مسلمون صينيون < الرئيسية

آكسو تغرس الأشجار لإسعاد أجيال من الناس

: مشاركة
2020-12-03 14:39:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

في أحد أيام شهر سبتمبر 2020، قصد الشيخ إمام محمد بصحبة ابنه إلى قطاع حزام التشجير لمنطقة سانبي الواقع في بلدة ككيا بمدينة آكسو في منطقة شينجيانغ مرة أخرى. قال الرجل البالغ من العمر خمسة وسبعين عاما: "رغم أنني تقاعدت عن العمل قبل سنوات، أزور هذه المنطقة مرة كل سنة. أعتبر هذه الأشجار أبنائي، وأشهد ترعرعها." يشعر إمام محمد بسعادة بالغة كلما يرى غابة حزام أشجار المناطق الشمالية الثلاث بالصين (الشمال والشمال الغربي والشمال الشرقي "سانبي").

تقع مدينة آكسو في شمالي صحراء تكلامكان التي تعد ثاني أكبر صحراء في العالم بها رمال متحركة. في سنة 1986، أطلقت حكومة منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم مشروع تشجير الصحراء في بلدة ككيا. في ذلك الوقت، كان إمام محمد أول رئيس لمحطة إدارة الغابة في بلدة ككيا، وقاد موظفي المحطة والجماهير لغرس الشجيرات على مساحة 13873 مو (الهكتار يساوي 15 مو). أثمرت جهود خمس سنوات، فظهر "سور عظيم" أخضر طوله 25 كيلومترا وعرضه 4 كيلومترات، يصد الريح ويساهم في معالجة التصحر بصحراء غوبي.

الشجيرات التي غرسها إمام محمد وجماهير الشعب ترعرعت وصارت أشجارا باسقة. وبفضل الجهود المتواصلة جيلا بعد جيل من العاملين في التشجير بغرض معالجة التصحر، أصبحت آكسو، التي "كانت العواصف الرملية الصفراء تحجب السماء والشمس"، واحة خضراء في الصحراء، حيث آلاف الهكتارات من الصفصاف الأخضر وبساتين الخوخ والمشمش.

الأب والابن يكافحان التصحر

قال إمام محمد: "جئت إلى بلدة ككيا لمعالجة التصحر قبل أكثر من ثلاثين سنة. كانت هذه البقعة من صحراء غوبي جرداء. كنت إذا وطئت الأرض غاصت ساقاي في الرمال الصفراء حتى الركبتين. عندما كانت العواصف الرملية تهب، كان الناس لا يرون بعضهم حتى وهم في نفس الغرفة الغرفة ولو كانت مضاءة." مشهد العواصف الرملية العنيفة لا يزال حيا في ذاكرة إمام محمد حتى الآن.

معالجة التصحر بغرس الأشجار عمل شاق، ولكنه يتعلق بجودة الحياة لكل شخص. ولهذا تحمست الجماهير للعمل، فقاد إمام محمد الناس لجرف الكثبان الرملية العالية وحفر الخنادق وتسوية الأرض وري الأشجار. كانت بثور الدم تغطي أياديهم، والرمال تكسو وجوههم وتسللت حبات الرمال إلى أفواههم بعد كل يوم من العمل. من الصعب أن نتخيل زراعة الأشجار في صحراء غوبي والأراضي القلوية المالحة. كان هؤلاء الناس يدركون أن الري في الوقت المناسب عنصر حاسم لبقاء الشتلات حية. قال إمام محمد: "كانت المسؤولية الرئيسية لحراس الغابة هي ضمان نسبة الأغراس الحية. في ذلك الوقت، تحمل كل حارس مهمة رعاية الأغراس على مساحة 120 مو. كان كل واحد منا يرعى الأغراس مثلما يرعى أبناءه. لم نعرف الراحة لكي نضمن بلوغ نسبة الأغراس الحية أكثر من 85%."

من أجل زيادة اليد العاملة، طلب إمام محمد من ابنه أسكار الذي كان في السادسة عشرة من عمره ويدرس في مدرسة ثانوية حينذاك الانضمام إلى صفوف العاملين في التشجير. أسكار إمام، البالغ من العمر ثمانية وأربعين عاما حاليا، يعمل في محطة ككيا لحراسة الغابة منذ اثنتين وثلاثين سنة. قال: "غرس الأشجار عمل مرهق، ولكن عندما رأيت الغابة الواسعة تترعرع بين أيدينا، شعرت أنني أنجزت عملا يفيدني شخصيا ويفيد الأجيال القادمة. بلغت المساحة المتراكمة لمعالجة التصحر من خلال التشجير في بلدة ككيا 153ر1 مليون مو حتى الآن، وارتفعت نسبة الغطاء النباتي في منطقة آكسو من 1ر4% في عام 1985 إلى 8ر6% حاليا، بينما بلغت نسبة الغطاء النباتي في أحياء المدينة 2ر45%. وبفضل ذلك، قل عدد أيام العواصف الرملية بنسبة 61% سنويا. وذلك شرف لكل العامليين في معالجة التصحر من خلال التشجير."

في ديسمبر عام 2017، قال الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للصين: "من المزرعة الحرجية في سايهانبا والتشجير في المنطقة الرملية بمحافظة يويوي وإعادة أراضي الغابات التي تحولت إلى حقول زراعية إلى حالاتها الأصلية كغابات في مدينة يانآن ومعالجة التصحر من خلال التشجير في آكسو وغيرها من الأمثلة، نجد أنه يمكن إصلاح النظام البيئي طالما نعمل في الاتجاه الصحيح، عاما بعد عام وجيلا بعد جيل." قال أسكار إمام إن كلام الأمين العام ثناء وتشجيع للعاملين في غرس الأشجار، وإنهم سوف يواصلون العمل بإرشاد من كلامه جيلا بعد جيل.

الصحراء تتحول إلى "بنك أخضر"

قصة عمل الأب والابن في التشجيع لها تأثير واسع النطاق على العاملين في مكافحة الرمال في أكسو. حاليا، تم إنجاز بناء بستان إيكولوجي مساحته مائة ألف مو في إطار مشروع تشجير الصحراء في بلدة ككيا. في شمال هذا البستان الإيكولوجي توجد قاعدة نموذجية حديثة لزراعة التفاح على مساحة 7800 مو. أضحت هذه القاعدة محركا جديدا لتنمية الاقتصاد الأخضر في صحراء غوبي.

في بستان بينغشيويه ميتسوي، يبشر التفاح بحصاد وافر. يعمل المواطن الفقير عيش مختار في قرية باكلك ببلدة ككيا بإختلاع الكيس الورقي خارج ثمار التفاح في هذا البستان. يتراوح دخل كل مو في قاعدة زراعة التفاح من 7500 يوان إلى 10000 يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات). هذا الدخل تتقاسمه الشركة العاملة في القاعدة مع أسر الفلاحين التي تستخدم الشركة حقولها.

تدير هذا البستان شركة بينغشيويه ميتسوي المحدودة لصناعة الفواكه بمدينة آكسو، وهي مؤسسة اقتصادية رائدة حديثة لزراعة وحفظ وتصنيع التفاح. منذ بداية سنة 2020، لا يستطيع كثير من أبناء بلدة ككيا الخروج للعمل بسبب وباء كوفيد- 19، فاتصل بستان بينغشيويه ميتسوي بلجنة الحزب الشيوعي الصيني في بلدة ككيا وحكومة البلدة لتوظيف 241 شخصا من العمالة الفائضة، ومن بينهم 198 فردا فقيرا، مما حل مشكلة توظيفهم.

قال السيد قوه تشانغ آن، المشرف العام للتقنيات في شركة بينغشيويه ميتسوي، إن الفقراء الذين يعملون في البستان مثل عيش مختار، يمكنهم أن يتعهدوا بزراعة الأشجار المثمرة على الأرض بمساحة محددة من دون مقابل بعد إجادة تقنيات إدارة الأشجار المثمرة. توفر الشركة لهم الآلات والأدوات والتقنيات الزراعية لزراعة وإدارة الأشجار المثمرة، ولا يتحملون أي مخاطر، ويكفيهم إدارة الأشجار المثمرة بشكل جيد. ووفقا لنمط تبادل المنفعة والفوز المشترك الذي تطبقه الشركة والمتمثل في "الشركة+ أسر الفلاحين"، إذا بلغ إنتاج المو الواحد من الأشجار المثمرة التي تعهدت أسر الفلاحين بزراعتها 5ر1 طن أو بلغت قيمة إنتاجه أكثر من 7500 يوان، تتقاسم الشركة الأرباح مع أسر الفلاحين. الآن، يدير عيش مختار عددا من الأشجار المثمرة في البستان، ويبلغ دخله الشهري 2800 يوان، ويتوقع أن يتقن مزيدا من التقنيات في أسرع وقت ممكن، لتحقيق مزيد من التعاون مع الشركة.

قال السيد ياكب تورسون، رئيس بلدة ككيا، إن تفاح آكسو الحلو مشهور في الصين، وأصبح منتجا رائجا عبر التجارة الإلكترونية. في سنة 2019، تجاوز عدد المتاجر الإلكترونية على موقع تاوباو الإلكتروني للتسوق (www.taobao.com) في منطقة آكسو 2400، وتجاوز إجمالي المبيعات السنوية 800 مليون يوان، وتجاوز عدد الذين يشتغلون في التجارة الإلكترونية 18 ألف شخص، وذلك يساعد على توظيف أكثر من 30 ألف شخص في منطقة آكسو بشكل مباشر وغير مباشر. حجم مبيعات منطقة آكسو من التفاح والعنب الأحمر والجوز على شبكة الإنترنت يتصدر قائمة المحافظات النموذجية للتجارة الإلكترونية الريفية في الصين. بالإضافة إلى ذلك، تتوسع السوق الأجنبية لتفاح آكسو. فقد اشترت شركة هنغتونغ المحدودة للعصائر بمدينة آكسو 70 ألف طن من التفاح في العام الجاري، وصدرت 3600 طن من العصير على دفعتين إلى روسيا عبر قطار على خط الصين- أوروبا للسكك الحديدية. أصبحت هذه "الصناعة الحلوة" المستدامة "البنك الأخضر" لتحقيق الرخاء لأبناء آكسو.

حياة رغيدة للرعاة

قرية هونغشان الجديدة موقع لإعادة توطين أبناء قرية باكلك ببلدة ككيا لمساعدتهم في التخفيف من حدة الفقر. البيوت الجديدة المشيدة في صحراء غوبي، تصل إليها الطرق والمياه والكهرباء، بل إن الطريق الأسفلتي يصل إلى كل بيت، وبذلك يمكن لمحمد زايد وزوجته الوصول إلى موقع العمل في البستان في خمس عشرة دقيقة فقط بالدراجة الكهربائية.

قبل إعادة توطينهما، كان أفراد أسرة محمد زايد الأربعة يعيشون في بيت من الطوب بسفح جبل. لم يكن من السهل لهم الحصول على مياه الشرب والكهرباء، وكان ذهاب الطفل إلى المدرسة والمسن إلى الطبيب أمرا عسيرا. كانت حياتهم تعتمد على رعي الماشية.

بفضل السياسة الوطنية لتوطين الرعاة الرُحل وسياسة مساعدة الفقراء من خلال إعادة توطينهم في أماكن جديدة، انتقلت أسرة محمد زايد إلى مسكن جديد بقرية هونغشان الجديدة في نوفمبر 2015، تبلغ مساحته 85 مترا مربعا، من دون أي مقابل. الآن، يعمل محمد زايد وزوجته في شركة تيانجينغيوان لصناعة الثمار، ويتجاوز الدخل الشهري لكل منهما ألفي يوان. قال محمد زايد إن الفضل في هذه الحياة الجميلة يرجع إلى مساعدة الدولة.

قال ليو دونغ ون، الأمين الأول للجنة الحزب الشيوعي الصيني المبعوث إلى القرية، إن كل أبناء القرية المقيمين في هذه القرية قد تخلصوا من الفقر في نهاية عام 2019، وأضاف قائلا: "شهدت البيئة الكلية لبلدة ككيا تغيرات كبيرة. يرجع فضل بناء قرية جديدة بصحراء غوبي التي تتعرض دائما لهبوب العواصف الرملية، إلى تحسن البيئة الإيكولوجية بفضل معالجة التصحر من خلال التشجير. الآن، لا يتحاوز عدد أيام العواصف الرملية فيها عشرين يوما كل سنة، وتم بناء بساتين أشجار مثمرة ضخمة حول القرية بالاستفادة من البيئة الإيكولوجية الطيبة. أسر الرعاة من قومية الويغور وقومية القرغيز التي انتقلت من منطقة مرتفعة إلى هذه القرية، ويبلغ عددها 313 أسرة، يعمل أفرادها في البساتين القريبة حاليا، ويتراوح الدخل الشهري لكل أسرة بين 2000 يوان و8000 يوان. بدأ الجميع حياة جديدة لم يعهدوها في السابق."

في الوقت الحالي، تم توطين 2200 فرد من 566 أسرة رعاة في قرية هونغشان الجديدة. قالت عيتسون إسماعيل البالغة من العمر خمسة وأربعين عاما لزوجها: "شاهدت برنامج ’التقدم نحو الحياة الرغيدة‘ التلفازي هذه الأيام. إذن، ما هي الحياة الرغيدة؟ أرى أنها الحياة بدون قلق على الطعام واللباس ووجود وظيفة والتحاق الأطفال بالمدارس وتمتع المسنين بضمان العلاج الطبي الأساسي، مثل الحياة التي نعيشها حاليا!"

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4