في الساعة التاسعة صباح الخامس من مارس عام 2024، قدم رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، نيابة عن مجلس الدولة الصيني، تقرير أعمال الحكومة إلى الدورة الثانية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني التي افتتحت في ذات اليوم في قاعة الشعب الكبرى ببكين. يشمل هذا التقرير، الذي يطبق روح المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني ويسترشد بفكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، النواحي النظرية والعملية على حد سواء.
يقدم التقرير تحليلا موضوعيا ومباشرا بشأن المستجدات المحلية والدولية، واستعرض إنجازات الصين المحققة في العام الماضي عبر البيانات الواضحة والكلمات البسيطة في مجالات الاقتصاد، ونظام الصناعات الحديثة، والابتكارات العلمية والتكنولوجية، والإصلاح والانفتاح، والتنمية بالأمن، والبيئة الإيكولوجية، وضمان معيشة الشعب، مما يؤكد على الجهود الشاقة المبذولة من أجل تحقيق تلك الإنجازات.
بعد الأخذ في الاعتبار الأوضاع المحلية والدولية والعوامل ذات العلاقة بمختلف المجالات والمخاطر المحدقة والظروف المؤاتية لتنمية الصين والمتطلبات والاحتمالات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، تم تحديد معدل النمو الاقتصادي المستهدف عند 5% تقريبا، وهذا على أساس المتطلبات مثل تعزيز التوظيف وزيادة الدخل والوقاية من المخاطر ونزع فتيلها، والتماشي مع الخطة الخمسية الرابعة عشرة وهدف تحقيق التحديث من حيث الأساس، علاوة على إمكانات نمو الاقتصاد وظروف دعمه، مما جسد متطلبات التقدم السريع وجهود العمل الدؤوب من أجل مستقبل واعد.
حاول تقرير أعمال الحكومة في هذا العام تلبية المطالب العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بصورة شاملة ومنهجية، وتمسك بالمبادئ المتمثلة في إحراز التقدم على أساس الاستقرار وتدعيم الاستقرار من خلال التقدم، والتشريع أولا ثم الإصلاح، فاقترح صياغة سياسة مالية إيجابية والتنفيذ الصارم لها بقوة مناسبة لرفع الجودة وزيادة الفعالية؛ ووضع سياسة نقدية متزنة لتكون مرنة وملائمة وهادفة وفعالة؛ وأكد على التمحور حول وضع التنمية العام، وتعزيز التناسق بين السياسات المختلفة.
من أجل التطبيق المعمق لتنفيذ الترتيبات الشاملة لأعمال العام الحالي، التي وضعتها اللجة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والاستجابة للفرص والتحديات، حدد تقرير أعمال الحكومة في هذا العام، بثقة تامة وقوة كاملة وبروح الاعتماد على الذات، عشرة مهام رئيسية وهي: دفع عجلة بناء منظومة الصناعات الحديثة بقوة والإسراع في تطوير القوى المنتجة الجديدة النوعية، والتنفيذ المعمق لإستراتيجية النهوض بالوطن من خلال العلوم والتعليم وتقوية الدعم الأساسي للتنمية العالية الجودة، وتركيز القوى على توسيع الطلب المحلي ودفع تحقيق الدورة السليمة اقتصاديا، وتعميق الإصلاح بثبات لا يتزعزع، وتعزيز القوة المحركة التنموية المولدة داخليا، وتوسيع نطاق الانفتاح العالي المستوى على الخارج، ودفع تحقيق المصالح المتبادلة والفوز المشترك، والتخطيط الشامل لقضيتي التنمية والأمن على نحو أفضل، والاحتراس من المخاطر، وإزالتها بشكل فعال في المجالات الرئيسية، والمثابرة على إتقان الأعمال المتعلقة بالزراعة والمناطق الريفية والفلاحين ودفع عملية النهوض الشامل بالمناطق الريفية بخطوات راسخة، ودفع التنمية المتكاملة بين الحضر والريف، والتنمية الإقليمية المنسقة، وتحسين التخطيط الاقتصادي بقوة، وتعزيز بناء الحضارة الإيكولوجية ودفع التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون، والعمل الفعلي على ضمان وتحسين معيشة الشعب وتعزيز الحوكمة المجتمعية وابتكار سبلها.
الاهتمام بمعيشة أبناء الشعب وزيادة شعورهم بالسعادة. نيل استحسان الشعب ضمان رئيسي للحزب الشيوعي الصيني في ممارسة الحكم والنهوض بالبلاد، وأهم مسألة سياسية له. تتمسك الحكومة الصينية في تقرير الأعمال هذا العام بوضع الشعب في المقام الأول وضمان معيشته، حيث وضعت الخطط المفصلة في تعزيز الاستهلاك، والإسكان، وبناء المناطق الريفية، والتحول الحضري، والتوظيف، والخدمات الطبية والصحية، والضمان والخدمات الاجتماعية، والحياة الروحية للشعب، واتخذت المزيد من الإجراءات التي تحقق فوائد حقيقية للمواطنين وتنال استحسانهم، وتدفع عملية تحقيق الرخاء المشترك بخطوات ملموسة، وتعزيز الانسجام والاستقرار الاجتماعيين، ومواصلة زيادة إحساس جماهير الشعب بالكسب والسعادة والطمأنينة.
التأكد من تقوية الذات والاعتماد على الذات في تطوير العلوم والتكنولوجيا العالي المستوى. يعتبر تحقيق المستوى العالي من الاعتماد على النفس وتقوية الذات في مجال العلوم والتكنولوجيا، أساسا إستراتيجيا لازدهار البلاد والنهوض بالأمة، وكذلك اختيارا لازما للاستجابة للمخاطر والتحديات والمحافظة على مصالح الدولة ومطلبا رئيسيا لتطبيق الفكر التنموي الجديد وإنشاء النمط التنموي الجديد، ودفع التنمية العالية الجودة. أوضح تقرير أعمال الحكومة تدابير تحسين النظام، وتعزيز القدرة العلمية، وتحقيق الاختراقات الجديدة، وبناء المنصات التكنولوجية، وتعزيز التعاون والتبادلات، مما يسرع مسيرة تحقيق المستوى العالي من الاعتماد على النفس وتقوية الذات في مجال العلوم والتكنولوجيا على نحو شامل ومنظم، وبالتالي بناء الدولة قوية من حيث العلوم والتكنولوجيا.
تحديد الاتجاه الرئيسي لتنمية القوى المنتجة الجديدة النوعية. يسلط تقرير أعمال الحكومة الضوء على الابتكار العلمي والتكنولوجي، فحول تعزيز القوى المنتجة الجديدة، من اللازم صب قوة داعمة جبارة للتنمية العالية الجودة واتخاذ التدابير المتعددة. يمثل الابتكار عنصرا رئيسيا لتعزيز القوى المنتجة الجديدة التي تتميز بالتكنولوجيا المتقدمة والكفاءة العالية والجودة الممتازة، والتخلص من نمط التنمية الاقتصادية التقليدي وأساليب الإنتاج القديمة. بين تقرير أعمال الحكومة كيفية تطوير القوى المنتجة الجديدة من عملية الابتكار العلمي، والابتكار الصناعي، والتنمية الخضراء، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، وإعداد الأكفاء من ناحية، ومن ناحية أخرى، شدد على العلاقة الجدلية بين الصناعات التقليدية وممارسة الابتكار، حيث يطلب عدم تجاهل الصناعات التقليدية، بل يجب تسريع عملية إعادة هيكلتها والارتقاء بمستواها.
الكشف عن المشكلات وبذل الجهود لحلها. أظهر التقرير أساليب الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية من خلال أجزائه الثلاثة، من استعراض أعمال عام 2023، والمطالب العامة والاتجاه السياساتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عام 2024، وأعمال الحكومة ومهماتها في عام 2024، وتلك الأساليب متمثلة في الكشف عن المشكلات ومواجهتها بصورة مباشرة وتحليلها ومعالجتها بطريقة علمية.
التخطيط المنهجي والتدابير المستهدفة. ذكر التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر عام 2022، أنه لا بد من المثابرة على الفكر المنهجي. تترابط كل الأشياء بالعالم ويعتمد بعضها على البعض. ولا يمكن استيعاب قانون تطور الأشياء، إلا من خلال رؤيتها بوجهات النظر العامة والشاملة والمنهجية والمتطورة والمتغيرة. يتعين على الحكومة أن تتمسك بالفكر المنهجي وعقلية التنسيق في ممارسة إدارة البلاد، مما يدفع عجلة التنمية العالية الجودة بصورة فعالة وتحقيق التحديث الصيني النمط. أشار التقرير أنه من أجل إنجاز الأهداف والمهام التنموية لهذا العام، لا بد من تعميق تطبيق أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد، وتركيز الجهود على دفع التنمية العالية الجودة. والعمل على تعزيز الفكر المنهجي، وحسن استيعاب العلاقات المهمة والتعامل معها، والتخطيط المعمق لكافة الأعمال ودفعها بشكل عام، وتعزيز اتساق التوجه بين السياسات الكلية. وفي الوقت ذاته، أكد التقرير على أهمية اتخاذ التدابير الدقيقة والمستهدفة وفقا للسمات المتباينة لكافة المجالات والأحوال والمتطلبات المختلفة لها وكذلك الظروف والمواقع المختلفة.
--
شيا يي بو، باحث مساعد في أكاديمية الماركسية وفكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.
