مسلمون صينيون < الرئيسية

الأستاذة يانغ قوي بينغ: حياة أكثر كرامة وسعادة لمسلمات الصين

: مشاركة
2022-03-22 15:43:00 الصين اليوم:Source طه بنغ تشو يون:Author

((الصين اليوم)): أهلا وسهلا بحضرتكم الأستاذة يانغ، وشكرا جزيلا لكم على قبول هذا الحوار. في البداية، نود أن تقدمي لقرائنا العرب نبذة عنك وعن الجامعة المركزية للقوميات.

الأستاذة يانغ: يسعدني ذلك كثيرا. اسمي يانغ قوي بينغ، ولدت في تجمع سكني تقليدي لقومية هوي بمدينة ووتشونغ في شمال غربي الصين. يتميز مسقط رأسي بالعادات الشعبية البسيطة والتضامن بين القوميات المختلفة. وبفضل النهر الأصفر، تشتهر ووتشونغ بمناظرها المماثلة لمناظر منطقة جنوب نهر اليانغتسي. في الثامن من يونيو عام 2020، عندما قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة تفقدية لمسقط رأسي، مدينة ووتشونغ بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي، أكد بشدة إنجازاتها في عمليات مكافحة الفقر وبناء مجتمع الحياة الرغيدة على النحو الشامل، وتعزيز الحماية البيئية في حوض النهر الأصفر، وتعزيز التضامن بين القوميات، وأشاد الرئيس على نحو خاص بأعمال الخدمات التطوعية الاجتماعية التي بادرت بها النساء من قومية هوي المسلمة.

في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، كانت منطقة شمال غربي الصين مازالت متخلفة في مجال الاقتصاد والثقافة والتعليم، حيث كان عدد الأشخاص المتعلمين تعليما عاليا قليلا للغاية. بفضل دعم وتشجيع والديّ والمعلمين، التحقت في عام 1987، بالمعهد المركزي للقوميات (تغير اسمه إلى الجامعة المركزية للقوميات في عام 1993) ببكين. وبعد إتمام الدراسات العليا، بقيت في الجامعة كمدرسة لتدريس أكثر من عشر مواد دراسية، مثل "الإسلام"، و"علم القوميات والأديان" و"الفلسفة العربية"، إلخ. كما تتناول بحوثي مجالات الفكر الإسلامي ووضع الأديان الراهن والعلاقة بين القوميات والأديان، والملفات الإسلامية الساخنة المعاصرة، والتبادلات والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية وغيرها من الموضوعات.

الجامعة المركزية للقوميات، جامعة رئيسية شاملة تقبل الطلاب من داخل الصين وخارجها، وهي امتداد لمعهد يانآن للقوميات الذي أُسس عام 1941 وغير اسمه إلى المعهد المركزي للقوميات في عام 1951 بعد انتقاله إلى بكين. كان الهدف من تأسيس معهد يانآن هو حل القضايا المتعلقة بشؤون القوميات وإعداد كوادر من أبناء الأقليات القومية وكبار المتخصصين. منذ تأسيس جامعة القوميات المركزية، تم إعداد ما يقرب من مائتي ألف خريج، وقدمت الجامعة مساهمات كبيرة في حملة تحديث الصين، وخاصة في التنمية الاقتصادية الاجتماعية لمناطق الأقليات القومية.

((الصين اليوم)): بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عام 2022، وبصفتكم خبيرة معروفة في الدراسات الثقافية الصينية- العربية، وممثلة بارزة لنساء هوي المسلمات في الصين، نرجو إطلاعنا على مجالات اهتماماتك بشأن المسلمات الصينيات.

الأستاذة يانغ: كنت أعيش في منطقة أقلية قومية لمدة عشرين عاما، وأعمل في مجال التعليم العالي والدراسات القومية والدينية في بكين منذ ما يقرب من ثلاثين عاما. أقوم دائما بالزيارات الميدانية في مناطق الأقليات القومية وألقي فيها المحاضرات، كما شاركت في تبادلات أكاديمية في مصر والسعودية والإمارات وتركيا وإندونيسيا وماليزيا ودول أخرى. لقد شاهدت الإنجازات الباهرة التي حققتها النساء المسلمات الصينيات في مجالات التعليم والتوظيف والخدمات الاجتماعية والمشاركة السياسية، أنا فخورة جدا بذلك. في أوائل نوفمبر 2016، دعيت لحضور الدورة السادسة للمؤتمر الوزاري المعني بدور المرأة في تنمية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ألقى كلمة فيه. قدمت في المؤتمر للمشاركين الوضع الحالي لتنمية المرأة الصينية وسياسات الحكومة الصينية وإجراءاتها في تعزيز تنمية قضايا المرأة الصينية.

من بين المسلمات الصينيات اللائي أتابعهن، طالبات ودارسات ومسؤولات حكوميات وإمامات مساجد وحاجات ورائدات أعمال، بالإضافة إلى النساء المسلمات العاديات. ومن بين أكثر من خمسين طالبا أشرف عليهم في مرحلة الدراسات العليا، بعضهم الطالبات من أبناء قومية الويغور وقومية القازاك من منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، بعد التخرج، يعملن في مكاتب لجنة الحزب الشيوعي الصيني بحكومة المنطقة وإدارة الجبهة المتحدة ولجنة شؤون القوميات وغيرها من الإدارات الحكومية. بفضل إتقان اللغة الصينية والإنجليزية والويغورية أو القازاقية، يقوم بعضهن بالتطوع للتدريس في المدارس ودور الحضانة في خوتان وكاشغر وغيرهما من المدن في جنوبي شينجيانغ، وتحظى أعمالهن بثناء وتقدير عال من المواطنين المسلمين من قومية الويغور.

في مدينة ووتشونغ، مسقط رأسي، يعيش أكثر من نصف مليون نسمة من أبناء قومية هوي المسلمة، وتحتضن المدينة أتباع خمسة أديان؛ الإسلام والبوذية والطاوية والمسيحية والكاثوليكية. وهناك العديد من المذاهب والطوائف للإسلام في ووتشونغ. كانت السيدة دينغ شيوي هوا، وهي من قومية هوي، مسؤولة عن الشؤون الدينية في حكومة ووتشونغ. أشاد بها رجال الدين ومعتنقو الأديان أثناء زيارتها الميدانية لتفقد شؤون القوميات والأديان في شمال غربي الصين، ليس لفهمها واستيعابها للسياسات القومية والدينية فحسب، وإنما أيضا لاحترامها لرجال الدين ومعتنقي الأديان وتوحيدهم في التضامن. في عام 2013، ذهبت السيدة دينغ إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة مع بعثة الحج الصينية للقيام بالدراسات الميدانية، وكانت نسبة النساء 45% في وفد بعثة الحج الصينية في ذلك العام، بينما مثلت نسبة النساء في وفود الحج لمقاطعات خنان ومنغوليا الداخلية ويوننان ونينغشيا وشنشي، 67% و60% و55% و51% و50%، كل على حدة. كما اشتملت بعثة الحج الصينية على طبيبات وإمامات لتقديم الخدمات للحاجات.

يعد تطوير التعليم بقوة طريقا مهما لمكافحة الفقر. منذ ثمانينات القرن الماضي، أنشئت مدارس ابتدائية وإعدادية للبنات خصيصا في محافظة تونغشين بمنطقة نينغشيا وغيرها من المناطق الجبلية، لمساعدة البنات من الأسر المسلمة الفقيرة على تلقي التعليم، وحصل هذا العمل على دعم وتأييد واسع النطاق من قبل الأوساط الاجتماعية، بمن فيهم رجال الدين الذين يدعمون أجهزة التربية والتعليم، ويدعون بعض الناس للتخلي عن فكرهم القديم المتمثل في عدم الاهتمام بتعليم البنات، ومساعدة الأطفال المتسربين على العودة إلى المدرسة.

المرأة قوة هائلة تدفع تنمية المجتمع، إن مستوى تنمية المرأة مقياس مهم لتقدم الحضارة الاجتماعية. تولي الحكومة الصينية أهمية كبيرة لتنمية المرأة، وتحمي حقوق المرأة ومصالحها من خلال القوانين والسياسيات والأنظمة، وتعزز تنمية المرأة من حيث البناء المؤسسي والتنظيمي، الأمر الذي يلعب دورا كبيرا في تعزيز المساواة بين الجنسين وتحسين مكانة المرأة الاجتماعية وتعزيز التنمية الاجتماعية.

((الصين اليوم)): تعتبر "مساجد النساء" و"المدارس المسجدية للنساء" من النتائج الواعية لتوطين الإسلام في الصين عبر تاريخه الممتد أكثر من ألف سنة. كيف ترين هذه الظاهرة الدينية والثقافية الفريدة؟

الأستاذة يانغ: قدت طلابي لزيارة العديد من مساجد النساء في شمالي وشمال غربي وجنوب غربي الصين، حيث قمنا بحوارات شخصية مع كثير من الإمامات. في كتاب ((تاريخ مساجد النساء في الصين)) للأستاذة ماريا جاشوك والأستاذة شوي جينغ جون، تم تناول "مساجد النساء" و"المدارس المسجدية للنساء"، وكذلك الأمر في كتابي ((الفنون الإسلامية في الصين)) والعديد من الكتب. ويتفق الباحثون على أن"مساجد النساء" و"المدارس المسجدية للنساء" من نتائج توطين الإسلام في الصين. في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، بني أئمة وأعضاء مجلس إدارة شؤون المسجد في بعض المناطق، مساجد خاصة للنساء لتمكينهن من أداء العبادات وتلقي التعليم الإسلامي، في الفترات الأولى، كانت مساجد النساء تتركز بشكل أساسي في وسط وجنوبي الصين، وبعد ذلك تزايد عددها تدريجيا وانتشرت في معظم مقاطعات البلاد.

تقع معظم مساجد النساء في أفنية قريبة من مساجد الرجال، مثل مسجد النساء بشارع نيوجيه في بكين، والذي يحتوي على قاعة صلاة مستقلة، ودورة مياه وغرف للدراسة. مقارنة مع مساجد الرجال، يكون مسجد النساء أصغر في الحجم وتكون بناياته ومرافقه بسيطة نسبيا، ولا توجد مئذنة منفصلة ولا محراب المصلى ومنبر الخطبة. وفي الغالب، تكون نفقات مسجد النساء وحتى رواتب الإمامات، ضمن نفقات مسجد للرجال. مهمة إمامة مسجد النساء تتمثل في قيادة المسلمات في أداء الصلوات وتعليمهن الأحكام والمعارف الإسلامية في العبادات والحياة اليومية، إضافة إلى القيام بغسل وتكفين جثث المتوفيات المسلمات. أثناء الصلاة، تقف الإمامة في الصف الأول مع المصليات، اختلافا عن الإمام الذي يقف في مقدمة الصف.

انتقلت مسلمات الصين من مساحة الحياة الأسرية الضيقة إلى مساحات الدين والتعليم والمجتمع، كما تحسنت مكانتهن في الأسرة والمجتمع بفضل معارفهن العلمية والدينية. مع تطور المجتمع وتحسن مكانة المرأة الاجتماعية، انفصل بعض مساجد النساء عن مساجد الرجال، في البنايات وفي الإدارة. العلاقة بين مسجد النساء ومسجد الرجال مثل جناحي الطائر في التكامل الوظيفي، وتتوسع وظائف الإمامات في الوقت نفسه، حيث تتكيف مساجد النساء والمدارس المسجدية للنساء مع تيار العصر وتلعب دورا فاعلا وفريدا في الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية وفي تعزيز التسامح والتضامن بين أبناء القوميات المختلفة.

((الصين اليوم)): في العصر الحديث، ما هي أبرز نماذج المرأة المسلمة ومساهمتها في التقدم الاجتماعي وبناء البلاد؟

الأستاذة يانغ: منذ العصر الحديث، شهد المجتمع الصيني تغيرات هائلة، وتألق العديد من النساء المسلمات البارزات في الصين، من حيث المشاركة في التقدم الاجتماعي والبناء الوطني. في النضال الثوري ضد الإقطاع والاستعمار، ظهرت السيدة ليو تشينغ يانغ وغيرها من البطلات من قومية هوي. انضمت السيدة ليو تشينغ يانغ إلى الحزب الشيوعي الصيني في عام 1921، وشغلت منصب رئيسة مؤتمر النساء لإنقاذ الوطن في مدينة بيبينغ (بكين حاليا) أثناء حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وتولت منصب نائبة اتحاد النساء لعموم الصين، ونائبة رئيس جمعية الصليب الأحمر الصينية. ومن بين الأكاديميين في الأكاديمية الصينية للعلوم والأكاديمية الصينية للهندسة، هناك عضوات من قومية هوي، مثل البروفيسورة وانغ شي ون، كما هناك العديد من الكادرات والمسؤولات المتفوقات في الوزارات والحكومات المحلية، من قومية هوي وقومية الويغور وغيرهما من القوميات المسلمة. الإعلامية المشهورة هاي شيا مذيعة أخبار الساعة السابعة مساء بمحطة التلفزيون الصينية المركزية (CCTV)، من قومية هوي في مقاطعة خنان. كما ظهرت أديبات من قومية هوي، مثل الكاتبتين المسلمتين هوه دا وما جين ليان، قد نالت إبداعاتهن الأدبية إقبالا كبيرا ومحبة جارفة من القراء.

في الصين حاليا ثمة اعتراف على نطاق واسع بمفاهيم المساواة بين الجنسين مثل "المرأة نصف السماء"، و"المرأة ليست ضعيفة أمام الرجل"، كما أن هذه المفاهيم تصبح السعي الواعي والممارسة النشيطة لغالبية المسلمات في الصين. ومع ارتقاء النساء المسلمات في التعليم والمكانة الاجتماعية، يتزايد دورهن في التنمية الاقتصادية وتحقيق التناغم الاجتماعي وحماية البيئة وغيرها من المجالات المختلفة. مع تحديث المجتمع الصيني المستدام، ستعيش النساء المسلمات الصينيات بالتأكيد حياة أكثر كرامة وسعادة.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4