أخبار < الرئيسية

مصر وقمة "الحزام والطريق" الثانية

: مشاركة
2019-04-24 12:43:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

القمة الثانية لـ"منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" التي تعقد في العاصمة الصينية بكين 25 إلى 27 من هذا الشهر، إبريل، 2019، تعد فرصة لمصر والدول العربية لتعظيم وتوسيع إطار مصالحها الإستراتيجية، من خلال المشاركة الفاعلة في هذه المبادرة التي تعد منصة متعددة الأطراف وآلية متعددة المستويات بين الدول الواقعة على امتداد "الحزام والطريق"، لتبادل الرؤى حول السياسات الاقتصادية الكلية التي تتخذها، وتوسيع المصالح المشتركة بينها، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وإزالة العوائق أمام التجارة، وربط المرافق، والتكامل المالي، والتوصل إلى توافق جديد للتعاون فيما يتعلق بإستراتيجيات التنمية الاقتصادية، وتقديم دعم مشترك نحو تنفيذ السياسات والمشروعات المشتركة، بالإضافة إلى تعزيز التبادل والتعاون الثقافي بين الشعوب وعلى مستوى مراكز الفكر والأبحاث.

في القمة الأولى لهذا المنتدى، التي عقدت في مايو 2017، أكد الرئيس شي جين بينغ في كلمته بحفل الافتتاح على أن الصين وإن كانت أطلقت مبادرة "الحزام والطريق"، إلا أنها لا تعتبر هذه المبادرة تخصها وحدها، بل تشمل العالم كله. وأضاف أن "الحزام والطريق" يجب أن يكون طريقا منفتحا، وأن "علينا أن نبني منصة منفتحة للتعاون، وأن ندعم ونطور اقتصادا عالميا منفتحا".

مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تعني "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، مشروع طويل الأجل ومتعدد الأطراف. وبهذه المبادرة ترسخ الصين دورها القيادي في العالم من خلال تبني توجهات تصب في مصلحة العولمة الاقتصادية وتحرير وتيسير التجارة والاستثمار. إن الصين تدرك التحديات التي تواجه العالم، ولديها رؤية واضحة لمواجهة تلك التحديات، وكما أشار الرئيس شي فإن البشرية تواجه تحديات العجز في السلام والتنمية والحوكمة، ولكن البشرية تعيش في عصر من التقدم العظيم، والتحول الكبير، والتغير العميق. وقد أكد الرئيس شي أن التنمية العالمية تتطلب قوة دافعة جديدة، وينبغي أن تكون أكثر شمولا وتوازنا، فيما ينبغي تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

ويرى كثير من المحللين الصينيين أن الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، تحظى بقيمة إستراتيجية واضحة لدى الصين في تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك اقتصاديا، وتحسين البيئة الجيوسياسية وبناء نظام جديد للاقتصاد الدولي، وغيرها من المجالات. وإذا كانت الصين قد حددت محاور تعاونها مع الدول العربية بأنها الطاقة وبناء البنية التحتية وتيسير التجارة والاستثمار، فضلا عن التكنولوجيا العالية الجديدة والطاقة النووية والأقمار الاصطناعية الفضائية، فإن الدول العربية عليها أن تغتنم هذه الفرصة لإدماج مشروعاتها العملاقة، ومنها المشروعات التي يجري تنفيذها بمنطقة قناة السويس في مصر، و"رؤية 2030" السعودية ضمن "الحزام والطريق".

إن مصر، بموقعها الجغرافي المميز وممر قناة السويس الملاحي الهام على طول المسار البحري لمبادرة "الحزام والطريق"، تحتل مكانة هامة، فضلا عن كونها واحدة من أولى الدول الأعضاء المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ما يتيح لها الاستفادة بشكل كبير من المبادرة من خلال تنفيذ مشروعات تنمية مشتركة سواء داخل مصر في الدول الأفريقية.

والحقيقة أن الصين تحتل مكانة خاصة لدى مصر ورئيسها الذي زار الصين أكثر من أي بلد آخر منذ توليه مسؤولية الحكم في مصر، ففي سبتمبر عام 2018، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارته الخامسة للصين، إذ حضر قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي، وذلك بعد زيارته لها في 2017 لحضور قمة دول بريكس، وفي 2016، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين بمدينة هانغتشو الصينية، وفي 2015 لحضور احتفالات بكين بالانتصار في الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد أول زيارة له للصين في 2014. وفي عام 2018، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين 13,8 مليار دولار أمريكي، منها 11,99 مليار دولار صادرات صينية إلى مصر و1,835 مليار دولار صادرات مصرية إلى الصين. وكما هو واضح فإن الميزان التجاري يميل لصالح الصين بشدة، ومن هنا تأتي أهمية الاندماج بقوة في "الحزام والطريق"؛ لأن ذلك يعني المزيد من المشروعات المشتركة والتدفق السياحي والاستثمارات. في عام 2017 زار مصر أكثر من ثلاثمائة ألف سائح صيني، وحسب وزارة السياحة المصرية، فإن المستهدف هو الوصول بهذا الرقم إلى مليون في منتصف 2019. ومن ثم فإن الانفتاح أكثر على الصين ودول "الحزام والطريق" يعني المزيد من التدفق السياحي إلى مصر من أسواق جديدة.

كما أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي والتي بدأت في فبراير 2019، جاءت في أعقاب قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي التي عقدت في أكتوبر 2018، حيث تولي بكين أهمية كبيرة للتعاون مع مصر في أفريقيا، فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ في الرابع من يناير 2019، بأن الصين مستعدة لتعزيز التواصل والتنسيق الثنائي والمتعدد الأطراف مع مصر التي ترأس الاتحاد الأفريقي في العام الحالي، لدفع قضية السلام والتنمية في أفريقيا بشكل مشترك.

يجري التعاون المصري- الصيني في الإطار الثنائي وفي إطار منتدى التعاون الصيني- الأفريقي، وفي إطار منتدى التعاون الصيني- العربي. وقد اتفق الجانبان العربي والصيني في الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني- العربي أعماله على تأسيس "شراكة إستراتيجية ذات توجه مستقبلي للتعاون الشامل والتنمية المشتركة"، ووقعا على الإعلان التنفيذي الخاص ببناء "الحزام والطريق". وفي هذا الإطار، فضلا عن طرح الصين سلسلة من الإجراءات العملية التي تغطي كافة المجالات، جاء منح قروض للتنمية الاقتصادية قيمتها عشرون مليار دولار أمريكي لدول عربية.

لقد أكدت الصين غير مرة أنها ستدفع الدول المختلفة للقيام بالتعاون الدولي في القدرة الإنتاجية وتصنيع الأجهزة، وتعزيز التواصل والترابط عبر القارات، ورفع مستوى التعاون في التجارة والاستثمار، وخلق فرص جديدة لنمو الاقتصاد العالمي. كل هذا يجعل القمة الثانية لـ"منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي" حشدا مرة أخرى لحكمة الأطراف المختلفة وبناء آلية تعاون فعالة طويلة المدى، وتشكيل شبكة للتعاون المتبادل المنفعة وإقامة نمط تعاون من طراز جديد.

إن المشروعات العملاقة التي يجري تنفيذها أوالمخطط لها في مصر، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وموانئ البحر الأحمر في سفاجا والعين السخنة وغيرهما، والعاصمة الإدارية، ومحطات الطاقة الكهربائية الجديدة والطرق، وإن كانت تعود بالنفع على المصريين فإن من شأنها تيسير حركة التجارة وفتح أسواق جديدة داخل مصر وخارجها، وما يعنيه ذلك من فرص استثمارية لفائض رأس المال الصيني وتسهيل وصول المنتجات الصينية إلى مقاصدها التقليدية وفتح مقاصد جديدة لها بتكلفة أقل.

إن ما يميز مبادرة "الحزام والطريق" عن غيرها، هو أنها ليست مجرد كلام أجوف وإنما حقائق موجودة على الأرض، فهي ليست دعاية سياسية أو برنامجا خياليا وإنما مشروعات وخطط وتعاون مربح للجميع.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4