مقالات من المجلة < الرئيسية

شعوب الحزام والطريق تجني ثمار التعاون

: مشاركة
2019-04-23 11:10:00 الصين اليوم:Source تشانغ شيوي دونغ:Author

عبر تاريخهم الطويل، استخلص الصينيون خبرة ثمينة، مفادها أن الاهتمام بمعالجة الأمور من أساسها يقود إلى نتائج ملموسة. مبادرة الحزام والطريق، التي طرحتها الصين، تلعب حاليا دورها الأساسي في تحقيق ازدهار ونهضة الدول النامية الآسيوية والأفريقية، وقد حققت بعض المشروعات المتعلقة بالحزام والطريق في دول آسيوية وأفريقية نتائج مثمرة بفضل الجهود التي بذلتها الصين والدول على طول الحزام والطريق.

سكة لاغوس- إبادان تسارع خطى التنمية في نيجيريا

 نيجيريا التي تقع في غربي أفريقيا، هي أكثر دول أفريقيا سكانا، إذ يبلغ عدد سكانها مائتي مليون نسمة. لاغوس، وهي المركز الثقافي لنيجيريا يسكنها أكثر من عشرين مليون فرد، وتعد أكبر مدينة في أفريقيا. في الحقيقة، تعاني نيجيريا من تخلف المنشآت الأساسية، وخاصة أن نقص السكك الحديدية فيها يقيد تنميتها الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، فإن طرق في مناطق الموانئ في لاغوس تعاني زحاما شديدا منذ فترة طويلة، لدرجة أن شاحنات الحاويات كثيرا ما تقف في طابور الانتظار، حتى لا تستطيع أن تتحرك خلال عدة أيام.

ولذلك، قررت نيجيريا بناء خط "لاغوس- كانو" للسكك الحديدية، لتخفيف قيود التنمية. قبل إنشاء هذا الخط، كانت السكك الحديدية في نيجيريا تتسم بضيق مقياس السكك وقصر القضبان، فطول كل قضيب 40 قدما (192ر12 مترا)، والمسافة بين خطي السكة متر، ومن ثم توجد فواصل كثيرة بين القضبان، وهذا يؤثر على سرعة القطارات ويزيد الضجيج.

تعهدت شركة صينية ببناء الجزء الثاني لخط "لاغوس- كانو" الحديدي، الذي يمثل مشروعا نموذجيا في إطار مبادرة الحزام والطريق. يربط هذا الخط بين ثلاث ولايات في نيجيريا ويسمى بـ"سكة لاغوس- إبادان الحديدية"، ويبلغ طوله 156 كيلومترا، وبلغت قيمة عقده 581ر1 مليار دولار أمريكي. بدأ بناء هذا الخط في السابع من مارس 2017، والمدة المحددة للمشروع ثلاث سنوات. تبنى هذا المشروع المعايير الصينية في السكك الحديدية، إذ يبلغ طول قضيب السكة أربعمائة متر، والمسافة بين خطي السكة 435ر1 متر، والسرعة القصوى المصممة 150 كيلومترا في الساعة.

تساعد سكة لاغوس- إبادان الحديدية في تسهيل نقل البضائع بميناء لاغوس البحري وتنشيط اقتصاد المناطق المجاورة. وقد قال إبيكونل أموسون حاكم ولاية أوغون النيجيرية: "هذا الخط يساعد في حل مشكلة المواصلات في لاغوس، ويساهم في تنمية الاقتصاد المحلي، فسوف يأتي مزيد من الناس إلى أوغون، وستصبح مدينة دولية كبيرة. السكة الحديدية ستدفع تطور الاقتصاد المحلي، مما سيرسي أساسا لدخول نيجيريا إلى صفوف الدول المتقدمة."

منذ البدء في بنائه، يحقق مشروع سكة لاغوس- إبادان الحديدية فوائد اقتصادية ملحوظة لنيجيريا، فقد وفر أربعة آلاف وظيفة جديدة للمحليين، وكان عدد العاملين به يصل في وقت ذروة العمل إلى عشرة آلاف شخص، وذلك يساهم في تخفيف حدة مشكلة التوظيف في نيجيريا. وفي الوقت نفسه، قدم هذا المشروع مساهمات في تطوير القطاعات المعنية وزيادة حصيلة الحكومة النيجرية من الضرائب.

في الثامن من فبراير 2019، شارك كثير من النيجيريين في رحلة القطار التجريبية الأولى على هذا الخط، فقد امتلأت عربات الركاب عن آخرها. وفي الحفل الذي أقيم في أبيوكوتا، عاصمة ولاية أوغون، بعد انتهاء الرحلة التجريبية، أعرب وزير النقل النيجيري روتيمي أماشي عن امتنانه للأصدقاء الصينيين.

حتى الآن، تم توقيع اتفاقات تعاون بين الصين وسبع وثلاثين دولة أفريقية والاتحاد الأفريقي في إطار الحزام والطريق، وصارت أفريقيا مقصدا هاما للتعاون الدولي في إطار الحزام والطريق. لقد سبق أن قال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن تنمية أفريقيا تفيد سلام وتنمية العالم كله، وإن التعاون بين الصين وأفريقيا يلعب دورا هاما لتنمية أفريقيا.

التلفاز نافذة لمعرفة العالم

كانت مشاهدة التلفاز رفاهية لا يقدر عليها بعض الأفارقة. في قمة جوهانسبرغ لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي عام 2015، تم تبني مشروع "وصول البث التلفازي الرقمي إلى عشرة آلاف قرية"، كإجراء هام لتعزيز التواصل البشري بين الجانبين الصيني والأفريقي. يهدف هذا المشروع إلى ضمان وصول إشارات البث التلفازي الرقمي إلى عشرة آلاف قرية أفريقية والتبرع بمائتي ألف جهاز لفك تشفير القنوات للأسر الأفريقية. وتعهدت مؤسسة صينية بتنفيذ هذا المشروع وإدارته التجارية وتقديم الخدمات المتعلقة به.

في نيجيريا، على سبيل المثال، استفادت ألف قرية من هذا المشروع. تم تركيب أجهزة التلفاز في ثلاث مناطق عامة لكل قرية، ويستطيع القرويون مشاهدة إحدى وعشرين قناة فضائية بهذه الأجهزة. إضافة إلى ذلك، تم إهداء جهاز فك تشفير القنوات لعشرين أسرة في كل قرية وإعفاء الجميع من رسوم الحصول على الخدمة لمدة شهرين، ويمكن للقرويين المحليين مشاهدة 21 قناة من برامج التلفزيون الفضائية مجانا من خلال هذه الأجهزة. بعد شهرين، إذا لم يدفع المستخدمون الرسوم، يمكنهم مواصلة مشاهدة قناة فضائية واحدة مجانا، أو دفع مبلغ يعادل 18 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات) شهريا لمشاهدة 34 قناة فضائية، يمكن للقرويين حاليا مشاهدة برامج التلفزيون الرقمي.

أبناء القرى الفقيرة في نيجيريا، كما في كل أفريقيا، يواجهون صعوبتين في مشاهدة التلفاز: الأولى، نقص الكهرباء؛ الثانية، رسوم الخدمة العالية. تم تركيب الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء اللازمة لتشغيل أجهزة التلفاز هذه لمدة خمس ساعات متواصلة، كما أن رسوم الخدمة من الجانب الصيني ليست عالية، والبرامج المجانية تلبي الاحتياجات الأساسية للقرويين.

برامج الووشو التي يمكن مشاهدتها بجهاز فك تشفير القنوات، تجذب أنظار المشاهدين المحليين، خاصة أن بعض أفلام الووشو نالت ترحيبا حارا. قال تشو بينغ جيان، سفير الصين لدى نيجيريا إن مشروع "وصول إشارات البث التلفازي الرقمي إلى عشرة آلاف قرية" تجسيد حيوي لدفع بناء الحزام والطريق بين البلدين، وأعرب عن رغبة الصين في المشاركة في هذا المشروع الذي يعزز التبادل بين أبناء نيجيريا والعالم.

محطة كهرباء سايغون تضئ طريق تنمية كمبوديا

كمبوديا دولة جوار صديقة للصين في جنوب شرقي آسيا، وشريكة هامة على طول الحزام والطريق. تعاني كمبوديا من نقص مزمن في إمدادات الكهرباء، برغم وفرة مواردها المائية. السبب هو افتقارها إلى القدرات الابتكارية، ما يجعلها تعتمد في استهلاكها للكهرباء على الاستيراد من الخارج.

تعاونت شركة صينية مع الحكومة الكمبودية لاستكشاف الإمكانيات الكامنة للطاقة الكهرومائية. النهر الذي يحمل اسم لانتسانغ في الصين، يسمى بنهر "ميكونغ" في دول آسيان (رابطة دول دنوب شرقي آسيا)، ونهر سايغون الذي يمر بمقاطعة ستونغ ترنغ في كمبوديا هو أحد روافد نهر ميكونغ. وتقع مقاطعة ستونغ ترنغ في نقطة التقاء أنهار ميكونغ وسيسان و سايغون، فهي غنية بموارد الطاقة الكهرومائية.

محطة الطاقة الكهرومائية على نهر سايغون، التي بنتها الشركة الصينية، وافتتحت في السابع عشر من ديسمبر عام 2018، هي أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في كمبوديا، وبه أطول سد في آسيا بطول 5ر6 كيلومترات. تبلغ الطاقة التخزينية الإجمالية لهذه المحطة 72ر2 مليار متر مكعب، ويبلغ إجمالي سعة المولدات 400 ألف كيلووات، أي ما يعادل نحو 20% من إجمالي سعة المولدات في كمبوديا، ويتم توليد الكهرباء بثمانية توربينات صينية الصنع. يمكن أن يصل حجم توليد الطاقة السنوي لهذه المحطة إلى 97ر1 مليار كيلووات/ ساعة. يبلغ عدد سكان كمبوديا 14 مليون نسمة، وتحتاج البلاد إلى 8ر8 كيلووات/ ساعة، وبالتالي يمكن لمحطة الطاقة الكهرومائية على نهر سايغون أن توفر الكهرباء لثلاثة ملايين كمبودي.

أثناء تنفيذ المشروع، أعرب بعض الناس عن قلقهم بشأن تهجير المحليين إلى أماكن أخرى وحماية البيئة في منطقة بناء محطة الطاقة الكهرومائية على نهر سايغون. أولت الشركة الصينية هذا القلق اهتماما كبيرا، ووضعت خطة شاملة لإزالة قلقهم. وعلى ذلك، تم نقل 3690 فردا ينتمون إلى 840 أسرة إلى بيوت جديدة. وفي إطار حرص الصين البالغ على حماية البيئة في منطقة محطة الطاقة الكهرومائية على نهر سايغون، وحسن استغلال الثروات مع حماية البيئة، تم استثمار حوالي 5ر1 مليون دولار أمريكي لبناء ممر خاص على الضفة اليمنى للمحطة لضمان حياة وتكاثر الأسماك المحلية. يُربى في المخزن المائي عدد كبير من أسماك المياه العذبة، الأمر الذي يساعد على زيادة دخل الصيادين المحليين. نالت الجهود التي بذلتها الصين في حماية البيئة المحلية تقديرا عاليا في كمبوديا.

قال وزير المناجم والطاقة الكمبودي سوي سيم، إن محطة الطاقة الكهرومائية على نهر سايغون هي القوة الرئيسية في توليد الطاقة الكهربائية في كمبوديا. وقال موم سارويون رئيس مقاطعة ستونغ ترنغ إن مبادرة الحزام والطرق أتاحت فرص تنمية هائلة للمقاطعة.

قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه الرئيسي في مراسم افتتاح القمة الأولى لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في عام 2017: "امتد طريق الحرير القديم آلاف الأميال والسنوات. إن روح طريق الحرير، التي جوهرها السلام والتعاون والانفتاح والشمول والتعلم المتبادل والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، تعتبر تراثا عظيما للحضارة الإنسانية."

--

تشانغ شيوي دونغ، دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة تشينغهوا الصينية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4