عناوين رئيسية < الرئيسية

الابتكار يغير الاقتصاد الصيني

: مشاركة
2018-03-16 12:25:00 الصين اليوم:Source شنغ تشاو شيون:Author

الأفكار الإبداعية تحفز التطوير والارتقاء الصناعي

وضعت الصين في عام 2015 خطة شاملة للتنمية المستقبلية تقوم على الابتكار والتناغم والتنمية الخضراء والانفتاح والتشارك. وتبذل جهودا في تعزيز الاختراقات التكنولوجية في جميع القطاعات من أجل بناء مجتمع مبتكر ورقمي وذكي.

أصبح المجتمع الصيني اليوم، مدفوعا بالخطة الشاملة الموجهة نحو الابتكار، نابضا بالحياة والنشاط، فتظهر في الصين صناعات ناشئة وقوى محركة جديدة بلا انقطاع، ما يدفع تحسين الاقتصاد الصيني والارتقاء به من حيث الهيكل والجودة والكفاءة، ويساعده في تطوره نحو المستويات المتوسطة والعالية.

الابتكار يدفع التنمية

أصبح الابتكار القوة المحركة الأولى للتنمية في الصين. في السنوات القليلة الماضية تم الكشف عن مجموعة من ثمار الابتكارات في التكنولوجيا الفائقة، مثلت اختراقات رمزية في العديد من المجالات الرئيسية، مثل الرحلات الفضائية المأهولة واستكشاف القمر والاتصالات الكمومية وتلسكوب الكوة الدائرية (فاست) الذي يبلغ قطره 500 متر والغواصة المأهولة، وأسرع حاسوب عملاق في العالم. في عام 2016، تجاوز عدد طلبات براءات الاختراع مليونا وثلاثمائة وثلاثين ألفا، وهو ضعف العدد في عام 2012، وحافظت الصين على المركز الأول عالميا للعام السادس على التوالي.

مع تعميق الإصلاح الموجه نحو السوق، تم تطبيق ثمار الابتكارات على نطاق واسع في الأعمال التجارية، الأمر الذي أثار حماسة التقنيين والعاملين المستقلين وخريجي الجامعات والعائدين من الخارج، وحتى العمال- الفلاحين لريادة الأعمال. في عام 2017، تم تأسيس حوالي 16 ألف وخمسمائة شركة كل يوم، أي ضعف ما كان عليه العدد في عام 2012.

 

صورة رقم 1: ارتفاع عدد الشركات المسجلة حديثا في الفترة من 2013 إلى 2017 (في الأرباع الثلاثة الأولى)

الشركات المسجلة حديثا (10000 وحدة)

معدل النمو (%)

المصدر: مصلحة الإحصاء الصينية

 

 وفي هذا السياق، برز الاقتصاد الجديد، بما في ذلك الصناعات الجديدة والأعمال التجارية الجديدة وأساليب الأعمال الجديدة، فشهد الاقتصاد الرقمي واقتصاد الشبكة واقتصاد المنصة والاقتصاد التشاركي تطورا سريعا. ومن جهة أخرى، ازدهرت التجارة الإلكترونية عبر الحدود، وساد مفهوم المنازل الذكية. وفي دراسة حديثة، تم تصنيف القطارات الفائقة السرعة والدفع عبر الهاتف النقال والدراجة التشاركية والتسوق عبر الإنترنت، كأفضل أربعة "اختراعات جديدة" للصين في العصر الحديث.

 

صورة رقم 2: الأربعة اختراعات الجديدة للصين

 

وفقا لمؤشر الابتكار العالمي لعام 2017، انتقلت الصين إلى المرتبة الثانية والعشرين، بعد أن كانت في المرتبة الرابعة والثلاثين في عام 2012، متصدرة اقتصادات الدخل المتوسط. وأشاد العديد من المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي، بإعادة الهيكلة الاقتصادية والابتكار في الصين، معتبرا أن الصين القائمة على الابتكار تشكل قوة دافعة لتقدم العالم.

التعايش المتناغم للشركات من مختلف الأنواع

في الصين، ليس من المستغرب أن نرى تأثير الابتكارات المتنوعة، متمثلة في جميع أنواع "التقنيات السوداء". وقد وفر عدد غير قليل من الشركات مدخلات ثابتة ومستمرة للابتكار، استنادا إلى خبراتها الخاصة. وأصبحت هناك مرونة أكثر في الابتكار بجميع أشكاله وأحجامه- كبيرة أو صغيرة، ثورية أو تقدمية- والطريقة التي تتم بها ترجمة الأفكار إلى الواقع.

وفقا للخطة الشاملة للبلاد، فإن الصناعات الإستراتيجية الناشئة وصناعات التكنولوجيا الفائقة تشكل الركيزة الأساسية للتنمية القائمة على الابتكار. وفي غضون ذلك، تم تحويل وترقية الصناعات الخفيفة والمنسوجات والمناجم والحديد والصلب والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات التقليدية، والزراعة والخدمات، وإدخال "الإنترنيت +" و"صنع في الصين 2025" إليها، مما وضع هذه الصناعات على طريق العمل الرقمي والشبكي والذكي والأعلى جودة.

من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية، تستطيع الصين تطوير منتجات وتقنيات الجيل الجديد من الاتصالات والأعمال التجارية الجديدة وأنماط العمل الجديدة، مما يعزز الربط بين الصناعات الجديدة والقديمة وكذلك التنمية المنسقة بين الابتكار والصناعات.

 حاليا، تساهم الصناعات الإستراتيجية الناشئة بأكثر من 8% من إجمالي الناتج المحلي للصين، وتلعب دورا قياديا فى الارتقاء الصناعي. في عام 2016، شكلت صناعة المعدات 9ر32% وصناعة التکنولوجیا الفائقة 4ر12% من إجمالي الصناعات، مرتفعة بنسبة 7ر4% و3% علی التوالي، مقارنة بعام 2012.

وشهدت السوق أيضا زيادة سريعة في المنتجات الجديدة مثل الروبوتات الصناعية وسيارات الطاقة الجديدة والسيارات الرياضية والهواتف الذكية. وتم تعميم الإنترنت عبر الهاتف النقال، وتوسع نطاق التجارة الإلكترونية، التي وصل حجمها في عام 2016 إلى1ر26  تريليون يوان، أي أكثر بـ4ر3 مرات بالمقارنة  مع عام 2012. كما تطور ما يسمى بصناعات "السعادة"، بما في ذلك السياحة والثقافة والرعاية الصحية ورعاية المسنين، بشكل سريع، وتحسنت جودة المنتجات وازدادت كمياتها، وأصبح نموذج الاستهلاك أكثر استدامة. 

 وسعت السياسات الداعمة للابتكار نطاق تواجدها من مجالات التكنولوجيا الفائقة إلى كل الاقتصاد الحقيقي، ولا سيما في مجالات المعلومات والرعاية الصحية والطاقة والصناعات الخضراء. شهدت صناعة الخدمات والصناعات التحويلية تنمية منسقة، مع النمو السريع لصناعة الخدمات. وللمرة الأولى، في عام 2015، بلغت القيمة المضافة لقطاع صناعة الخدمات ما يعادل نصف الاقتصاد الوطني، وارتفعت النسبة إلى 6ر51% في عام 2016. وفيما يتعلق بالمساهمة في النمو الاقتصادي، شكلت صناعة الخدمات نسبة 9ر44% في عام 2012، وارتفعت إلى 2ر58% في عام 2016. 

ومن خلال الاستفادة من الفرص التي تجلبها مبادرة الحزام والطريق، تولي الصين اهتماما كبيرا بالابتكار والتعاون الدولي. فمن ناحية، تسعى لتقديم التسهيلات لتمكين الشركات العابرة للحدود والمؤسسات البحثية المرموقة من إنشاء مراكز للبحث والتطوير في الصين. ومن ناحية أخرى، تشجع الشركات المحلية على بناء نظم عالمية للبحث والتطوير من خلال إنشاء مراكز بحوث وقواعد للابتكار في الخارج، مما عزز بشكل مطرد القدرة التنافسية الصناعية للبلاد في العالم.

المؤشرات الاقتصادية للصين تقف، في جوانب معينة، في طليعة العالم.

وفقا لتقرير التنافسية العالمية 2017-2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، جاءت الصين في المرتبة السابعة والعشرين في عام 2017، بارتفاع مرتبتين مقارنة بعام 2012. بالإضافة إلى ذلك، صنفت 115 شركة صينية ضمن قائمة فورتشن لأفضل 500 شركة عالمية لعام 2017، بالمقارنة مع 79 شركة في عام 2012، ما وضع الصين في المرتبة الثانية في العالم. وحاليا، تفخر الصين بأن لديها ثلاث عشرة شركة تتجاوز العائدات السنوية لكل منها مائة مليار دولار أمريكي، أي ما يقرب من ربع عدد هذا النوع من الشركات في العالم.

توزيع 53 شركة في العالم تتجاوز العائدات السنوية لكل منها 100 مليار دولار أمريكي

 

الولايات المتحدة الأمريكية

الصين

اليابان

ألمانيا

فرنسا

المملكة المتحدة

هولندا

سويسرا

كوريا الجنوبية

22

13

5

4

3

2

2

1

1

 

التنمية الخضراء والشاملة

في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي عقد في أكتوبر 2017، تم تحديد بناء الصين الجميلة كهدف جديد للشعب الصيني. وفي هذا السياق، سيقدم المزيد من الدعم للشركات لتمكينها من جعل أنماط التنمية أكثر نظافة وأمانا وتوفيرا للطاقة. وبالتوازي، سيتم بناء نظام صناعي أخضر يعمل على الحفاظ على الطاقة وحماية البيئة وإعادة تدوير الموارد.

وباعتبارها نقطة نمو جديدة، فإن التنمية الخضراء تحفز التقدم التكنولوجي السريع في مجالات مثل سيارات الطاقة الجديدة والطاقة النظيفة. ومن المتوقع أن تلعب التقنيات الجديدة دورا أكبر في هذه المجالات، بما في ذلك الطاقة الحرارية الشمسية ذات الكفاءة العالية والخلايا الكهروضوئية وطاقة الرياح وتقنيات تخزين الطاقة بكفاءة وموارد الطاقة الموزعة، وغيرها.

ويتبنى المسؤولون على جميع المستويات في الصين التنمية الخضراء، وتسعى البلاد لتحقيق توازن بين التقدم الاقتصادى والإيكولوجي. اليوم، يمكن رؤية مساحات واسعة من الخضرة في المزيد من المدن، الأمر الذي يضيف إلى قدراتها التنافسية لجذب الاستثمار في الصناعات العالية الجودة.

 لم تعد التنمية القائمة على الابتكار تقتصر على عدد قليل من الأشخاص، بل اتسعت الآن لتشمل عددا أكبر من المستفيدين، حيث يتم تقاسم ثمار هذه التنمية من قبل المبتكرين والمصنعين والمستهلكين من جميع الأنواع.

بالإضافة إلى ذلك، أصبح لدى الشركات، بغض النظر عن أحجامها، مساحة كبيرة للتطور. واسترشادا بالرؤية الجديدة للتنمية، يحقق العديد من المشروعات الكبيرة نموا سريعا، حتى أن بعضها أصبح من المشروعات العملاقة في بعض المجالات. في الوقت نفسه، تتطور الشركات الناشئة بشكل مضاعف، وتشهد الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم زيادة كبيرة في استثماراتها في مجال البحث والتطوير. إلى جانب ذلك، تتواصل الزيادة في عدد شركات "يونيكورن"  (الشركات الصاعدة التي يتجاوز رأسمالها مليار دولار أمريكي). في عام 2016، بلغ عدد شركات يونيكورن في الصين ربع إجمالي عددها في االعالم.

ومع ذلك، يجب بذل المزيد من الجهود لتحسين الابتكار المستقل والتقنيات الأساسية وتطوير المكونات الرئيسية وإدارة الموارد البشرية وبناء العلامات التجارية. و ينبغي إنشاء شبكة وطنية للابتكار من أجل تجميع الموارد لمعالجة أوجه القصور في هذه الصناعة.

وينبغي أيضا أن تشمل المساعي تحقيق اختراقات في التقنيات الرئيسية، وإنشاء مجموعة من التحالفات لتعزيز الابتكار في مجال الصناعة، وإطلاق المشروعات لجعل أساس تطوير الصناعة أكثر صلابة، وإدخال تدابير لزيادة تحسين نوعية المنتجات الصينية.

--

 

شنغ تشاو شيون، حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، وهو نائب مدير وباحث مساعد في قسم بحوث البناء والسياسة الصناعية في معهد علوم الاقتصاد الصناعي والتكنولوجي للأكاديمية الصينية لبحوث الاقتصاد الكلي.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4