لا تسعى إلى مصالحها على حساب مصالح الآخرين، ودليل ذلك أنها أوفت بكافة التعهدات التي قطعتها على نفسها عند الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. الصين لا تركض خلف مصالح أنانية، ولكنها أيضا لا تخشى التهديدات الأمريكية، فالشعب الصيني لديه تاريخ طويل من النضال الشاق والكفاح المرير.

إن منظمة التجارة العالمية تواجه حاليا لحظة صعبة. يجب إعطاء منظمة التجارة العالمية أهمية أكبر. ودعم الصين للمنظمة يعطي دفعة لها. يجب التعامل مع النزاعات التجارية بطريقة لا تضر بالأبعاد الأخرى للعلاقات بين الدول المشاركة في نزاع تجاري. وينبغي ألا ننسى أن التجارة الدولية هي أحد شروط الحفاظ على سلام العالم. إن الولايات المتحدة الأمريكية بسياساتها التجارية تضر بالنظام العالمي. ينبغي للعالم أن يتوحد في مواجهة الهيمنة الأمريكية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4