كلنا شرق < الرئيسية

الشركات الصينية في مصر.. تنمية صناعية ومسؤولية اجتماعية

: مشاركة
2025-08-15 13:50:00 الصين اليوم:Source لي يون:Author

في السنوات الأخيرة، ومع استمرار تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"، أضحت مصر وجهة مهمة لاستثمارات الشركات الصينية. ففي مجالات البنية التحتية والزراعة والصناعة والخدمات العامة، تعمل الشركات الصينية على تنفيذ إستراتيجية "التوطين" بشكل متزايد، محققة تحولا من "تصدير المنتجات" إلى "استقرار الصناعات". وفي الوقت الذي تسارع فيه هذه الشركات دفع تطورها، فإنها تنشط كذلك في تأدية مسؤوليتها الاجتماعية من خلال الاهتمام بمجالات التعليم ومكافحة الفقر والصحة، مما شكل نموذجا تنمويا متوازنا يجمع بين الاقتصاد والمجتمع، والتعاون والمنفعة المتبادلة.

علامة "نايس" المحلية.. استكشاف التوطين الصناعي

في سبتمبر 2024، أعلنت مجموعة "نايس" الصينية عن بدء الإنتاج المحلي في السوق المصرية، مما يمثل خطوة جديدة راسخة في إستراتيجيتها للتوطين على طول دول "الحزام والطريق". أصبحت مصر ثالث دولة أفريقية، بعد أنغولا وأوغندا، تستضيف مصانع لإنتاج "نايس". وتميزت منتجاتها باستخدام تقنية الإنزيمات الحيوية المزدوجة، ما حسن من قدرتها على إزالة البقع وثبات العطر ونعومة الغسيل، ملبية بذلك احتياجات المستهلكين المصريين سواء في الغسيل اليدوي أو الآلي، وقد لاقت المنتجات قبولا واسعا في السوق.

أدخلت "نايس" إلى مصر ميزاتها في البحث العلمي والتصنيع الذكي وسلسلة التوريد العالمية، وأنشأت قاعدة إنتاج تغطي شمالي أفريقيا والشرق الأوسط بفضل الموقع الجغرافي المميز لمصر. أُدرج المشروع ضمن قائمة مشروعات مبادرة "الحزام والطريق" الرئيسية لمقاطعة تشجيانغ، وحظي باهتمام ودعم كبير من الحكومة المركزية الصينية وحكومة تشجيانغ المحلية. خلال زيارته لمصر في إبريل 2024، أكد وانغ هاو، نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني في تشجيانغ، وهو أيضا رئيس المقاطعة آنذاك، دعم حكومة تشجيانغ الكامل للشركات الصينية مثل "نايس" لتعزيز تأثير علامة "صنع في تشجيانغ" على الساحة الدولية.

مع التوسع التدريجي في الطاقة الإنتاجية، تسعى شركة "نايس" إلى بناء منظومة سلسلة توريد محلية متكاملة في مصر، حيث أبرمت شراكات مع العديد من الشركات المصرية في مجالات شراء المواد الخام والتصميم والتغليف والنقل والخدمات اللوجستية، مما ساهم في تحفيز التنمية المشتركة للقطاعات المعنية. وفي الوقت نفسه، تحرص الشركة على الالتزام الصارم بالمعايير البيئية في بناء مصانعها، حيث تستخدم معدات موفرة للطاقة وأنظمة لمعالجة المياه العادمة، ما يقلل من تأثيرها البيئي. كما أطلقت مبادرة "يوم النظافة" التي تشجع الموظفين على المشاركة في تنظيف الأحياء، مما يساعد على نشر الوعي البيئي في المجتمع المحلي وتعزيز صورة الشركة الإيجابية لدى المستهلكين.

في يونيو 2025، اطلع نائب رئيس الوزراء المصري وزير الصناعة والنقل كامل الوزير، على تفاصيل طرح منتجات شركة نايس في السوق المصرية، كما نظم اجتماعا تنسيقيا لدعم مشروع إنشاء مصنع للمنظفات تابع للشركة. وفي إطار عملية التوطين، قامت شركة نايس بدعوة مؤثرين محليين على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتها.

رائدة الزراعة في أفريقيا.. توسع "نيو هوب" في السلسلة الزراعية

منذ دخولها السوق المصرية في عام 2011، أنشأت شركة "نيو هوب " الصينية أربعة مصانع أعلاف وشركة لتربية الدواجن، تشمل مجالات أعلاف الدواجن وأعلاف المواشي والأعلاف المائية وتربية أمهات الدجاج. وتجاوز حجم مبيعاتها السنوي من الأعلاف 870 ألف طن، بإجمالي استثمارات تجاوزت 400 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا)، مما أسس سلسلة صناعية زراعية مكتملة، وتدريجيا توسعت في مجالات المجازر وتصنيع اللحوم والتصدير.

لا تتميز أعمال "نيو هوب" في مصر بحجمها الكبير فحسب، وإنما أيضا بتركيزها على نقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر المحليين. وساهمت إستراتيجيتها القائمة على "الجودة العالية والسعر الأرخص" ونقل الخبرات الصينية في تحسين كفاءة قطاع الثروة الحيوانية المصري، مما يمثل نموذجا عمليا للزراعة الحديثة. كما توظف الشركة أكثر من 1200 فرد بشكل مباشر، وتخلق فرص عمل غير مباشرة لأكثر من 50 ألف فرد، فأصبحت دعامة مهمة للنمو الاقتصادي المحلي.

بالتوازي مع ترسيخ وجودها الصناعي، تدفع "نيو هوب" التعاون في مجال التعليم الزراعي، حيث أسست قواعد تدريب عملي في جامعات مصرية، منها جامعة القاهرة وجامعة بني سويف، ما أتاح لطلاب التخصصات الزراعية فرصة التطبيق العملي. كما تخصص الشركة منحا دراسية، وتنظم محاضرات تقنية ومسابقات زراعية، لجذب الشباب وتشجيعهم على المشاركة في مسيرة تحديث الزراعة. ومن خلال نموذج "الكوادر المحليين+ الخبراء الصينيين"، نجحت الشركة في بناء فريق زراعي متعدد المهارات يجمع بين الفهم المحلي والمعرفة التقنية، بما يدعم استدامة التعاون الزراعي بين الصين ومصر.

منصة تعاون متنوع.. شركات سيتشوان تعزز التكنولوجيا الزراعية والتبادل الثقافي

إلى جانب الشركات الخاصة، تسعى الحكومات المحلية في الصين لتعزيز التعاون الثنائي. ففي ديسمبر 2023، نظمت مقاطعة سيتشوان مؤتمرا للتبادل الزراعي والاقتصادي في القاهرة، ناقشت فيه مجالات التعاون الزراعي وتطوير البذور وتقنيات المحاصيل المقاومة للجفاف، وتجارة المنتجات الزراعية. في 25 ديسمبر 2023، عقد مؤتمر التعاون الزراعي والتجاري بين الصين (سيتشوان) ومصر بالقاهرة، بحضور مسؤولين من وزارتي الزراعة والخارجية المصريتين، وسفارة الصين لدى مصر، ومحافظة الوادي الجديد المصرية، وشركات من الجانبين. شدد المشاركون على أهمية تعزيز التعاون في مجالات مقاومة التصحر وتبادل الخبرات الزراعية والاستثمار.

الاهتمام بالإنسان.. المسؤولية الاجتماعية للشركات والجمعيات الصينية

في ظل تعمق إستراتيجية "الذهاب إلى الخارج"، لا تركز الشركات والجامعات الصينية والجمعيات على توسيع السوق فحسب، وإنما أيضا تلتزم بالمشاركة الاجتماعية. ففي إبريل 2024، أطلقت رابطة أبناء سيتشوان وتشونغتشينغ في مصر بالتعاون مع عدد من الشركات مبادرة "المحبة والتعليم.. حلم يسير" بجامعة قناة السويس، حيث تم التبرع ببناء معمل لغوي حديث للغة الصينية مزود بأحدث المعدات الصوتية، مما سد فجوة كبيرة في البنية التحتية لتعليم اللغة الصينية، وأصبح مركزا رسميا للاختبار الموحد لتقييم الكفاءة في اللغة الصينية للناطقين بغيرها (HSK) في مصر، وصار نموذجا للتعاون بين الجامعات والشركات. وفي عيد منتصف الخريف لعام 2024، نظمت الرابطة فعالية إنسانية بعنوان "القمر لا يقدر بثمن.. سيتشوان مفعمة بالمحبة"، زارت خلالها السيدة لياو، وهي سيدة صينية من محافظة ييلونغ بمقاطعة سيتشوان تزوجت واستقرت في مصر. بعد وفاة زوجها قبل عامين، تعيش السيدة لياو في مصر مع ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات وحماتها المسنة. قدمت الرابطة لهم مساعدات معيشية وتعليمية، مما يعكس عمق الثقافة الصينية وروح التضامن بين أبناء الجالية.

أما "نيو هوب" التي تعمل في مصر منذ نحو خمس عشرة سنة، فقد واصلت المشاركة في فعاليات خيرية خلال شهر رمضان، ووزعت بالتعاون مع جهات محلية مساعدات غذائية ومعيشية على الأسر المحتاجة في عدة محافظات، واستفاد منها أكثر من عشرة آلاف شخص.

مجمل هذه الممارسات التي تغطي قطاعات التعليم والصحة ومكافحة الفقر، لا تعكس فقط مسؤولية الشركات الصينية، بل تسهم أيضا في بناء صورتها الموثوقة والمسؤولة، وتعزز تحقيق التوازن بين العائد الاقتصادي والاعتراف المجتمعي في الخارج.

--

 

لي يون، طالب دكتوراه من كلية الإعلام بجامعة القاهرة.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4