الذكرى السنوية العاشرة للبناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" < الرئيسية

تحديات وفرص جديدة للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي في إطار "الحزام والطريق"

: مشاركة
2023-10-16 15:48:00 الصين اليوم:Source هو هونغ:Author

يصادف عام 2023 الذكرى السنوية العاشرة لطرح مبادرة "الحزام والطريق". واستنادا إلى مبادئ التشاور والتشارك والتنافع، أصبحت هذه المبادرة آلية فعالة للصين ودول أخرى في العالم لتحقيق الترابط والتواصل في السياسات والمرافق والتجارة ورأس المال وتفاهم الشعوب.

وبالنسبة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، التي تتطور منذ أكثر من سبعين عاما، أضحت مبادرة "الحزام والطريق" منصة جديدة للتعاون بين الجانبين وتعطي قوة دفع جديدة للتعاون بينهما. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن اضطراب الوضع الجيوسياسي العالمي والسياسات المتشددة التي تنتهجها بعض الدول الأوروبية تجاه الصين كنتيجة لنزعة الهيمنة وفكر اللعبة الصفرية، ألقت بظلالها على العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي في العامين أو الثلاثة أعوام المنصرمة، كما أعاقت تعاون الجانبين في إطار "الحزام والطريق" والإطلاق الكامل لإمكانات الترابط والتواصل بين آسيا وأوروبا.

نتائج مثمرة للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي

عندما يتعلق الأمر بنتائج التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي في إطار "الحزام والطريق"، فإن الأكثر لفتا للنظر هو قطار الشحن السريع الصين- أوروبا. منذ أن غادر أول قطار من محطة حاويات السكك الحديدية المركزية في قرية توانجيه في مدينة تشونغتشينغ في مارس 2011، وحتى النصف الأول من عام 2023، قام قطار الشحن السريع الصين- أوروبا بتشغيل أكثر من 73 ألف رحلة ونقل 9ر6 ملايين حاوية معيارية مكافئة لعشرين قدما. في الوقت الحاضر، تغطي شبكة خدمة النقل بقطار الشحن السريع الصين- أوروبا بشكل أساسي كل أراضي منطقة أوراسيا. في النصف الأول من عام 2023، قام قطار الشحن السريع الصين- أوروبا بتشغيل 8641 رحلة ونقل 936 ألف حاوية مكافئة لعشرين قدما، بزيادة بلغت نسبتها 16% و30% على التوالي على أساس سنوي. في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، لم تتمكن جائحة كوفيد- 19 ولا الضعف الحالي للطلب العالمي من منع النمو المستدام والمستقر للتجارة على طول خط قطار الشحن السريع الصين- أوروبا، الذي أصبح الاختيار الأول للخدمات اللوجستية والنقل الدولي بين الصين وأوروبا، ويعرف باسم "قوافل الإبل الفولاذية" التي تربط بين آسيا وأوروبا، وأصبح عامل استقرار مهما لدعم التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي وحتى التعاون بينهما.

إن تطوير قطار الشحن السريع الصين- أوروبا ليس سوى نموذج مصغر للترابط بين آسيا وأوروبا وبناء "الحزام والطريق". وعلى مدى العقد الماضي، أحرزت الصين والاتحاد الأوروبي تقدما كبيرا في التعاون بشأن مبادرة "الحزام والطريق"، من حيث السياسات والمرافق والتجارة ورأس المال وتفاهم الشعوب. من قطارات الشحن إلى إعادة إنهاض الموانئ، ومن الجسور عبر البحر إلى مصانع اللقاحات، ومن الاقتصاد الرقمي إلى النمو الأخضر، حقق التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي نتائج شاملة ومتنوعة.

على مستوى السياسات، وقعت الصين مذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون واتفاقيات مع 26 دولة أوروبية، بما في ذلك المجر واليونان وإيطاليا والبرتغال، بشأن بناء مبادرة "الحزام والطريق". وقد جرت مرارا تبادلات واتصالات ثنائية ومتعددة الأطراف بين الوزارات واللجان المعنية بالربط البيني للنقل والجمارك والتجارة والزراعة والوزارات واللجان الأخرى. فيما يتعلق بالبنية التحتية، ينظر إلى ميناء بيرايوس اليوناني وسكة حديد المجر- صربيا على أنهما مشروعان رائدان للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي في إطار "الحزام والطريق". جسر بيليساك في كرواتيا، الذي تم افتتاحه رسميا أمام حركة المرور في عام 2022، هو المرة الأولى التي تفوز فيها شركة صينية بمناقصة لمشروع ممول من الاتحاد الأوروبي، وهو أيضا أكبر مشروع منفرد يموله صندوق الاستثمار الأوروبي وتنفذه شركات صينية، ويعد نموذجا جديدا للتعاون في البنية الأساسية بين الصين والاتحاد الأوروبي.

باعتبارهما الركيزتين للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، استفادت التجارة والتمويل أيضا بشكل كامل من تطوير بناء "الحزام والطريق". من عام 2016 إلى عام 2021، زاد حجم واردات الصين من الاتحاد الأوروبي بنسبة 7ر63%، وزادت وارداتها من أوروبا الوسطى والشرقية بنسبة 3ر127%، مما خفف بشكل فعال من اختلال التوازن التجاري الطويل الأمد بين الصين وأوروبا. كما تشارك المؤسسات المالية الأوروبية بنشاط في بناء "الحزام والطريق"، إذ أصدر دويتشه بنك الكتاب الأبيض لمبادرة "الحزام والطريق" في عام 2019، ووقع كومرتس بنك مذكرة تفاهم مع البنوك التجارية الصينية بشأن التعاون في "الحزام والطريق" في عام 2018، كما وقع أيضا في عام 2019 على مبادئ الاستثمار الأخضر في إطار "الحزام والطريق".

كما تتعمق التبادلات الشعبية بين الصين والاتحاد الأوروبي. وقد عززت التبادلات بين السياح العاديين والتعاون بين الجامعات والتبادلات بين مراكز الفكر والعلماء تعميق التبادلات بين الصين والاتحاد الأوروبي حول "الحزام والطريق" على مختلف المستويات. تعد أوروبا من أفضل الوجهات للطلاب والسياح الصينيين. بعد إلغاء تدابير الوقاية من الأوبئة ومكافحتها، انتهزت حكومات الصين وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا فرصة عام السياحة الثقافية الثنائية في العامين الماضيين لتعزيز إحياء التبادلات الفنية والرياضية بين الجانبين. في الآونة الأخيرة، تم عرض أعمال فنانين أوروبيين مثل رافائيل ومونيه وفان جوخ وماتيس وغيرهم من كبار الرسامين الأوروبيين في الصين، واجتذبت عددا كبيرا من الصينيين. كما استغلت الصين دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022 لتعزيز التعاون الرياضي مع إيطاليا التي ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة، وفرنسا، التي ستستضيف الدورة الرابعة والعشرين للألعاب الأولمبية الصيفية.

جلبت مبادرة "الحزام والطريق" منافع ملموسة أيضا للمؤسسات والمدن على طول "الحزام والطريق" في الصين ودول الاتحاد الأوروبي، وحققت آثارا إيجابية غير مباشرة. يمر قطار الشحن السريع الصين- أوروبا عبر 26 دولة وأكثر من 300 مدينة، مثل إيوو في الصين ولودز في بولندا ودويسبورغ في ألمانيا، والتي حققت استفادة كاملة من الفوائد التي جلبتها "الحزام والطريق"، مما دفع الازدهار الاقتصادي الإقليمي والنمو الكامل للتوظيف.

استفاد العدد الهائل من الدول النامية المشاركة في بناء "الحزام والطريق" من تعاون الصين والاتحاد الأوروبي بشأن "الحزام والطريق"، وأصبح التعاون في السوق من طرف ثالث جزءا مهما من بناء "الحزام والطريق" من قبل الصين والاتحاد الأوروبي. فقد أنشأت الصين مع فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى آليات تعاون مع طرف ثالث. وبموجب هذه الآلية، يمكن الجمع بين القدرة الإنتاجية المتفوقة والمعدات وقدرات البناء الهندسية للصين مع مزايا المعدات التقنية الأساسية وخبرة إدارة السوق للدول الأوروبية، وتلبية احتياجات التصنيع والتحديث للبلدان النامية في آسيا الوسطى وأفريقيا ومناطق أخرى المشاركة في بناء "الحزام والطريق"، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بما يتجاوز التعاون الثنائي، وتحقيق نتائج مربحة للأطراف كافة. بالإضافة إلى ذلك، مع ربط قطار الشحن السريع الصين- أوروبا بمشروعات النقل في آسيا مثل سكة حديد الصين- لاوس، سيجلب ربط النقل بين الصين وأوروبا زخما جديدا للتنمية الإقليمية وبناء "الحزام والطريق" بين الصين وأوروبا.

تحديات وفرص جديدة

على الرغم من بدايته الجيدة، واجه التعاون في مشروعات "الحزام والطريق" وتعزيز الترابط بين آسيا وأوروبا وبين الصين وأوروبا عقبات كبيرة للغاية بسبب تأثير جائحة كوفيد- 19 والأزمة الأوكرانية، وباتت استعادة الزخم حاجة ملحة.

أدى تفشي الوباء والأزمة الأوكرانية إلى زعزعة الأمن الإقليمي وتعطيل سلاسل التوريد بشكل خطير. كما تسبب أيضا في احتدام اللعبة الجيوسياسية بين القوى العالمية الكبرى. في هذه العملية، أصبح التفاهم المتبادل بين الصين والاتحاد الأوروبي سلبيا على نحو متزايد في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، وتضررت الثقة المتبادلة بين الجانبين، فيشير بعض المسؤولين والباحثين الأوروبيين إلى تراجع موثوقية سياسات الصين السياسية والاقتصادية والأمنية وإمكانية التنبؤ بها، ويتهمون الصين بـ"إساءة استخدام الإكراه الاقتصادي"، وسلوكها العدواني، في حين يعتقد المسؤولون والأكاديميون الصينيون أن أوروبا تنظر عن طريق الخطأ إلى الصين على أنها "منافس منهجي"، وتتبنى سياسة غير براغماتية تجاه الصين، وتفشل في ممارسة "الاستقلال الإستراتيجي"، وتتبع الولايات المتحدة في الضغط على الصين.

هذه التفاهمات تجعل تعزيز بناء "الحزام والطريق" يواجه وضعا أكثر تعقيدا، وتجلب تحديات جديدة للتعاون بين الصين وأوروبا حول "الحزام والطريق" والترابط بين آسيا وأوروبا. ومن أبرز مظاهرها مبادرة "البوابة العالمية" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2021، التي تدمج مختلف موارد المساعدة الإنمائية للاتحاد الأوروبي، وتقترح بشكل منهجي خطط تعاون عالمية لتحقيق الترابط والتواصل، وتخطط لجمع 300 مليار يورو بحلول عام 2027 للاستثمار في بناء البنية التحتية الرئيسية في ما يسمى بالدول الشريكة "ذات التفكير المماثل" للاتحاد الأوروبي مثل أوروبا الشرقية وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيان. وفي مارس عام 2023، أصدر الاتحاد الأوروبي كذلك قائمة بالتعاون بين إستراتيجية "البوابة العالمية" وبقية العالم، تشمل التعاون مع أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتحديد مشروعات التعاون الرئيسية مع التركيز على بناء مشروعات التعاون في غربي البلقان والبلدان المجاورة لها.

وتتبع هذه الإستراتيجية مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية باسم "إعادة بناء عالم أفضل"، وينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة من قبل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتحل محل مبادرة "الحزام والطريق". عندما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين عن الإستراتيجية، صرحت علنا بأن إستراتيجية "البوابة العالمية" ستصبح "بديلا حقيقيا" لمبادرة "الحزام والطريق". بالإضافة إلى ذلك، فإن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيطاليين على مختلف المستويات حول النظر في الانسحاب من مبادرة "الحزام والطريق" تسلط الضوء أيضا على التصور السلبي الحالي لـ"الحزام والطريق" في أوروبا.

هذه التغييرات ليست إشارة إيجابية للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي في إطار مبادرة "الحزام والطريق" وبناء الترابط بين آسيا وأوروبا ككل. على الرغم من أنه منذ بداية بناء "الحزام والطريق" في عام 2013، كانت الدوائر السياسية والتجارية والأكاديمية الأوروبية تنتقد دوافع وتنفيذ "الحزام والطريق"، إلا أن جميع الأوساط في أوروبا تلعب بشكل أساسي دور "التعاون الحاسم" لغرض مشاركة أكثر وأفضل في عملية "الحزام والطريق". وهذا أيضا سبب مهم لقدرة الصين وأوروبا على تحقيق نتائج مثمرة في العقد الأول من مبادرة "الحزام والطريق". ومع تبني الجانبين منظور لعبة محصلتها صفر "إما/أو" لعرض القضايا المتعلقة بمبادرة "الحزام والطريق"، يتم تقييد إطلاق "الحزام والطريق" وإمكانات التعاون التي تبلغ قيمتها تريليون يورو للربط بين آسيا وأوروبا إلى حد كبير.

لحسن الحظ، لا يزال الجانبان يعملان على تغيير هذا الوضع. في أوائل أغسطس عام 2023، تحدث وزير خارجية الصين وانغ يي مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، حيث أشار بوريل إلى أنه لا تعارض بين إستراتيجية "البوابة العالمية" ومبادرة "الحزام والطريق" فكل منهما يكمل الأخرى، وكلاهما يهدف إلى تعزيز التنمية العالمية. وأعرب وانغ يي أيضا عن تطلعه إلى "تعويض دروس التبادل المفقودة بين الصين وأوروبا في السنوات الثلاث للوباء". ومع اقتراب بدء منتدى "الحزام والطريق" الثالث للتعاون الدولي في النصف الثاني من عام 2023، فضلا عن الاجتماعات المتكررة بين القادة والمسؤولين الصينيين والأوروبيين على مختلف المستويات، من المتوقع أيضا أن تعود العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي والتعاون بينهما في مبادرة "الحزام والطريق" إلى مسارها.

بالطبع، بالإضافة إلى ما جلبه الوباء والأزمة الأوكرانية من تحديات لـ"الحزام والطريق"، فإنهما قدما أيضا مقترحات جديدة وفرصا جديدة للتعاون في إطار "الحزام والطريق": ارتفعت أهمية الصحة العالمية في السياسة الدولية، وأصبح بناء "طريق حرير صحي" في إطار "الحزام والطريق" ممارسة جديدة للتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي أثناء الوباء، وقد تتمكن الصين والاتحاد الأوروبي من تعزيز آلية التبادل والتعاون أثناء مكافحة الوباء في مجالات أخرى؛ وفي عام 2020، قررت الصين والاتحاد الأوروبي بشكل مشترك بناء مجموعتين جديدتين من العلاقات، "الشركاء الخضر والشركاء الرقميون"، وكيفية تعميق تنمية هاتين المجموعتين من العلاقات في تعاون "الحزام والطريق" بين الصين والاتحاد الأوروبي في العقد الجديد هي أيضا قضية تستحق المناقشة المتعمقة بين الجانبين.

 تشير البيانات إلى أنه بحلول عام 2040، ستصل فجوة الاستثمار في البنية التحتية العالمية إلى 13 تريليون يورو، سواء بالنسبة لمبادرة "الحزام والطريق" أو إستراتيجية "البوابة العالمية"، هناك فجوة ضخمة بين حجمها وفجوة البنية التحتية العالمية. ومن الناحية الموضوعية، لا يزال لدى الصين والاتحاد الأوروبي مساحة واسعة جدا للتعاون.

 --

هو هونغ، باحث في مركز بانقو للأبحاث وباحث مساعد سابق في معهد الدراسات الأوروبية بمعهد الصين للدراسات الدولية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4