عين صينية < الرئيسية

خطة الصين لتعزيز تنمية وسلام العالم

: مشاركة
2022-06-06 12:07:00 الصين اليوم:Source كانغ كاي:Author

في العالم اليوم، مازال وباء كوفيد- 19 منتشرا، وأثار النزاع بين روسيا وأوكرانيا مرة أخرى اهتمام العالم، ويواجه السلام والتنمية، كموضوعين للعصر الحالي، تحديات كبيرة.

في هذه اللحظة الحرجة المتعلقة بمستقبل البشرية ومصيرها، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ "مبادرة التنمية العالمية" عندما شارك من بكين في المناقشة العامة للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة عبر تقنية الفيديو في سبتمبر 2021، كما اقترح "مبادرة الأمن العالمي" في حفل افتتاح المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي 2022 الذي عُقد في إبريل من هذا العام.

ترى الصين أن التنمية هي مفتاح حل جميع المشكلات، وأن الأمن هو شرط أساسي للتنمية. المبادرتان الرئيسيتان، تكمل كل منهما الأخرى، وهما "خطة الصين" لتعزيز تنمية وسلام العالم، هما أيضا أحدث منتج دولي عام لمواجهة تحديات الأمن الدولي وتعزيز التنمية العالمية المستقرة والطويلة الأمد.

التنمية والازدهار هما تطلعات الشعوب

بغض النظر عن تغيّر الوضع الدولي، لم يتغيّر تطلع شعوب جميع البلدان إلى حياة أفضل والرغبة في التنمية والسعي وراءها، وقد برزت أهمية التنمية وإلحاحها.

في سبتمبر عام 2015، تبنت 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بالإجماع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في قمة تاريخية. تتضمن هذه الخطة 17 هدفا للتنمية المستدامة و169 هدفا محددا للخمسة عشر عاما المقبلة، من أجل القضاء على الفقر المدقع، والتغلب على عدم المساواة والإنصاف، والحد من تغيّر المناخ. وتدعو الخطة بلدان العالم إلى اتخاذ هذه الخطة كدليل لاتخاذ إجراءات إيجابية فعالة.

ومع ذلك، فإن انتعاش الاقتصاد العالمي يواجه انتكاسة، وفجوة التنمية بين الشمال والجنوب تتوسع، وزخم التعاون الإنمائي يتضاءل. إن قضية تنمية العالم في مفترق الطرق.

من المؤسف والمحزن أن الفقر العالمي لا يزال شديدا. وفقا لإحصاءات عام 2021، هناك أكثر من 700 مليون شخص يمثلون 2ر9% من سكان العالم، يعانون من الفقر المدقع ويعيشون بأقل من 9ر1 دولار أمريكي للفرد في اليوم؛ 803ر1 مليار شخص فقير يمثلون 24% من سكان العالم، يعيشون بأقل من 2ر3 دولارات أمريكية للفرد في اليوم؛ أكثر من 293ر3 مليار ات فرد فقير يمثلون 3ر43% من سكان العالم يعيشون بأقل من 5ر5 دولارات للفرد في اليوم. عادت بعض الدول النامية إلى الفقر والفوضى بسبب الوباء، ووقع كثير من الناس في البلدان المتقدمة في ظروف معيشية صعبة.

في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر عام 2021، اقترح الرئيس شي جين بينغ "مبادرة التنمية العالمية" لتوجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل في مواجهة الصدمات الشديدة لوباء كوفيد- 19. أولا، الالتزام بتحقيق التنمية كأولوية من أجل تعزيز التنمية العالمية؛ ثانيا، الالتزام بنهج يركز على الشعوب؛ ثالثا، الالتزام بالشمول والمنفعة العامة؛ رابعا، الالتزام بالتنمية المدفوعة بالابتكار؛ خامسا، الالتزام بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة؛ سادسا، الالتزام بالتوجه العملي.

في الخامس من شهر فبراير عام 2022، أثناء لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي جاء إلى الصين لحضور افتتاح أولمبياد بكين الشتوية، قال الرئيس شي جين بينغ: "’مبادرة التنمية العالمية‘ التي طرحتها الصين تتماشى إلى حد كبير مع ’خطة التنمية المستدامة لعام 2030‘، وتهدف الى تحقيق تنمية عالمية أقوى وأكثر خضرة وصحية. والصين مستعدة للعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة لإحراز تقدم مشترك في هذا الصدد."

وبمجرد طرح مبادرة التنمية العالمية، استجاب المجتمع الدولي بشكل إيجابي، حيث عبرت أكثر من 100 دولة عن دعمها، ووصل عدد أعضاء مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية إلى 53 دولة. وهذا يوضح تماما أن مبادرة التنمية العالمية تتماشى مع التوجه التاريخي وتلبي احتياجات جميع البلدان، وهي اتجاه العصر وتطلع للشعوب.

في التاسع من شهر مايو عام 2022، عقدت مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية اجتماعا افتراضيا رفيع المستوى. وأعربت كافة الأطراف في الاجتماع عن اعتقادها أن هذه المبادرة ستعزز بقوة المجتمع الدولي لإعادة التركيز على التنمية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

تؤمن الصين إيمانا راسخا بأن التنمية هي المفتاح الرئيسي لحل جميع المشكلات، وأن التنمية المستدامة هي تنمية جيدة، وأن تنمية الجميع هي تنمية حقيقية. في مواجهة الأزمات والتحديات، تلتزم الصين ببناء توافق في الآراء بشأن التنمية العالمية، وتواصل الاهتمام بالمجالات الرئيسية للتنمية العالمية مثل الحد من الفقر وإنشاء البنية التحتية والتعليم والصحة. واقترحت الصين مبادرة "الحزام والطريق"، وتعمل بنشاط على تعزيز بناء اقتصاد عالمي مفتوح، ومساعدة البلدان النامية على الاندماج بشكل أفضل في سلاسل الصناعة والقيمة العالمية، وتدعو إلى مفاهيم التنمية الجديدة للابتكار والتنسيق والأخضر والانفتاح والتقاسم.

يتمحور المفهوم الأساسي لمبادرة التنمية العالمية على الالتزام بنهج يركز على الشعوب. لقد أثّر وباء كوفيد- 19 بشدة على عملية التنمية العالمية. في الوقت الذي تواجه فيه الصين تحديات الوباء الشديدة في الداخل، لا تنسى أبدا محنة البلدان الأخرى في العالم، وخاصة البلدان النامية، وقد بذلت قصارى جهدها للمساعدة بإيثار. عندما حددت الأمم المتحدة هدفا يتمثل في تطعيم 70% من السكان بحلول منتصف هذا العام، أعربت الصين بوضوح عن دعمها الكامل للهدف، وأوفت بالتزامها بتوفير ملياري جرعة من اللقاحات في عام 2021، وستواصل زيادة مساعدتها للبلدان النامية في مكافحة الأوبئة.

السلام والأمن مطلب إنساني

السلام هو التطلع الأبدي لشعوب العالم. لقد أثبت تاريخ البشرية مرارا وتكرارا أن التنمية من دون سلام هي ماء بلا منبع، وأن الرخاء من دون أمن شجرة بلا جذور.

في الوقت الحالي، لا ينعم العالم بالسلم والأمن، وتبرز بؤر توتر إقليمية واحدة تلو الأخرى، وقد جذب النزاع بين روسيا وأوكرانيا مرة أخرى اهتمام العالم. كما تتزايد تهديدات الأحادية والهيمنة وسياسات القوة، ويستمر عجز السلام والأمن والثقة بلا هوادة. يبدو أن التحديات الأمنية التي تواجه المجتمع البشري تزداد عددا واستعصاء. لا ينبغي أن يستمر هذا الوضع، لأنه مخالف لاتجاه التاريخ وسلامة ورفاه البشرية.

انطلاقا من مستقبل ومصير البشرية جمعاء، اقترح الرئيس شي جين بينغ مبادرة أمنية عالمية،  تدعو إلى "ستة التزامات"، وهي الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، والمحافظة بشكل مشترك على سلام وأمن العالم؛ والالتزام بمبدأ احترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، واحترام الاختيارات المستقلة لشعوب جميع البلدان في مسار التنمية والنظام الاجتماعي؛ الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، ومعارضة الأحادية، وعدم الانخراط في سياسات التكتلات والمجابهة؛ الالتزام  بإيلاء أهمية للشواغل الأمنية المعقولة لجميع البلدان، والتمسك بمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة، وبناء هيكل أمني متوازن وفعال ومستدام، ومعارضة أن يقوم أمن بلد واحد على حساب انعدام الأمن في البلدان الأخرى؛ الالتزام بحل الخلافات والنزاعات بين الدول بالطرق السلمية من خلال الحوار والتشاور، ودعم جميع الجهود التي تفضي إلى الحل السلمي للأزمات، وعدم تبني معايير مزدوجة، ومعارضة إساءة استخدام العقوبات الأحادية و"الولاية القضائية الطويلة المدى"؛ الالتزام  بالحماية الشاملة للأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، والمعالجة المشتركة للنزاعات الإقليمية والقضايا العالمية مثل الإرهاب وتغير المناخ والأمن السيبراني والأمن البيولوجي.

إن الالتزام باحترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان هو الشرط الأساسي للمحافظة على السلام والأمن في العالم بشكل فعال. تصر الصين دائما على أن جميع الدول، كبيرة كانت أو صغيرة، قوية أو ضعيفة، غنية أو فقيرة، هي أعضاء متساوون في المجتمع الدولي، وأنه لا مجال للتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وأنه يجب احترام السيادة والكرامة، ويجب التمسك بالحق في اختيار النظم الاجتماعية ومسارات التنمية بشكل مستقل.

ولكن ما نراه اليوم هو أن عددا قليلا من البلدان تفرض بشكل تعسفي عقوبات أحادية و"ولاية قضائية طويلة المدى"، وتصر على بناء "ساحات فناء صغيرة بجدران عالية" و"أنظمة موازية"، وتقمع وتحتوي التنمية الاقتصادية والتكنولوجية للبلدان الأخرى. مما أدى إلى تفاقم صعوبات معيشة الناس في جميع بلدان العالم، وخاصة في البلدان النامية.

لقد حذرنا التاريخ غير مرة من أن الصلف والتنمر بالضعيف هما سبب الاضطرابات، وشريعة الغاب ومنطق القوة هما مصدران للحرب. في مواجهة عالم سريع التغيّر، يجب أن نتمسك بقوة بسلطة ومركز الأمم المتحدة، وأن نمارس بشكل مشترك تعددية الأطراف الحقيقية، ونعارض استخدام الخطوط الأيديولوجية للتحريض على المواجهة والانقسام، وأن نعارض "الدوائر الصغيرة" التي تنخرط في العصابات والفصائل، ونعارض تقويض "النظام العالمي" باسم ما يسمى بـ"القواعد" ونعارض جر العالم تحت غيوم "حرب باردة جديدة".

تتحمل الدول الكبرى مسؤوليات خاصة وهامة لحل القضايا النقاط الساخنة الدولية والإقليمية. تلتزم الصين دائما بأسلوب الحوار والتشاور، عند التعامل مع القضايا الدولية والإقليمية الساخنة، وتعمل بحزم كوسيط في القضايا الساخنة. تقف الصين بحزم إلى جانب الحوار السلمي والعدالة، وتبحث بنشاط عن طرق ذات خصائص صينية في حل قضايا النقاط الساخنة.

التنمية والسلام مسؤولية الصين

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بتاريخ طويل وثقافة فريدة وموارد غنية، ولكن في الوقت نفسه، يمثل الأمن والتنمية مشكلتين رئيسيتين ابتليت بهما دول المنطقة لفترة طويلة.

لقد عانت شعوب دول الشرق الوسط لأكثر من مائة عام من الظلم التاريخي والتدخل الخارجي. حيث فشلت عملية زرع الديمقراطية الغربية، والقضايا الساخنة متشابكة، والحروب والصراعات أعاقت التنمية، وأصبح من الصعب تبديد التهديد الإرهابي. من أفغانستان إلى العراق، ومن سوريا إلى ليبيا، فإن "الأمن القاسي" الذي فرضه العالم الغربي على الشرق الأوسط، مع التدخل كقوة أساسية والعقوبات كوسيلة، لم تجلب فجرا للسلام في المنطقة. تتطلع شعوب المنطقة إلى الخروج من "العالم القديم" وإيجاد "طريق جديد" يمكنه حقا تحقيق السلام والأمن والتنمية.

على أرض الشرق الأوسط، تتخذ الصين إجراءات ملموسة لتوفير الحكمة الصينية والحلول الصينية لأمن المنطقة. يعتقد الجانب الصيني أن شعوب الشرق الأوسط هم سادة الشرق الأوسط. لا يوجد أبدا "فراغ سلطة" في الشرق الأوسط، ولا حاجة إلى "آباء أجانب".

حول قضية الشرق الأوسط، طرحت الصين على التوالي اقتراحا من أربع نقاط لحل القضية الفلسطينية، واقتراحا من خمس نقاط لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، واقتراحا من أربع نقاط لتسوية سياسية للمسألة السورية، ومقاربة من ثلاث نقاط لتنفيذ "حل الدولتين" بين فلسطين وإسرائيل. وفيما يتعلق بشأن القضية النووية الإيرانية، طرحت الصين أربعة مقترحات ودفعت بنشاط من أجل استئناف المفاوضات بشأن تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، والمحافظة على النظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية. في عام 2020، بادرت الصين أيضا إلى إنشاء منصة حوار متعددة الأطراف في الخليج لبناء توافق في الآراء باستمرار لتعزيز حل قضايا الأمن الإقليمي. تقود "المبادرة الصينية- العربية للتعاون في مجال أمن البيانات" العالم في التصدي المشترك لتهديدات الأمن السيبراني ومخاطر أمن البيانات. أصدر مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية قرارات متتالية بشأن تعزيز العلاقات مع الصين، وأشاد للمرة الأولى في عام 2021 بجهود الصين للمحافظة على الاستقرار الإقليمي وتعزيز السلام، مما يعكس التقدير الكبير لدول المنطقة لما تقوم به الصين من إجراءات.

الجوهر الأساسي لخطط الصين وممارساتها هو تشجيع دول المنطقة على التخلص من المنافسة الجغرافية وتدخل القوى الكبرى، ودعم دول وشعوب الشرق الأوسط لحل مشكلاتها الأمنية من خلال الوحدة والتعاون، والتنمية، وتبني روح الاستقلال واستكشاف مسار التنمية بخصائص الشرق الأوسط بشكل مستقل.

في بداية عام 2022، عندما استقبلت الصين وزراء خارجية ست من دول الشرق الأوسط والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اقترحت الصين من جديد الدعوة إلى الوحدة والاستقلالية، وحماية النزاهة والعدالة، والالتزام بعدم انتشار الأسلحة النووية. وبناء الأمن الجماعي بشكل مشترك، وتسريع التنمية والتعاون لتحقيق الأمن في الشرق الأوسط. وقد أعرب وزراء الخارجية الزائرون والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عن اعتقادهم بأن هذه المقترحات تتماشى مع الوضع المتغير في الشرق الأوسط واحتياجات دول المنطقة، مما يعكس دور الصين النشيط ومسؤوليتها كدولة رئيسية. في مارس عام 2022، أكد عضو مجلس الدولة ووزير خارجية الصين وانغ يي، الذي تمت دعوته لحضور اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لأول مرة، أن الصين ستواصل دعم الدول الإسلامية في استخدام الحكمة الإسلامية لحل القضايا الساخنة الحالية. وقد أشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ودول المنطقة بتصرفات الصين.

بالطبع، لا يزال الطريق طويلا للمحافظة على السلام وتعزيز التنمية في الشرق الأوسط. يشهد الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ مارس 2022 جولة جديدة من التوتر والتصعيد. تعتقد الصين أن القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط، ويجب تصحيح هذا الظلم التاريخي الأكبر في أسرع وقت ممكن. ستواصل الصين دعم "حل الدولتين"، ودعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، ودعم عقد مؤتمر دولي أكثر موثوقية وواسع النطاق لتعزيز السلام، وتعزيز الاستئناف المبكر لمحادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل. طالما لم تحل القضية الفلسطينية، فلن يتوقف دعم الصين للقضية العادلة للشعب الفلسطيني.

ستكون الصين بحزم بانية للسلام العالمي، ومدافعة عن النظام الدولي، ووسيطا في القضايا الساخنة. جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي، بما في ذلك دول الشرق الأوسط، ستسعى الصين جاهدة لمواصلة استخدام الإجراءات من أجل تحقيق التنمية والازدهار والسلام والهدوء في الشرق الأوسط.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4