ملف العدد < الرئيسية

((صنع في الصين)) في الثورة الصناعية الرابعة

: مشاركة
2018-05-31 10:42:00 الصين اليوم:Source تشو سن دي:Author

حاليا، ومع التعديلات والتغييرات غير المسبوقة التي تشهدها الصناعة التحويلية مدفوعة بالثورة الصناعية الرابعة، فإن بعض الاقتصادات المتقدمة، بما فيها اقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان، وضعت بالفعل إستراتيجيات لتعزيز قطاعاتها التصنيعية. في عام 2011، أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية "خطة شراكة التصنيع المتقدم"، لتأمين القيادة الأمريكية في التصنيع المتقدم وتعزز قدرتها التنافسية العالمية، وبعد ذلك، طرحت شعار "إعادة تصنيع الولايات المتحدة و إرجاع وظائف التصنيع"،  وطرحت ألمانيا "إستراتيجية التكنولوجيا العالية الجديدة 2020"، ووضعت بريطانيا "إستراتيجية الصناعة البريطانية 2050"، وطرحت اليابان "إستراتيجية إنترنت الأشياء"  و"إستراتيجية الروبوت"، كما وضعت فرنسا "خطة الصناعة من أجل المستقبل" ، في حين تبنت جمهورية كوريا "خطة تعزيز قوة دفع النمو المستقبلي"، وإلى آخره من الإجراءات التي تستهدف دفع تطوير إنتاجها الصناعي وتكيفها مع المستقبل.

برغم أن الصين تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث حجم الإنتاج الصناعي، ما زالت هناك فجوة كبيرة  بين القطاع الصناعي الصيني ونظيره في الدول الصناعية المتقدمة، من حيث الفعالية والعائد والجودة والهيكل الصناعي والتنمية المستدامة واستهلاك الموارد. إن القطاع الصناعي الصيني، لكي يتمكن من تحقيق النمو المستدام في ظل الثورة الصناعية الرابعة ويحافظ على مكانته الجوهرية ككيان رئيسي للاقتصاد الوطني الصيني باستمرار، ويواكب مكانة الصين العالمية في القطاع الصناعي العالمي، لا بد أن يحول تركيزه من الاهتمام بالحجم والسرعة إلى الاهتمام بالجودة والعائد، ومن النمو بسرعة عالية إلى التنمية العالية الجودة.

الاتجاه والأساس

في عام 2013، نظمت الأكاديمية الصينية للهندسة فريقا ضم أكثر من مائة أكاديمي وعالم، لبحث اتجاه تطوير القطاع الصناعي الصيني، واستعراض إجراءات وإستراتيجيات الدول الصناعية المتقدمة، وقضايا القطاع الصناعي الصيني، وآثار التقدم التقني الرئيسية. بعد سنتين من الجهود، قدم الفريق بحثا حول القطاع الصناعي الصيني، استندت إليه الحكومة الصينية في صياغة إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) التي أعلنت في مايو عام 2015.

((صنع في الصين 2025))، إستراتيجية تهدف إلى دفع الارتقاء بالقطاع الصناعي الصيني وتحويله، وتعزيز القدرة التنافسية الصناعية الصينية، لتنضم الصين إلى صفوف دول العالم القوية في القطاع الصناعي، من حيث تخفيض استهلاك الموارد ورفع إنتاجية العمل وتعزيز القدرة على الابتكار التكنولوجي وتحسين الهيكل الصناعي وتحسين المنظمات الإنتاجية والإسراع في تكامل المعلومات والتصنيع، وتوسيع التعاون الدولي وغيرها من المجالات المعنية، عبر سلسلة من الإجراءات وثلاثة عقود من الجهود. وبناء على ذلك، تقرر تنفيذ خمسة مشروعات بحلول عام 2025: بناء مركز ابتكار لقطاع الصناعة، التصنيع الذكي والتصنيع الأخضر، تعزيز أساس الصناعة، ابتكار المعدات الراقية، وإجراء عمليتين خاصتين لرفع الجودة والتصنيع الموجه للخدمات، بالإضافة إلى صياغة خطة تنمية المواهب، وخطة لدفع صناعات تكنولوجيا المعلومات والمواد الجديدة والأدوية.

تتخذ إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) الابتكار كالقوة المحركة القيادية، وتعزيز قاعدة الصناعة ورفع الجودة كأساس، والتصنيع الذكي كاتجاه رئيسي، والتصنيع الأخضر والتصنيع الموجه للخدمات كجناحين. إن هذا يبين أن الصين تسعى لدفع تطوير القطاع الصناعي من جوانب متعددة  بجهودها الذاتية، وعن طريق مواجهة كافة قضاياها الحقيقية. إن هدف تنفيذ هذه الإستراتيجية هو رفع مستوى القطاع الصناعي الصيني على نحو شامل وجعلها تلحق بركاب الثورة الصناعية الرابعة. إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) تجسيد هام لمفاهيم التنمية الخمسة المتمثلة في "الابتكار والتناسق والخضرة والانفتاح والتمتع المشترك بثمار التنمية"، التي طرحها الرئيس شي جين بينغ. كما أنها عملية هامة لرفع قدرة القطاع الصناعي الصيني على الإمداد والعرض.

تحقيق هدف ((صنع في الصين 2025)) يقوم على أربع نقاط أساسية: أولا، التمسك بتعميق الإصلاح على نحو شامل، وحفز حيوية الشركات وتحرير قوى الإنتاج بابتكار النظم والآليات؛ ثانيا، جعل السوق تلعب دورا حاسما في تخصيص الموارد، وتمكين الحكومة من لعب  دور أفضل، من أجل خلق بيئة تجارية جيدة ودفع الابتكار وتأسيس المشروعات؛ ثالثا، دفع قدرة الابتكار، ودفع تطور الصناعات بالابتكار، وتحقيق تحول القوة المحركة لتطور القطاع الصناعي الصيني؛ رابعا، توسيع الانفتاح، والقيام بالتعاون الدولي المتكافئ والمتبادل المنفعة في بيئة مفتوحة، ورفع قدرة القطاع الصناعي الصيني على التنافس الدولي، وتعزيز مساهمة الصين في القطاع الصناعي العالمي. تؤكد إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) على أن تلعب السوق الدور الريادي في بيئة مفتوحة، وتؤكد إيجابية وحيوية التصنيع، وتهتم بحقوق الملكية الفكرية وحمايتها، وتدفع رفع قدرة القطاع الصناعي على الابتكار والعرض، عن طريق التعاون المحلي والدولي الواسع.

ثمار مبكرة للتصنيع الذكي والتصنيع الأخضر

منذ البدء في تنفيذ إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) قبل ثلاث سنوات، حقق التصنيع الصيني ثمارا مبكرة. ازداد الوعي بشكل عميق بأهمية التصنيع في الاقتصاد الوطني، تم إحراز تقدم مشجع في التصنيع الذكي والأخضر، ويتعزز بناء نظام الابتكار للتصنيع، وترتفع سرعة التحول الهيكلي وتحول القوة المحركة، وتتعزز قدرته على الابتكار والإمداد في مجالات متعددة بشكل ملموس.

في عام 2016، ارتفعت بدرجات مختلفة مؤشرات القياس للدول الصناعية القوية، مقارنة بعام 2012، من حيث عدد براءات الاختراع الدولية والقيمة المضافة لكل وحدة، والاستثمار في البحث والتطوير، ونسبة العاملين في التصنيع من إجمالي العمالة، وإنتاجية العمل في قطاع التصنيع، ونسبة الربح من المبيعات، ومؤشر تطور تكنولوجيا المعلومات. ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة، اهتمام الصين المتنامي بالابتكار التكنولوجي، فقد بلغت نسبة كثافة مدخلات البحث والتطوير لقطاع التصنيع 01ر2% في عام 2015. وفي التصنيع الذكي، ارتفعت القدرة الإنتاجية للشركات التي تنفذ التصنيع الذكي بنسبة 20%، وانخفضت تكاليف التشغيل بنسبة 20%، وانخفضت فترات البحوث بنسبة 30%، وانخفض استهلاك الطاقة بنسبة 10%. كل ذلك يبين روح الكفاح والإصرار لهذه الشركات في مسيرتها لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة. وفي ذات الوقت، تساهم هذه الشركات في دفع تطوير الشركات الأخرى التي لا تزال في مرحلة التصنيع 0ر2 والتصنيع 0ر3. تشارك في تنفيذ إستراتيجية ((صنع في الصين 2025))، شركات ذات أنماط ملكية مختلفة، ولذلك تزداد أعمال الأتمتة للشركات الأجنبية بصورة كبيرة، كما تزداد معدات التصنيع الذكي التي تحمل العلامات التجارية الأجنبية، في السوق الصينية بصورة ملحوظة. خذ على سبيل مثال الروبوتات الصناعية، في عام 2016، بلغ حجم مبيعات الروبوتات المتعددة المفاصل في السوق الصينية 42963 وحدة، بزيادة بلغت نسبتها 2ر25% مقارنة مع عام 2015، وزادت مبيعات الروبوتات  بنسبة 1ر19% مقارنة مع عام 2015 وتحتل 5ر78% من حصة  السوق في الصين؛ وبلغ حجم مبيعات الروبوت SCARA حوالي 9553 وحدة، بزيادة بلغت نسبتها 9ر51% مقارنة مع عام 2015، محتلة 7ر88%  من حصة  السوق في الصين.

طريق رفع الجودة وزيادة العائد مازال شاقا

في الواقع، مازال تطور قطاع التصنيع الصيني يعتمد على توسيع الحجم. لم يتحقق بعد التحول من الاعتماد على توسيع الحجم، إلى الاعتماد على رفع الجودة. ما زالت هناك فجوة واسعة بين قطاع التصنيع الصيني مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا، في مجالات رفع الجودة وزيادة العائد، وتحسين الهيكل، والتطور المستدام. إن رفع الجودة وزيادة العائد هما اتجاه رئيسي، كي تحقيق الصين اختراقات في السنوات المقبلة.

لا شك أن نتائج تنفيذ ((صنع في الصين 2025)) جاءت من جهود الشركات والدعم من أطراف متعددة، وثمرة التوافق مع الثورة الصناعية الرابعة، والتكامل بين أنواع من التقنيات العالية، ونتيجة لتراكم الابتكار التكنولوجي، والتعاون المتبادل المنفعة والمتكافئ مع الشركات الأجنبية في بيئة مفتوحة.

((صنع في الصين 2025)) ليست فقط مجرد اتجاه التطور وهدف قطاع التصنيع الصيني، إنما هي رابط للتعاون والتقدم المشترك بين الشركات الصينية والأجنبية. جدير بالذكر، أن الصين تقوم بالنقاش والتعاون المتعدد في مجال قطاع التصنيع مع ألمانيا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. إن تنفيذ المشروعات الخمسة لـ((صنع في الصين 2025))، وتحويل قطاع التصنيع الصيني والارتقاء به، يوفر فرصا وسوقا لشركات التصنيع الدولية باستمرار. ومع التنفيذ العميق لها، سيصبح التبادل والتعاون والفوز المشترك والمنفعة المتبادلة بين الصين والدول الصناعية المتقدمة أكثر نشاطا وأوفر ثمارا.

وفي النهاية، لا بد من التنويه إلى أن استنتاجات واستنباطات بعض المنظمات الدولية حول ((صنع في الصين 2025))، تفتقر إلى التحقيق العلمي والعدالة والإنصاف، مما يؤدي إلى نتائج وأفكار خاطئة. على سبيل المثال، تناول التقرير السنوي الخاص 301 لمكتب الممثل التجاري الأمريكي، إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) مرات، لكن محتواه يعج بالاستنتاجات المخالفة للحقائق، ولا تتفق مع حقيقة ((صنع في الصين 2025)). هذا التقرير يخالف مبادئ منظمة التجارة العالمية، إذ قامت الولايات المتحدة الأمريكية بخطوة أحادية وفرضت تعريفة جمركية بنسبة 25% على 1300 سلعة من وارداتها من الصين، منها منتجات في مجالات الطيران والفضاء، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، منتجات المعدات والأجهزة. هذا القرار ستكون له تأثيرات سلبية على الشركات الصينية، وبالمقابل، فإن إجراءات الرد الصينية ستكون لها أيضا تأثيرات سلبية على الشركات الأمريكية.

تنفيذ إستراتيجية ((صنع في الصين 2025)) سوف يلعب دوره المستمر في رفع قدرة التنافس الدولية لشركات التصنيع الصينية. سيواجه قطاع التصنيع الصيني فرص وتحديات الثورة الصناعية الرابعة، وسيستفيد من نتائجها العلمية، وسيسرع في تحويل القوة المحركة، وسيعزز قدرة الابتكار وقدرة الإمداد، لكي يسهم في دفع تقدم الصين وتحولها إلى دولة صناعية قوية راسخة.

--

تشو سن دي، المدير الشرفي للجنة الخبراء بالاتحاد الصيني لصناعة الآلات.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4