مسلمون صينيون < الرئيسية

شارع تشاوده القديم كنز متدثر في تشينغتشو

: مشاركة
2018-10-26 13:37:00 الصين اليوم:Source تشانغ شي:Author

شارع تشاوده القديم في تشينغتشو، كان فرعا هاما لشارع دونغقوان القديم في هذه المدينة الواقعة بمقاطعة شاندونغ. أخذ الشارع اسمه "تشاوده"، من مقصورة تشاوده المنتصبة في جنوبه. الحقيقة أن الشارع القديم الشهير هذا عبارة عن عدة شوارع مثل دونغمن ودونغقوان وتشاوده وبيقه وليانغشي وغيرها. يرتبط شارع تشيبان بشوارع تشاوده وويجيه وأويوان وبيمن وبيقوان مشكلا منطقة للبنايات القديمة ذات خصائص أسرتي مينغ وتشينغ، ويبلغ طوله خمسة كيلومترات، لذا، يلقب شارع تشاوده أيضا بـ"شارع العشرة ليات القديم" (لي وحدة طول صينية تعادل 500 متر).  معظم سكان شارع تشاوده مسلمون. يوجد في الشارع مسجد عريق هو مسجد تشنجياو، وهو ما يعكس التكوين العرقي للشارع. في عام 2009، أدرج شارع تشاوده ضمن أول دفعة من أقدم وأعرق "الشوارع التاريخية والثقافية المشهورة في الصين" مع الشارع الجنوبي في مدينة بينغياو بمقاطعة شانشي وشارع تونشي القديم في مدينة هوانغشان بمقاطعة آنهوي وشارع الأكاديمية الإمبراطورية في بكين.

منطقة تقليدية مأهولة بالمسلمين

كانت مدينة تشينغتشو جزءا من جيوتشو حسب (التقسيم الإداري في العصور القديمة) في التاريخ الصيني القديم. تعتبر هذه المدينة أيضا مهد ثقافة دونغيي البدائية الصينية. في عصر الربيع والخريف، بدأت التجارة بين تشينغتشو ومنطقة غربي الصين، وأصبحت تشينغتشو واحدة من مهود طريق الحرير القديم. ازدهرت تشينغتشو في فترة أسرة تانغ، وقد أتى إليها التجار العرب والفرس لممارسة التجارة، وكانوا ينتقلون إليها عبر طريقي الحرير البري والبحري آنذاك. أما في فترة أسرتي مينغ وتشينغ، فكانت تشينغتشو هي نقطة الوصل الهامة للوصول إلى بكين ونانجينغ ومحور النقل الذي يربط البر الغربي الصيني ببحار شرقي الصين، فكانت مركزا تجاريا ودينيا في شرقي الصين. بدأ تاريخ قومية هوي في تشينغتشو منذ فترة أسرة يوان (1270- 1368 م)، حينها كانت تشينغتشو قلعة إستراتيجية هامة، فانتقل إليها الموظفون المسلمون والجنود مع ذويهم إليها من أجل العمل فيها، مشكلين بذلك أصلا رئيسيا لقومية هوي لهذه المدينة. في فترة الإمبراطور تشو يوان تشانغ لأسرة مينغ، هاجر كثير من مسلمي شمالي الصين إلى تشينغتشو وفقا لأمر الإمبراطور. فاندمجت الحضارة الصينية القديمة مع الحضارة العربية في تشينغتشو منذ مئات السنين، وتشكلت تدريجيا هذه المنطقة الخاصة المأهولة بالمسلمين في شارع تشاوده القديم.

تتكون المنطقة المأهولة بالمسلمين في شارع تشاوده، ومركزها مسجد تشنجياو، من شوارع تشاوده وبيقه وليانغشي ودونغقوان وهوبوه وشياتشينيوان. ينتشر في تلك الشوارع المحلات القديمة المبنية بالطوب الأزرق والقرميد الصغير على طراز العمارة الصينية التقليدية، مما يعكس العمق التاريخي للشارع. النوافذ والأبواب الخشبية بطراز العمارة الصينية التقليدية تحكي قصص تغيرات المدينة في السنوات الماضية. في كل صباح، هناك مشهد مألوف لأصحاب أشكاك الأطعمة الإسلامية في الشارع، المنشغلون بإعداد الأطعمة وبيعها، حيث يصبح الهواء في الشارع مشبعا برائحة زيت السمسم واللحوم الطازجة والمطبوخة والخبز الحار الهش لجذب المحليين والزوار. فتجد في الشارع  سيلا لا ينقطع من الناس يحضر إلى شارع تشاوده لشراء المأكولات من أكشاك الطعام والوقوف في صف طويل خارج محل حلويات لونغشنغ- محل الحلويات الأشهر في شارع تشاوده من أجل شراء الحلويات والتمتع بالمذاق المميز لها. لا يزال الشارع القديم ينبض بالحيوية.

مسجد ذو تاريخ عريق

مسجد تشنجياو هو أكبر وأقدم مسجد في تشينغتشو. يقع هذا المسجد في منتصف شارع تشاوده القديم. وفقا لمحتوى ((شاهدة ذكرى بناء مسجد تشنجياو في تشينغتشو))، قام أحفاد بوه يان (كبير الوزراء المشهور في أسرة يوان) ببناء المسجد في عام 1302. كان المسجد هو أحد  المساجد الكبيرة الثلاثة في الصين آنذاك.

مسجد تشنجياو كبير وواسع وجميل. بناء هذا المسجد يجمع بين خصائص بناء القصور الصينية التقليدية مع العمارة العربية. واجهة المسجد تتجه نحو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، قبلة المسلمين في الصلاة. تبلغ مساحة المسجد أكثر من ستة آلاف متر مربع، بينما تبلغ مساحة بناياته أكثر من ألفي متر مربع. شيدت بناياته على طراز الدار الرباعية (سيخهيوان) الصينية التقليدية، حيث يقع المدخل الأول والمدخل الثاني وقاعة الصلاة على خط المحور المركزي للمسجد وتقع البنايات الأخرى على الجانبين بنمط متماثل. تتكون قاعة الصلاة من القاعة الأمامية والقاعة الوسطى والقاعة الخلفية. عند النظر إلى المسجد بأكمله، تجد أن القاعات الأمامية والوسطى والخلفية ومحراب المسجد موزعة على شكل الرمز الصيني "تشو" () بمعنى لفظ الجلالة "الله" في اللغة الصينية، مما يشير إلى مقولة "المسجد بيت الله"، ويعكس اندماج الحضارة الصينية التقليدية والحضارة الإسلامية. كل جزء من المسجد له استعمال خاص ومزايا خاصة، مما زاد المسجد مهابة وجمالا.

المدخل الأول لمسجد تشنجياو هو بناية مشيدة بالطوب والحجر، يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار، وتبلغ مساحتها 36 مترا مربعا. على جانبيها بوابتان إضافيتان. اسم "مسجد تشنجياو" منقوش على لوحة حجرية في المدخل الأول مزينة بخلفية زرقاء وخط ذهبي، مجسدة السمة الإسلامية للمسجد، أما في الجهة الأخرى للمدخل الأول، فهناك لوحة مكتوب فيها بخط عربي رائع عبارة "المسجد بيت الله". وفقا للشريعة والمعتقدات الإسلامية، لا تستخدم صور الأشخاص أو الحيوانات في زخارف المسجد، بل الخطوط العربية والأزهار. أما المدخل الثاني، فيتكون من ستة أبواب يبلغ ارتفاع كل منها أكثر من ثلاثة أمتار، وهو بناية صينية تقليدية ومساحته 45 مترا مربعا. لكن الفرق بين المدخل الثاني والعمارة الصينية التقليدية هو زخرفة الأبواب ونقش الطوب بالخطوط الإسلامية وليس بصور الأشخاص والحيوانات، إضافة لذلك، تم وضع ((شاهدة ذكرى بناء مسجد تشنجياو في تشينغتشو)) عند الجدار الشمالي للمدخل الثاني، بينما في الجدار الجنوبي هناك الحجر المنحوت بأوقات صلاة المسلمين القدامى في فترة أسرة تشينغ. لا يسمح بفتح الأبواب الستة للمدخل الثاني في نفس الوقت إلا عند إقامة مهرجان أو مناسبة دينية هامة في المسجد. بعد دخول المدخل الثاني تجد مقصورة مشهورة لشاهدة المرسوم الإمبراطوري. بنيت المقصورة من الطوب بدلا من الخشب لتبدو أكثر أناقة وجمالا، ويبلغ ارتفاعها أربعة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار. على الجانب الأمامي من الشاهدة، تم نحت النص الكامل لإشادة الإمبراطور تشو يوان تشانغ في أسرة مينغ، بالإسلام، وفي جانبها الآخر مرسوم الإمبراطور. تقع قاعة الصلاة خلف الشاهدة، تبلغ مساحتها أكثر من ستمائة متر مربع، وتتسع القاعة لحوالي 800 مصل. بنيت قاعة الصلاة على شرفة ارتفاعها أكثر من متر واحد فوق الأرض، وتحاط بـ36 عمودا. تتكون قاعة الصلاة من القاعة الأمامية والوسطى والخلفية وبرج رؤية الهلال. من عادة المسلمين في تشينغتشو متابعة الهلال في برج رؤيته للتأكد من أيام الصيام والإفطار، ولتحديد المناسبات والأعياد الإسلامية. برج رؤية الهلال يعتبر مئذنة أيضا. قبل الصلاة، يصعد المؤذن إلى المئذنة لرفع الأذان من أجل الإعلان عن وقت دخول الصلاة.

تعرض مسجد تشنجياو لأضرار عديدة على مدى السنوات الماضية، لكن لحسن الحظ، تم الحفاظ على طراز عمارته الخاصة بشكل كامل من خلال عمليات الترميم والصيانة المناسبة.

الحفاظ على المدينة القديمة لإعادة ازدهار الماضي

يزخر شارع تشاوده بالبنايات على طراز العمارة في أسرتي مينغ وتشينغ وثقافته العريقة التي تجذب الكثير من الزوار إلى تشينغتشو، خاصة خلال العطلات والإجازات. وفقا للإحصاء، ، بلغ عدد الزوار لمدينة تشينغتشو القديمة، ومن ضمنها شارع تشاوده القديم أيضا، 584 ألف وأربعمئة  زائر خلال الخمسة أيام الأولى من إجازة العيد الوطني أكتوبر 2018.

وقد كلفت الحكومة المحلية أفضل وأشهر خبراء التصميم والمركز الوطني للبحوث التاريخية والثقافية للمدن بجامعة تونجي بوضع ((الخطة العامة بشأن صيانة مدينة تشينغتشو القديمة والحفاظ عليها))، من أجل حماية شارع تشاوده القديم ليتمكن السائحون من التمتع بسحره الفريد. تتضمن الخطة ترميم 12 كيلومترا مربعا من المنطقة القديمة، مع التأكيد على ضرورة عدم الإضرار بنمط ومزايا الشوارع التقليدية والآثار التاريخية فيها، وحماية المنازل الشعبية التقليدية والعمارات القديمة والمشهورة، وخاصة حماية الآثار التاريخية التي وضعت في قوائم الآثار الثقافية المحمية الهامة على المستويات المختلفة. وتقوم الحكومة بصيانة العمارات التقليدية المشهورة وفقا للسجلات التاريخية والصور القديمة من الماضي تحت مبدأ  الحفاظ على مظاهر العمارات الأصلية بعد الصيانة". بالإضافة إلى ذلك، يعكف الخبراء على بحث التقاليد الشعبية والمأكولات والعادات المحلية في شارع تشاوده ويجمعون الكثير من المعلومات والصور المعنية للاعتماد على مرجع موثوق لحماية العمارات التقليدية.

اليوم، عندما يتجول الزوار في شارع بيمن بعد صيانته وترميمه، يمكنهم زيارة البنايات ذات خصائص العمارة في فترة أسرتي مينغ وتشينغ، ومشاهدة عروض آلتي تسوتشين وتسوجو الموسيقيتين القديمتين. بعد صيانة وترميم الشارع القديم، تمت إعادة فتح محلات الكتب والتحف والمأكولات، وكأن شارع تشاوده القديم  استعاد ازدهاره ورونقه في الماضي.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4