مسلمون صينيون < الرئيسية

بلدة ميننينغ.. "الشاطئ القاحل" يتحول إلى "شاطئ من ذهب"

: مشاركة
2021-07-12 17:33:00 الصين اليوم:Source هناء لي ينغ:Author

في المنطقة الجبلية لمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي بقعة من الأرض الجدباء، تتعرض للجفاف ونقص المياه وجرف التربة طوال السنة، وصنفها البرنامج الغذائي العالمي للأمم المتحدة كواحدة من "أكثر المناطق غير الصالحة للحياة البشرية". إنها منطقة شيهايقو التي تضم محافظات شيجي وهاييوان وقويوان وجينغيوان ولونغده وبنغيانغ وتونغشين وغيرها من المحافظات التي كانت مدرجة في قائمة المحافظات الفقيرة على المستوى الوطني، حيث يبلغ معدل تساقط الأمطار السنوي 300 مليمتر فقط، وتجاوز كمية التبخر السنوية 2000 مليمتر. من أجل إنجاز هدف تحقيق الرخاء المشترك، بدأت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إقامة علاقات التوأمة والشراكة بين المقاطعات والمدن المتقدمة في شرقي الصين والمناطق الفقيرة في غربي الصين للتعاون في أعمال مساعدة الفقراء، وتم تحديد علاقة التعاون بين مقاطعة فوجيان الساحلية الواقعة في جنوب شرقي الصين ومنطقة نينغشيا الواقعة في شمال غربي الصين في عام 1996. في إبريل عام 1997، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي كان يشغل منصب نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بمقاطعة فوجيان ورئيس الفرقة القيادية لمشروع التعاون لمكافحة الفقر بين فوجيان ونينغشيا حينذاك، بزيارة استطلاعية لمنطقة نينغشيا، فبدأ مشروع مساعدة الفقراء من خلال إعادة توطينهم في أماكن جديدة، حيث تم بناء بلدة ميننينغ الصغيرة في صحراء غوبي، ونقل سكان منطقة شيهايقو من أعماق الجبال إليها، وتطوير الصناعات ذات الخصائص المحلية، وتحسين البيئة الإيكولوجية لها. وبعد أكثر من عشرين سنة من الجهود، أصبح هؤلاء السكان الفقراء يعيشون اليوم حياة جميلة "لم يتخيلوها في السابق".

الموطن الجديد للمهجرين

خلال زيارة الرئيس شي لمنطقة نينغشيا في عام 1997، قال مستشرفا المستقبل: "إن قرية ميننينغ حاليا شاطئ رملي جاف، ولكنها ستتحول بلا شك إلى شاطئ رملي ذهبي في المستقبل." قالت السيدة لين يويه تشان، التي كانت تشغل منصب مديرة مكتب مكافحة الفقر بمقاطعة فوجيان وهي من الدفعة الأولى من كوادر مقاطعة فوجيان لمساعدة نينغشيا على التخلص من الفقر، إنه بسبب سوء الظروف الطبيعية في منطقة شيهايقو، كانت أعمال مساعدة الفقراء صعبة جدا، فقررت مقاطعة فوجيان ومنطقة نينغشيا بناء منطقة جديدة نموذجية للمهجرين. وأضافت: "قررنا أن نبحث عن مكان يمر به النهر الأصفر ليبدأ السكان الفقراء فيه حياتهم الجديدة، وذلك أسهل من تخليصهم من الفقر في مكانهم الأصلي." فبدأ بناء قرية ميننينغ للمهجرين بالتعاون بين فوجيان ونينغشيا في صحراء غوبي بمحافظة يونغنينغ التابعة لمدينة ينتشوان، حاضرة نينغشيا.

قال السيد شيه شينغ تشانغ البالغ من العمر ستة وستين عاما، وهو من الدفعة الأولى من المهجرين إلى بلدة ميننينغ: "في البداية، كان هذا المكان مقفرا موحشا، لا يحلق في سمائه طائر ولا ينبت في أرضه عشب ولا يطأ شاطئه الرملي إنسان، وكان الغبار يتطاير كلما هبت الرياح. قادنا الكوادر من فوجيان ونينغشيا لبناء موطننا الجديد."

منذ عام 1996، دأبت مقاطعة فوجيان ومنطقة نينغشيا على عقد اجتماع مشترك كل سنة للتأكد من صحة السياسة العامة والاتجاه العام للتعاون بين فوجيان ونينغشيا في أعمال مساعدة الفقراء، وضمان حصول الطرفين على المعلومات اللازمة وتبادل الآراء حول الإدارة المتقدمة.

الآن، تحولت ميننينغ من قرية صغيرة لم يتجاوز عدد سكانها ثمانية آلاف نسمة في البداية إلى بلدة تضم ست قرى ويبلغ عدد سكانها ستة وستين ألف نسمة (83% من أبناء ميننينغ مسلمون). فيها شوارع نظيفة واسعة، وشقق أنيقة وحديثة وبساتين عنب وتوت عليق منتشرة في كل مكان. وقد انتقل أبناء البلدة إلى بيوت مبنية بالطوب والقراميد، بعدما كانوا يعيشون في بيوت ترابية وكهوف. بحلول نهاية عام 2019، بلغ معدل متوسط نصيب الفرد من الدخل القابل للإنفاق في البلدة 13970 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا)، أي زاد 27 ضعفا مقارنة مع بداية التهجير. وفعلا، تحول "الشاطئ الرملي الجاف" إلى "الشاطئ الرملي الذهبي"!

بحلول نهاية عام 2020، قدمت أكثر من ثلاثين مدينة ومحافظة في مقاطعة فوجيان مساعدات لتسع محافظات فقيرة في منطقة نينغشيا، واستثمرت مقاطعة فوجيان 934ر1 مليار يوان بدون مقابل في مساعدة نينغشيا على التخلص من الفقر، وساعدتها في بناء المراكز الصحية للنساء والأطفال ومراكز تدريب الأطباء والممرضين والمستشفيات والعيادات وغيرها من 349 مشروعا صحيا، وبناء وتوسيع بناء أكثر من 230 مدرسة. قالت هان تسوي هوا، زوجة السيد شيه شينغ تشانغ: " تخرج أولادي الأربعة في الجامعات، واثنان منهم يعملان في مستشفى بلدة ميننينغ، وابنتي تعمل مصممة في شركة في مدينة ينتشوان، وقد اشترى كل منهم شقة في وسط مدينة ينتشوان!"

تحقيق الثراء من خلال زراعة الفطر

لم تقدم مقاطعة فوجيان المساعدات المالية والمادية لمنطقة نينغشيا فحسب، وإنما أيضا تعمل على دفع انتقال الأكفاء والأموال والتقنيات من فوجيان إلى نينغشيا، وتعزز البحث عن المزايا المحلية في موارد القوى العاملة والموارد الطبيعية، لقيادة السكان الفقراء في نينغشيا إلى طريق تحقيق الحياة الرغيدة. قال السيد هاي قوه باو ممثل الدفعة الأولى من المهجرين من منطقة شيهايقو إلى بلدة ميننينغ: "في مسقط رأسنا، تمتعنا بسياسة الحزب والحكومة لرعاية الشعب، وتم حل مشكلة الكساء والغذاء لنا، ولكن الظروف الطبيعية السيئة كانت عائقة في طريق تحقيق الرخاء. فنقلَنا الحزب والحكومة إلى هذه البلدة، ومهّدا لنا الطريق لتحقيق الرخاء. سنعمل على تحقيق الرخاء بأيدينا، لا ننتظر المعونة أو المخصصات المالية من الدولة."

في نهاية عام 1997، جاء البروفيسور لين تشان شي من جامعة فوجيان للزراعة، وهو مبتكر تقنية "جيويجيون"، أي تقنية زراعة الفطر الصالح للأكل، مع فريقه إلى قرية ميننينغ، وأصبحوا القوة الرئيسية للتعاون بين فوجيان ونينغشيا في أعمال مساعدة الفقراء من خلال التقنيات الزراعية.

قبل نصف سنة من ذلك، نجح البروفيسور لين وفريقه في تجربة تقنية "جيويجيون" بشكل مبدئي في محافظة بنغيانغ بمنطقة نينغشيا، فنقلوا هذه التقنية التي تم بحثها وتطبيقها في مقاطعة فوجيان لبضع عشرة سنة إلى شمال غربي الصين. بعد وصوله إلى قرية ميننينغ، وجد البروفيسور لين صعوبات في تعميم هذه التقنية في القرية، إذ إن الكهوف فيها لا تصلح لتكون سقائف لزراعة الفطر. قال: "كنا مرهقين للغاية، ومرض كثير من زملائي بسبب التعب وعدم التكيف مع البيئة المحلية، فتعرض بعضهم لتشقق الشفاه ونزيف الأنف، ولكن أحدا لم يسترح، فنحن لم نذهب إلى القرية لتجربة زراعة الفطر فحسب، وإنما أيضا لتحمل مهمة مساعدة الفقراء من خلال هذه التقنية." في النهاية، نجحوا في تطوير سقائف زراعة الفطر في أماكن شبه التحتأرضية، بعد تجارب فاشلة عديدة.

بعد عام 1998، أرسل البروفيسور لين أعضاء فريقه إلى كل أسرة فلاحية لتدريب الفلاحين يدا بيد على بناء سقائف زراعة الفطر وصنع السماد له من روث البقر ونبات "جيويجيون". ما تشون هوا من الدفعة الأولى للفلاحين الذين عملوا في زراعة الفطر، ما زالت تتذكر أن فوجيان قدمت لهم كل المواد الخام والمستلزمات بالمجان، لزراعة الفطر داخل السقائف التي تبلغ مساحة كل واحدة منها حوالي 200 متر مربع، وأن فنيا من فوجيان علّمها وزوجها تقنية زراعة فطر الغاريقون الذي لم تسمع عنه في السابق، وكانت مندهشة بسرور عندما نبت الفطر على الرفوف داخل سقيفتها. بعد بيع الفطر، حققت ما تشون هوا وزوجها أول دخل مالي من دون مغادرة قريتها، بعد أن كانا يعملان خارج مسقط رأسهما كل سنة، وربحت أسرتها خلال أقل من سنة، حوالي 7500 يوان من إنتاج الفطر. قال ما ون شيانغ، وهو جار ما تشون هوا، إن سعر كيلوغرام من الفطر كان حينذاك حوالي خمسة يوانات، وكان أغلى من سعر اللحم. ما ون شيانغ، وهو من الدفعة الأولى للفلاحين الذين كسبوا الأموال من زراعة الفطر، استطاع إعالة كل أفراد أسرته في ظروف الحياة الصعبة. لقد وجد أبناء قرية ميننينغ المهجرين من منطقة شيهايقو الفقيرة كنزا من الذهب في زراعة الفطر.

بمرور الوقت، تغيرت موضوعات وأساليب مساعدة الفقراء، من تقديم الغذاء وحفر خنادق تخزين المياه إلى إنشاء مدارس الأمل الابتدائية وتطوير الاقتصاد الحقيقي وتنمية الصناعات ذات الخصائص وتطوير التجارة الإلكترونية، إلخ.

وقد تشكل نمط تنمية جديد تجمع فيه صناعات زراعة الفطر والعنب وتوت العليق والحضض الصيني وتربية الأبقار وتصنيع العصير وتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية والسياحة الثقافية وغيرها. في الوقت الحالي، توجد في منطقة نينغشيا أكثر من 5700 شركة من مقاطعة فوجيان، تدفع أكثر من مليون يوان من الضرائب كل سنة، وتوظف أكثر من 100 ألف عامل محلي.

 

المحبة العميقة بين أبناء قومية هوي وقومية هان

قدمت فوجيان لمنطقة نينغشيا المشروعات والأموال والتقنيات المتقدمة، وأيضا الإدارة الحديثة وأسلوب العمل الممتازة والمفهوم الجديد وروح التقدم بشجاعة، لتخليص فقراء المنطقة من الفقر، ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها، برغم أن المسافة بينهما تبلغ أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر. فروح التعاون والتعاضد بين مناطق الوطن، والمودة بين قومياته المختلفة، تتجاوز المسافة الجغرافية البعيدة.

في ميننينغ، يمكن للزائر أن يجد شعارات معلقة في شوارعها، تدعو للتضامن بين مختلف القوميات، حيث يعمل الموظفون من مختلف القوميات معا، ويدرس الطلاب من مختلف القوميات في نفس المدرسة، ويتبادل أهل البلدة من أبناء قومية هوي وقومية هان والقوميات الأخرى التهنئة في أعيادهم، مما عزّز التعارف والثقة المتبادلة والاحترام المتبادل والتسامح بين أبناء مختلف القوميات. وإذا زرت المنطقة الجبلية النائية في جنوبي نينغشيا، وتحدثت مع السكان المحليين عن فوجيان وكوادرها، فسيحكون لك بكل تأكيد قصصا حولهم بنبرة يسودها الحب والاحترام.

خلال الأكثر من عشرين سنة الماضية، أرسلت مقاطعة فوجيان 183 كادرا في إحدى عشرة دفعة لمساعدة نينغشيا على التخلص من الفقر، واستقبلت أكثر من 380 كادرا من نينغشيا في عشرين دفعة إلى فوجيان للتبادل والتدريب، وشارك أكثر من مائة ألف شخص من فوجيان في مساعدة نينغشيا بشكل مباشر. اليوم، بعد أن أوفى الحزب الشيوعي الصيني بوعده لكسب المعركة الحاسمة ضد الفقر ودخول المناطق الفقيرة والسكان الفقراء مع كافة أبناء البلاد إلى مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل بحلول عام 2020، وما زالت مقاطعة فوجيان تواصل مساعداتها لمنطقة نينغشيا، على تحسين البيئة الإيكولوجية وتنمية الاقتصاد المحلي.

لو قلنا إن التعاون بين فوجيان ونينغشيا في مكافحة الفقر لحن موسيقي، فإن الدفعات من كوادر فوجيان هم عازفو هذا اللحن العظيم، وبلدة ميننينغ هي الأغنية الرائعة التي ينشدها أبناء نينغشيا. إن القضاء على الفقر رسالة مشتركة للبشرية، والمعنى الحقيقي لبناء رابطة المصير المشترك للبشرية. وبفضل تخليص كل السكان الفقراء الريفيين من الفقر، أنجز الشعب الصيني بناء مجتمع الحياة الرغيدة الذي يكون فيه الاقتصاد أكثر تطورا، والديمقراطية أكثر تكاملا، والعلوم والتعليم أكثر تقدما، والثقافة أكثر ازدهارا، والمجتمع أكثر انسجاما، ومعيشة الشعب أكثر يسرا، بحلول الذكرى السنوية المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، ولا شك أن الشعب الصيني سيحقق التحديثات من حيث الأساس وإنجاز بناء الصين دولة اشتراكية حديثة بحلول الذكرى السنوية المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4