أعتبر خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي توجه به إلى قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي خطابا عظيما وهاما. في الحقيقية بدأت دولنا الأفريقية تلمس نتائج هذا التعاون الصيني- الأفريقي، وخصوصا خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية، حيث نلاحظ ترجمة لهذا التعاون من خلال جوانب ملموسة للتنمية في أفريقيا. نرى الآن بنايات وطرقا ومطارات وجسورا جديدة شيدتها الشركات الصينية في الدول الأفريقية في سياق التعاون الصيني- الأفريقي. وخطاب الرئيس شي يعطي دفعة لهذا التعاون ويأخد به خطوة جديدة إلى الأمام، فقد أعلن عن حزمة مساعدات مالية جديدة بقيمة 60 مليار دولار أمريكي ليتم تخصيصها لإنجاز مشروعات ضمن ثمانية مجالات للتعاون بين الصين وأفريقيا، وكلي أمل أن تقوم الدول الأفريقية بالالتزام بهذه الخطة الصينية التي من شأنها أن تساهم في تعزيز قدرة الدول الأفريقية على النهوض بنفسها من خلال إنجاز المشروعات لتحقيق التنمية المنشودة.

الأمر الآخر الهام هو التكامل والتوازن الذي يتم تحقيقه من خلال التعاون الثنائي الصيني- الأفريقي في إنجاز مشروعات التنمية لدى الجانبين والاهتمام الكبير الذي توليه الصين لربط مشروعات التنمية لديها بأولويات وإستراتيجيات التنمية لدى الدول الأفريقية وأجندة الاتحاد الأفريقي لعام 2063 واستعدادها للتعاون والاستثمار وفقا لهذه الأولويات.

أفريقا تحتاج إلى القروض التي تمنحها الصين، وأعتقد أنه لا توجد دولة نامية أو فقيرة تستطيع تحقيق التنمية من دون الاعتماد على القروض في مرحلة معينة. ونحن ندرك أنه من غير المنطقي أن تقوم الصين بمساعدة أفريقيا والاستثمار فيها مجانا من دون الحصول على مكاسب معينة في المقابل.هناك قروض وديون لا محالة، ولكن الأمر الهام هو معرفة لماذا نحتاج إلى هذه الديون وكيف تتم إدارتها. إذا ألقينا نظرة على تعامل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية مع القارة الأفريقية الذي يعود لزمن بعيد، نجد أنه تغلب عليه تقديم المصلحة الأمريكية والأوروبية على المصلحة الأفريقية من خلال الاستفادة من واستغلال الموارد الأفريقية بما يخدم مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وبعد استقلال الدول الأفريقية عمدت هذه الدول إلى اتباع أسلوب تقديم القروض إلى أفريقيا ولكن من دون تحقيق إنجازات ملموسة وهامة على صعيد المساهمة في التنمية الأفريقية. بمقارنة هذا مع التعاون والتعامل الأفريقي مع الصين، وخصوصا خلال العقود القليلة الماضية، نرى أن القروض الصينية مفيدة وفعالة جدا وتتم ترجمتها إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع عبر الاستثمار الصيني وتأسيس الشركات وبناء منشآت البنى التحتية من مطارات وطرق وجسور وبنايات، وكل هذا يصب في مصلحة تحقيق رفاه الشعوب الأفريقية.