مسلمون صينيون < الرئيسية

تشانغ جيان قوه.. العسل الصافي طول العمر

: مشاركة
2020-10-27 14:59:00 الصين اليوم:Source هناء لي ينغ:Author

شينجيانغ هي أكبر منطقة في الصين، من حيث مساحة الأرض، كانت شينجيانغ قديما هي المنطقة الغربية، وكانت النقطة الأهم على طريق الحرير القديم. على مدى مئات السنين، عاش الناس هنا ومارسوا الإنتاج وتطوروا على امتداد جبال تيانشان.

ولاية ييلي الذاتية الحكم لقومية القازاق، التي تقع في وادي نهر ييلي بشمال جبال تيانشان في غربي منطقة شينجيانغ، فيها أجمل المناظر الطبيعية في شينجيانغ ولها تاريخ إنساني عريق.

الآن، تنتشر النباتات البرية في وادي نهر ييلي ومرج جبال تيانشان، وتُسمى هذه المنطقة بـ"مجمع مورثات النباتات في آسيا الوسطى"، كما تعد مخزن العسل الطبيعي في الصين، إذ تنتج 70% من إجمالي إنتاج شينجيانغ من عسل النحل. في الفترة من مايو إلى أغسطس كل سنة، تتفتح الزهور ويعبق الجو بعطر الزهور. يحول الغطاء النباتي الأخضر هذه المنطقة إلى بحر من الزهور وجنة للنحل يتغذى عليها ويفيض عسله. خلال عشرات السنين، يرافق تشانغ جيان قوه سنويا ملايين من النحل المجتهد لاجتياز جبال تيانشان والسعي وراء عطر الزهور.

علاقة أخوية مع أبناء مختلف القوميات في شينجيانغ

في قطاع تربية النحل بمنطقة وادي نهر ييلي في شينجيانغ، الكل يعرف شركة "رحمان" لتربية النحل. تشانغ جيان قوه هو مؤسس الشركة، ومن الدفعة الأولى لأبناء الصين الذين هاجروا من المناطق الداخلية إلى سفح جبال تيانشان من أجل تربية النحل.

في خمسينات وستينات القرن الماضي، غادر الفتى تشانغ جيان قوه الذي لم يكن عمره قد جاوز السادسة عشرة، موطن أجداده في ولاية لينشيا في مقاطعة قانسو، مهاجرا مع أمه وشقيقته الصغيرة وغيرهما من خمسة أفراد من أسرته إلى شينجيانغ، بحثا عن لقمة العيش.

عن تلك الأيام، قال تشانغ جيان قوه: "في ذلك الوقت، كانت حياتنا صعبة. من عادة أبناء قومية الويغور أنهم إذا زاروا صديقا يحملون إليه وعاء من الطحين. كان أهل القرية التي هاجرنا إليها طيبين، فقد قدمت كل أسرة فيها وعاء من الطحين لنا، بذلك تم حل مشكلة طعام أسرتنا خلال ذلك الشتاء."

في هذه البيئة الشاقة، كوّنت أسرة تشانغ جيان قوه علاقة أخوية عميقة مثل البحر مع أبناء قومية الويغور وقومية القازاق. حسب ما قال تشانغ جيان قوه، سقطت ثلوج كثيرة في عام 1968، ولم يكن لدى المهاجرين من المناطق الداخلية للصين حطب لإشعال النار للتدفئة، فاستقبل كثير من أبناء قومية الويغور هؤلاء المهاجرين ليقيموا معهم في بيوتهم. قال تشانغ جيان قوه: في ذلك الوقت، كانت عادات الناس بسيطة، فعندما كان أبناء الويغور يخبزون الخبز، ويصير الخبز جاهزا، يهتفون "يا ضيوف الله، تفضلوا بتناول الخبز الساخن." كان بوسع المارة أن يتناولوا الخبز الساخن الطازج في وقت لم يكن الصينيون يستطيعون ملء بطونهم. كانت تلك المحبة محبة نزيهة عظيمة.

تبلغ مساحة منطقة شينجيانغ 66ر1 مليون كيلومتر مربع، والأوسع من مساحة شينجيانغ هو حماسة وصدر أبناء شينجيانغ الذين استقبلوا وساعدوا عددا غفيرا من المهاجرين من مناطق الصين الداخلية. إن استقرار وتطور أسرة تشانغ جيان قوه في شينجيانغ لا ينفصل نهائيا عن الدعم والمساعدة الأخوية من أبناء قوميتي الويغور والقازاق.

عسل صاف ورجل صادق

وادي نهر ييلي ومرج تيانشان اللذان يشبهان بحرا من الزهور منحلة طبيعية خالية من التلوث. وبفضل مساعدة الأصدقاء من قومية الويغور وقومية القازاق، بدأ تشانغ جيان قوه طريق إعالة الأسرة من خلال تربية النحل. بعد دخول قطاع تربية النحل، انهمك تشانغ جيان قوه في تربية النحل وصنع العسل وكسب الأموال وفقا للثقافة والإيمان اللذين يلتزم بهما، وتتفق تصرفاته مع الأخلاق. ولكن الصعوبات والمشكلات غير المتوقعة جاءت تباعا.

ذات عام، سلّم تشانغ جيان قوه العسل الذي يبلغ وزنه عشرين طنا جمعه طوال السنة، إلى شركة للمنتجات المحلية، ولكنها لم تدفع ثمن العسل حتى منتصف السنة التالية. قال: "لم تكن الشركة تقبل إلا العسل السائل، وظن عاملو الشركة أن العسل المتبلور (المتجمد) مغشوش، ذلك لأنهم لا ينتمون إلى مهنة النحالة. كثير من المنخرطين في تربية النحل نصحوا تشانغ جيان قوه أن يذيب العسل المتبلور في درجة الحرارة المرتفعة من أجل الربح، ولكنه رفض ذلك.

في الحقيقة، فإن تبلور العسل ظاهرة طبيعية، وهو ظاهرة فصل الغلوكوز من العسل، ولا تؤثر على العناصر الغذائية وقيمة الاستخدام للعسل، ومن السهل جدا أن يتبلور العسل الصافي الطبيعي. قال تشانغ جيان قوه: "العسل مادة فعالة، ويمكن لدرجة الحرارة المرتفعة أن تضر بالإنزيم النشيط في العسل، مما يجعل العسل يفقد القيمة الغذائية. فأرفض إذابة العسل المتبلور في درجة الحرارة المرتفعة لأن إيماني لا يسمح لي أن أفعل ذلك، فدرجة الحرارة المرتفعة تلحق ضررا كبيرا بالعناصر الغذائية في العسل. باعتباري نحالا، أعرف أن إذابة العسل في درجة الحرارة المرتفعة طريقة غير مسؤولة. إذا أبيع العسل بدون قيمة غذائية أو العسل السيئ للآخرين، فإن مالي الذي أكسبه بهذه الطريقة مال ملوث، وفقا لإيماننا نحن المسلمين."

بسبب رفض إذابة العسل المتبلور في درجة الحرارة المرتفعة، لم يكسب تشانغ جيان قوه مالا، بل رفضت تلك الشركة إنتاجه من العسل، وأعادت إليه العشرين طنا من العسل الصافي المتبلور، فذهب إلى الأصدقاء من قومية الويغور الذين ساعدوه في السابق.

يشتهر أبناء قومية الويغور بمختلف الأطعمة اللذيذة، وفي شوارع وأزقة منطقة شينجيانغ أطعمة محلية لذيذة حلال، وكثير منها لا ينفصل عن العسل. يعرف الأصدقاء من قومية الويغور العسل معرفة جيدة. قال تشانغ جيان قوه: "كل أبناء قومية الويغور في جنوبي شينجيانغ يعرفون العسل المتبلور، ويريدون العسل المتبلور الصافي، فاشترى الأصدقاء من قومية الويغور كل العشرين طنا من العسل المتبلور."

خلال عشرات السنين في تربية النحل، ظل تشانغ جيان قوه يتمسك بمبدأ واحد، وهو "صنع العسل الصافي طوال الحياة"، فلا يصنع صفقة تخالف الضمير والإيمان حتى ولو لم يربح شيئا أو ربح القليل من المال. وفي نفس الوقت، كوّن تشانغ جيان قوه والإخوة من قوميتي الويغور والقازاق في شينجيانغ صداقة عميقة في مواجهة الصعوبات والتعاملات منذ بدء البحث عن الرزق في شينجيانغ. خلال التعاملات مع أبناء القوميتين، أجاد تشانغ جيان قوه لغة الويغور ولغة القازاق. الآن، يستطيع أن يتبادل الحديث مع الأصدقاء المحليين من الأقليات القومية بلغة الويغور ولغة القازاق بطلاقة.

كارثة مفاجئة

بعد تربية النحل في وادي نهر ييلي ومرج تيانشان بسنوات عديدة، أصبح تشانغ جيان قوه رائدا في صناعة تربية النحل المحلية، وبينما أسس شركة "رحمان" لصناعة العسل، قاد ودفع مزيدا من الأصدقاء من مختلف القوميات إلى تحقيق الرخاء معه من خلال تربية النحل.

ولكن في ظل تطور الصناعة ونضج التقنيات، وقعت كارثة لم تكن متوقعة. في سنة ذات رياح مؤاتية وأمطار مناسبة، بدأ النحل في منحلة تشانغ جيان قوه يموت بأعداد كبيرة.

قال تشانغ جيان قوه: "مات كثير من النحل، النصف تقريبا. لم يكن لنا دخل، ولم نستطع استرداد رأس المال الذي خسرناه. بقينا طوال سنة من دون دخل." في تلك السنة، بلغت خسارة كل واحدة من مناحل تشانغ جيان قوه حوالي مائة ألف يوان، وتجاوزت خسارة كل المناحل السبع ثمانمائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 8ر6 يوانات حاليا). كانت خسائر النحالين الفرديين أفدح، وكثير من النحالين المساكين مات كل نحلهم، فكانوا يأتون إلى أبي من حين لآخر، يشكون ويبكون ويبحثون الأمر معه."

من خلال سلسلة من التحقيقات والأبحاث، وجد تشانغ جيان قوه السبب. قال: "مصلحة الزراعة أرسلت طائرة لرش المبيدات الزراعية، فتسمم نحلنا." بعد ذلك، بدأ تشانغ جيان قوه، باعتباره نحالا مشهورا بسفح جبال تيانشان، يسعى في سبيل الدعاية الخيرية لمساعدة تربية النحل على الإنتاج الزراعي والتفكير في كيفية ضمان سلامة تربية النحل. قال: "بعد أن ارتشف نحلنا الرحيق من الزهور، ارتفع حجم إنتاج الشلجم الحقلي بنسبة تتراوح بين 30% و40%. ولكن بسبب رش المبيدات الزراعية بطريقة عشوائية، قل عدد الحشرات ونقار الخشب، بل تم قتل الحشرات اعتمادا على المبيدات الزراعية، وهذه ليست طريقة صحيحة، ويجب معالجة هذه المشكلة من خلال السلسلة الإيكولوجية، فتكون معالجة مشكلة التلقيح باستخدام النحل، مما يؤدي إلى ارتفاع حجم إنتاج الكلأ والمحصودات، وتلك مشكلة يجب أن تعالجها الزراعة الإيكولوجية في المستقبل."

السعي وراء عطر الزهور

أثرت كثرة رش المبيدات الزراعية على سلامة النحل والعسل، بينما ارتفعت متطلبات الناس لجودة منتجات العسل، فقرر تشانغ جيان قوه أن يتقدم إلى أعماق الجبال البعيدة عن أنشطة الناس مع عشرات ملايين نحلة مجتهدة له.

في أعماق جبال تيانشان غابة ومروج بعيدة عن التلوث، كما أن فيها نبات الكردهان (دانغ شن) والشويلاء والزعتر البري وغيرها من العقاقير الصينية الثمينة. كلما جاء موسم تفتح الزهور، كان الهواء مشبعا بعطر الزهور، وأصبح هذا المكان بار الأكسجين الطبيعي ومستودع العسل الطبيعي. فأنشأ تشانغ جيان قوه منحلة "رحمان" هنا، فأنتج مئات الأطنان من العسل الطبيعي غير المتلوث كل سنة.

بفضل الصدق في التجارة ومصدر العسل الطبيعي الخالي من التلوث والخاص من جبال تيانشان، ازدهرت أعمال شركة "رحمان" لتربية النحل في التنمية الصناعية. وفي ظل دعم هيئات الدولة المعنية، لم تقتصر منتجات العسل لشركة "رحمان" لتشانغ جيان قوه على إمداد السوق الصينية، بل تصدر منتجاتها إلى ألمانيا وروسيا واليابان وغيرها من الدول.

في السنوات الأخيرة، شهدت سوق العسل الدولية تراجعا، ولكن منتجات العسل لتشانغ جيان قوه شهدت إقبالا في السوق الدولية. قال تشانغ جيان قوه: "نرافق الزبون الأجنبي لزيارة المنحلة في أعماق الجبال، فيعرف أن عسلنا طبيعي وصاف مائة بالمائة. وخلال ممارسة التجارة، نلتزم بقوانين ولوائح البلاد وإيماننا والثقافة الصينية التقليدية ومعايير المسلمين."

اختلافا عن المنخرطين في تربية النحل الآخرين بجبال تيانشان، لا يسعى تشانغ جيان قوه إلى عطر الزهور ويربي النحل ويصنع العسل فحسب، وإنما أيضا يشغف بالقراءة. هو واسع الاطّلاع، ومن بين الكتب التي قرأها، كتب متخصصة في تربية النحل وكتب في التاريخ الإنساني والعلوم الاجتماعية وغيرها من المجالات الواسعة.

القراءة والتمسك بالثقافة والإيمان جعلاه رجلا صادقا. على مدى عشرات السنين، ظل تشانغ جيان قوه محافظا على ضميره ومبادئه وظل رجلا صادقا.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4