مسلمون صينيون < الرئيسية

كوتشار: صورة مصغرة لإستراتيجية الصين لتخفيف الفقر

: مشاركة
2021-02-04 15:25:00 الصين اليوم:Source ماغدالينا روخاس:Author

كوتشار، وهي مدينة على مستوى المحافظة في منطقة أكسو بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، قد لا تكون معروفة لكثير من الناس، لكنها في الحقيقة تعتبر مثالا لتخفيف الفقر من خلال الجمع بين الجهد والعمل والرؤية.

 

الصين تفي بوعدها

تقع منطقة آكسو في الحدود الشمالية الغربية لشينجيانغ، حيث ترتفع جبال تيانشان المهيبة بجوار حوض تاريم وجزء من صحراء تكلامكان. هذه المنطقة الوعرة والبعيدة التي يقطنها مليونان وخمسمائة ألف نسمة، مساحتها تعادل مساحة دولة مثل نيكاراغوا أو اليونان. كوتشار، التي تتبع منطقة آكسو، أصبحت مثالا للإستراتيجية الوطنية في مكافحة الفقر في السنوات الأخيرة.

قبل ست سنوات، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تتخلص الصين من الفقر المدقع بحلول عام 2020. وعلى الرغم من الصعوبات الناجمة عن الأزمة الصحية والاقتصادية التي أحدثها وباء كوفيد- 19، أوفت الحكومة الصينية بوعدها، بعد الإعلان عن تخليص الـ832 محافظة الفقيرة الرئيسية الباقية من الفقر. في 22 نوفمبر 2020، خلال الاجتماع الثاني للقمة الخامسة عشرة لمجموعة العشرين، جدد الرئيس الصيني التزامه ورغبته في مواصلة العمل من أجل رفاه الشعب، وقال: "خلال الأربعين عاما الماضية منذ الإصلاح والانفتاح، تم تخليص أكثر من 700 مليون شخص في الصين من الفقر، وبذلك ساهمت الصين بأكثر من 70٪ من الحد من الفقر العالمي." وأضاف: "نحن مستعدون للعمل مع الدول الأخرى لبناء عالم أفضل خال من الفقر ويتمتع بالتنمية المشتركة."

اتخذت الحكومة إستراتيجيات متعددة لتحقيق هذه الأهداف، مثل إنشاء شراكات بين المقاطعات الواقعة في غربي الصين والمدن الواقعة في شرقي البلاد، والابتكار في التكنولوجيا، وتطوير الصناعات والزراعة المحلية، وإعادة توطين الفقراء في مناطق مناسبة للعيش فيها، وغيرها من الإجراءات. إن الجهود التي تبذلها كوتشار هي مثال واضح على الالتزام الثابت للحكومة المركزية والحكومات المحلية وكذلك المجتمع المدني بالوعد، وقد بُذِلت جهود كبيرة لتحقيق تلك الأهداف.

 

المؤسسات الخاصة المحلية مصدر العيش الكريم

في طرف شارع صغير، تقع ورشة خياطة ومتجر السيدة عادلة أبولاتي. استقبلتنا هذه السيدة من قومية الويغور بابتسامة عريضة وهي تشرح بعناية كيف أسست مشروعها. درست عادلة، مخالفة رغبة والديها، بمعهد بكين لتكنولوجيا الأزياء، حيث تعلمت كيفية تصميم وصنع الملابس. في عام 2018، فتحت ورشة خياطة في مسقط رأسها للمساهمة في الاقتصاد المحلي. حاليا، يعمل في ورشة عادلة أربعون سيدة يصنعن من ألفين إلى ثلاثة آلاف قطعة كل شهر، من القبعات والحقائب الصغيرة إلى الفساتين ومنتجات الزخرفة. في فصل الصيف، وهو موسم حفلات الزفاف، قد يصل عدد طلبيات الورشة إلى خمسة آلاف قطعة.

قالت عادلة أبولاتي: "من المستحيل أن تؤسس مشروعا بسهولة من دون مساعدة الحكومة المحلية." وفرت الحكومة لها مكان الورشة وماكينات الخياطة مجانا. بالإضافة إلى ذلك، في يونيو 2020، حصلت على قرض بدون فوائد بقيمة مائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات)، مما ساعدها في التغلب على تداعيات وباء كوفيد- 19، بالإضافة إلى دورة تدريبية لمدة أسبوع. قالت عادلة أبولاتي: "تولي حكومة منطقة شينجيانغ اهتماما كبيرا لتنمية رواد الأعمال الشباب مثلي." لكن خططها لا تتوقف عند هذا الحد، فهي تأمل في توسيع نطاق أعمالها بشكل أكبر من خلال توظيف مائة فرد آخرين في عام 2021.

مقابل ورشة عادلة، يوجد محل لصنع وبيع أشغال النحاس اليدوية، يديره رجل من قومية الويغور. قال هذا النحّاس إن تصنيع بعض أعماله قد يستغرق ساعات وأياما بسبب التصاميم المعقدة التي يرسمها بدقة. هذه الحرفة، التي ورثها عن أسلافه، مهنة نموذجية في كوتشار وأماكن أخرى في منطقة شينجيانغ، وتعتبر تراثا ثقافيًا غير مادي.

 

تحسين جودة التعليم لبناء قادة الغد

في ((خطة التنمية المستدامة لعام 2030)) التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015، تم تعريف التعليم على أنه أحد النقاط الرئيسية في القضاء على الفقر. تُظهر الأدلة التجريبية أن محو الأمية والتعليم الأفضل والمزيد من سنوات الدراسة يمكن أن تعود بفوائد مالية كبيرة على حياة الناس، وبالتالي أيضا توفر خدمات صحية وإسكان أفضل، وسلعا مادية أخرى. ولا تريد كوتشار أن تتخلف عن الركب، فقد انضمت إلى هذه الخطة وخصصت قدرا كبيرا من الموارد لتعليم الأطفال، الذين "سيصبحون قادة الغد" مثلما ذُكر في مقولة منتشرة.

مدرسة يانغ مينغ الابتدائية في مدينة كوتشار مثال للثمار الأكاديمي الممتاز والتعاون بين المدن. تضم هذه المدرسة 24 فصلا ويدرس فيها ثمانمائة طالب، وهي مجهزة بحجرات درس مريحة وأحدث التقنيات. اصطحبنا مدير المدرسة، وانغ هوا جيون، في جولة في حرم المدرسة التي تحمل اسم الفيلسوف والتربوي الصيني القديم وانغ يانغ مينغ. قال وانغ هوا جيون إن المدرسة بُنيت بأموال قدمتها حكومة مدينة نينغبوه بمقاطعة تشجيانغ، وهي المدينة التي تساعد كوتشار على مكافحة الفقر، بالإضافة إلى تبرعات من منظمات غير ربحية والحكومة المحلية.

بفضل هذه الخطة، تم إجراء العديد من التبادلات الأكاديمية لتعزيز التعاون والتفاهم بين الطلاب من كوتشار ونينغبوه، ويوجد حاليا اثنا عشر معلّما من نينغبوه يعملون في مدرسة يانغ مينغ الابتدائية. قبل وقت غير بعيد، تم بناء قاعة خاصة لإحياء ذكرى وانغ يانغ مينغ بتكلفة بلغت خمسمائة ألف يوان داخل المدرسة. ولمجاراة المهارات التي أجادها وانغ يانغ مينغ في التعليم، يمكن للطلاب تلقي دروس في الشطرنج أو الخط والرسم والعزف على قوتشنغ، وهي آلة موسيقية وترية صينية تقليدية، كجزء من الأنشطة والدورات خارج المنهج.

 

حشد القوة الاجتماعية من خلال تضامن القوميات

تأسست قرية توانجيه في عام 1959، واستقر فيها أكثر من مائة عامل للسكك الحديدية. منذ ذلك الحين، شهدت هذه القرية تطورا كبيرا، وأصبحت مثالا لحشد القوة الاجتماعية حيث يعيش أبناء قوميات الويغور وهان والقازاق وهوي وتشوانغ بسلام جنبا إلى جنب. وشهد سون تشي باو، أمين اللجنة الحزبية في القرية، ذلك التناغم والانسجام بعينيه. عندما كان السيد سون طفلا، تبنت أسرته اليتيم أحمد جيلي الذي كان عمره ثلاث سنوات فقط. يعتبر السيد سون السيد أحمد جيلي "شقيقه الويغوري"، لأن والديه استقبلاه فورا كأحد أفراد الأسرة. يجلس أحمد في قاعة الاستقبال في منزل والدته بالتبني وانغ فو تشيانغ، ويبدو متأثرا بشكل واضح حيث يتذكر طفولته والمحبة غير المشروطة التي منحتها إياها عائلته الجديدة من قومية هان.

حاليا، يعمل أحمد جيلي كسائق شاحنة، ويكسب ما يقرب من أربعة آلاف يوان شهريا، وهو ما يكفيه للاستمتاع بحياة مريحة مع زوجته وطفله. يعتزّ سون تشي باو بالتقدم الذي أحرزته القرية في الأيام الأخيرة. قال إن القرية التي يقيم فيها 1847 شخصا حاليا، تم تحديد قرية تنغتو التابعة لمدينة نينغبوه لمساعدتها على مكافحة الفقر، ويديرها تسعة قادة وخمسة أشخاص آخرين من لجنة مساعدة الفقراء. يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد في القرية 16 ألف يوان وفقا لمؤشر الأسعار لعام 2010، وهو ما يقرب من سبعة أضعاف خط الفقر المدقع البالغ 2300 يوان.

قال سون تشي باو: "نهدف إلى بناء قرية توانجيه كقرية نموذجية متكاملة." وأضاف: "على مدى السنوات الستين الماضية منذ إنشائها، تعايش أبناء مختلف القوميات في تناغم ويدعم بعضهم بعضا".

 

التطلع إلى المستقبل

هذه مجرد أمثلة قليلة لآلاف من الأمثلة الأخرى التي ظهرت منذ تنفيذ الصين للسياسة الوطنية للتخلص من الفقر. لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، لا سيما في تضييق الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، لكن الإنجازات الحالية دليل قوي على التزام الحكومة بالوعد من أجل سعادة أبناء الشعب وتوفير حياة رغيدة لهم. في إطار برنامجه لعام 2035 يأمل الحزب الشيوعي الصيني في توسيع نطاق فئة الدخل المتوسط بشكل كبير، والتي تتكون من حوالي أربعمائة مليون شخص حتى اليوم، وبالتالي الاستمرار في الطريق نحو ازدهار البلاد والبشرية جمعاء.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4