أخبار < الرئيسية

عرض عسكري مهيب من أجل السلام والعدالة والشعوب

: مشاركة
2025-10-21 13:44:00 الصين اليوم:Source :Author

في صباح الثالث من سبتمبر عام 2025، حلقت ثلاث مروحيات فوق ميدان تيانآنمن، رافعة لافتات كتب عليها "العدل يسود" و"السلام يسود" و"الشعوب تنتصر". كانت هذه رسالة الصين للعالم خلال عرضها العسكري الضخم الذي أقامته إحياء للذكرى السنوية الثمانين لانتصارها في حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية.

بعد ثمانين عاما، ورغم هذا النصر الذي تحقق بشق الأنفس، فإن السلام لا يزال بعيد المنال بالنسبة لكثيرين حول العالم. في خطاب ألقاه قبل العرض العسكري، أوضح الرئيس شي جين بينغ أن الهدف من هذا الحدث هو تخليد التاريخ، وتكريم الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم، وتعزيز السلام، وبناء مستقبل أفضل.

عرض مهيب لاستذكار الماضي

إن إحياء ذكرى النصر يتطلب فهما واضحا وصادقا للتاريخ. في تعليق موقع بعنوان "التعلم من التاريخ لنبني معا مستقبلا أكثر إشراقا"، نشر قبل زيارة الرئيس شي الرسمية لروسيا في مايو 2025، وحضوره احتفالات الذكرى السنوية الثمانين لانتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب الوطنية العظمى، كتب: "يجب أن نتمسك برؤية تاريخية صحيحة تجاه الحرب العالمية الثانية."

فمن جهة، تسعى هذه الرؤية إلى تسليط الضوء على شرور القوى الفاشية التي شنت تلك الحرب الوحشية، وما سببته من صدمات وأضرار جسيمة للأبرياء. ومن جهة أخرى، فإنها تعني الاعتراف بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الصيني ومساهماته المحورية في الانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية.

لقد دفعت الصين ثمنا باهظا في تلك الحرب. فخلال تلك السنوات الأربع عشرة الشاقة، من عام 1931 إلى عام 1945، قتل وجرح أكثر من 35 مليون جندي ومدني صيني، مما جعل الصين الدولة الأكثر تكبدا للخسائر بين جميع دول الحلفاء في الحرب العالمية ضد الفاشية. كما تكبدت الصين خسائر اقتصادية مباشرة بلغت حوالي 100 مليار دولار أمريكي، وتجاوزت الخسائر غير المباشرة 500 مليار دولار أمريكي.

وكما أكد الرئيس شي في خطابه خلال العرض العسكري، فإن الشعب الصيني، من خلال التضحيات الهائلة في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وهي جزء لا يتجزأ من الحرب العالمية ضد الفاشية، قد قدم مساهمات حيوية لإنقاذ الحضارة الإنسانية وحماية السلام العالمي.

وكما جاء بمقال نشرته وكالة ((أسوشيتد برس)) مؤخرا، فإن "الصين كانت جبهة قتال رئيسية في الحرب العالمية الثانية، وهي حقيقة غالبا ما يتم تجاهلها في الروايات التي تركز أكثر على القتال في أوروبا، والمعارك البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ".

وقد شارك رانا ميتر، المؤرخ والأستاذ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد الأمريكية، هذا الرأي، وأشار إلى ضرورة القيام بمزيد من العمل لكشف مساهمات الصين في زمن الحرب. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه على الرغم من المشكلات التقنية والظروف القاسية، فإن المقاومة الصينية المستمرة ساعدت في كبح تقدم القوات اليابانية وإجبار ملايين الجنود اليابانيين على التسمر بالبر الرئيسي، بدلا من إعادة نشرهم في أماكن أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

الحزب الشيوعي الصيني.. القوة الرئيسية في حرب المقاومة

وبينما لعبت الصين دورا محوريا في الحرب، كان الحزب الشيوعي الصيني الركيزة الأساسية للمقاومة. في 7 يوليو 2025، زار الرئيس شي، قاعة تذكارية بمقاطعة شانشي، مخصصة لحملة المائة فوج، وهي عملية كبرى شنها الحزب الشيوعي الصيني خلال حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني. لقد قاتلت هذه الحملة خلال الفترة بين أغسطس 1940 ويناير 1941، في شمالي الصين، ولم توجِه ضربة قاصمة للعدو فحسب، وإنما أيضا عززت عزم الشعب الصيني وثقته بنفسه بشكل كبير، في وقت تزايدت فيه دعوات الاستسلام. قال الرئيس شي: "إن حضورنا اليوم يحمل أهمية خاصة، إذ يتزامن مع الذكرى السنوية الثامنة والثمانين لحادثة السابع من يوليو، التي مثلت بداية مقاومة الأمة الصينية بأكملها ضد العدوان الياباني." وأكد أن الحزب الشيوعي الصيني كان ركيزة المقاومة الوطنية، مضيفا أن الحملة أظهرت للعالم عزم الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني وقوتهما في مقاومة العدوان الياباني.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أنه خلال الحرب ضد العدوان الياباني، خاض جيش الطريق الثامن والجيش الرابع الجديد وقوات حرب العصابات للمقاومة الشعبية في جنوبي الصين بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، أكثر من 125 ألف معركة ضد العدوان الياباني، وتمكنت من القضاء على أكثر من 714ر1 مليون فرد من الجيوش اليابانية والعملاء، وهو ما شكل 60% من القوات اليابانية الغازية و95% من القوات العميلة، الأمر الذي لعب دورا حاسما في دعم المقاومة وضمان النصر النهائي.

وفي خطابه خلال العرض العسكري، جدد الرئيس شي التأكيد على الدور المحوري للحزب الشيوعي الصيني، وقال إنه في ظل الجبهة الوطنية الموحدة التي دعا إليها الحزب الشيوعي الصيني، لمقاومة العدوان، حارب الشعب الصيني بعزم لا يلين، ضد ذلك العدو المتغطرس، وبنى سورا دفاعيا عظيما بدمائه الطاهرة، محققا أول نصر كامل للصين على عدوان أجنبي في العصر الحديث.

التاريخ مرآة للمستقبل

لقد مرت ثمانية عقود منذ أن خرجت الصين وحلفاؤها منتصرين من أحد أحلك فصول تاريخ البشرية. ومع ذلك، لا تزال ظلال الصراع والحروب تخيم على العالم. وقد حذر الرئيس شي في خطابه خلال العرض العسكري، قائلا: "إن البشرية تواجه مرة أخرى الاختيار بين السلام والحرب، الحوار والمواجهة، والفوز المشترك ولعبة المحصلة الصفرية." وأضاف أن التأمل في دروس الحرب العالمية الثانية أمر ضروري لتوجيهنا نحو اتخاذ الخيارات الصحيحة.

من أهم الدروس المستفادة من التاريخ، أهمية التعاون والدعم المتبادل. والحرب العالمية الثانية تعد مثالا واضحا على ذلك، عندما وضعت الدول والقوى السياسية خلافاتها جانبا لتتحد في وجه التهديد المشترك الذي تمثله الفاشية. في الصين، تجاوز الحزب الشيوعي الصيني وحكومة الكومينتانغ، خلافاتهما مؤقتا، وعملا معا على مقاومة العدوان الياباني.

على الصعيد الدولي، قاتلت فرقة طيارين تسمى "فرقة النمور الطائرة" الأمريكية، جنبا إلى جنب مع الشعب الصيني ضد القوات اليابانية، وضحى أكثر من ألفين بأنفسهم. كما فقد العديد من الصينيين أرواحهم أثناء إنقاذ طيارين أمريكيين، سقطت طائراتهم. وفي رده على رسالة في عام 2023، من قدامى المحاربين في فرقة النمور الطائرة، قال الرئيس شي إن شعبي الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وقفا صفا واحدا في الحرب ضد الفاشية اليابانية، وتحملا اختبار الدم والنار، وأقاما صداقة عميقة.

ومن رجل الأعمال الألماني جون رابي، الذي قام بإيواء أكثر من 200 ألف مدني صيني خلال مذبحة نانجينغ، إلى الجراح الكندي نورمان بيثون، الذي لم يعالج الجرحى فحسب، وإنما أيضا قام بتدريب العاملين الطبيين الصينيين، تمثل هذه القصص شاهدا على قوة التعاون في الأوقات الحرجة.

أقر الرئيس شي بأن الشعب الصيني حقق نصرا عظيما بفضل جهوده المتضافرة مع قوات الحلفاء وشعوب العالم المناهضة للفاشية، وأعرب عن امتنان الصين لهم، خلال حفل استقبال أقيم عقب العرض العسكري لإحياء الذكرى السنوية الثمانين للانتصار في حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. وقال: "إن الصين، حكومة وشعبا، لن تنسى أبدا الحكومات الأجنبية والأصدقاء الدوليين الذين دعموا الشعب الصيني وساعدوه في مقاومة العدوان."

هذا الدرس تم تلخيصه في خطابه خلال العرض العسكري، حيث قال إن التاريخ يوضح لنا أن البشرية تتقاسم مستقبلا مشتركا، مؤكدا أنه فقط عندما تتعامل دول العالم مع بعضها البعض على قدم المساواة، وتعيش في وئام، وتدعم بعضها بعضا، يمكننا صون الأمن المشترك والقضاء على الأسباب الجذرية للحروب ومنع تكرار مآسي التاريخ.

ومن الدروس الحيوية الأخرى، ضرورة تعزيز السلام وحمايته. لقد أظهرت الأسلحة المتطورة والعروض العسكرية المذهلة في ميدان تيانآنمن، قوة الصين العسكرية، إلا أن هدفها لم يكن إظهار عدوان تجاه دول أخرى، بل كان شكلا من أشكال الردع والدفاع عن النفس. فبعد أن خاض الشعب الصيني حروبا عديدة منذ حرب الأفيون عام 1840، تعلم من خلال تجاربه المريرة، القيمة الحقيقية للسلام. وهكذا، ومع تنامي قوة الصين، فإنها تظل ثابتة في التزامها بدعم السلام.

وقال الرئيس شي في خطابه خلال العرض العسكري: "إن الشعب الصيني سيقف بثبات على الجانب الصحيح من التاريخ وعلى جانب تقدم البشرية، ويتمسك بطريق التنمية السلمية، ويتكاتف مع بقية العالم لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية." ودعا الرئيس شي البشرية إلى التكاتف في التضامن والوئام، وضمان عدم تكرار تلك الصفحات المظلمة في التاريخ، مؤكدا أنه "في جميع الأوقات، يجب علينا دائما الالتزام بمسار التنمية السلمية، والبقاء مصممين على حماية السلام والاستقرار بالعالم، والعمل معا لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية".

وبينما كان الرئيس شي وقادة آخرون من دول العالم، يصافحون ستة من قدامى المحاربين، أصبحوا في التسعينات من أعمارهم، على منصة تيانآنمن، أشرقت وجوه المحاربين القدامى فرحا وفخرا. وفي السماء، لم تعد طائرات العدو تنشر الظلمة، بل حلت محلها التشكيلات الدقيقة للجيش الصيني الذي يجسد قناعة "العدل يسود والسلام يسود والشعوب تنتصر".

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4