مسلمون صينيون < الرئيسية

عيد الأضحى في مسقط رأسي

: مشاركة
2018-02-02 09:42:00 الصين اليوم:Source ما يي باو:Author

ترتبط المناسبات الدينية ارتباطا وثيقا بالمعتقدات والممارسات والشعائر والاحتفالات الدينية التي تتأثر بالبيئة الاجتماعية والثقافية الشعبية تأثرا كبيرا. والمناسبات الدينية يمكن أن تكون عيداً أو مولداً نبوياً أو موسماً. هذه الكلمات الثلاث تشترك في خاصية أساسية وهي أنها تشير إلى مفهوم العادات وتكرار حدوث المناسبة في فترات زمنية محددة من كل عام. وفي واقع الأمر، تستخدم كلمة "موسم" في مضمونها الاجتماعي والشعبي لتعني أي مناسبة دينية يلتزم فيها الأفراد بواجبات والتزامات معينة تجاه ذويهم وأقاربهم ورفاقهم. والمناسبات الدينية لها أهميتها ووظائفها التي تؤديها في المجتمع.

لقد ولدت في أسرة مسلمة بمدينة ووتشونغ بمنطقة نينغشيا في شمال غربي الصين. عشت في  بلدتي، التي يدين معظم سكانها بالإسلام، عشرين سنة، حيث تركت بيئتها الإسلامية في نفسي وعقلي ذكريات جميلة عميقة في الأعياد. في الأول من سبتمبر هذا العام، 2017، عدت إلى مسقط رأسي لقضاء عيد الأضحى ورأيت بأم عيني أحوال المسلمين الصينيين والتغيرات الكبيرة التي طرأت على حياة المسلمين في بلدتي الحبيبة.

عيد الأضحى السعيد

في بلدتي، يسمي المسلمون عيد الأضحى بـ"عيد القربان" أو عيد "الإخلاص والإحسان". هذا العيد عيد هام للمسلمين فيها خاصة، ولجميع المسلمين عامة. في عيد الأضحى يذهب المسلمون  إلى المساجد بأزيائهم النظيفة الجميلة لأداء صلاة العيد والاستماع إلى المواعظ الحسنة. وعقب ذلك يتبادلون الزيارات وتقديم التهاني بالعيد. ويقومون عادة بذبح الأبقار أو الأغنام والإبل، ويهدون من لحومها إلى أقربائهم وأصدقائهم، كما يوزعون جزءا من اللحوم والجلود على الفقراء والمساكين، إلى جانب احتفاظهم بكميات منها لأنفسهم. في بلدتي، تتواصل الاحتفالات بعيد الأضحى عادة ثلاثة أيام، وتكون هذه الأيام إجازة يتوقف فيها  المسلمون عن الأعمال الرسمية تماما، ويحتفلون بالعيد المبارك احتفالا حارا وأنفسهم مليئة بالسرور والبهجة والاطمئنان.

أئمة مجتهدون ومحترَمون

الأئمة في بلدتي لهم أعمال خاصة في المساجد، تنقسم إلى أنواع كثيرة، منها  الواجبات الدينية وشؤون المساجد، الواجبات التربوية للطلبة وجماهير المسلمين، وغيرها من الواجبات الأخرى تجاه المجتمع. ويمتاز الأئمة في بلدتي بالجد والاجتهاد، وعلاوة على هذا، فإنهم يؤمون المسلمين في صلواتهم، ويخطبون في عيدي الفطر والأضحى وفي يوم الجمعة، كما أنهم يؤمون صلاة الجنازة للمسلمين، ويعلمون طلبة المسلمين والجماهير، فهم لا يدعون الناس إلى أداء الواجبات الدينية فحسب، وإنما أيضا  إلى مختلف الأعمال الخيرية، ولذا فالأئمة الصينيون في بلدتي يحظون باحترام المسلمين جميعهم.

في العادة، فإن الأئمة في بلدتي من خريجي المعاهد الدينية والمدارس الإسلامية في أماكن صينية مختلفة، ودول إسلامية أخرى، وبعضهم يتخرج في المساجد الكبيرة. وقد تلقى معظمهم التعليم على أيدي الأئمة في المساجد، وحصلوا على المؤهلات بعد اجتيازهم امتحان من الجمعيات الإسلامية بالصين.

أئمة يحظون بعناية الحكومة الصينية

لا تقتصر مهمة الأئمة في الحياة، على أداء واجباتهم الدينية لعامة المسلمين، فهم يشاركون أيضا في شؤون وطنهم، مثل: مناقشة تقرير أعمال الحكومة، انتخاب الهيئة القيادية في مجالس نواب الشعب المحلية على مختلف المستويات، كما يشاركون بحماسة في النشاطات السياسية فيبدون آراءهم حول القضايا السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والقومية والدينية في إطار المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني على المستويين الوطني والمحلي. ويوجد حاليا كثير من رجال الدين في الأوساط الإسلامية في الصين يتم اختيارهم كأعضاء في مجالس نواب الشعب، والمؤتمرات الاستشارية السياسية المحلية والوطنية. ويتمتع جميعهم بكافة الضمانات لممارسة حقوقهم في المشاركة في شؤون الدولة السياسية بوصفهم ممثلين للأوساط الدينية.

من المعروف أن أبناء الأقليات العرقية والدينية ليس لهم تمثيل في الكثير من برلمانات دول العالم، إلا أن  الأمر في الصين مختلف، حيث يمثل عدد كبير من الشخصيات الدينية المواطنين أصحاب العقائد الدينية، ويشاركون في وضع السياسات ومناقشتها، وتقديم الآراء، والاقتراحات حول شؤون الدولة، ويراقبون عمل الحكومة في تطبيق سياسة حرية الاعتقاد الديني، فتعد هذه ميزة بارزة للنظام السياسي الصيني، يستفيد منها أبناء الأقليات القومية، وأتباع الأديان المختلفة استفادة كبيرة. وفي السنوات الأخيرة، قدم بعض رجال الدين الإسلامي في جلسات المجلس الوطني لنواب الشعب، والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني اقتراحات طالبوا فيها بالاهتمام بقضية تعليم المسلمين، والمشروعات الخيرية للمسلمين وغير المسلمين لأنها تؤثر في  بناء المجتمع المتناغم، وتطور المجتمع الصيني على نطاق واسع.

الحكومة الصينية تطبق سياسة الحرية الدينية

يحظى الأئمة في بلدتي باحترام جماهير المسلمين، والحكومة الصينية لأنهم يدعون إلى الخير والسلام والمحبة والتسامح والتناغم الاجتماعي، إضافة إلى دعوتهم  لطلب العلوم المختلفة. ويحرص قادة الحزب، والحكومة من مختلف المستويات على زيارة رجال الدين في المساجد، والبيوت وذلك في المناسبات والأعياد الهامة محملين بالهدايا لتهنئتهم، وتجاذب أطراف الحديث معهم ومع المسلمين المجتمعين معهم، ثم يتناولون الطعام سويا. فضلا عن حصول بعض الأئمة على إعانات معيشية من الحكومة.

طبقت الصين سياسة حرية الاعتقاد الديني، فالدستور الصيني ينص على أن الصين تطبق سياسة حرية الاعتقاد الديني تطبيقا كاملا، وأنا، بصفتي أحد مسلمي الصين، شاهد على ذلك.

لقد قدمت الحكومة الصينية أفضلية كبيرة لمناطق الأقليات القومية لدفع تطور الثقافة والاقتصاد للمناطق الذاتية الحكم. ومن ثم فإن تقدم بلدتي صورة مصغرة لتقدم المسلمين الصينيين، وهي بلدة منسجمة مع المجتمع الصيني. وأنا متفائل وواثق  من التنمية الكبيرة  التي ستتحقق في بلدتي بعد تطبيق بناء الحزام والطريق.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4